قوات النظام تسيطر على نقاطٍ حدودية جديدة مع الأردن

فصائل «الجيش الحر» تتوعد باستعادتها

طفل سوري يستريح فوق أمتعة حملها أهله من الأردن في طريق عودتهم عبر معبر نصيب (إ.ف.ب)
طفل سوري يستريح فوق أمتعة حملها أهله من الأردن في طريق عودتهم عبر معبر نصيب (إ.ف.ب)
TT

قوات النظام تسيطر على نقاطٍ حدودية جديدة مع الأردن

طفل سوري يستريح فوق أمتعة حملها أهله من الأردن في طريق عودتهم عبر معبر نصيب (إ.ف.ب)
طفل سوري يستريح فوق أمتعة حملها أهله من الأردن في طريق عودتهم عبر معبر نصيب (إ.ف.ب)

تشهد الحدود السورية الأردنية قتالاً عنيفاً بين قوات النظام وفصائل الجيش السوري الحر، المنضوية ضمن تشكيل «جيش أسود الشرقية»، مكن النظام وحلفاءه من تحقيق تقدم جديد، وانتزاع مخافر ونقاط عسكرية كانت في قبضة الفصائل.
ويسعى النظام إلى تقليص نقاط سيطرة فصائل الجيش الحر على الحدود مع الأردن، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي أعلن أن «قتالاً عنيفاً يدور بين (جيش أسود الشرقية) وقوات أحمد العبدو من جهة، وعناصر قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية من جهة أخرى، على محاور البادية السورية بريف دمشق الجنوبي الشرقي»، وقال إن «الاشتباكات تتركز بالقرب من الحدود السورية - الأردنية، تمهيداً لإنهاء وجودها في المنطقة»، مؤكداً أن قوات النظام «حققت تقدماً على نحو 5 مخافر حدودية، ونقاط أخرى كانت الفصائل تحكم سيطرتها عليها»، مشيراً إلى أن المعارك «أسفرت عن سقوط خسائر في صفوف الطرفين».
من جهته، أكد سعد الحاج، المتحدث الإعلامي باسم «جيش أسود الشرقية»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «سيطرة النظام على ريف السويداء الشرقي سيطرة جزئية، وليست كاملة»، لكنه لفت إلى أنها «مرحلة من معركة البادية غير المتكافئة، المستمرة منذ 4 أشهر»، مشيراً إلى أن النظام «سيطر على مخفرين على الحدود مع الأردن، وهذه السيطرة ليست نهائية، لأننا كفصائل نشن هجمات معاكسة من أجل استعادتهما»، معتبراً أن المعركة «هي جولات كرّ وفرّ، ونحن بصدد استنزاف النظام وميليشياته في هذه المرحلة».
وتابع الحاج: «لن يتمكن النظام من السيطرة على كامل الحدود مع الأردن، لأن هذه الحدود ليست محصورة بريف السويداء، وهناك حدود تمتد من ريف دمشق الشرقي والبادية وصولاً إلى التنف».
أما في القراءة الاستراتيجية لأبعاد هذا التقدم، فقد رأى الدكتور رياض قهوجي، مدير «مؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري»، أن «هناك محاولة من قبل النظام للإمساك بالحدود مع الأردن، مستفيداً من حدّ أدنى من التفاهم الأميركي الروسي في سوريا».
وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الأميركي صامت على ما يحصل من تطورات في الجنوب، بعدما اتفق مع الروسي على حماية المصالح الإسرائيلية في الجنوب، واطمأن إلى خروج إيران و(حزب الله) عن منطقة الجولان»، مشيراً إلى أن «الاهتمام الأميركي يركز الآن على نقاط وجوده في المناطق الكردية، والمضي بتنفيذ المشروع الكردي، بالإضافة إلى توسيع نفوذه على الحدود السورية الشرقية، لمنع قيام الجسر الإيراني».
وأضاف قهوجي: «صحيح أن الولايات المتحدة تغض النظر عن تمدد النظام نحو حدود الأردن، وصحيح أيضاً أن الأردن لا يمانع في فتح حدوده مع سوريا لأسباب اقتصادية، لكن من المبكر القول إن الحرب السورية انتهت، أو شارفت على الانتهاء»، معتبراً أن «ما يحدث هو محاولة تطبيق اتفاق أميركي روسي، لكن هل ينجح هذا الاتفاق، ويقود إلى مرحلة انتقالية ناجحة، أم أن تصاعد الخلاف بين القطبين سيؤدي إلى انهيار هذا الاتفاق، خصوصاً بعد فرض عقوبات أميركية جديدة على روسيا؟»، مشيراً إلى أن «هذه التطورات ليست إلا مرحلة من مراحل الحرب في سوريا».
من جهتها، نقلت وكالة «سانا» السورية، الناطقة باسم النظام، عن مصدر عسكري، تأكيده أن «وحدات من الجيش السوري سيطرت على 5 مخافر بريف دمشق الجنوبي الشرقي، بعد القضاء على عدد من الإرهابيين، وفرار آخرين، وذلك في إطار عمليات استكمال السيطرة على جميع المخافر على الحدود السورية الأردنية».
وقال المصدر العسكري إن «وحدات من الجيش نفذت عمليات على نقاط تحصن الإرهابيين، واستعادت خلالها السيطرة على المخافر الحدودية من رقم 165 حتى 169، بريف دمشق الجنوبي الشرقي، على الحدود السورية الأردنية».
وأشار المصدر العسكري التابع للنظام إلى أن عملية السيطرة نتج عنها «اغتنام عدد من المدافع، في حين لاذ الباقون بالفرار باتجاه عمق البادية شرقاً»، مشيراً إلى أن «وحدات الجيش بدأت على الفور بتمشيط المنطقة، وإزالة الألغام والمفخخات التي خلفها الإرهابيون في المنطقة قبل اندحارهم».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.