صدر في بداية هذا الشهر «أوباما: نداء التاريخ»، لبيتر بيكر، من كبار صحافيي «نيويورك تايمز». ويمكن تلخيص فكرة الكتاب ببضع كلمات: «لولا أوباما ما جاء ترمب». والمؤلف لا يحمل الرئيس السابق باراك أوباما مسؤولية فوز الرئيس دونالد ترمب، لكن يلوم الأول على نمو ظاهرة العنصرية، بقوله إن أوباما «لم يتحدث كثيراً عن العنصرية في الولايات المتحدة، خصوصاً العنصرية التاريخية بين البيض والسود».
ومن المفارقات، حسب الكتاب، أن أوباما فعل ذلك عمداً حتى لا يثير، وهو أول رئيس أسود، الخوف التاريخي المتبادل: وسط السود (الخوف من القهر والقتل)، ووسط البيض (الخوف من التمرد والمنافسة في السلطة). وربما كان أوباما يعتقد أنه إذا تحدث عن الموضوع، فسيثير نقاشاً واسعاً وحساساً، وربما خطيراً (يهدد بمزيد من العداء). لكن حديثه، كما يعتقد بيكر، ربما كان سيقلل المواجهة بين الجانبين، بعد أن يتاح لكثير من الأميركيين التعبير عن آرائهم، مهما كانت، ومهما كانوا.
لهذه الأسباب، أي عدم مناقشة هذه القضية الخطيرة، فإن العنصرية في أميركا زادت خلال الثماني سنوات الماضية، بدلاً من أن تتقلص.
إذن، العنصرية (لا التفرقة العنصرية) موجودة، ليس على السطح، ولكن تحته. وقد لعب ترمب دوراً كبيراً في إخراجها إلى السطح، مع ردود فعل مختلفة: في جانب، يريد كثير من البيض عدم إثارتها (خوفاً من زيادتها، وأملا في نسيانها). ومن جانب آخر، يريد كثير من السود إثارتها (لحسمها، وأملاً في القضاء عليها).
في الحقيقة، لم يثر ترمب المشاعر العنصرية فقط خلال الحملة الانتخابية في العام الماضي، بل أيضاً أثارها خلال الحملة الانتخابية في عام 2008، عندما ترشح أوباما لرئاسة الجمهورية.
وكان ترمب واحداً من قادة حملة تزعم أن أوباما لم يولد في الولايات المتحدة، بل في كينيا (وطن والده). وبالتالي، لا يحق له الترشيح لرئاسة الجمهورية (ينص الدستور الأميركي على أن رئيس الجمهورية يجب أن يولد في الولايات المتحدة). كانت حملة مكان الميلاد عنصرية واضحة، على الرغم من أن قادتها، ومنهم ترمب، قالوا إنهم كانوا سيثيرونها، سواء أكان أوباما أبيض أم أسمر أم أصفر.
طبعاً، لم يقنع هؤلاء الشعب الأميركي الذي انتخب أوباما، ثم انتخبه مرة ثانية، ولا يزال يحترمه بعد أن خرج من البيت الأبيض.
عن هذا، يقول الكتاب: «تفوق أوباما على رؤساء كثيرين قبله بقدرته على السيطرة على نفسه، وعلى الالتزام بمبادئ ثابتة وسلوك لم يتغير خلال سنواته في البيت الأبيض. لهذا، خرج من البيت الأبيض ولم تلتصق به شعرة فساد، أو شعرة فضيحة».
لكن لم يخلو أوباما من عيوب، منها انطوائيته الشخصية، التي جاءت على حساب تفاعله مع غيره، خصوصاً معارضيه، وقلة تجربته في السياسة الخارجية، وكذلك تحاشيه مشكلة العنصرية.
يقول مايكل دايسون، أسود وأستاذ علم الاجتماع في جامعة جورج تاون: «عارض كثير من الناس أوباما بسبب العنصرية. وإذا لم تكن العنصرية هي سبب المعارضة الوحيدة، لكنها كانت أهم سبب».
هكذا، يبدو أن هذا الأستاذ الجامعي الأسود أكثر «شجاعة» من أوباما. وكان قد انتقد أوباما في البيت الأبيض لأنه - كما قال - «تحاشى» الموضوع، بل حتى وصفه بأنه «أسود جبان»، وليس أسود «يكره نفسه».
هل أوباما هو فعلاً سبب فوز ترمب؟!
لولا أوباما ما جاء ترمب
كبير صحافيي «نيويورك تايمز» يلقي اللوم على الرئيس السابق
لولا أوباما ما جاء ترمب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة