أفغانستان حرب لاتنتهي: مذيعات لـ «الشرق الأوسط»: إذا عاد أصحاب العمائم السوداء عدنا إلى المطابخ وغرف النوم

الحديث عن المد الإيراني في الشارع الأفغاني لا يتوقف، منذ أن كشفت الصحافة الغربية أن السفير الإيراني في كابل، فدا حسين مالكي، جلب معه أموالا بعملة اليورو في كيس بلاستيكي، وسلمها إلى أحد مساعدي الرئيس حمدي كرزاي.
أصبحت الرشوة جزءا من النشاط الإيراني المحموم في أفغانستان، وهو نشاط لم يعد سرا في بعض المناطق الأفغانية التي صارت تحت الإدارة الإيرانية، وهو ما اضطر الإدارة الأميركية إلى القول إنها قبلت دخول إيران في المفاوضات الجماعية حول أفغانستان, الأمر أكده المسؤول المدني للناتو، مارك سيدويل، في لقائه مع عدد من الصحافيين العرب في العاصمة كابل الأسبوع الماضي, مشيرا إلى أن الدعم الإيراني بالمال يوجه في الأغلب إلى الإعلام والتعليم, وهناك اليوم عشرات من المحطات التلفزيونية المملوكة لقيادة المجاهدين تتلقى دعم مالي مباشر, بالإضافة إلى مدارس في العاصمة كابل وباقي الولايات الأفغانية، حيث يكثر الهزارة من أبناء الطائفة الشيعية.

* في لقاء «الشرق الأوسط» مع محمد كريم خليلي، وهو أكبر مسؤول شيعي وزعيم حزب «الوحدة» الأفغاني، رفض الإجابة عن سؤال حول حقيقة الأموال الشفافة التي تلقاها مكتب الرئيس واعترف بها كرزاي, وقال يمكن سؤال مكتب السيد الرئيس عن هذه الأموال. وفي لقاء «الشرق الأوسط» أيضا مع أحمد شاه أحمد زي, رئيس الوزراء في حكومة المجاهدين, وهو مهندس كهربائي خريج كلورادو بالولايات المتحدة الأميركية عام 1975, انضم إلى صفوف المجاهدين الأفغان إبان الغزو السوفياتي لأفغانستان, كان أحد قيادات حزب «الاتحاد الإسلامي» تحت رئاسة شيخ المجاهدين عبد الرب الرسول سياف, وعمل مساعدا له في وقت لاحق, حتى تولى منصب أول رئيس وزراء في حكومة المجاهدين, اعترف من مقر «الجامعة الإسلامية» بوسط العاصمة كابل, التي يشرف عليها صراحة بالمد الإيراني في أفغانستان, وتساءل أين إخواننا العرب الخليجيون الذين وقفوا معنا في سنوات الجهاد ضد الروس، ثم سرعان ما تخلوا, وقال: «نحن شعب فقير تحيط بنا ست دول إقليمية كبرى, ونحن في حاجة إلى من يمد يد المساعدة إلينا, مساجدنا مهدمة, ومدارسنا وشوارعنا في حاجة إلى مزيد من الإعمار والتعمير, والأميركيون يقولون ليس لدينا برنامج لإعمار المساجد, نحن في حاجة إلى مساعدات كبرى في مجالات إعادة إعمار البنية التحتية».

وفي مركز المؤتمرات الصحافية بوسط العاصمة كابل، الذي انتهى العمل منه عام 2007, وكان مقرا لمجلس الوزراء قبل 20 عاما, وتعقد فيه الدولة مؤتمراتها الصحافية, وأسبوعيا هناك على الأقل نحو 6 مؤتمرات سياسية وعسكرية تتحدث عن طبيعة الأمن والإعمار على الأرض, وفي اليوم الذي ذهبت «الشرق الأوسط»، كان هناك مؤتمر صحافي لمحب الله والي باكتيكا.

وتحدث أكثر من مسؤول في المركز الحكومي عن مراقبة الإعلام وإعداد تقرير لرفعه إلى الرئيس كرزاي صباح كل يوم, عن مجريات برامج الإذاعة والتلفزيون والمواقع الإنترنتية. وتحدث صحافي أفغاني في ندوة أعدها المركز الإعلامي الحكومي أمام عدد من الصحافيين العرب, عن التهديدات التي تلقاها بسبب كثرة انتقاداته للمد الإيراني في الشارع الأفغاني, والعائدات التي تعود على إيران من زراعات وتهريب المخدرات, مشيرا إلى أن نحو 60 في المائة من إنتاج الهيروين من هلمند يتم تهريبه عبر الأراضي الإيرانية.

