«المجلس الإسلامي» يرعى وقف اقتتال فصائل الغوطة

«فيلق الرحمن» ينشر تفاصيل انضمامه للهدنة ويتعهد بإنهاء «النصرة»

صورة وزعها «فيلق الرحمن» لمؤتمره الصحافي في الغوطة لشرح تفاصيل اتفاق وقف التصعيد الذي وقعه مع الطرف الروسي
صورة وزعها «فيلق الرحمن» لمؤتمره الصحافي في الغوطة لشرح تفاصيل اتفاق وقف التصعيد الذي وقعه مع الطرف الروسي
TT

«المجلس الإسلامي» يرعى وقف اقتتال فصائل الغوطة

صورة وزعها «فيلق الرحمن» لمؤتمره الصحافي في الغوطة لشرح تفاصيل اتفاق وقف التصعيد الذي وقعه مع الطرف الروسي
صورة وزعها «فيلق الرحمن» لمؤتمره الصحافي في الغوطة لشرح تفاصيل اتفاق وقف التصعيد الذي وقعه مع الطرف الروسي

أعلن «المجلس الإسلامي السوري»، أمس، عن تشكيل لجنة للإشراف على تنفيذ اتفاق وقف الاقتتال بين «جيش الإسلام» و«فيلق الرحمن»، في خطوة تهدف إلى تكريس التهدئة في الغوطة الشرقية بريف دمشق في موازاة العمل على تنفيذ اتفاق تخفيف التصعيد الذي كان قد وقّع سابقا مع روسيا لوقف إطلاق النار مع النظام السوري. وفي حين أعلن فيلق الرحمن عن تفاصيل هذا الاتفاق الذي تعهد في أحد بنوده بإنهاء وجود «جبهة النصرة» في منطقته، شهدت أمس الغوطة وبعد أيام على التصعيد من قبل النظام وعدم الالتزام بالهدنة، هدوءا لافتا بحيث لم يعلن عن مواجهات أو قصف طائراته للمنطقة.
وأتى إعلان «المجلس الإسلامي» بعد يوم واحد على إصدار «جيش الإسلام» بيانا يلتزم فيه بوقف القتال مع «الفيلق»، حرصاً على حقن الدماء وإنهاء الحالة المتردية التي عاشتها الغوطة خلال المرحلة الماضية، وهو ما شكّك به «الفيلق» أمس، بينما قالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»: «إن البيان جاء كخطوة حسن نية من جيش الإسلام وتمهيدا لمهمة وجهود المجلس الإسلامي»، واصفة في الوقت عينه ردّ الفيلق، بالسلبي.
وفيما لم يعلن عن تفاصيل الاتفاق الذي رعاه «المجلس الإسلامي» واكتفى المتحدث باسم «فيلق الرحمن» وائل علوان بتأكيد التوقيع عليه لـ«الشرق الأوسط»، آملا التنفيذ، أشارت المصادر إلى أن بنوده الأساسية، هي وقف الاقتتال بين الطرفين لتعمل بعدها اللجنة المكلفة من «المجلس الإسلامي» البحث تفصيليا في البنود الأخرى المتعلقة بإعادة الحقوق إلى أصحابها، خاصة المتعلقة بالأسلحة والذخيرة، وإطلاق سراح المعتقلين من الطرفين، إضافة إلى عودة كلا الفصيلين إلى مواقعهما التي كانا فيها قبل الاقتتال الأخير، أي تثبيت «جيش الإسلام» نقاطه في بلدة مسرابة ومحيط مزارع بيت سوى ومحور الأشعري، على أن يبقى «الفيلق» في بلدة مديرا وحاجز ابن تيمية والقطاع الأوسط.
ولفتت المصادر إلى أن خطوة المجلس الإسلامي جاءت تفاديا لتحول المعركة مع النظام إلى معركة داخلية بين الفصائل لا سيما في ضوء العمل على تثبيت اتفاق تخفيف التصعيد الذي أعلن «الفيلق» عن توقيعه الأسبوع الماضي مع روسيا والاتفاق المماثل الذي كان قد وقعه جيش الإسلام في القاهرة، مضيفة: «هناك ضغوط يمارسها المجلس على الطرفين، وخاصة على الفيلق، لجهة فك تحالفه مع جبهة النصرة»، وهو ما كان «جيش الإسلام» قد دعا إليه في بيانه أول من أمس، مطالبا «الفيلق» بـ«إنهاء فلول النصرة في