منحت الجمعية التأسيسية الجديدة المثيرة للجدل في فنزويلا نفسها سلطة إصدار القوانين لتحل محل الكونغرس (البرلمان) الذي تقوده المعارضة؛ مما يزيد من الانتقادات لحكومة الرئيس الاشتراكي نيكولاس مادورو واتهامه بتكريس الديكتاتورية. وقالت سلطات الهجرة في بوغوتا إن «المدعية العامة السابقة في فنزويلا لويزا أورتيغا وصلت إلى كولومبيا يوم الجمعة بعد أن أقالتها الجمعية التأسيسية من منصبها». وقالت وكالة الهجرة الكولومبية في بيان «وصلت مدعية فنزويلا العامة لويزا أورتيغا دياز بعد ظهر اليوم (الجمعة) من أوروبا إلى مطار بوغوتا على متن طائرة خاصة، وأتمت إجراءات الهجرة». وأضاف البيان أنه «كان برفقتها زوجها المشرع جيرمان فيرير». ولم يتضح ما إذا كانا سيطلبان اللجوء في كولومبيا. وقالت أورتيغا (59 عاما) في مقابلة مع «رويترز» هذا الشهر إنها تخشى على حياتها.
وعمليا، لن يغير ذلك كثيرا من الوضع الراهن؛ فلقد جردت المحكمة العليا التي يهيمن عليها الحزب الاشتراكي البرلمان من صلاحياته وألغت تقريبا كل القوانين التي أقرها منذ أن هيمنت عليه المعارضة في 2016.
لكن القرار يشير إلى أن الجمعية التأسيسية التي انتخبت في يوليو (تموز) في تصويت قاطعته المعارضة أصبحت مهتمة بتقليص نفوذ المعارضة أكثر من اهتمامها بمهمتها الرسمية المتعلقة بإعادة كتابة دستور البلاد. وأصر ديلسي رودريجيز، وهو حليف لمادورو ورئيس الجمعية التأسيسية، على أن هذه الخطوة لا تعني حل البرلمان.
واختلفت أورتيغا مع الرئيس مادورو في أواخر مارس (آذار) وأصبحت من منتقدي حكومته التي لا تحظى بشعبية واختبأت بعد أن أقالتها الجمعية التأسيسية. وأقالت الجمعية أورتيغا خلال جلستها الأولى في الخامس من أغسطس (آب)، لكنها وبعض الحكومات في المنطقة رفضت قبول قرارات الجمعية.
وكان طارق صعب، المسؤول السابق عن ملف حقوق الإنسان الذي اختارته الجمعية التأسيسية لمنصب المدعي العام، وجّه اتهامات فساد لأورتيغا وزوجها.
كولومبيا من بين دول أميركا الجنوبية التي انتقدت مادورو، لكنها أدانت أيضا ما قاله الرئيس الأميركي دونالد ترمب من أن التدخل العسكري خيار لحل الأزمة. وقال تكتل ميركوسور التجاري في أميركا الجنوبية، إنه لن يعترف بأي إجراءات تتخذها الجمعية التأسيسية.
لويزا أورتيغا أصبحت واحدة من أشد المنتقدين للرئيس مادورو. وكانت أورتيغا تنتمي إلى تيار مادورو الاشتراكي، ثم انشقت عنه. ومنعت أيضا من مغادرة الأراضي الفنزويلية وجمدت حساباتها المصرفية.
وفي تسجيل صوتي بث الجمعة في بيوبلا (المكسيك) خلال قمة للمدعين العامين، اتهمت الرئيس مادورو بالتورط في فضيحة الفساد الكبيرة المتعلقة بشركة الإنشاءات البرازيلية «اوديربريشت»، مؤكدة أن في حوزتها أدلة. وكشفت أورتيغا من جهة أخرى على موقعها في «تويتر»، أن عناصر من جهاز الاستخبارات داهموا الأربعاء منزلها، بعد طلب توقيف زوجها بتهمة الفساد. وكان المدعي العام الجديد صعب، أعلن في اليوم نفسه أنه سيطلب من الجمعية التأسيسية بدء عملية نزع الحصانة النيابية عن جيرمان فيرر، الذي انتقل إلى المعارضة.
انتخبت الجمعية التأسيسية أواخر يوليو وسط الفوضى، واحتج عليها القسم الأكبر من المجموعة الدولية، ويبلغ عدد أفرادها 545، ويشكل إمساكها بزمام الأمور فصلا جديدا من الأزمة السياسية الخطرة التي تعصف بفنزويلا، حيث أسفرت المظاهرات المطالبة بتنحي رئيس الدولة المنتخب في 2013، على خلفية الأزمة الاقتصادية، عن 125 قتيلا منذ الأول منذ أبريل (نيسان).
بدأت الاحتجاجات عندما صادرت المحكمة العليا، المؤسسة المعروفة بقربها من الرئيس، سلطات البرلمان، قبل أن تتراجع عن ذلك بعد 48 ساعة بسبب الاحتجاجات في الداخل والخارج. وانتقدت أورتيغا النظام آنذاك، منددة بـ«الخروج على النظام الدستوري».
وأعلنت الجمعية التأسيسية، أنها «تتولى سلطة التشريع حول المواضيع التي تستهدف مباشرة ضمان السلم والأمن والسيادة والنظام الاجتماعي - الاقتصادي والمالي وممتلكات الدولة وصيانة حقوق الفنزويليين». وسرعان ما احتج البرلمان على هذا القرار، مؤكدا أن الجمعية التأسيسية «باطلة وقراراتها غير شرعية وغير دستورية».
وحصل البرلمان على دعم منظمة الدول الأميركية، عبر أمينها العام لويس الماغرو، الذي أعلن أن قرار الجمعية التأسيسية «غير شرعي وغير دستوري»، وطلب عقد اجتماع عاجل لمنظمة الدول الأميركية. ونفت رئيسة الجمعية التأسيسية ديلسي رودريغيز أن ما حصل هو مثابة حل للبرلمان الذي يحتفظ كما قالت ببعض السلطات. وأضافت: «كلا، على الكسالى أن يعملوا. (البرلمان) لم يحل، انصرفوا إلى العمل واحترموا قوانين الجمهورية، يتعين عليكم احترام السلطة التأسيسية».
كلفت الجمعية التأسيسية صياغة دستور جديد بدلا من دستور 1999، لكنها حصلت على صلاحيات واسعة جدا وحصلت على ولاية تستمر سنتين؛ ما يعني إلى ما بعد ولاية الرئيس مادورو التي تنتهي في يناير (كانون الثاني) 2019.
وفي تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، قال دييغو مويا - أوكامبوس، المحلل في مكتب «آي.إتش.إس» البريطاني «بالإضافة إلى عملها على صعيد صياغة الدستور، تصبح بحكم الأمر الواقع السلطة التشريعية التي كانت الحكومة تسعى للسيطرة عليها في نهاية المطاف».
وكانت المعارضة المتحلقة حول تحالف يضم نحو ثلاثين حزبا، هو طاولة الوحدة الديمقراطية، حققت فوزا كبيرا في الانتخابات التشريعية أواخر 2015، فأنهت بذلك هيمنة التيار التشافيزي لأكثر من 15 عاما. لكن المعارضة لم تتمكن من الاستفادة من سلطتها التشريعية؛ لأن المحكمة العليا ألغت كل قرار اتخذته.
الجمعية التأسيسية في فنزويلا تمنح نفسها سلطات تشريعية
المدعية العامة السابقة تلجأ مع زوجها إلى كولومبيا
الجمعية التأسيسية في فنزويلا تمنح نفسها سلطات تشريعية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة