النظام يسيطر على طريق دير الزور ـ دمشق... و«سوريا الديمقراطية» تتقدم بطيران التحالف

مقتل 34 مدنياً على الأقل في قصف روسي خلال هروبهم من المعارك

قوات النظام السوري قرب قرية المليحة بريف دير الزور اول من امس (إ ف ب)
قوات النظام السوري قرب قرية المليحة بريف دير الزور اول من امس (إ ف ب)
TT

النظام يسيطر على طريق دير الزور ـ دمشق... و«سوريا الديمقراطية» تتقدم بطيران التحالف

قوات النظام السوري قرب قرية المليحة بريف دير الزور اول من امس (إ ف ب)
قوات النظام السوري قرب قرية المليحة بريف دير الزور اول من امس (إ ف ب)

تمكنت قوات النظام، يوم أمس، من فك الحصار بشكل فعلي عن دير الزور، بسيطرتها على الطريق الرئيسي بين المدينة ودمشق، في وقت لم تبدأ فيه المعارك الفعلية بين «قوات سوريا الديمقراطية» وتنظيم داعش، بحيث لا يزال التقدم الذي تحققه الأخيرة يقتصر على مناطق صحراوية، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
أتى ذلك، في وقت أعلن فيه عن مقتل 34 مدنياً - على الأقل - وإصابة العشرات في قصف جوي روسي استهدف عبارات كانت تقلهم نحو الضفة الشرقية لنهر الفرات قرب مدينة دير الزور، في شرق سوريا، وفق المرصد، بعدما كان قد أفاد في وقت سابق بمقتل 21 مدنياً في غارات روسية متفرقة، استهدفتهم أثناء عبورهم من بلدة البوليل، جنوب غربي مدينة دير الزور، باتجاه الضفاف الشرقية للفرات، مشيراً إلى أن ارتفاع العدد هو نتيجة وفاة مصابين متأثرين بجروحهم، والعثور على جثث في النهر.
وأمس، وصلت «قوات سوريا الديمقراطية»، بعد 48 ساعة على إطلاق معركة «عاصفة الجزيرة»، إلى تلة تبعد نحو 7 كلم عن ضفاف نهر الفرات المقابلة لمدينة دير الزور، بحسب المرصد، في حين قالت «سوريا الديمقراطية»، في بيان لها، إنه تمكنت قواتها المنضوية تحت لواء مجلس دير الزور العسكري من مباغتة «داعش» المتحصن في المدينة الصناعية بدير الزور، واستطاعت الوصول إلى أول شوارعها «حيث نشبت معارك عنيفة، استطاعت خلالها قواتنا التوغل داخل المدينة، فيما حاول عناصر التنظيم عرقلتها من خلال استخدام المفخخات والانتحاريين».
وقال مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، لـ«الشرق الأوسط»، إن المعركة الفعلية بين «سوريا الديمقراطية» و«داعش» لم تبدأ بعد، والتقدم الذي تحقق حتى الآن هو فقط في مناطق صحراوية، والسيطرة على تلال في غياب الاشتباكات، وبالاعتماد على قصف طيران التحالف الدولي، وأضاف: «انطلاقاً من بيان بدء المعركة، كان يفترض أن يقوم مجلس دير الزور العسكري، الذي يعتمد بشكل رئيسي على عشائر عربية، بالمهمة، لكن الوقائع أظهرت أن (سوريا الديمقراطية)، وبالتحديد القياديين الأكراد، ومن بينهم قيادية امرأة في (وحدات حماية الشعب)، يقودون العمليات، ويقومون بدور أساسي في المعركة».
ورفض المتحدث باسم «سوريا الديمقراطية»، مصطفى بالي، هذه المعلومات، واصفاً إياها بحملات التشويه الممنهجة، في محاولة حصر عمل القوات بالمكون الكردي، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «مجلس دير الزور، بقيادة أحمد الخولة، هو الذي يقود المعركة، وقيادته جزء من قيادة (سوريا الديمقراطية)».
وكانت «قوات سوريا الديمقراطية» (تحالف فصائل كردية وعربية) قد أعلنت، السبت، بدء حملة «عاصفة الجزيرة» لطرد تنظيم داعش من الضفة الشرقية لنهر الفرات، في محافظة دير الزور. ويقطع نهر الفرات محافظة دير الزور إلى قسمين، شرقي وغربي.
وقال رئيس مجلس دير الزور العسكري، المنضوي في «قوات سوريا الديمقراطية»، إن الخطوة الأولى من الحملة هي «تحرير شرق نهر الفرات»، من دون تحديد الخطوات المقبلة، مؤكداً عدم وجود أي تنسيق مع قوات النظام التي تخوض معارك ضد «داعش»، بدعم روسي على الجانب الثاني من النهر، حيث تقع مدينة دير الزور.
وفي معركتها ضد التنظيم في مدينة دير الزور، التي أعلن قبل أيام عن كسر حصار تنظيم «داعش» عليها، استمرت قوات النظام في تقدمها، وقال المرصد السوري إن كسر الحصار الفعلي عن المدينة تحقق أمس، بالسيطرة على الطريق بين دير الزور ودمشق، حيث لم تعد أمامهم عوائق الطرق المزروعة بالألغام.
وأوضح: «تمكنت قوات النظام، اليوم (أمس)، بشكل فعلي من كسر الحصار عن الأحياء المحاصرة داخل المدينة، بعد وصولها إلى مدخل المدينة الغربي، وفرض سيطرتها الكاملة على طريق دير الزور - دمشق، وعبورها لمنطقة المقابر إلى مطار دير الزور العسكري، عقب أيام من فك الحصار عن اللواء 137».
من جهته، قال أحمد الرمضان، مدير «فرات بوست» المتخصص في أخبار دير الزور، لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات النظام حققت تقدماً إضافياً باتجاه مطار دير الزور العسكري، وطريق دمشق - دير الزور، مؤكداً أن «التقدم السريع سببه انسحاب مقاتلي (داعش)، في غياب أي مواجهات مع قوات النظام».
من جهته، أفاد المرصد باستمرار «المعارك العنيفة، يرافقها قصف جوي روسي»، جنوب دير الزور وغربها، تمهيداً لبدء قوات النظام هجوماً لطرد «داعش» من الأحياء التي يسيطر عليها في المدينة، وتركزت في منطقة المقابر والتلال الواقعة ما بين «البانوراما» ومطار دير الزور العسكري، في وقت تستمر فيه قوات النظام أيضاً في السيطرة على الجبل المطل على المدينة لإنهاء وجود التنظيم فيها. ونقل الإعلام الحربي، التابع لـ«حزب الله» اللبناني المشارك في المعارك، أن «الجيش السوري وحلفاءه يسيطرون على كامل الأوتوستراد الدولي الواصل بين دير الزور - دمشق، مروراً بمدينتي السخنة وتدمر».
وكانت قوات النظام قد فتحت قبل أيام الطريق بين دير الزور والسخنة، وواصلت تقدمها في محيطه لتأمينه وإزالة الألغام والمفخخات.
وأشار الإعلام الحربي إلى أن «الأوتوستراد الدولي خرج عن العمل في المنطقة الممتدة بين السخنة ودير الزور منذ 4 أعوام».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».