«الجهاد» تدعو لحل اللجنة الإدارية بالتزامن مع وقف إجراءات السلطة العقابية

حماس {لا تضمن} الوعود المصرية... وتبدأ في إقامة جدار شائك ضمن «المنطقة العازلة»

«الجهاد» تدعو لحل اللجنة الإدارية بالتزامن مع وقف إجراءات السلطة العقابية
TT

«الجهاد» تدعو لحل اللجنة الإدارية بالتزامن مع وقف إجراءات السلطة العقابية

«الجهاد» تدعو لحل اللجنة الإدارية بالتزامن مع وقف إجراءات السلطة العقابية

طلبت «حركة الجهاد الإسلامي» من «حركة حماس» حل اللجنة الإدارية في قطاع غزة، في أول موقف معلن من الحركة حول اللجنة التي أثارت خلافات كبيرة مع السلطة الفلسطينية، وكانت سببا في سلسلة إجراءات عقابية من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ضد القطاع.
وقال مسؤول العلاقات الوطنية والخارجية في حركة الجهاد الإسلامي، خالد البطش، إنه يجب حل اللجنة الإدارية في قطاع غزة كما يجب وقف الإجراءات العقابية ضد غزة. ودعا البطش إلى مبدأ التزامن في الموقفين، بعد أن اشترط عباس على حماس حل اللجنة الإدارية واشترطت حماس قبل ذلك وقف عباس إجراءاته. ويشكل حديث البطش ضغطا آخر على حركة حماس، بعدما طلبت حركة فتح وقوى اليسار منها حل اللجنة الإدارية بوصفه مدخلا لإنهاء الأزمة.
وتحظى «الجهاد» بحضور واسع في غزة وبعلاقات جيدة مع حماس وفتح، بسبب عزوفها عن السلطة، وعدم تورطها في الخلافات الداخلية، بدءا من الاقتتال وحتى تقاسم السلطة. ولم تعقب حماس فورا على دعوة «الجهاد».
وكان عباس أمر بسلسلة إجراءات ضد قطاع غزة، شملت قطع وتخفيض رواتب، وإحالات إلى التقاعد، والتوقف عن دفع أثمان وقود وكهرباء، وإلغاء إعفاءات ضريبية وفرض أخرى، في محاولة لإجبار حماس على تسليم قطاع غزة إلى حكومة التوافق الوطني.
واشترط عباس لوقف إجراءاته المتصاعدة، حل حماس اللجنة الإدارية، وتسليم غزة لحكومة الوفاق، والمشاركة في تشكيل حكومة وحدة وطنية، وإجراء انتخابات عامة.
لكن حماس رفضت وبثت أخبارا متفائلة حول اتفاقات مع مصر وتيار محمد دحلان، القيادي المفصول من حركة فتح، من شأنها تحسين حياة الناس في قطاع غزة، وبدا ذلك في وقته «نكاية» بعباس، وهي المعلومات التي تبين أنها غير دقيقة إلى حد إحداث انفراجة في القطاع.
وتتهم حماس السلطة الفلسطينية الآن بالعمل على عرقلة التفاهمات الجديدة التي أبرمتها قيادة الحركة مع المسؤولين في المخابرات المصرية، وتقضي بتقديم تسهيلات لسكان القطاع.
وكان مسؤولون في المخابرات المصرية، التقوا مسؤولين من حماس مرات عدة، وبحثوا معهم اتفاقات أمنية اشتملت على تقديم تسهيلات لقطاع غزة. وأدخلت مصر وقودا وكهرباء إلى غزة، في وقت كانت فيه السلطة قد بدأت إجراءاتها الضاغطة على حركة حماس. وأغضب التقارب المصري - الحمساوي السلطة الفلسطينية التي لم توافق على «تنفيس» مصر لإجراءاتها في غزة. ويبدو أن اعتراض السلطة أدى إلى تغيير ما في السياسة المصرية تجاه غزة.
وقال صلاح البردويل، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، إنهم تلقوا خلال زيارتهم الأخيرة للقاهرة للقاء مسؤولين مصريين، وعوداً بتحسين الأوضاع الحياتية لغزة وفتح معبر رفح، لكنه ليس ضامنا لذلك.
وأضاف البردويل، في لقاء مع فضائية «الأقصى» التابعة لحماس، إنّ المخابرات المصرية أبلغتهم أنه لن يجري فتح معبر رفح، بشكل كامل، إلى أن تستقر الأوضاع الأمنية في شمال سيناء، وإن تحسين آلية فتح المعبر ستكون مرتبطة بالأمن، وكذلك تجهيزات الوضع في الصالة المصرية في المعبر.
وتابع: «الوفد لا يتحمل مسؤولية ما ينشر عن نتائج هذه الزيارات لمصر في وسائل الإعلام من مصادر مجهولة».
وكان مسؤولون في حماس بينهم قائد الحركة في غزة عضو المكتب السياسي، خليل الحية، تحدثوا عن تغيير منتظر في حياة الناس في القطاع بفضل الاتفاقات مع مصر، ووعود بفتح معبر رفح بعد عيد الأضحى.
وفي ظل الجمود السياسي والاقتصادي، تواصل الحركة التي تحكم القطاع، إجراءاتها الأمنية المتعلقة بتأمين حماية أكبر للحدود مع مصر، وهو أحد أهم الطلبات المصرية من الحركة.
وبدأت حماس أمس، المرحلة الثانية من إقامة المنطقة العازلة، بوضع أسلاك شائكة على طول الحدود مع مصر. ويعمل عشرات العمال على تثبيت جدار شائك على الحدود بطول 12 كيلومترا.
وقال وكيل وزارة الداخلية في غزة، توفيق أبو نعيم: «وضع الأسلاك الشائكة على طول الحدود يمثل المرحلة الثانية في مشروع المنطقة العازلة»، وأضاف: «رغم قلة الإمكانات المتوفرة، فسنواصل العمل، لتوفير الأمن والأمان لكل مواطن فلسطيني، وللأشقاء المصريين».
وتعمل حماس على إقامة منطقة عازلة على الحدود بعمق مائة متر داخل الأراضي الفلسطينية، وستصبح منطقة عسكرية مغلقة.
وعملت حماس أولا على تعبيد الطريق وتسويتها على الشريط الحدودي الجنوبي بطول 12 كيلومترا، بهدف نشر منظومة مراقبة متكاملة، تشمل أبراجا عسكرية وكاميرات حديثة، إضافة إلى تركيب شبكة إنارة كاملة على طول الحدود.
وقال أبو نعيم: «سيستمر العمل حتى تصبح الحدود آمنة مستقرة». وتابع: «كل من سولت له نفسه أن يعبث بالأمن فسيجد أمامه سداً منيعاً وعيناً ساهرة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.