وأكد الصحافي الأفغاني أن إيران تشجع على زراعة المخدرات داخل أفغانستان، وتحدث الدكتور حكيم الله عاشر، مدير مركز المؤتمرات الصحافية الأفغاني لـ«الشرق الأوسط» عن النهضة الإعلامية التي تعيشها البلاد, فهناك اليوم نحو 40 محطة تلفزيونية في عهد الرئيس كرزاي, بينما حرمت طالبان التلفزيون, ولم يكن هناك سوى محطة راديو واحدة باسم «صوت الشريعة» تلقي بيانات الملا محمد عمر زعيم الحركة الأصولية، وتتحدث باسمه بالبشتو والداري، وعلى الجميع السمع والطاعة, بالإضافة إلى مجلة اسمها «الإمارة» شهرية بالبشتو والداري واللغة العربية, التي يشرف علها أحد قيادات الأفغان العرب.

وفي أفغانستان، بحسب الدكتور حكيم الله عاشر، هناك اليوم نحو 20 برنامجا تلفزيونيا حواريا ساخنا كل ليلة, تنتقد أداء الحكومة، وتطالب بحياة أفضل للأفغان. وأعرب حكيم الله عاشر عن مخاوفه من الغزو الثقافي الإيراني, ملمحا إلى الدعم الإيراني لعدد من المحطات التلفزيونية.

والتقت «الشرق الأوسط» خلال زيارتها لمركز المؤتمرات الصحافية عددا من المذيعات الجدد في عمر الزهور يعملن في محطات تلفزيونية وصحف إقليمية ووكالات أنباء، وأجمعن على أن عودة طالبان، أصحاب العمائم السوداء يعني عودتهن مثل عموم النساء إلى المطابخ وغرف النوم, والتقت «الشرق الأوسط» فاروخ لقا سلطاني، التي تعمل في محطة إذاعية على «إف إم», وكذلك فرزاني رحماني، وهي من مقاطعة بغلان جاءت إلى العاصمة كابل, وفوزية إحسان التي تعمل في راديو ليبرتي كمذيعة, وأثناء وجود طالبان هاجرت مع عائلتها باكستان, ومنها إلى طاجيكستان, حيث حصلت على شهادة عليا في الأدب الإنجليزي.

ويقول الصحافي والمحلل الأفغاني محمود عبد الرحمن إن هناك أكثر من محطة تلفزيونية تتلقى دعما إيرانيا مثل محطة «نجاه» أو «النظرة» لكريم خليلي نائب رئيس الدولة, و«فردا» وتعني «غدا» للقيادي الشيعي الأفغاني الحاج محمد محقق, ومحقق له دور سياسي رائد في أفغانستان، ويتمتع بشعبية كبيرة في المدن الكبرى، مثل كابل، ومزار شريف، وهرات، وغيرها.

وهناك أيضا محطة «تمدن» وتعني «الحضارة» لآية الله محسني, وهناك عدة جرائد شيعية تصدر من كابل وبقية المدن الأفغانية مثل صحيفة «اقتدارملي», و«رسالات», و«رانجات»، وتعني «طريق الخلاص».

وقال أحد المراقبين الأفغان: «لا يمكن أن تكون زعيم حرب في هذه الأيام وليس لديك محطة تلفزيونية خاصة بك. ولأنه من الواضح أن الإعلانات لا تأتي بالكثير من المال في أفغانستان، فإن تمويل الكثير من المحطات التلفزيونية يأتي من الحكومة والجهات الأجنبية المانحة، وأصحاب الأعمال الخاصة، لذلك ليس من المستغرب أن يقوم الكثير من السياسيين البارزين والجهاديين بتمويل محطات تلفزيونية خاصة، بما في ذلك بعض السماسرة في البلاد».

وعلى سبيل المثال، فإن الرئيس الأفغاني السابق، برهان الدين رباني الذي يشغل الآن منصب رئيس الجمعية الإسلامية في أفغانستان وزعيم تحالف المعارضة، الذي يسمى الجبهة الوطنية لأفغانستان، ورئيس لجنة «المصالحة» يمتلك محطة «النور»، التي تبث برنامجا حواريا في المساء يسمى «نهاية الطريق»، الذي غالبا ما يستضيف ضيوفا يركزون على انتقاد منافسه السياسي، الرئيس حميد كرزاي. وفي الوقت الذي تساعد فيه محطة «النور» الشيخ رباني في توجيه النقد لخصومه السياسيين، فإن محطة «آينا» أو «المرآة» التي يمتلكها عبد القادر دوستم، تساعده على إبقاء شقيقه عبد الرشيد دوستم في دائرة الضوء.

وهذا الأخير هو الزعيم الأوزبكي الذي قاتل إلى جانب السوفيات خلال ثمانينات القرن الماضي، قبل أن ينضم إلى المجاهدين، وقد كان لواء في الجيش الأفغاني، قبل أن تتم إقالته من منصبه بعد تورطه في فضيحة كشفت عام 2008، لكن الرئيس كرزاي أعاده إلى منصبه عام 2009. وباختصار، فقد كان لدوستم دائما دور في التاريخ الأفغاني، ولكن دوره لم يكن أبدا مركزيا.

والآن في العاصمة كابل هناك محطات تلفزيونية تبث موسيقى تركية وموسيقى دول وسط آسيا، بالإضافة إلى برامج سياسية مؤيدة لدوستم، بما في ذلك أفلام وثائقية تحكي المآثر العسكرية لأمراء الحرب وقيادات المجاهدين وما بذلوه من تضحية بالنفس والأرواح ضد الروس ثم ضد طالبان. ويمكن للمشاهدين مشاهدة ساعات من لقطات أرشيفية لدوستم وهو يطارد مقاتلي طالبان في شمال أفغانستان, وهو يمتطي جواده أو هو يلعب لعبة «بوزكاشي» (النسخة الأفغانية من لعبة «البولو»، التي تلعب بذبيحة ماعز بدلا من الكرة ومن فوق ظهور الجياد).

وهناك أيضا شبكة حاجي محمد محقق، «راه إي فاردا» أو (طريق المستقبل). ومحقق هو أحد زعماء المجاهدين السابقين وعضو في البرلمان الأفغاني الآن، وهو من أكثر المدافعين المعروفين عن حقوق عرقية الهزارة، وهي أقلية من الشيعة. وتعرض شبكة «راه إي فاردا» برامج رياضية ودينية سياسية مثل برنامج «المنارة» وبرنامج «المترجم السياسي» الذي تغلب عليه الحوارات السياسية.

ولكن أبرز ما في المحطة، هو محقق نفسه؛ فالمحطة تعرض باستمرار مقاطع من خطاباته الأخيرة وأفلاما عن مجده ومعاركة السابقة مع مقاتلي طالبان. وفي جانب المنوعات التلفزيونية تتمتع قناة «تولو» أو (طلوع) التي تعنى باللغة الأفغانية بشعبية كبيرة في أفغانستان، وهي تحتل الريادة وسط منافسة من محطة «أريانا». وتستحوذ قناة «تولو» على نحو 90 في المائة من سوق الإعلانات التلفزيونية الأفغانية. وتسعى إلى زيادة حدود مساحة الحركة التي تتعامل من خلالها، بما في ذلك الترويج للثقافة الشبابية وتناول الكثير من القضايا التي تعتبرها الثقافة التقليدية في أفغانستان من المحرمات. و«تولو» تبث برامجها في الغالب بالداري أو الفارسي، في حين أن «لامار» تبث باللغتين الرئيسيتين اللتين يتحدث بهما الأفغان، بالإضافة إلى محطة إذاعة أفغانية على الـ«إف إم» انطلقت عام 2003، أي قبل «تولو» بعام واحد، ثم انطلقت قناة «لامار» هي الأخرى عام 2005. جدير بالذكر أن السيطرة على التلفزيون ومحتوى البرامج ظلت مثار جدل في أفغانستان على مدة عقود من الزمن. وكانت حركة طالبان قد حظرت البث التلفزيوني، كما أن حكومة المجاهدين التي سبقت حكومة طالبان كانت قد حظرت ظهور النساء كمغنيات أو مقدمات برامج، إلا أنه في ظل قيادة الرئيس حميد كرزاي الذي يحظى بدعم من الغرب، ازدهر التلفزيون، مع ظهور أكثر من 30 محطة خاصة في السنوات الست الماضية، 11 منها مقرها كابل.

كما تقدم الكثير من شركات التلفزيون مزيجا من الأخبار والبرامج الموسيقية الشعبية والمسلسلات المستوردة والمسلسلات الشعبية، وهي تحظى بشعبية كبيرة وتجذب الآلاف إلى المقاهي ومحلات بيع الآيس كريم، كما أن البرامج التلفزيونية التي تتطلب اتصال المشاهدين تحظى بشعبية كبيرة أيضا.

وعندما يمتلك سماسرة السلطة في أفغانستان الشبكات التلفزيونية، فإنهم يتحكمون فيما يبث عليها، والنتيجة مثلا, فيلم وثائقي عن عبد الرشيد دوستم وهو يطارد مقاتلي طالبان في شمال أفغانستان ممتطيا جواده.

لكن الدعاية السياسية العلنية ليست المشكلة الوحيدة في المحطات التلفزيونية الأفغانية، فما هو أسوأ هو ما لا يُبث على الهواء على الإطلاق. وحرية التعبير مكفولة في دستور أفغانستان الصادر عام 2004، لكن حتى هذا العام فإن مؤسسة «فريدوم هاوس» تصف وسائل الإعلام الأفغانية بأنها «غير حرة»، وتضعها في المرتبة رقم «165» من أصل «196»، وفي وقت سابق من هذا الشهر، عثر على سيد حميد نوري، نائب رئيس جمعية الصحافيين المستقلين، مقتولا بالرصاص ومصابا بعدة طعنات خارج منزله. ومنذ عام 2001، قتل 27 صحافيا (12 منهم من الأجانب) في أفغانستان، وفقا لمجموعة «ناي» لمراقبة الإعلام.

وهناك عدد رائع ومتزايد من الصحافيين الأفغان المحترفين، ولكن لأنهم يواجهون الترهيب من قبل المتمردين وأمراء الحرب وأباطرة المخدرات، والمسؤولين الحكوميين الذين يطلبون منهم تقديم تغطية إيجابية عن الحكومة، فإن مستوى الرقابة الذاتية عال جدا ولأسباب مفهومة فإن الصحافيين المحليين يترددون في التطرق إلى المواضيع المثيرة للجدل.

ويعتبر بعض المراقبين وجود هذا العدد الهائل من محطات التلفزيون والإذاعة في أفغانستان اليوم انتصارا. وقد أعرب المعهد الأميركي للسلام في تقريره الصادر عام 2008 عن أمله في أن «تطور وسائل الإعلام في أفغانستان في فترة ما بعد طالبان قد حقق نجاحا نسبيا.. في ترسيخ فكرة التعبير الحر والمسؤول».

إن عدد محطات التلفزيون الموجودة في أفغانستان لافت للنظر حقا، بالنظر إلى فقر البنية التحية للدولة، ولكن الأرقام تبرز جزءا فقط من الصورة، وحان الوقت للبدء في الاهتمام بما يتم بثه على هذه المحطات.

ولابد أن نذكر هنا أن الشيعة والهزارة في أفغانستان كلمتان مترادفتان، وعندما تُطلق كلمة الهزارة يتبادر إلى ذهن أي أفغاني كلمة الشيعة. وتبلغ نسبة الشيعة في أفغانستان 20 في المائة، ودورهم في الدفاع عن مذهبهم كبير ومختلف كثيرا عن دور السنة في الدفاع عن عقيدتهم. ويقول المراقبون في العاصمة كابل إن الرئيس الأفغاني كرزاي يحضر بنفسه احتفالات الشيعة بمناسبة يوم عاشوراء، ويشدّ من أزرهم. ويجد الشيعة في أفغانستان قنوات إعلامية متطورة وإذاعات وصحفا ومجلات، من أهمها القناة (طلوع)، التي تبث على مدار الساعة، وتستضيف مختلف شرائح المجتمع.