قطاعه». وأوضحت المصادر، أن «الفيلق تعهد في اتفاقه مع الروس على فك ارتباطه مع هيئة تحرير الشام في الغوطة في مدة لا تتجاوز الشهرين، وإلا فستتعامل معه على غرار جبهة النصرة»، ومن شأن عدم تنفيذ هذا الأمر أن يمنح حجة للنظام باستمرار قصف الغوطة. ويقدر عدد عناصر «جبهة النصرة» في الغوطة بنحو 450 شخصا بما فيهم مقاتلون وإداريون، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وفي بيان له قال «المجلس الإسلامي»، أمس إن الاتفاق جاء بمبادرة منه، واستجابة كريمة من جيش الإسلام وفيلق الرحمن وبجهود مشكورة من الفعاليات المدنية والشعبية في الغوطة.
وأعرب المجلس عن أمله «في التزام الطرفين بالاتفاقية ونصها، من أجل إحداث الوئام والتوافق المطلوب في المنطقة، وأن تكون مقدمة لحل المشكلات العالقة بين الطرفين، وصولا إلى الاندماج الكامل حرصاً على حماية الغوطة من أي كيد أو شر يراد بها وللحفاظ على مكتسبات الثورة».
ويوم أمس، أعلن «فيلق الرحمن» في مؤتمر صحافي في «الغوطة» تفاصيل اتفاق وقف التصعيد الذي وقعه مع الطرف الروسي، الأسبوع الماضي، ويتضمن في أحد بنوده تعهده بإنهاء وجود عناصر «جبهة النصرة» في المنطقة الخاضعة لسيطرته ورأى فيه مقدمة لتهيئة بيئة سليمة لتنفيذ الحل السياسي الشامل وفقاً للقرارات الدولية.
والتزم فيه الطرفان بوقف إطلاق النار منذ 18 من شهر أغسطس (آب) الحالي، ورحّبا بإنشاء منطقة خفض التصعيد المتضمنة جوبر والغوطة الشرقية.
والتزم «الفيلق» ممثلا «الجيش الحر» في الغوطة، بحسب الاتفاق باتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع استهداف جميع البعثات الدبلوماسية بما في ذلك السفارة الروسية في دمشق، كما بمنع وجود أي من منتسبي هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة) في المناطق الخاضعة لسيطرته مع تأكيده على رفض ومحاربة وجود تنظيم داعش والنصرة. وأشار الاتفاق إلى أنه في حال استعداد منتسبي النصرة وأسرهم للمغادرة إلى إدلب يتم توفير ضمانات للعبور الآمن من قبل الطرف الثاني لهذا الاتفاق.
وأكد الطرفان على اتخاذ جميع التدابير اللازمة لتحسين الحالة الإنسانية في منطقة خفض التصعيد فوراً وتسهيل الدخول الفوري لقوافل الإغاثة من خلال نقطتي عبور يسيطر عليها «الفيلق» في عين ترما وحرستا، ويرافق ذلك إجلاء المرضى إلى المستشفيات السورية أو الروسية وفقاً لرغباتهم. وأشار الاتفاق إلى أن منطقة خفض التصعيد تدار من خلال مجلس قيادة مسؤول عن جميع الأنشطة المدنية ويُناط به إنشاء لجنة عدالة وطنية لحل جميع النزاعات بين الأهالي والمدنيين سلمياً.
وأعلن الفيلق قبوله الطرف الروسي كضامن لتنفيذ هذا الاتفاق، كما تشكيله قوات مراقبة وقف الأعمال العدائية تتمركز على طول خط الجبهة بين الجهتين المتنازعتين وفقاً للخريطة المرفقة بالإضافة إلى أي مواقع أخرى خارج مناطق خفض التصعيد.
وأشار الاتفاق إلى أنه سيتم تشكيل لجنة تمثل الجهتين المتنازعتين بالإضافة للاتحاد الروسي كضامن لتسهيل الإفراج الفوري عن جميع المحتجزين والمختطفين والأشخاص المغيبين قسراً من كلتا الجهتين، خلال فترة شهر واحد.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.