أفادت تقارير بأن التخطيط لهجوم مدينة مانشستر البريطانية في مايو (أيار) الماضي قد استخدمت فيه تطبيقات مشفرة بين الهواتف الجوالة للتواصل، بهدف عدم الكشف عن تفاصيل العملية أو هوية المخططين والمنفذين. ويعتقد المحققون أن تنفيذ العملية الإرهابية التي أدت إلى قتل 22 شخصاً وإصابة آخرين قد استغرق عاماً على الأقل. التطبيق المزعم استخدامه للتواصل بين أعضاء المجموعة هو «زيلو» (Zello)، ويعتبر من فئة تطبيقات الدردشة الصوتية المباشرة، بحيث يضغط المستخدم على زر لتسجيل ما يرغب بإيصاله إلى الطرف الثاني، ومن ثم يزيل إصبعه عن الزر لتتم عملية الإرسال بكل سهولة. ويدعم التطبيق المتوافر على الهواتف الجوالة والأجهزة اللوحية التي تعمل بنظم التشغيل «آي أو إس» و«آندرويد» و«بلاكبيري» و«ويندوز فون» والكومبيوترات الشخصية إيجاد قنوات ومجموعات دردشة عامة يمكن لأي شخص المشاركة بها، أو خاصة بأفراد يتم اختيارهم، وهي مشفرة بالكامل من حيث المحتوى الذي يتم تبادله فيها. ويستطيع التطبيق المجاني العمل عبر شبكات الاتصالات المختلفة أو عبر شبكات «واي فاي» اللاسلكية.
واستطاع مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي «إف بي آي» اعتراض المحادثات (دون معرفة كيفية قدرتهم على فك تشفير المحادثات) والتعرف على المحتوى، حيث سأل أحد الأطراف الخمسة الذي يُعتقد أنه سلمان عبيدي المنفذ للتفجير: «شيخ، أنا أعيش في مانشستر في بريطانيا العظمى، وأعيش وسط غير مسلمين وعثرت على عمل لديهم. هل يسمح لي بقتلهم؟ هل أنا مرخص لقتلهم بواسطة قنبلة؟»، ورد الشيخ الذي يُعتقد أنه يعيش في سوريا بآية قرآنية حرفت عن معناها تشير إلى «قتال المشركين كافة». ويُعتقد أن طرفاً ثالثاً في مدينة دالاس الأميركية اسمه عزام محمد رحيم الذي وُلد في الولايات المتحدة لأبوين أردنيين، قد قال: «إلى الولد في مانشستر: أقول لك أوكيه اقتلهم، لا تُظهر رحمة بالمدنيين». كما يُعتقد أن طرفاً آخر كان عضواً في مجموعة الدردشة اسمه منير الأعول (يُعرف باسم «ميدو») يقيم في مدينة تورينو الإيطالية ويعيش مع أسرته هناك منذ عام 2008، ولكنه لم يشارك في ذلك الحوار. ووفقاً لمتجر «غوغل بلاي»، فإن عدد مرات تحميل تطبيق «زيلو» على نظام التشغيل «آندرويد» يتراوح بين 50 و100 مليون. ويمكن استخدام التطبيق في عدة واجهات بلغات مختلفة، من بينها العربية، مع دعمه لتبادل الصور ومعاودة الاستماع إلى التسجيلات الصوتية عدة مرات. ووفقاً لموقع التطبيق، فإن كثيراً من الشركات تستخدمه بسبب سهولة التفاعل معه وتقديمه مستويات أمان عالية، ومن بينها مؤسسات عسكرية ومجموعة فنادق ومستشفيات وشركات نقل البضائع وأكبر شركة أمن في نيوزلندا وشركة «آيكيا» السويدية وشركة الكهرباء السعودية. ويتميز التطبيق بدعمه لتشفير (ترميز) المحتوى بين الأطراف المشاركة بهدف رفع مستويات الأمان والخصوصية، ولكن هذا الأمر شكّل عائقاً أمام أجهزة الاستخبارات لتحديد الاتصالات بين المجموعة التي خططت لتفجيرات مانشستر ومن قام بالتنفيذ. ويُزعم أن التطبيق كان قد استخدم في التخطيط للهجوم الإرهابي في مدينة إسطنبول عشية احتفالات رأس السنة الذي أدى إلى قتل 39 شخصاً، وأنه شائع بين المناهضين لحكومات في فنزويلا وتركيا وأوكرانيا.
