{حماس} تغلق الحدود مع مصر وتستنفر ضد {دواعش} غزة

انتحاري فجر نفسه وقتل رجل أمن... و{القسام} تنشر عناصرها وتطارد مطلوبين

حاجز تفتيش لقوات الأمن التابعة لـ{حماس} في أحد شوارع رفح (أ.ف.ب)
حاجز تفتيش لقوات الأمن التابعة لـ{حماس} في أحد شوارع رفح (أ.ف.ب)
TT

{حماس} تغلق الحدود مع مصر وتستنفر ضد {دواعش} غزة

حاجز تفتيش لقوات الأمن التابعة لـ{حماس} في أحد شوارع رفح (أ.ف.ب)
حاجز تفتيش لقوات الأمن التابعة لـ{حماس} في أحد شوارع رفح (أ.ف.ب)

بدأت حركة حماس حملة أمنية، تعد الأوسع، ضد التنظيمات المتشددة في قطاع غزة، التي تستلهم نهج تنظيم داعش، بعد تفجير داعشي نفسه في قوة تابعة لكتائب القسام على الحدود مع مصر، في تطور غير مسبوق في المواجهة بين الطرفين، خلف قتيلا من القسام إضافة إلى المنتحر نفسه، وإصابات عدة.
واعتقلت حماس العشرات من مناصري داعش في قطاع غزة، فيما تطارد آخرين، ونشرت العديد من العناصر على حواجز ثابتة وأخرى متحركة داخل القطاع، وراحت تفتش المارة والسيارات بحثا عن مطلوبين.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن الحركة أخذت قرارا بكسر شوكة هذه الجماعات، التي راحت تشكل تهديدا متزايدا ضد حكم الحركة وعلاقتها بمصر.
وبحسب المصادر، فإن حماس التي لم تتساهل معهم في أوقات سابقة، ستركز على ملاحقة واعتقال المنتمين للتنظيمات المتشددة ومؤيديهم، وستحولهم إلى محاكمات عسكرية وتزج بهم في السجون.
وأمرت حماس، ضمن حربها الشاملة ضد داعش، خطباء المساجد بإطلاق حملة ضد «الفكر المنحرف»، ووجهتهم بالتركيز في خطبة الجمعة اليوم، على «حرمة دم المسلم، وخطورة الانحراف الفكري على الإنسان والمجتمع». وطلبت مؤسسة الأوقاف التابعة لحماس من الخطباء حث الناس على كبح هذا الفكر المنحرف، وتقييد أصحابه، ومواجهتهم بكل الطرق التي تضمن أمن الناس على دمائهم وحياتهم.
وكان عنصر تابع لداعش فجر نفسه في قوة تابعة للقسام، بعدما منعته مع زميل له، من العبور إلى سيناء المصرية.
وقال إياد البزم، الناطق باسم وزارة الداخلية في غزة، إن «قوة أمنية فلسطينية أوقفت شخصين لدى اقترابهما من الحدود مع مصر، فقام أحدهما بتفجير نفسه، مما أدى إلى مقتله وإصابة الآخر، فيما أصيب عدد من أفراد القوة الأمنية أحدهما بجروح خطيرة (استشهد لاحقاً)».
وبحسب البزم، فإن الانتحاري وزميله كانا يحاولان التسلل إلى سيناء عبر الشريط الحدودي، شرقي مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة.
وأضاف، أن «الأجهزة الأمنية اتخذت إجراءات للمحافظة على استقرار الوضع الأمني».
وتابع، «لن نسمح بالمساس بالحالة الأمنية أو المساس باستقرار في داخل القطاع أو على الحدود». وأكد البزم أن الداخلية اتخذت كل الإجراءات اللازمة من أجل عدم تكرار ما حصل.
وفورا، حولت حركة حماس منطقة رفح الحدودية إلى منطقة عسكرية، ودفعت بالمزيد من عناصر الأمن وعناصر القسام التابعة لها، إلى الحدود في محاولة لمنع أي تنقلات للتيار الذي يطلق على نفسه اسم «السلفية الجهادية»، ويعمل مع تنظيم داعش في سيناء.
وشوهدت عناصر من دوريات عسكرية مكثفة للقسام في منطقة الحدود.
وعادة تراقب قوات الضبط الميداني، التي تشمل عناصر من القسام والداخلية، الحدود مع مصر، بعد اتفاقات أمنية بين القاهرة وقادة حماس، شملت الحد من تنقل المتشددين بين غزة وسيناء. لكن دفعت القسام هذه المرة بمزيد من عناصرها إلى الحدود. ونعت كتائب القسام في بيان «استشهاد القائد الميداني نضال الجعفري، متأثرا بجراحه الخطيرة التي أصيب بها خلال التفجير». وأكدت القسام أنها لن تتوانى في الدفاع عن شعبها، وحماية مشروع المقاومة من التهديدات كافة ومواجهة «الفكر المنحرف الدخيل».
