سياسي مغربي معارض يدعو إلى الحوار لـ«إنقاذ الوطن»

قيادي في «العدالة والتنمية» يطالب بحل «الأصالة والمعاصرة»

TT

سياسي مغربي معارض يدعو إلى الحوار لـ«إنقاذ الوطن»

دعا إلياس العماري، الأمين العام المستقيل لحزب الأصالة والمعاصرة المغربي المعارض، الفرقاء السياسيين إلى الحوار من أجل «إنقاذ الوطن من الأزمات المتربصة به».
وأوضح العماري أنه «من دون الحوار الذي يجب أن تجلس إلى طاولته جميع الأطراف، سيكون من الصعب جدا الحصول على ترياق جاهز من شأنه أن يفسخ عقد الأزمات المركبة التي تحوم على بلدنا».
وكان العماري قد استقال من منصب الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، أياما قليلة بعد خطاب الملك محمد السادس في عيد الجلوس الذي وجه انتقادات حادة إلى الأحزاب السياسية والمنتخبين، وخاطبهم قائلا: «إما أن تقوموا بمهامكم كاملة، وإما أن تنسحبوا». بيد أن العماري قال إن استقالته قرار شخصي ولم تدفعه إليه أي جهة، وإنه جاء نتيجة عدم رضاه عن أداء منتخبي حزبه في البلديات والبرلمان، وشعوره بأنه يتحمل مسؤولية ذلك.
وجاءت دعوة العماري إلى الحوار في مقال بعنوان «من يملك مفاتيح الأزمة؟»، نشره الموقع الإلكتروني لحزبه، قال فيه: «من وجهة نظري الشخصية، نحن أمام واقع ملموس يقتضي تعليق كل الأحكام والتصورات والمواقف التي راكمها كل طرف على أي طرف آخر داخل المجتمع. وذلك من أجل تصفية الأجواء، وإذابة الجليد النفسي الذي يتمترس بين أغلبية هذه الأطراف؛ ليُفسح المجال أمام الجميع لمباشرة حوار على قاعدة إنقاذ الوطن من الأزمات المتربصة به».
ولم تلق دعوة الأمين العام المستقيل لحزب الأصالة والمعاصرة الترحاب من غريمه السياسي حزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية. وقال عبد العزيز أفتاتي القيادي في الحزب لـ«الشرق الأوسط» إن العماري ليس سوى «أداة في يد الدولة العميقة (....) ولا مصداقية له».
وأضاف أفتاتي الذي يعد من صقور الحزب أنه «إذا كان يريد الحوار، فليتحاور مع الدولة العميقة التي توجد حاليا في مأزق». وأوضح أفتاتي أن «الدولة العميقة هي من تروج أن البلاد تعيش مأزقا سياسيا، لأنها تريد أن تضع يدها على البلاد والمؤسسات المنتخبة، وأن تتحكم في الانتخابات والمشهد السياسي برمته بعدما فككت الأحزاب السياسية واستمالت النخب».
وشكك أفتاتي في دوافع استقالة العماري أيضا، وقال إن استقالته «استمرار في خلط الأوراق»، رافضا دعوته للحوار لأنه بنظره «حزب فاشل وطاعون سياسي ينبغي التخلص منه وحله، بدل أن تستمر الدولة باللعب به».
إلا أن العماري يرى في مقاله أنه «لا أحد من الفاعلين السياسيين والمجتمعيين، سواء ممن يمارس من موقع المشاركة الرسمية، أو من موقع المعارضة الراديكالية، أو حتى ممن يقاطع جميع المؤسسات ويرفض الاعتراف بها، يمتلك مشروعا جاهزا ومنسجما ومتكاملا لإنقاذ الوطن. قد يمتلكون أفكارا ومقترحات، ولكن لا أعتقد أنهم يمتلكون مشروعا واضحا ومتكاملا».
واستشهد العماري بتاريخ البلاد قبل وبعد الاستقلال للتأكيد على أهمية الحوار، مشيرا إلى أن الخلاف بين الفاعلين السياسيين الذي ساد آنذاك حول نوع الاستقلال الذي يبتغيه المغاربة، وطبيعة الدولة الوطنية التي يحلم بها المغاربة، أوضح «أن الخيارات التي تم الانتصار لها بغض النظر عن تفاصيلها وظروفها، لم تكن في مستوى تطلعات الفاعلين الرئيسيين الذين كانوا طرفا في صياغتها وتبنيها، ولم تحقق أحلام القاعدة الواسعة من الشعب المغربي».
وشدد العماري على القول إن «فضيلة الحوار وحدها الكفيلة بإنتاج مشروع مجتمعي متكامل»، منبّها إلى أنه «ليس بمقدور أي طرف سياسي أن يحتكر الأجوبة على ما يمكن وصفه بأزمة الوطن». وأضاف أن «الجميع في حاجة إلى ممارسة نقد ذاتي، من دولة ومجتمع، لأن الأزمة التي وصلنا إليها ربما لم يساهم في إحداثها الجميع؛ ولكن المؤكد أن الحل هو بين أيدي الجميع، وهو مسؤولية جماعية».
وختم مقاله قائلا: «عندما تصاب السفينة بأضرار مادية، لا يتم التركيز كثيراً عن المسؤول عن هذه الأضرار، وإنما يجلس الجميع على طاولة واحدة للبحث عن سبل إنقاذ السفينة والركاب».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».