حكومة خادم الحرمين أعادت بناء سوق العمل بحزمة قرارات نافذة

وصف اقتصاديون قرارات حكومة خادم الحرمين الشريفين لتصحيح سوق العمل، التي نفذتها وزارة العمل ميدانيا، بالاستراتيجية وأنها ساهمت في إعادة تصحيح سوق العمل في السعودية، وأصلحت بعض مكامن الخلل التي تراكمت على مدار 50 عاما. واستهدفت حزمة القرارات التي سنتها وزارة العمل أخيرا مشكلة البطالة بين السعوديين، ووضع نظام للعمالة غير السعودية تضمن حقوقهم وتنظم سير عمل أصحاب الأعمال بطريقة نظامية.
كما تضمنت القرارات الجديدة معالجة سوق العمل على نحو استراتيجي من خلال تعديل نسب التوطين، ورفع متطلبات الاستقدام، وربطها بنسب أعلى من السعودة، والقيام بحملات تصحيحية للعمالة غير النظامية بمشاركة الأجهزة الحكومية المعنية على مدار سبعة أشهر، إضافة إلى تمكين المرأة من العمل في كافة الوظائف بحسب ضوابط حددها النظام.
ورغم أن نسبة مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل تعد ضئيلة، فإنها أفضل حالا من ذي قبل، حيث قفز عدد الموظفات السعوديات في سوق العمل من 48 ألف موظفة سعودية عام 2009 إلى أكثر من 290 ألف موظفة في عام 2013م، حسب إحصائيات وزارة العمل، أي أن الرقم ارتفع بنسبة نمو تعادل 500 في المائة، في حين أن عدد السعوديين في سوق العمل زاد من 633 ألف موظف عام 2009 إلى 973 ألف موظف بنسبة نمو تقدر بـ53.8 في المائة. وكان وقع قرارات وزارة العمل على أصحاب الأعمال مفاجئا لهم، مما أحدث حالة من الإرباك في أعمالهم، إلا أن وزارة العمل سعت لاحتواء الأمر، من خلال إطلاق «بوابة معا» التابعة لوزارة العمل، لمناقشة مسودة القرارات التي بلغت 27 قرارا، وإقامة جلسات نقاش مفتوحة لمناقشة القرارات وسماع وجهات نظرهم وتفهم مشاكل أصحاب العمل وتعديل بعض بنود القرارات للوصول إلى صيغة فيها مصلحة الوطن والمواطن.
أمام هذا الأمر رأى الاقتصادي فضل البوعينين أن الخلل الذي عانى منه سوق العمل على المدى الطويل تطلب تصحيحا مؤلما نوعا ما لأصحاب الأعمال، مشيرا إلى أن تصحيح وضع العمالة غير النظامية كان من أهم القرارات التي اتخذتها وزارة العمل، والذي كشف أخطاء في السوق بشكل عام، وساهم في خفض نسبة العمالة الوافدة، وتصحيح وضع المخالفين، وترحيل مخالفي الإقامة وليس مخالفي نظام العمل.
ولفت أن انعكاسات هذه القرارات كانت إيجابية ولم تكن مرتبطة بسوق العمل فقط بل كان لها أثرها في الجوانب الاجتماعية والأمنية.
ووصف قرار تأنيث الوظائف في قطاع التجزئة، بالقرار المهم، مرجعا هذه الأهمية إلى ثلاثة أسباب، وهي خلق المزيد من الوظائف للنساء، وإزالة الحرج عن النساء في التسوق، إضافة إلى فتح الباب أمام توظيف النساء في قطاعات أخرى وليس فقط قطاع التجزئة، لافتا إلى وجود أصوات تنادي بضرورة فتح باب القطاع الصناعي لتوظيف النساء، والجهود الحثيثة لفتح خطوط إنتاج يمكن توظيف النساء فيها.
ورغم أن برنامج نطاقات من البرامج التي أحدثت جدلا في سوق العمل فإن البوعينين يرى أن هذا البرنامج كان له تأثيرات إيجابية على السوق، واصفا وزارة العمل بالقناة الصماء فيما يتعلق بالتغذية بالمعلومات، إضافة إلى انفتاحها على جميع الاتجاهات، من خلال استماعها للمتضررين والمطالبين بتعديل برنامج نطاقات بما يساعد بتحقيق الهدف الأساسي وهو توظيف السعوديين.
ولفت البوعينين أن السوق تترقب قرار الحد الأدنى للأجور الذي عملت عليه الوزارة وما زالت تعمل عليه وإخضاعه للدراسة المتخصصة والمستضيفة كي تصل إلى الإجابة الحاسمة لمعرفة هل نحن قادرون على تحديد حد أدنى للأجور؟ وهل هذا مناسب لسوق العمل؟ وكم سيكون الحد الأدنى للأجور؟
ومن القرارات التي يراها البوعينين مهمة وأثرت في سوق العمل، قرار حماية الأجور، الذي جاء نتيجة وجود ظلم وتعسف بعض الكفلاء لعمالتهم، وعدم دفع أجورهم ومستحقاتهم وبالتالي تعرضهم للضرر البالغ، مبينا أن قرار حماية الأجور جاء ملزما لأرباب العمل بدفع الأجور من خلال حسابات الموظفين، والذي سيحفظ حق العاملين من غير السعوديين وحفظ سمعة السعودية في الخارج، والالتزام الكلي في تحقيق العدالة.
وعن الانعكاسات الإيجابية التي أطلت على المجتمع السعودي والدولة نتيجة حزمة القرارات التي أطلقتها وزارة العمل، أوضح الاقتصادي فضل البوعينين أن خفض نسبة البطالة، وتوظيف السعوديين كانا الهدفين الرئيسيين اللذين أصدرت من أجلهما وزارة العمل القرارات، والتي انعكست بشكل إيجابي على جوانب مختلفة منها جوانب مالية وأمنية واجتماعية واقتصادية.
من جهتها أوضحت لـ«الشرق الأوسط» ازدهار باتوبارة الخبيرة العقارية أن قرارات وزارة العمل رغم قوتها وإحداثها حالة من الربكة لأصحاب الأعمال فإنها جاءت لتنظم فوضى سوق العمل التي استمرت على مدار نصف قرن، ومكنت المرأة من العمل في كافة الوظائف عدا ما يليق بتكوينها كامرأة.
ورأت أن تنظيم وزير العمل للسوق حمى المكفولين من ظلم وجور الكفلاء، وهو أمر كان ملاحظا بقوة في سوق العمل، مشيرة إلى أن نظام نقل الكفالة الذي سمحت به الوزارة، حل مشاكل ما يقارب 90 في المائة من مشاكل العمالة الوافدة الغير نظامية التي كانت تعمل في الخفاء وتتعرض للكثير من المشاكل التي يصعب حلها نظرا لمخالفتها نظام العمل.
ورغم اتفاق باتوبارة مع أغلب قرارات وزير العمل فإنها ترفض واحدا منها، وهو قرار زيادة رسوم العامل في مكتب العمل من 200 ريال إلى 2400 ريال، وترى أن هذا القرار لم ينصف صاحب العمل وكلفه الكثير من الأعباء المالية، التي أجبرته على تخفيض العمالة التي تعمل لديه.
ووصفت باتوبارة التنظيم الذي تعمل من أجله وزارة العمل، والقرارات الملكية الخاصة بتنظيم سوق العمل فرصة لأصحاب الأعمال لوضع بنية تحتية سليمة لمنشآتهم والصعود بأعمالهم بشكل نظامي يضمن نمو وتطور العمل بشكل يخدم اقتصاد الدولة ويدير عجلة النمو، ويضمن للعامل وصاحب العمل الحقوق ويوضح الواجبات، في وقت اختلط فيه في الماضي حقوقهم وواجباتهم، وأضرت الفوضى التي كانت سائدة بسوق العمل وانعكست بشكل سلبي عليه وخلقت بطالة بين السعوديين من الجنسين، وأضرت بالعامل السعودي والأجنبي.