إعادة فتح معبر طريبيل «شريان الحياة» الاقتصادي بين العراق والأردن

من اليسار إلى اليمين: وزير الدفاع العراقي عرفان الحيالي... وزير الداخلية الأردني غالب الزعبي... وزير الداخلية العراقي قاسم الأعرجي... وسفيرة العراق في عمّان صفية السهيل خلال الاحتفال بإعادة افتتاح معبر طريبيل أمس (أ.ف.ب)
من اليسار إلى اليمين: وزير الدفاع العراقي عرفان الحيالي... وزير الداخلية الأردني غالب الزعبي... وزير الداخلية العراقي قاسم الأعرجي... وسفيرة العراق في عمّان صفية السهيل خلال الاحتفال بإعادة افتتاح معبر طريبيل أمس (أ.ف.ب)
TT

إعادة فتح معبر طريبيل «شريان الحياة» الاقتصادي بين العراق والأردن

من اليسار إلى اليمين: وزير الدفاع العراقي عرفان الحيالي... وزير الداخلية الأردني غالب الزعبي... وزير الداخلية العراقي قاسم الأعرجي... وسفيرة العراق في عمّان صفية السهيل خلال الاحتفال بإعادة افتتاح معبر طريبيل أمس (أ.ف.ب)
من اليسار إلى اليمين: وزير الدفاع العراقي عرفان الحيالي... وزير الداخلية الأردني غالب الزعبي... وزير الداخلية العراقي قاسم الأعرجي... وسفيرة العراق في عمّان صفية السهيل خلال الاحتفال بإعادة افتتاح معبر طريبيل أمس (أ.ف.ب)

