باريس تتمنى النجاح للسيسي.. وبوتين يهنئه على فوزه «المقنع»

فقرتان فقط صدرتا في بيان أمس عن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس تعليقا على النجاح الكاسح الذي حققه المشير عبد الفتاح السيسي في الانتخابات الرئاسية في مصر، التي تعول عليها باريس، وفق مصادر رسمية، من أجل «تطبيع الوضع» وتوفير شرعية للحكم الجديد تستند إلى صناديق الاقتراع، وليس إلى شيء آخر.
وقال فابيوس في الفقرة الأولى من بيانه إن فرنسا «تتمنى النجاح (للرئيس الجديد) في إنجاز مهمته الكبيرة»، وبينما تشير الفقرة الثانية إلى أن الانتخابات «جرت بهدوء»، إلا أنها تتضمن نوعا من «خارطة طريق» تتمنى باريس أن يأخذها الحكم الجديد بعين الاعتبار. ويختم الوزير الفرنسي الفقرة الثانية بالقول إن بلاده «تشجع مصر على الدخول في عملية انتقالية سياسية نحو مؤسسات مدنية تحترم دولة القانون وحقوق الإنسان والحريات العامة».
واللافت في بيان الوزير الفرنسي أنه جاء بلهجة «حيادية»، ولم يتضمن عبارات يجري اللجوء إليها في مثل هذه المناسبات، ومنها مثلا التأكيد على الاستعداد للتعاون مع النظام الجديد، وتوفير الدعم له، والتأكيد على الرغبة في التواصل معه، إلى ما هنالك من الإشارات الدبلوماسية التي تكون بمثابة «ميزان الحرارة» لنوعية العلاقات المنشودة.
من جهته، اتصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، هاتفيا بالسيسي، وهنأه بـ«حرارة على فوزه المقنع» بالانتخابات الرئاسية في مصر.
وقال الكرملين في بيان إن «فلاديمير بوتين هنأ بحرارة عبد الفتاح السيسي على فوزه المقنع» بالانتخابات الرئاسية.
وأضاف البيان أن الرجلين اتفقا «على الإبقاء على اتصالاتهما ناشطة، وعقد لقاءات على أعلى مستوى».
ومنذ العملية التي أنهت حكم الرئيس محمد مرسي بداية يوليو (تموز) الماضي، بدت السياسة الفرنسية إزاء مصر في حيرة من أمرها، إذ بدأت منتقدة لما جرى في القاهرة، وشددت في المراحل الأولى على ضرورة إخلاء سراح مرسي والآخرين. إلا أنها في المراحل اللاحقة تغيرت لهجتها، وراحت تركز على الحاجة لتطبيق خارطة الانتقال السياسي التي وضعها النظام الجديد. غير أن الأمور لم تصل إلى مرحلة التطبيع الكامل، رغم الزيارة التي قام بها وزير الخارجية المصري إلى باريس، قبل عدة أشهر.
وتتعامل باريس مع المعطى السياسي والدستوري الجديد في مصر من باب أن ما حصل يُفترض به أن يفضي إلى نظام جديد يحترم العناصر التي وردت في بيان الوزير الفرنسي، الذي يشدد على عدد من المبادئ العامة، وأهمها الحاجة لنظام يقوم على مؤسسات مدنية (أي ليس تحت سلطة العسكر)، واحترام حقوق الإنسان ودولة القانون والحريات العامة.
ويمكن النظر إلى هذا التذكير على أنه رد على الانتقادات التي تسمع في فرنسا لبعض الممارسات الجارية في مصر، ولـ«الميوعة» الفرنسية في التعاطي معها.
بيد أن مصادر فرنسية رسمية قالت لـ«الشرق الأوسط» تعليقا على نسبة المشاركة في الانتخابات، التي يعدّها المعارضون نقطة سيئة، إن الكثير من الديمقراطيات عرفت انتخابات «لم تكن فيها نسبة المشاركة أعلى من النسبة التي أُعلن عنها في الانتخابات الرئاسية المصرية». وكانت هذه المصادر تشير ضمنا إلى الانتخابات الأوروبية التي حصلت في باريس في 25 من الشهر الحالي، التي شارك فيها أقل من 50 في المائة من الناخبين الفرنسيين.
وتأمل باريس استكمال «العملية الانتقالية» في مصر مع حصول الانتخابات التشريعية وقيام مجلس شعب جديد وحكومة جديدة تكون قادرة على التعامل مع المشاكل الكبرى الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها مصر. كما أن باريس ترى أن ثمة حاجة ملحّة لعودة مصر المستقرة إلى لعب دورها في الشرق الأوسط والمتوسط، في حين أن الوضع في ليبيا مستمر في تدهوره، والمسار السلمي في الشرق الأوسط معطل تماما.
وسبق لفرنسا أن دفعت باتجاه إدخال مصر في «شراكة دوفيل الاستراتيجية» التي تبدو اليوم معطلة، والتي لا يمكن إعادة إطلاقها من غير استقرار الأوضاع في مصر، وهو ما ترغب فيه باريس.