وبالنسبة للتعليم يقول خبراء الشأن الأفغاني إن مدارس «خاتم النبيين» هي الوجه الآخر لـ«قم الإيرانية» للبنيين والبنات في العاصمة كابل, وتقدم مدرسة «خاتم النبيين» في الطريق المؤدي إلى البرلمان بحي «كارتييه سي», بجانبها حوزات وحسينيات, وفي لقاء سابق لـ«الشرق الأوسط» مع وزير الحج والأوقاف، محمد صديق تشكري، اشتكى بشدة من النفوذ الإيراني في مجال التعليم, على الرغم من تعداد الهزارة الذي يقترب من 20 في المائة من السكان، بجانب أكثر من 50 في المائة من البشتون.

وحاولت «الشرق الأوسط» لقاء عبد المحسن الغول المشرف العام على المدارس الأزهرية في العاصمة كابل, لكنه كان خارج الأراضي الأفغانية.

وتستعد العاصمة الأفغانية كابل لتدشين أول معهد ديني تابع لجامعة في إطار مساعيها لرفع مستوى التعليم الديني، وتعزيز علاقاتها بجامعات العالم الإسلامي، بحسب مسؤولين بوزارة التعليم الأفغانية.

وبينما اعتبر مراقبون في العاصمة كابل أن المبادرة المصرية تأتي في إطار دعم التعليم الديني لـ«مواجهة» المدارس الدينية الباكستانية التي يتهمها الغرب بـ«تفريخ الإرهاب»، ويتجه إليها معظم طلبة العلوم الدينية الأفغان لإكمال دراستهم، رأى آخرون أنها محاولة لـ«إيجاد بديل سني عصري للتعليم الديني يواجه تزايد النشاط العلمي الشيعي في أفغانستان».

واستقبلت كابل مؤخرا وفدا من 20 أستاذا أزهريا من المتوقع أن ينضم إليهم 25 آخرون في الأيام المقبلة، وذلك بدعوة من وزارة التعليم الديني الأفغانية، لبحث تدشين فرع جديد للأزهر.

وبخلاف المعهد الذي تم افتتاحه بالعاصمة الأفغانية تخطط الوزارة لافتتاح معاهد مماثلة في مدن أخرى مثل هرات (غربا) ومزار شريف (شمالا) وجلال آباد (شرقا)، وبإمكان خريجي هذه المعاهد الالتحاق بالجامعات الأفغانية وجامعة الأزهر نفسها، التي تقدم 30 منحة دراسية للطلاب المتميزين من هذه المعاهد.

وأشار مراقبون إلى أن «الحكومة الأفغانية تعمل مؤخرا على توفير فرص للتعليم الديني داخل البلاد، لمواجهة ما تقول إنها تقارير متعددة بأن المدارس الدينية بباكستان التي تضم آلاف الطلاب الأفغان، أصبحت مسيسة إلى حد كبير وتخرج مقاتلين عوضا عن علماء الدين»، وأضافوا أنه «ربما وقع اختيار الوزارة على الأزهر للقيام بهذا الدور باعتباره جهة أكاديمية رسمية تعتمد النهج الوسطي للإسلام».

ويتجه معظم طلاب العلوم الدينية الأفغان إلى استكمال دراستهم في المدارس الدينية بباكستان لعدم انتشار ذلك النوع من المدارس في أفغانستان.

في المقابل يرى آخرون أن «وجود الأزهر في مشهد التعليم الديني بأفغانستان، قد يكون خطوة باتجاه مواجهة تزايد النشاط الأكاديمي والعلمي الشيعي الذي يفوق الحجم السكاني الحقيقي لشيعة البلاد»، ويشكل السنة أكثر من 85 في المائة من سكان أفغانستان، ونوهوا بأن «الأزهر يتمتع بمكانة علمية ومعنوية خاصة لدى الأفغان السنة الذين يعتنق غالبيتهم المذهب الحنفي، وهو ما لا يتوافر بالنسبة للجامعات والمجامع العلمية السنية الممولة من دول الخليج، التي قد تثير حساسيات معينة لديهم لاختلاف المذهب».

ويرجع الوجود الأزهري في أفغانستان إلى خمسينات القرن الماضي، حينما كانت مصر توفد أساتذة أزهريين للتدريس في معهد الإمام أبو حنيفة بكابل، الذي توقفت الدراسة به في العقود الثلاثة الأخيرة نظرا للظروف التي تمر بها أفغانستان.