أعلن الأردن والعراق، أمس (الأربعاء)، إعادة فتح المعبر الحدودي الوحيد بينهما، المغلَق منذ عام 2014 عقب سيطرة تنظيم داعش على مناطق واسعة من العراق، بما في ذلك أجزاء من محافظة الأنبار المحاذية للحدود مع الأردن. ويمثّل فتح المعبر نصراً معنوياً للسلطات العراقية بحكم نجاح قواتها في طرد «داعش» من المناطق التي تمر عبرها الطريق، فيما تمثّل الخطوة أيضاً دعماً للاقتصاد الأردني الذي تضرر بفعل إغلاق هذا المعبر الحيوي بين البلدين.
وقال وزير الداخلية الأردني غالب الزعبي إن إعادة فتح معبر طريبيل بين الأردن والعراق يعني «إعلاناً للنصر على الإرهاب، وتعبيراً عن الإرادة المشتركة بمواجهة الإرهاب ودحره». وأكد الزعبي في كلمة خلال مراسم الاحتفال بإعادة افتتاح المعبر، بحضور نظيره العراقي قاسم الأعرجي وعدد من المسؤولين الأمنيين والعسكريين في كلا البلدين، على عمق العلاقة بين الأردن والعراق، مشدداً على أن إعادة فتح المعبر تعني استئناف «شريان الحياة» بين البلدين. وقال الوزير الزعبي: «رغم الظروف الأمنية التي شهدها العراق خلال الفترة الماضية، والتي أدت إلى إغلاق معبر طريبيل، فإن الأردن أبقى المعبر من جانبه جاهزاً للعمل طوال الفترة الماضية، لأن الأمل بقدرة العراقيين على النصر كان يحدو الجميع على الدوام». وأعاد تأكيد وقوف بلاده مع العراق، مشدداً على أهمية العلاقة الاستراتيجية بين البلدين. وقال إن هذا «الشريان الحيوي شاهد على المدى وعصي على العدا، وسيظل شاهداً على ما يجمعنا، فنحن شعب واحد من أمة واحدة، شكّل كل منا ولم يزل العمق الاستراتيجي للآخر، وها نحن نعيد وصل هذا الشريان كي تجري فيه الحياة من جديد، فينتقل الناس وتنساب الحركة من الاتجاهين دون إعاقة أو خوف». وأشار الزعبي إلى أن العلاقات بين الأردن والعراق في مختلف المجالات هي علاقات الشقيق لشقيقه و«نحن هنا اليوم لنؤكد من جديد وقوفنا مع أشقائنا العراقيين في مختلف الظروف والأحوال. كنا إلى جانبهم ومعهم وسنبقى».
من جهته، أكد وزير الداخلية العراقي فيصل الأعرجي على أهمية إعادة فتح المعبر لما له من أهداف اقتصادية وسياسية واجتماعية، مشيراً إلى اتفاق الإرادة الأردنية والعراقية على استمرار هذا المنفذ الحدودي المهم بالعمل. كما أكد التزام حكومة بلاده محاربة الإرهاب، مشيراً إلى الانتصارات التي حققها الجيش العراقي في مواجهة الإرهابيين في الموصل وتلعفر وغيرها من المناطق، ومؤكداً استمرار الحرب على الإرهاب حتى دحره.
وقال الأعرجي: «إننا في الأردن والعراق شعب واحد في أمة واحدة، وفي مركب واحد ونحمل معاً ذات الرسالة والأهداف المشتركة». وأضاف: «الإرهاب الأعمى أراد أن يشيع ثقافة الموت والقتل، ولكننا أردنا أن تعم ثقافة والحياة والأمل»، مؤكداً أن «الإرهاب أراد إغلاق الحدود بين الأردن والعراق ولكن العراق وبإرادة أبنائه، ووقفة أشقائه في الأردن، أراد لهذا المعبر أن يستمر وتستمر الحياة عبره».
وأشاد بموقف الملك عبد الله الثاني والحكومة الأردنية والشعب الأردني في دعم العراق في حربه ضد الإرهاب «وصولاً إلى دحره واجتثاث منابعه».
من جانبه، قال رئيس وزراء الأردن هاني الملقي في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية (بترا) إن «إعادة فتح هذا الشريان الحيوي سيعود بمنفعة اقتصادية وحياتية على أبناء الشعبين الشقيقين». واعتبر أن إعادة فتح المعبر تشكل «فرصة لتعزيز التجارة والاستثمار والتنقل في الاتجاهين دونما أي معوقات»، مناشداً «القطاع الخاص في البلدين التعاون والاستفادة من هذه الخطوة الإيجابية الكبيرة».
وعبّر الملقي عن أمله بـ«قدرة الأشقاء العراقيين على تأمين الطريق الدولي بعد الانتصارات التي حققوها في مكافحة الإرهاب وفي سبيل أمن واستقرار العراق»، بحسب ما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
من جانبه، أكد رئيس جمعية المصدّرين الأردنيين عمر أبو وشاح أن إعادة فتح معبر طريبيل الحدودي سيعيد الحياة إلى العلاقات التجارية بين البلدين وسيُسهِم في فتح أسواق أمام البضائع والمنتجات الصناعية الأردنية. وقال أبو وشاح في بيان، أمس، إن افتتاح معبر طريبيل سيشكل نقلة نوعية في مستوى العلاقات الاقتصادية بين البلدين وتسهيل حركة تنقل المواطنين والبضائع في الاتجاهين، بما ينعكس على مصالحهما المشتركة.
وأوضح أن الصادرات الأردنية إلى العراق انخفضت منذ إغلاق معبر طريبيل بنحو مليار ونصف المليار دولار لعام 2014 لتصل إلى 560 مليون دولار مع نهاية العام الماضي، لافتاً إلى أن الصادرات الأردنية للسوق العراقية كانت تشكل نحو 20 في المائة من مجموع صادرات الأردنية الكلية.
وقال إن العراق يعتبر من أهم الشركاء التجاريين للأردن، وهو العصب الأساسي للصناعة الأردنية ويتمتع بأفضلية وأولوية لدى كثير من التجار والمستوردين والصناعيين الأردنيين الذين يفضلون سوقه على غيرها من الأسواق العربية والعالمية الأخرى، مشدداً على ضرورة أن تكون هناك زيارة سريعة لوفد صناعي أردني للقاء المسؤولين العراقيين من القطاعين العام والخاص لترسيخ وجود الصناعة الوطنية بالسوق العراقية والمحافظة على حصتها التي تراجعت نوعاً ما جراء إغلاق المعبر منذ نحو سنتين.
وكانت الحكومتان الأردنية والعراقية أعلنتا في بيان مشترك، أمس، إعادة فتح معبر طريبيل في شكل فوري، وأكدتا سعيهما وحرصهما الدائم على تعزيز علاقاتهما الثنائية في مختلف المجالات. وتعهدت الحكومتان في البيان ببذل كل الجهود من خلال تعاونهما المشترك لتحقيق الانسيابية في تنقل المواطنين والشاحنات في الاتجاهين. واعتبر البيان أن إعادة فتح هذا المعبر الحيوي سيخدم مصالح الشعبين ويعزز فرص الأمن والاستقرار والتنمية في البلدين الجارين الشقيقين.
من جهته، أكد رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة عمان عيسى حيدر مراد أن افتتاح معبر طريبيل الحدودي مع العراق يمثّل طوق نجاة للاقتصاد الوطني الأردني برمته، وسيعطي دفعة قوية لعجلة النمو لدى القطاعات التجارية والخدمية والإنتاجية. وقال مراد في تصريحات صحافية إن العراق يمثّل شرياناً تجارياً مهماً للأردن لجهة إعادة التصدير، إذ انخفضت قيمتها نحو 75 في المائة، خلال العام الماضي مقارنة مع العام الذي أغلق فيه المعبر.
وقال إن إغلاق المعبر حمّل القطاعات التصديرية خسائر ناهزت المليار دولار، جنباً إلى جنب مع إغلاق عدد من المصانع وتخفيض حجم الإنتاج، مؤكداً أن افتتاح المعبر ينعكس على الجانبين بشكل إيجابي من حيث زيادة الصادرات والواردات، وسط توقعات بزيادة الفرص الاستثمارية بين البلدين. وبلغت خسائر قطاع الشاحنات في الأردن بسبب إغلاق الحدود مع العراق نحو 300 مليون دولار خلال السنوات الست الماضية بسبب سلسلة إغلاقات، وفق نقيب أصحاب الشاحنات محمد الداود.
كما أغلق ما يقارب من 150 مكتباً لشركات تخليص كانت تعمل داخل مركز الكرامة (طريبيل) الحدودي، وفق نقيبها ضيف الله أبو عاقولة الذي قال في وقت سابق إن ما يقارب 70 في المائة من أعمال شركات التخليص كانت تعتمد على معبر طريبيل الحدودي، وهو ما يعني أن عمل شركات التخليص تراجع وتأثر سلباً بشكل كبير. وأشارت وكالة الصحافة الفرنسية إلى أن هذا المعبر الوحيد بين العراق والأردن (يُعرف بطريبيل من الجانب العراقي والكرامة من الجانب الأردني) يبعد نحو 370 كلم عن عمّان ونحو 570 كلم عن بغداد. وكان هذا المنفذ يشهد حركة نقل للمسافرين والبضائع، بالإضافة إلى نقل النفط العراقي الخام إلى الأردن في صهاريج.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.