قيادي بارز منشق عن حركة «الشباب» يعود إلى مقديشو

ضباط شرطة يعاينون موقع تفجير انتحاري في مقديشو (إ.ب.أ)
ضباط شرطة يعاينون موقع تفجير انتحاري في مقديشو (إ.ب.أ)
TT

قيادي بارز منشق عن حركة «الشباب» يعود إلى مقديشو

ضباط شرطة يعاينون موقع تفجير انتحاري في مقديشو (إ.ب.أ)
ضباط شرطة يعاينون موقع تفجير انتحاري في مقديشو (إ.ب.أ)

كشفت أمس مصادر في الحكومة الصومالية النقاب عن وصول مختار روبو (أبو منصور) القيادي السابق في حركة «الشباب» الإرهابية, بعد إعلان انشقاقه عن الحركة وقطع صلاته بها, إلى العاصمة الصومالية مقديشو جوا للمرة الأولى منذ سنوات. وكان ينتظر أن يجتمع أبو منصور مع الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو ورئيس حكومته حسن خيري بعدما أقلته طائرة خاصة أرسلتها الحكومة من مدينة حدر حاضرة إقليم بكول جنوب غربي الصومال, حيث خاض أبو منصور ومجموعة من المقاتلين المؤيدين له معارك عنيفة ضد ميلشيات حركة الشباب. وقال مسؤول صومالي لـ«الشرق الأوسط» إن أبو منصور وصل إلى مقديشو أمس على متن طائرة كانت تقل أيضا وزير الدفاع الصومالي عبد الرشيد محمد ونائب مدير جهاز الأمن والمخابرات عبد القادر جامع. وقبل وصوله إلى العاصمة مقديشو, قال الناطق باسم رئاسة بكول جنوب غربي الصومال, إن أبو منصور سلم نفسه طواعية لحكومة الولاية وللحكومة الاتحادية الصومالية, مشيرا إلى أنه التقى بوزير الدفاع الاتحادي ومسؤولين من الولاية للتفاوض بشأن مصير جميع المقاتلين الموالين له. ونقلت وكالة «رويترز» في وقت سابق عن العقيد نور محمد بالجيش الصومالي قوله عبر الهاتف من بلدة حدر في جنوب غربي الصومال «روبو وحراسه السبعة موجودون الآن في حدر مع المسؤولين المحليين, سيتجه جوا إلى مقديشو في القريب العاجل». وكان وزير حكومة إقليم جنوب الغرب حسن إيلاي قد أعلن أن قوات حكومية سيطرت على المناطق التي تجددت فيها المعارك بين روبو وميليشيات حركة الشباب. وشاركت عناصر من الجيش الصومالي في القتال إلى جانب أبو منصور, حيث نقلت وكالة الأنباء الصومالية الرسمية عن عبد الرحمن تمعدي وهو ضابط في الجيش قوله, إن وحدات من الجيش الصومالي وصلت إلى مناطق القتال، مشيرا إلى أن قواته استعادت منطقة أبَل التي تبعد عشرة كيلومترات فقط عن مدينة حدر. ووصفت الوكالة الوضع الأمني حاليا في المنطقة بأنه هدوء حذر، مشيرة إلى انقطاع الاتصالات بسبب تجدد الاشتباكات التي جرت في مؤخرا. وكان خلاف قد وقع بين حركة الشباب وروبو المتحدث السابق باسمها ونائب زعيمها في عام 2013, قبل أن يختفي روبو عن الأنظار في الغابات مع قواته, بينما شن المتطرفون عدة هجمات لمحاولة قتله أو القبض عليه.
ويأتي هذا الموقف من القيادي المنشق عن حركة الشباب، بعد موجة هجمات شنها مسلحو الحركة على مقر إقامته في الأيام القليلة الماضية، أدت إلى خسائر بشرية ومادية في صفوف الطرفين. وكانت حركة الشباب الصومالية قد هددت أبو منصور بالتصفية بعد إعلان وزارة الخارجية الأميركية في شهر يونيو (حزيران) الماضي، شطب اسمه من لائحة الأشخاص المطلوبين للولايات المتحدة الأميركية لأنشطتهم بالإرهاب. وقال مسؤول بالجيش في يونيو الماضي إن هناك مفاوضات جارية بين الحكومة وروبو لكن لا توجد ضمانات بشأن انشقاقه, مشيرا إلى أن الحكومة الصومالية أرسلت جنودا لحمايته. ويأتي انشقاقه بعد شهرين من إلغاء الولايات المتحدة مكافأة قيمتها خمسة ملايين دولار مقابل القبض عليه ورفعها اسمه من قائمة رعاة الإرهاب بعد خمس سنوات من وضعه عليها, لكن لم يتضح على الفور ما إذا كان لذلك صلة بتوقيت انشقاقه. وقد يعطي ذلك القوات الموالية للحكومة حرية أكبر للعمل في منطقتي باي وباكول مما يشطر الأراضي التي تنشط عليها حركة الشباب إلى قسمين. ولم يتضح على الفور مصير روبو لكن سكانا ومحللا تشككوا في أثر هذه الخطوة, وقال محمد عدن أستاذ التاريخ بجامعة مقديشو لـ«رويترز»: «ليس خبرا طيبا. الحكومة يتعين عليها القضاء على روبو والمسلحين الذين يقاتلونه. وإلا فإنها تعيد تدوير التمرد والتشدد», وأضاف عدن «إذا لم يحاكم المجرمون فلن يحل السلام». ويعتبر أبو منصور من أبرز قيادات حركة الشباب الذين تلقوا تدريبات عسكرية مطلع التسعينات في معسكرات تابعة لتنظيم القاعدة وحركة طالبان في أفغانستان، وتطارده المخابرات الأميركية والإثيوبية بتهمة الضلوع في أنشطة إرهابية مناوئة لها ومحاولة إقامة دولة إسلامية في الصومال.
وشغل أبو منصور منصب الناطق الرسمي للحركة قبل إقالته بشكل مفاجئ قبل سنوات وتعيينه في منصب نائب أمير الحركة الأسبق أحمد جدعان لكنه ظل عمليا من دون صلاحيات تذكر.
وورد اسم أبو منصور الذي كان في السابق أحد مقاتلي تنظيم المحاكم الإسلامية وحليفا للرئيس الصومالي الأسبق شيخ شريف أحمد، ضمن قوائم الأشخاص المطلوبين للعدالة في الولايات المتحدة وإثيوبيا بتهمة القيام بنشاطات إرهابية، علما بأنه كان يتنقل برفقة عدد محدود من مرافقيه حول تخوم مقديشو والمناطق الجنوبية. وتقاتل حركة الشباب منذ سنوات من أجل الإطاحة بالحكومة المركزية في الصومال وفرض سيطرتها على الدولة الواقعة في منطقة القرن الأفريقي وحكمها وفقا لتفسيرها المتشدد للشريعة. وطرد مقاتلوها المتحالفون مع تنظيم القاعدة من العاصمة مقديشو عام 2011. وفقدوا منذ ذلك الحين كل الأراضي التي كانوا يسيطرون عليها تقريبا بعد هجوم شنته القوات الحكومية الصومالية وبعثة الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام. ولكن الحركة ما زالت تشكل خطرا كبيرا وكثيرا ما تشن هجمات سواء في مقديشو أو خارجها على أهداف عسكرية ومدنية.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.