وشيعت حماس الجعفري أمس، في جنازة كبيرة تقدمها رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، في رسالة واضحة موجهة إلى داعش حول نوايا حماس. وهتف المشيعون ضد داعش وطالبوا بملاحقة عناصره في غزة.
وقال القيادي في حماس، مشير المصري، إن حركته ستواجه أصحاب الفكر المنحرف بكل الطرق الممكنة.
فيما قال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، أحمد المدلل، إنه «يجب الضرب بيد من حديد، لكل من تسول له نفسه زرع الفتنة بين صفوف شعبنا الفلسطيني».
ويعتقد المدلل أن قضية أصحاب الفكر المنحرف، تحتاج إلى معالجة أمنية وفكرية وسياسية ودعوية.
وأعلنت القوى الوطنية والإسلامية شجبها الكامل للحادث الانتحاري، وقالت: إنه يخدم الاحتلال ويتساوق معه، ودعت الأجهزة الأمنية للضرب بيد من حديد على كل المنحرفين فكريا.
وقالت الجبهة الشعبية، إنه يجب «التوحد في محاربة واستئصال الإرهاب والفكر التكفيري من جذوره في القطاع».
وطالبت الجبهة بضرورة صوغ خطة وطنية عاجلة، تساهم فيها جميع القطاعات الوطنية والتربوية والاقتصادية والاجتماعية، لقطع الطريق أمام مروجي هذا الفكر التكفيري.
وقالت الجبهة الديمقراطية، إن «هذه العملية الإجرامية الجبانة تتطلب توحد مختلف تنظيمات العمل الوطني لمواجهة هذا الفكر الإرهابي المتطرف». وطالبت بسرعة التحرك للوقوف وقفة رجل واحد لاستئصال هذه الفئات الضالة التي تتربص الدوائر بالشعب الفلسطيني في قطاع غزة للنيل من عزيمته.
ورد داعش في سيناء ببيان نعى منفذ التفجير الذاتي، مصطفى كلاب، قائلا إن «حماس تجني ثمار ما زرعت». وقال بيان داعش «إن هذه العملية جاءت رداً على أعمال حماس ضد السلفيين الجهاديين وعناصر التنظيم في قطاع غزة، وهدم مساجد تابعة للتنظيم، واعتقال عناصرها ومطاردتهم».
وقال التنظيم إن منفذ العملية كان متوجها إلى سيناء.
وهدد داعش حركة حماس بقوله «الدم بالدم والهدم بالهدم».
وعادة ما يتوجه شبان من قطاع غزة إلى سيناء للقتال في صفوف داعش هناك. وخلال الشهر الفائت، أُعلن عن مقتل خمسة فلسطينيين، على الأقل، من قطاع غزة، كانوا يقاتلون في صفوف «داعش» في سيناء.
وقالت مصادر فلسطينية إن شقيق منذ تفجير أمس، يقاتل في صفوف داعش في سوريا.
وأثارت مصر هذا الأمر مع حماس مرارا، فعززت الحركة من تواجدها على الحدود منذ أشهر، وأعلنت في يونيو (حزيران) الماضي، إقامة منطقة عازلة على الحدود لمنع تسلل الدواعش.
وأمام الحرب التي تعمقت وارتفع لهيبها، بين حماس وداعش، تنصلت عائلة الشاب، مصطفى كلاب، من ابنها، ورفضت إقامة أي مراسم دفن أو عزاء له. وجاء في بيان أصدرته، «إننا في عائلة كلاب في الداخل والخارج، ندين بشدة هذه الجريمة البشعة والخارجة عن كل معتقداتنا وديننا، نعلن براءتنا التامة من الجريمة ومنفذها، كما نعلن أن العائلة ترفض إقامة أي مراسم دفن أو عزاء لمنفذ الجريمة، وتتقدم بخالص التعازي والمواساة لشعبنا وحكومتنا وأجهزتنا الأمنية وعائلة الشهيد نضال الجعفري، وندعو كل الأطراف إلى مواجهة التطرف، والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه العبث بأمن واستقرار جبهتنا الداخلية».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.