وطالبت وزيرة الداخلية البريطانية آمبر راد نهاية الشهر الماضي، الشركات التقنية، بالتوقف عن تشفير الرسائل عبر تطبيقات الدردشة الفورية وإيجاد آلية لتقديم خيارات أفضل للحكومات والشركات للوصول إلى البيانات المشفرة في حالات محددة، وفقاً للقوانين، وذلك بهدف الحد من تسهيل تواصل الإرهابيين بين بعضهم بعضاً للتخطيط لتنفيذ عملياتهم. وترى وزيرة الداخلية أن المستفيدين الحقيقيين من هذه الخدمات التقنية هم الإرهابيون، وأن المستخدمين العاديين لا يحتاجون إلى مستويات عالية من الأمان والتشفير، الأمر الذي من شأنه إعاقة محاولات الأجهزة الأمنية للكشف عن المؤامرات الإرهابية. وترى كذلك أن موجة الهجمات الإرهابية هذه السنة أظهرت بشكل متزايد كيف أن الإرهابيين يستخدمون المنصات الإلكترونية للتخطيط لأعمال العنف.
وكانت راد قد التقت بممثلي «غوغل» و«فيسبوك» و«تويتر» و«مايكروسوفت» و«آبل» و«واتساب» الشهر الماضي، لمناقشة كيفية تسهيل الحد من تواصل الإرهابيين عبر خدمات التواصل المشفرة.
وقالت الوزيرة في مارس (آذار) الماضي بعد حادثة دهس وطعن خالد مسعود للمارة وحراس البرلمان البريطاني إن التشفير التام للرسائل الإلكترونية عبر خدمات الدردشة مثل «واتساب» غير مقبول على الإطلاق، مشيرة إلى أنه يجب ألا يكون هناك مكان سري لتواصل الإرهابيين، وأن الوقت قد حان لوقف استخدام الإرهابيين مواقع التواصل الاجتماعية منصة لهم، وأنها تحتاج إلى ضمان أن تملك أجهزة الاستخبارات القدرة على الاطلاع على الرسائل المشفرة عندما يكون هناك موقف متعلق بالإرهاب. وذكرت أنها تريد تشكيل لجنة على مستوى القطاع في بريطانيا للسماح لشركات التقنية بتحسين الرقابة على مواقعهم ومنع الإرهابيين من استخدام مواقعهم ومنصاتهم.
وتتزايد المخاوف من شبكات التواصل الرقمية، وخصوصاً تطبيق «تليغرام» لتبادل الرسائل والتفاعل بين المجموعات بسرية، الذي يقدم القدرة على تشفير (ترميز) البيانات المتبادلة لجعل عملية مراقبتها أمراً بالغ الصعوبة، إلا في حال وجود أجهزة خادمة داخل كل بلد يمكن لقوات الأمن الرقمي المحلية الدخول إليها في أي وقت لتحليل البيانات المرغوبة. وأفادت تقارير بأن تطبيق «تليغرام» يُستخدم للترويج لإعلانات تنظيم داعش، مع وجود كثير من القنوات التي تروج للتنظيم داخل التطبيق، والتي احتوى بعضها على كتيبات إرشاد عسكرية. ويقدم كثير من التطبيقات الأخرى ميزة تشفير البيانات المتبادلة، ومن بينها «واتساب» و«غوغل ديو».
منفذ تفجير مانشستر استخدم تطبيقات مشفرة للتنفيذ قبل العملية
5 أفراد من دول عدة خططوا لمدة عام عبر برنامج «زيلو» للدردشة الصوتية
منفذ تفجير مانشستر استخدم تطبيقات مشفرة للتنفيذ قبل العملية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة