أفغانستان حرب لا تنتهي: نائب الرئيس الأفغاني: لا مصالحة في أفغانستان من دون السعودية.. وطلبت شخصيا من خادم الحرمين التدخل

تعيش أفغانستان هذه الأيام حالة مخاض يكثر فيها الحديث عن المصالحة بين حكومة الرئيس حميد كرزاي وممثلين عن طالبان وجماعة سراج الدين حقاني وحكمتيار زعيم الحزب الإسلامي الذي لعب دورا في إنهاء الاحتلال السوفياتي لأفغانستان، وفي الوقت ذاته يكثر الحديث عن الفساد الإداري الحكومي وبين جنبات القوات الدولية، الذي اعترف به لـ«الشرق الأوسط» الشيخ كريم خليلي نائب الرئيس كرزاي، الذي أكد أنه مستشر أيضا في أروقة الحكومة والمحاكم وممثلي الادعاء، ورغم وجود ملفات في المحاكم ضد المفسدين، فإنه أشار إلى أن الإعلام الغربي يستغل الحديث عن الفساد كورقة للضغط السياسي على حكومة الرئيس كرزاي. وفي اليوم الذي ذهبت فيه «الشرق الأوسط» للقاء نائب كرزاي في قصر حكمه بوسط العاصمة كابل، كان في الصباح الباكر هجوم مسلح نفذه انتحاريو طالبان على مطار جلال آباد، وقبله بيوم هجوم آخر على مركز قيادة «إيساف» غير بعيد عن قصر حكم كرزاي.
«الشرق الأوسط» التقت أطرافا حكومية خلال زيارتها لعدد من المدن الرئيسية بالإضافة إلى العاصمة كابل، والتقت أيضا قيادات المعارضة الأفغانية، وممثلين محسوبين على طالبان. وذهبت «الشرق الأوسط» مع مجموعة من الصحافيين العرب إلى معسكرات هلمند العسكرية ولاشكجار عاصمة الولاية، والتقت عددا من المسؤولين الدوليين، منهم مارك سيدويل الممثل المدني لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في أفغانستان، الذي أكد أن بعضا من قادة طالبان البارزين منفتحون على المصالحة مع الحكومة الأفغانية، لكن الاتصالات ما زالت في مرحلة أولية، مشيرا إلى أنها محادثات تمهيدية، لا ترقى إلى مستوى مفاوضات، وأعلن سيدويل أن دولا من «الناتو» سهلت دخول قيادات من طالبان إلى العاصمة الأفغانية كابل، بطلب خاص لإجراء محادثات مع الحكومة الأفغانية، وهو الذي أكده أيضا المهندس أحمد شاه زي رئيس وزراء حكومة المجاهدين، الذي رتب لقاء بين جنرال أميركي من القوات الخاصة وممثلين عن طالبان وغلب الدين حكمتيار. وأشار سيدويل وهو سفير بريطاني سابق إلى أن القوات الأفغانية سيصل عددها في الجيش إلى 172 ألفا، وفي الشرطة إلى 134 ألفا، قبل تسليم الأفغان المهام الأمنية. وقال إن طالبان تخطئ إذا ما اعتقدت أن القوات الدولية تريد السلام عن «ضعف»، ولن نخرج من أفغانستان حتى تنتهي مهمتنا على خير وجه.

ورصدت «الشرق الأوسط» تصريحات أكثر من مسؤول دولي وأفغاني عن المد الإيراني في الشارع الأفغاني من جهة التعليم والتغلغل في أجهزة الإعلام، بوجود عشرات من المحطات التلفزيونية التي تتلقى دعما من إيران، وأغلب هذه المحطات مملوكة لقادة الجهاد الأفغاني السابقين، الذين يعيشون في فيللات فخمة في حي وزير أكبر خان الراقي، وكان يسكنه كبار قادة «القاعدة»، في زمن الحركة الأصولية ويعمل قادة الجهاد الآن في البيزنس وإدارة المشاريع في كابل الجديدة، التي لا تعرف إلا لغة الدولار والانفتاح على العالم شرقا وغربا.

قال محمد كريم خليلي، نائب الرئيس الأفغاني حميد كرزاي، إنه ذهب لأداء العمرة وقابل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وطلب منه شخصيا باسم الدولة الأفغانية التدخل في الصلح مع طالبان لإنهاء معاناة الشعب الأفغاني. وقال خليلي في لقاء خاص خص به «الشرق الأوسط» في قصر حكمه بشارع الخارجية، الذي كان مقرا لرئيس الوزراء عهد الملك ظاهر شاه، وهو قصر مبني على الطراز الإيطالي بناه الأمير عبد الرحمن خان قبل أكثر من مائة عام، إنه يعتقد أنه لا سلام أو عودة لاستقرار أفغانستان من دون تدخل السعودية، لما تحظى به أرض الحرمين الشريفين من تقدير واحترام في نفوس الشعب الأفغاني.

ويبلغ خليلي، رئيس منظمة الوحدة الشيعية، من العمر 59 عاما، وهو من قدامى المجاهدين ووزير مالية سابق. وكان من أشد المعارضين لحكومة طالبان، وهو يشرف أيضا مثل كبار قادة المجاهدين على محطة تلفزيونية اسمها «نجاه» أو بالعربية «النظرة». وهناك نائب آخر لرئيس الدولة هو المارشال محمد قاسم فهيم الذي حاولت «الشرق الأوسط» ترتيب لقاء معه أيضا.

وقصر الحكم الذي يدير منه خليلي ملف إعمار البلاد يقع مقربة من ميدان الملك الأصغر في مواجهة الخارجية الأفغانية، وعلى بعد أمتار من وزارة المعارف الأفغانية التي يشرف عليها الدكتور فاروق ورداك. وشارع الخارجية الأفغانية ممنوع فيه مرور العربات الخاصة أو سيارات التاكسي ومخصص فقط للسيارات الحكومية والمؤسسات الدولية. واعترف خليلي بأن «الفساد للركب»، أي أنه «مستشر»، ردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» في الإدارات المحلية والوزارات والحكومة ومؤسسات الدولة وفي المحاكم وبين ممثلي الادعاء، إلا أنه طالب الغرب بعدم استغلال الفساد كورقة ضغط سياسي على حكومة الرئيس حميد كرزاي.

وجاء لقاء «الشرق الأوسط» مع خليلي بوساطة خاصة من الصحافي والمحلل الأفغاني أبو يوسف عبد الرحمن، وكانت «الشرق الأوسط» التقت خليلي في نفس قصر دار الحكم مرتين من قبل خلال الأعوام الماضية بوساطة الشيخ صديق تشاكري، وزير الإعلام في حكومة المجاهدين والمستشار الأسبق للرئيس كرزاي، الذي قام أيضا بدور الترجمة من الدارية إلى العربية، وهو خريج الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. وعندما دخلت عليه «الشرق الأوسط» كانت المسائل الأمنية على غير ما يرام، فقد نجحت عناصر من طالبان في الدخول إلى مطار جلال آباد ونفذت عملية انتحارية بالأحزمة الناسفة، وقبلها بيوم نفذت عملية ضد دورية لـ«إيساف» بوسط العاصمة كابل. ورغم هذا بدا الشيخ خليلي مرتاحا وبشوشا كعادته وهو يرحب بجريدة العرب الدولية، وجاء الحوار على النحو التالي:

* إلى أين وصلت المصالحة مع طالبان.. وهل تعتقدون أن السعودية كما يتردد تلعب دورا فيها لصالح الشعب الأفغاني؟

- كما تعلمون الرئيس حميد كرزاي شكل مجلسا للمصالحة برئاسة البروفسور برهان الدين رباني قبل شهرين تقريبا، والبداية انطلقت، والأمور تسير وفق الخطة المطلوبة. والسعودية لها دور مهم في المحادثات لما تحظى به من حب وتقدير وإجلال في نفوس جموع الأفغان، وتحديدا دور خادم الحرمين الشريفين بالنسبة للعالم الإسلامي. وكنت قبل فترة قليلة في زيارة عمرة للأراضي المقدسة، والتقيت خادم الحرمين الشريفين بعد أداء المناسك، وطلبت منه أن يتدخل في قضية المصالحة والوساطة مع طالبان. وفي أكثر من مناسبة دعا الرئيس الأفغاني حميد كرزاي خادم الحرمين الشريفين إلى أن يتدخل لصالح حل الأزمة الأفغانية والوساطة مع الجماعات المسلحة وإعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع أفغانستان، البلد الذي يعاني من الحروب منذ أكثر من 30 عاما. ونحن نتطلع إلى دور السعودية التي لها نفوذ في هذا المجال، ونقدر ذلك ونثمنه، وعلى يقين أيضا من أن تدخل خادم الحرمين الشريفين سيكون له دور حاسم في حل الأزمة الأفغانية، ومن دون تدخل خادم الحرمين ستطول القضية وستستمر الأزمة الأفغانية إلى ما لا نهاية. وحل الأزمة الأفغانية لن يكون إلا بتدخل العالم الإسلامي، وتحديدا السعودية وخادم الحرمين الشريفين.

* هل يمكن أن تقيموا الأوضاع الأمنية والسياسية في أفغانستان بصفة عامة؟

- من الطبيعي جدا نحن لسنا في مرحلة طبيعية من الأوضاع الأمنية. والشعب الأفغاني يعاني من تلك الأوضاع. وباعتقادنا أن المجتمع الدولي المشارك في الأوضاع الداخلية له عدة مشاريع في قندهار وفي هلمند جنوب أفغانستان، لكن الأمور لا تسير وفق تطلعات الشعب الأفغاني. ونحن نأمل أن يحل الأمن والاستقرار في ربوع البلاد، والعمل يجري على قدم وساق لإنهاء الحرب، وإذا ما انتهت الحرب ستتحقق المصالحة بصفة دورية.

* هل تعتبر الاستراتيجية الأميركية في أفغانستان ناجحة؟

- يجب أن يجيب الأميركيون عن هذا السؤال، لكن بصفة عامة الاستراتيجية الأميركية تحتاج من حين لآخر إلى دراسة ومراجعة، وهناك وفد من الكونغرس الأميركي هذه الأيام في العاصمة كابل لدراسة الوضع الحالي في أفغانستان. وما يهم الشعب الأفغاني هو إنهاء الحرب وتحقيق المصالحة في أفغانستان، وهذا لن يتحقق إلا عبر تشكيل لجان المصالحة.

* هل انتم راضون عن مسار الانتخابات البرلمانية التي لم تعلن نتائجها النهائية حتى الآن؟

- نحن سعداء بإنجاح عملية الانتخابات في البلاد، وهو تحقيق للمسار الديمقراطي في أفغانستان. واللجنة الانتخابية سعت إلى إحراز تقدم في هذا المجال، ونتطلع أيضا إلى تكريس الأفكار والمبادئ الديمقراطية في أفغانستان.

* بالنسبة لجدول انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان بحلول 2014.. من وجهة نظركم هل ستستقر الأوضاع.. وهل تتمكن القوات الأفغانية من إعادة الاستقرار والأمن مع تولي المهام الأمنية؟

- أحد مطالب الشعب الأفغاني أن تتولى الحكومة الأفغانية المهام الأمنية في البلاد، وهناك خطط موضوعة لتقوية الأمن في وزارتي الدفاع والداخلية، وإنشاء كوادر وطنية قادرة على الاضطلاع بالمهام المقبلة، وهو مطلب مشروع بالنسبة للأفغان، والقلق الذي يساورنا في الحكومة والإدارات الأفغانية هو أن استجابة المجتمع الدولي لم تكن بالشكل المطلوب، ونحن نتطلع اليوم إلى عام 2014 بأنه سيكون عاما حاسما بالنسبة للأفغان من جهة تولي المهام الأمنية في بلادهم. ونأمل قبل ذلك أن تتمكن القوات الأجنبية من تدريب القوات الأفغانية في الشرطة والدفاع لتحل محل القوات الأجنبية. ومن ناحية أخرى ننتظر من لجان المصالحة أن تحقق نوعا من التقدم من أجل إنهاء العنف في أفغانستان.

* ملف إعادة إعمار أفغانستان تشرفون عليه.. هل أنتم راضون عما تحقق؟

- الوزارات التي تعمل في مجال الاقتصاد والإعمار أشرف عليها وتحت رئاستي. وفي ما يتعلق بقضية إعادة الإعمار تحقق الكثير، لكن من الطبيعي أن البلد الذي دمر خلال 30 عاما، وتهدمت بنيته التحتية، يحتاج إلى الكثير والكثير، لكن المساعدات الأجنبية التي قدمت من المجتمع الدولي لم نحصل إلا على نسبة ضئيلة منها، أما عن الباقي فإن المجتمع الدولي يعتبر مسؤولا أيضا عن ملف الإعمار. وهناك خطوات كبيرة اتخذت في هذا المجال، لكنها ليست الخطوات التي ينتظرها الشعب. وأستطيع القول إنه ليست هناك أرقام محددة عن النجاحات على الأرض التي تحققت خلال تسع سنوات، لكني أستطيع القول إنه لم تكن هناك طرق بين المدن الكبرى، لكن الآن هناك طرق بين الولايات الكبرى، مثل طريق كابل - هراة شمال أفغانستان، وطريق آخر مع سبين بولداك على الحدود مع باكستان، وطريق كابل إلى طورخم قرب الحدود الباكستانية. فشبكة الطرق تسهل أعمال التجارة والتصدير والاستيراد مع الدول المجاورة، بالإضافة إلى سبعة ملايين طالب وطالبة في المدارس الحكومية. وهناك أيضا المدارس الخاصة، وقبل تسع سنوات كان عدد الطلبة الذين يذهبون إلى المدارس قليلا جدا. أما الملف الآخر الذي تحقق فهو ملف الصحة، فيمكن القول إن نحو 70 في المائة من الشعب الأفغاني يستفيد من الخدمات الصحية عبر المستشفيات الحكومية وعيادات التمريض التابعة للدولة. وبالنسبة لمجال التعليم العالي قبل تسع سنوات لم يكن هناك شيء يذكر.. أما اليوم فهناك الجامعات في كبرى المدن الأفغانية وبها كليات أدبية وعلمية وهندسية وطبية، وذلك من أجل المساهمة في نهضة الشعب الأفغاني. وقبل الآن كانت هناك جامعة كابل في العاصمة وفي جلال آباد، أما اليوم فإن الجامعات في أغلب كبرى المدن والولايات الأفغانية، وهناك جامعات خاصة أيضا يقبل عليها الطلاب.

* كثر الحديث عن الفساد في أفغانستان في العواصم الغربية.. ما تعليقكم بشأن السبب في تفشي الفساد في الإدارات الحكومية؟

- أولا يجب أن اعترف بأن هناك فسادا في الحكومة، وقبل تسع سنوات لم تكن هناك إدارات حكومية في عموم أفغانستان بالمعنى المفهوم إداريا، ونحن نعترف بأن الفساد موجود في الادعاء والمحاكم والوزارات، والفساد موجود أيضا في المؤسسات الدولية التي تعمل في أفغانستان، لكن التركيز دائما على الفساد الحكومي كورقة ضغط على حكومة الرئيس كرزاي لن يحل المشكلة أو يقضي على الفساد، ويجب على المجتمع الدولي أن يحارب أيضا الفساد، لأن الفساد موجود عبر العقود التي تبرم من قبل المنظمات الدولية مع أخرى أفغانية، ونحن نعترف بأن الفساد مستشر وموجود، لكنه في حاجة إلى محاربة واقتلاع من الجذور من قبل الحكومة، وكذلك من قبل المنظمات الدولية أيضا. ويمكن القول أيضا إن المحاكم تنظر في ملفات فساد ورشوة، لكن هذه المحاكم فيها أيضا شبهة فساد، كذلك الفساد طال الادعاء العام، ونتطلع إلى محاكمته والتخلص منه إلى الأبد.

* هناك أموال إيرانية قدمت إلى مكتب الرئيس كرزاي من أجل إعادة الأمن والاستقرار في البلاد، واعترف مكتب الرئيس بذلك.. هل جاءتكم أموال من الخليج العربي مثلا، ولماذا الحساسية من أموال الإيرانيين؟

- (يبتسم ويهز رأسه يمينا ويسارا) رجاء يمكن توجيه السؤال إلى مكتب الرئيس كرزاي بشأن هذا الأمر.

* هل أنتم متفائلون بالعملية السياسية في أفغانستان؟

- المسلم يجب أن يكون متفائلا بشأن المستقبل، والحديث يقول «تفاءلوا بالخير تجدوه»، لكن من الطبيعي أن العلمية السياسة في أفغانستان تواجه مشكلات وكثيرا من المصاعب.

* بما أنكم من عرقية الهزارة.. لماذا لا يوجد وزراء من الهزارة في الحكومة الحالية.. وهل ذلك يضر بالعملية السياسية في أفغانستان؟

- واجهنا مشكلة في تمرير بعض الأسماء كوزراء في البرلمان السابق، لكن نتطلع إلى تحسين الأوضاع في الفترة المقبلة ، ونأمل ألا يكرر البرلمان المقبل نفس المشكلة، ورئيس الحكومة منع انتشار هذه الظاهرة، فقام بتعيين بعض الشخصيات من عرق الهزارة الذين رفض البرلمان التصديق عليهم في مناصب حكومية كقائمين بالأعمال في الوزارات مثل وزارات العدل والمواصلات والتعليم العالي.

* هل من رسالة خاصة توجهونها إلى العالمين العربي والإسلامي؟

- دائما أقول إنه على دول العالم الإسلامي، خصوصا الدول العربية، أن يكون لها دور مهم بالسعي للمشاركة في حل الأزمة الأفغانية، ورسالة أيضا إلى الدول العربية أن تأتي وتشارك في عمليات إعادة إعمار أفغانستان، وأن يستثمروا أموالهم في أفغانستان، ومؤخرا تم اكتشاف كثير من مناجم التعدين هناك التي تحمل كثيرا من الخير للشعب الأفغاني. والساحة مفتوحة، والشركات الغربية تتزايد، وتريد احتكارها، ونقول للدول العربية ورجال الأعمال العرب تعالوا إلى بلادنا، والساحة اقتصاديا مفتوحة للمساهمة والمشاركة في الاستثمار في مجالات عدة. وأستطيع أن أؤكد أن الأفغان يريدون بناء وطنهم ويطمحون إلى علاقات قوية وحميمة مع العالمين العربي والإسلامي.

ويمكن القول أيضا إن العالم الإسلامي - ونحن منه - مشغول بالقضايا والنكبات.. ندعوهم إلى لم الشمل وتوحيد الكلمة تجاه ما يمر بهم من ظروف، وإذا وحدنا كلمتنا فإننا نستطيع إزالة الكثير من المشكلات التي تواجهنا على الساحة الدولية. لكن بالنسبة للدول العربية أدعوها إلى أن تنتبه لما يجري في أفغانستان. نحن راضون عما يقدمونه لإخوتهم في الدين، لكن ما زلنا في حاجة إلى المزيد في المجالات الصحية والاقتصادية والتعليمية وغيرها. وهناك كثير من الفقر في أغلب الولايات، وفي مجلس الوزراء تقرير يتحدث عن معاناة 13 ولاية من مشكلات في الحياة العامة وارتفاع نسبة الفقر بها، مثل أورزوجان وبادخشان وباميان فاريا وبادغيش وزابل وسميخان. ونحن في الوقت ذاته نرغب بشكل كبير في علاقات أقوى مع إخواننا العرب لكثير من الأسباب، أحدها أن ديننا واحد وقيمنا واحدة، ونحن إخوة وتطلعاتنا وآمالنا هي نفسها، فهناك تقدير خاص في أفغانستان للعرب وللمملكة العربية السعودية باعتبارها قلب الإسلام، لذا فإن المحبة والتراحم وعاطفة الأفغان تجاه إخوانهم المسلمين والعرب، خاصة لإخواننا في المملكة العربية السعودية، شعور ناتج عن قرون من الإيمان والعقيدة الواحدة.

* ماذا قدمت للمناطق المركزية التي يوجد فيها الشيعة وأنت ممثلهم في رئاسة الدولة؟

- أفغانستان دولة فقيرة للغاية، خاضت نحو ثلاثة عقود من الحروب المتواصلة، وهي من الدول الأكثر فقرا في العالم، ومن أفقر الدول في العالم الإسلامي. ثم إن أفغانستان تم تدميرها على مدى الثلاثين عاما الماضية، وهي تفتقر إلى مؤسسات حكومية قوية، كما تحتاج إلى عملية إعادة بناء كبيرة، وهذه الأمور سوف تستغرق وقتا. المناطق التي يوجد فيها شيعة مثل مزار شريف وباميان تعاني من الفقر والتهميش منذ سنوات ، وهناك حسب الإحصائيات الرسمية نحو 6 ملايين أفغاني تحت خط الفقر، ونحن نسعى إلى رفع المعاناة عن كاهل الجميع، لكن الحمد لله فإن هذا الشعب نجح على الرغم من الضغوط المفروضة عليه في طرد الروس وإسقاط الاتحاد السوفياتي الأسبق، ونجح أيضا في القضاء على طالبان. والشيعة الآن لهم أسهم سياسية لم يتملكوها من قبل، وهأنذا أمامك نائب رئيس الدولة. وهناك كثير من الجهود بذلت للتخفيف عن الشيعة، فهناك طريق من كابل إلى باميان، وآخر من مزار شريف إلى باميان سيبدأ العمل فيهما قريبا، وقمنا باستحداث مدارس ومستشفيات ومصحات علاجية في القرى والدمن التي تعاني من الفقر والتهميش، ونتمنى المزيد والأفضل لأبناء هذا الشعب وليس الشيعة فحسب.

* هل تعتقد أن القوات الأجنبية ستخرج من أفغانستان يوما ما؟

- القوى الخارجية بعد أن يستتب الأمن والاستقرار وتخمد نار الحروب والفتن من قبل الإرهابيين، لن يكون لها عذر في البقاء على أراضينا.

* هل أنت راض عن الأوضاع في الشارع الأفغاني؟

- لست راضيا تماما، لكن هناك جهودا تبذل بفضل مساعدات المجتمع الدولي الذي لم يتخل عن أفغانستان.

* هل هناك أحد من أولادكم في المجال السياسي، أو يسير على خطاكم؟

- تركت الاختيار للأولاد أنفسهم، حتى حرية الزواج تركتها لهم أيضا، وبعضهم قد يرى أن الضحية الأولى في المشاركة السياسية قد تكون العائلة، والبعض الآخر قد يرغب، خصوصا التضحيات التي قدمناها في زمن الجهاد ضد الروس وضد طالبان.. وهناك ابني الأكبر محمد تقي موظف في السفارة الأفغانية في واشنطن، وابنتي صفية تعيش في ألمانيا.