برلين وبكين واثقتان في «بوادر التهدئة» بشبه الجزيرة الكورية

كيم جونغ أون يأمر بإنتاج مزيد من محركات الصواريخ والرؤوس الحربية

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون خلال زيارته أمس إلى معهد أكاديمية العلوم الدفاعية (رويترز نقلا عن الوكالة الكورية الشمالية)
الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون خلال زيارته أمس إلى معهد أكاديمية العلوم الدفاعية (رويترز نقلا عن الوكالة الكورية الشمالية)
TT

برلين وبكين واثقتان في «بوادر التهدئة» بشبه الجزيرة الكورية

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون خلال زيارته أمس إلى معهد أكاديمية العلوم الدفاعية (رويترز نقلا عن الوكالة الكورية الشمالية)
الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون خلال زيارته أمس إلى معهد أكاديمية العلوم الدفاعية (رويترز نقلا عن الوكالة الكورية الشمالية)

عرضت برلين مساعيها الحميدة وطالبت الاتحاد الأوروبي بتكثيف جهوده من أجل نزع فتيل التوتر في شبه الجزيرة الكورية. وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أمس الأربعاء، إن الصراع العسكري مع كوريا الشمالية يمكن تفاديه، مضيفة أن بوسع ألمانيا المساعدة في التوصل إلى حل دبلوماسي للمواجهة بين بيونغ يانغ والولايات المتحدة.
وأشارت إلى أن ألمانيا والاتحاد الأوروبي «يجب أن نقوم بالمزيد». وأضافت في حدث نظمته صحيفة «هاندلسبلات»: «لا يمكننا ببساطة أن نصر على حل دبلوماسي بينما نكتفي بالجلوس ولا نفعل شيئا». وقالت ميركل، التي من المتوقع أن تفوز في الانتخابات المقررة الشهر المقبل، إن دول الاتحاد الأوروبي مثل ألمانيا وفرنسا يمكنها أن تلعب دورا نشطا في التوصل إلى حل سلمي للمواجهة مثلما فعلت في المحادثات مع إيران بشأن برنامجها النووي.
كما أبدت بكين تفاؤلا غير مسبوق بالنسبة للوضع المتأزم، خصوصا بعد أن قرر الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون عدم إطلاق صواريخ أخرى باتجاه جزيرة غوام التي تحتوي على أكبر قاعدة عسكرية للولايات المتحدة خارج الأراضي اليابسة الأميركية.
وجاءت تصريحات ميركل وبكين بعد أن أبدى الرئيس الأميركي دونالد ترمب تفاؤلا حذرا بشأن احتمال تحسن العلاقات مع كوريا الشمالية بعد توتر متصاعد على مدى أشهر بسبب برامجها للأسلحة. وقال ترمب عن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون: «أحترم حقيقة أنه بدأ يحترمنا».
وقالت بكين أمس الأربعاء، إن هناك «مؤشرات تهدئة» في الأزمة بشأن برنامج كوريا الشمالية النووي، وإن بقي الوضع «معقدا وحساسا»، محذرة في المقابل من أن العقوبات الأميركية الجديدة على شركات وأفراد في الصين لاتهامهم بالتعامل مع بيونغ يانغ «لا تساعد» في التوصل إلى حل.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الصينية هوا شونيينغ، كما جاء في تقرير الوكالة الفرنسية، إن «الوضع البالغ التوتر» بشأن كوريا الشمالية «يظهر مؤشرات تهدئة رغم أنه يبقى شديد التعقيد والحساسية».
وقالت هوا إن «كثيرا من قادة الدول أكدوا كذلك على ضرورة حل مسألة شبه الجزيرة الكورية بشكل سلمي، وإن الدعوة إلى الحوار والسلام ووقف التصعيد، بدلا من المواجهة والحرب والاستفزاز المتبادل، تشكل الصوت الموحد للمجتمع الدولي».
وأشارت في المقابل إلى أن العقوبات الجديدة التي أقرتها واشنطن ضد 16 شركة وفردا من الصين وروسيا «لا تساعد في التوصل إلى حل للمشكلة ولا في الثقة المتبادلة ولا تسهل التعاون مع الصين». وأضافت: «نحث الولايات المتحدة على ألا تخطئ وأن تصحح ما فعلته». وجاءت تصريحاتها بعدما أعلن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون أن المحادثات مع بيونغ يانغ قد تكون ممكنة «في المستقبل القريب». وكان وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون قد أشاد أول من أمس (الثلاثاء) بـ«مستوى ضبط النفس» الذي أبدته بيونغ يانغ، بعدم إجرائها أي تجارب نووية أو صاروخية منذ فرض عقوبات دولية جديدة عليها. وقال الوزير الأميركي في مؤتمر صحافي: «أنا مسرور لرؤية نظام بيونغ يانغ وقد أظهر مستوى معيّنا من ضبط النفس لم نشاهد مثله سابقاً». وأمل تيلرسون في أن يكون ذلك مؤشّرا على استعداد بيونغ يانغ للدخول في محادثات مع واشنطن «في المستقبل القريب».
وأفاد مسؤولون أميركيون لوكالة الصحافة الفرنسية، بأن تيلرسون لم يكن يشكر بيونغ يانغ، ولا يقدم أي تنازلات بشأن عزم واشنطن على وقف برنامج كيم الصاروخي والتفاوض على نزع الأسلحة النووية في شبه الجزيرة الكورية. ورغم التقلب في خطاب الإدارة الأميركية، فإن واشنطن أكدت استعدادها بدء الحوار في حال اتخذت بيونغ يانغ خطوات لتهدئة التوتر.
وفي هذه الأثناء، كشفت بيونغ يانغ عن تقدم تكنولوجي كبير في برامجها الصاروخية وخطط طموحة لتطوير قدراتها. وأمر الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون بإنتاج مزيد من محرّكات الصواريخ والرؤوس الحربية، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء الرسمية الكورية الشمالية أمس الأربعاء. وأفادت الوكالة بأنّ كيم تفقّد معهد المواد الكيميائية التابع لأكاديمية العلوم الدفاعية، الذي يعمل على تطوير الصواريخ الكورية الشمالية. وأضافت أنه «أعطى أمرا للمعهد بأن ينتج مزيدا من محركات الصواريخ (...) والرؤوس الحربية».
وازدادت التوترات بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة وحلفائها الشهر الماضي بعدما اختبرت بيونغ يانغ صاروخين اتضح أن بإمكانهما بلوغ معظم الأراضي الأميركية.
وتصر بيونغ يانغ على أنها تحتاج إلى الأسلحة النووية لحماية نفسها من الولايات المتحدة، حيث ترى في التدريبات العسكرية المشتركة بين سيول وواشنطن التي انطلقت هذا الأسبوع تمرينات على اجتياحها.
وأشار محللون إلى أن الصور تكشف وجود تقدم كبير في التكنولوجيا والطموحات الكورية.
وظهر كيم الذي ارتدى بزة سوداء إلى جانب أنبوب بني كبير، قال جوشوا بولاك، من معهد «ميلدلبوري» الأميركي للدراسات الدولية، عبر موقع «تويتر»، إنه «أسطوانة من الألياف المفتولة وعلى ما يبدو أنه غطاء ذو قطر كبير يجري تصنيعه لمحرك صاروخ».
ويعد تصنيع الأغطية من الألياف المفتولة أصعب بكثير من تلك المعدنية، إلا أن وزنها أخف بكثير وهو ما يزيد من مدى الصاروخ ومن قدرته على تحمل حمولة أكبر. وتضمنت صور أخرى مخططات صواريخ لما يبدو أنها عمليات إنتاج.
وقال المحلل المستقل الخبير في مجال الصواريخ والعلم النووي، جورج هربيرت: «لدينا رسوم بيانية وأسماء على ما يبدو أنهما صاروخان جديدان بقدرات نووية بمراحل متعددة يعملان بالوقود الصلب... أحدهما صاروخ باليستي عابر للقارات والثاني جهاز متوسط المدى».
ورغم إشارة المحللين إلى أن الكثير من العناصر الظاهرة في الصور هي لغايات مستقبلية أكثر منها لتكنولوجيا قائمة بالفعل في الوقت الحالي، فإن جيفري لويس من مدونة «آرمز كونترول وونك» التي تعنى بالسيطرة على انتشار الأسلحة، أكد أن «جميعها سيئة».
وأضاف أن «كنت أفهم في الدعاية الكورية الشمالية، فهذه هي طريقتهم في إخبارنا بما سنراه في السماء خلال العام المقبل».
 



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.