مقتل شرطي شمال سيناء... والجيش يحبط هجوماً بسيارة مفخخة

TT

مقتل شرطي شمال سيناء... والجيش يحبط هجوماً بسيارة مفخخة

بينما أعلن الجيش المصري أمس عن نجاحه في إحباط هجوم إرهابي عبر سيارة مفخخة، تم تدميرها خلال عملية أمنية استهدفت أحد الأوكار الإرهابية، قُتل شرطي برصاص مسلحين مجهولين بالعريش.
ويخوض الجيش بمعاونة الشرطة، حربا شرسة في شبه جزيرة سيناء؛ خاصة الجزء الشمالي منها، ضد تنظيمات متطرفة، دأبت على مدار السنوات الأربع الماضية، على تنفيذ أعمال إرهابية، على رأسها جماعة «أنصار بيت المقدس»، التي بايعت تنظيم داعش الإرهابي، وغيرت اسمها إلى «ولاية سيناء» في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014.
وقال مصدر أمني بمديرية أمن شمال سيناء أمس، إن مجهولين أطلقوا وابلا من الرصاص على أمين شرطة عقب نزوله من بيته لأداء صلاة الفجر، بدائرة قسم شرطة أول العريش، مضيفا أن الأجهزة الأمنية تقوم بعمليات تمشيط واسعة لتعقب الإرهابيين.
من جهته، أعلن العقيد تامر الرفاعي، المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة، أن قوات إنفاذ القانون بالجيش الثاني الميداني، تمكنت بالتعاون مع القوات الجوية من اكتشاف وتدمير عربة مفخخة تابعة للعناصر التكفيرية، فضلاً عن تدمير أحد الأوكار التي تستخدمها العناصر التكفيرية في تنفيذ عملياتها الإرهابية ضد القوات بشمال سيناء.
وقال المتحدث العسكري في بيان له، إن ذلك يأتي استمراراً لجهود القوات المسلحة في مكافحة النشاط الإرهابي وملاحقة العناصر التكفيرية والإجرامية، مؤكدا مواصلة قوات إنفاذ القانون بالجيش الثاني الميداني استكمال عملياتها، للقضاء على باقي البؤر الإرهابية واقتلاع جذور الإرهاب بشمال سيناء.
من جهة أخرى، أعلنت وزارة الداخلية أمس، مقتل اثنين من العناصر الإرهابية في تبادل لإطلاق النار مع قوات الأمن، بطريق الفرافرة في الوادي الجديد. وأوضحت الوزارة في بيان لها أن ذلك يأتي في إطار تتبع وملاحقة كوادر بؤرة القيادي الإرهابي «عمرو سعد عباس إبراهيم»، المتورطة في تنفيذ عدد من عمليات العنف ضد عدد من الكنائس مؤخرا، وما أكدته معلومات قطاع الأمن الوطني من هروبهم بدروب الظهير الصحراوي الغربي لمحافظات الوجه القبلي.
وأضافت وزارة الداخلية أنه وردت معلومات تفيد باختفاء عنصرين آخرين، حيث تم استكمال عمليات التمشيط والعثور عليهما بمنطقة الكيلو 150 بطريق الفرافرة - ديروط (على بعد 20 كيلومترا داخل العمق الصحراوي) ثم تحديد محل وجودهما بإحدى المناطق الجبلية (تبعد 40 كيلومترا داخل النطاق الصحراوي) وحال مشاهدتهما القوات قاما بإطلاق النيران، فتعاملت معهما القوات، وأسفر ذلك عن مصرعهما وتناثر أشلاء جثة أحدهما لارتدائه حزاما ناسفا (يجري حالياً العمل على تحديد هويتهما) وقد عثر معهما على بندقيتين آليتين وقنبلتين يدويتين، و12 خزينة بندقية آلية، وكمية من الذخيرة، وتم إخطار النيابة العامة وتولت التحقيق في الواقعة.
إلى ذلك، قررت محكمة جنايات القاهرة أمس، تأجيل محاكمة 20 متهما من عناصر خلية إرهابية بمحافظة مرسى مطروح تتبع فرع تنظيم داعش بدولة ليبيا، إلى جلسة يوم السبت المقبل، في قضية اتهامهم بالالتحاق بمعسكرات تدريبية تابعة للتنظيم بليبيا وسوريا وتلقيهم تدريبات عسكرية، إضافة إلى مشاركة عدد منهم في ارتكاب جريمة ذبح 21 مواطنا مصريا قبطيا من العاملين في ليبيا، في فبراير (شباط) عام 2015. وجاء قرار التأجيل لاستكمال الاستماع إلى مرافعة هيئة الدفاع عن المتهمين.
وكانت النيابة قد أحالت المتهمين إلى المحاكمة الجنائية أمام محكمة الجنايات، في نوفمبر الماضي، واتهمتهم بارتكاب جرائمهم في غضون الفترة من عام 2012 وحتى أبريل (نيسان) 2016، بدوائر محافظات القاهرة والإسكندرية ومرسى مطروح، وكذلك خارج مصر.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.