أسواق النفط الرابح الأكبر من «أزمة فنزويلا»

رغم ما تشهده فنزويلا من اضطرابات، تقلق مواطنيها وجاراتها، فإن ذلك يدعم تعاملات المستثمرين في قطاع النفط؛ نظراً لتعثر أكبر احتياطي في العالم، في الإنتاج، وبالتالي تقلص المعروض العالمي، أو بالأحرى تحييد نحو مليوني برميل يومياً، هي حجم إنتاج فنزويلا اليومي، من السوق.
وأمس تحدث الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن خيار عسكري ممكن في فنزويلا، حيث وعد الرئيس نيكولاس مادورو الذي تفرض عليه الأسرة الدولية عزلة، قبل يوم واحد بالرد «بحمل السلاح» على أي عدوان أميركي، رغم أن ذلك يتنافى مع إجراءات لشركات أميركية ساعدت حكومة مادورو في وقت ليس ببعيد.
إذ وقعت فنزويلا اتفاقا بقيمة 1.3 مليار دولار مع الشركة الأميركية «هوريزنتال ويل دريلرز» لاستثمار احتياطاتها النفطية، الشهر الماضي، وهو ما مثّل جرعة أوكسجين مضاعفة لاقتصاد كاراكاس الذي يتهاوى يوما بعد يوم، وذلك بعد شراء غولدمان ساكس ديون الدولة الغنية بالنفط، في الشهر الأسبق.
واشترى غولدمان ساكس مؤخراً بـ2.8 مليار دولار سندات أصدرتها شركة النفط الوطنية الفنزويلية لطرف ثالث في السوق الثانوية، أي عن طريق الاتفاق المتبادل، ودفع المصرف 861 مليون دولار، ويفترض أن تتيح له هذه الصفقة تحقيق قيمة مضافة كبيرة، إذا ما أوفت الحكومة الفنزويلية بالتزاماتها.
والإجراءات الرسمية في الولايات المتحدة، بالتالي لا تتفق مع تحركات الشركات الخاصة الأميركية، رغم التنسيق المحتمل فيما بينهما، إلا أن المستثمر في قطاع النفط يتابع بجدية ما يحدث في فنزويلا، بالتزامن مع ما قدمته شركة «روسنفت» الحكومية الروسية من نحو 6 مليارات دولار، كدفعات لشركة النفط الحكومية الفنزويلية (PDVSA)، على أن تقوم الأخيرة بالتسديد حتى نهاية عام 2019، ومقابل استخدام هذه الموارد المالية ستقوم الشركة الفنزويلية بدفع أرباح للجانب الروسي بما قيمته 245 مليون دولار.

ارتفاع الأسعار
سجلت أسعار النفط ارتفاعا طفيفا يوم الجمعة آخر تعاملات الأسبوع، في تداولات متقلبة، في الوقت الذي تقيّم فيه السوق أثر انخفاض مخزونات الخام الأميركية وعدم الاستقرار في نيجيريا إلى جانب النمو القوي في الطلب العالمي، في وقت يشهد بطئا في عودة التوازن للأسواق.
وارتفع خام القياس العالمي مزيج برنت 20 سنتا في التسوية بما يعادل 0.39 في المائة إلى 52.10 دولار للبرميل، بينما زاد خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 23 سنتا، أو 0.47 في المائة، إلى 48.82 دولار للبرميل.
وانخفض الخام الأميركي 1.5 في المائة على أساس أسبوعي، بينما نزل خام برنت 0.6 في المائة.
وفي حين تدرس واشنطن فرض عقوبات على فنزويلا، تشمل حظر صادرات أميركية بنحو 100 ألف برميل من الخام الخفيف ومنتجات التكرير لها، توقع متعاملون أن يدعم ذلك الأسعار؛ نظرا لأن ذلك قد يزيد التكلفة التشغيلية للإنتاج والتي تقدر بنحو 30 دولارا للبرميل، إذ ستضطر كراكاس في تلك الحالة إلى البحث عن موردين أبعد بديلا ربما من نيجيريا أو الجزائر. وفقا لوكالة الطاقة الدولية.

النفط الصخري
زادت شركات الطاقة الأميركية عدد الحفارات النفطية للمرة الثانية في الأسابيع الثلاثة السابقة لتستأنف وتيرة تعافي أنشطة الحفر المستمر منذ 15 شهرا، لكن وتيرة الزيادة تباطأت في الأشهر الماضية في الوقت الذي تقلص فيه الشركات خطط الإنفاق مع انخفاض أسعار الخام.
وقالت شركة «بيكر هيوز» لخدمات الطاقة يوم الجمعة، إن الشركات زادت عدد منصات الحفر النفطية بواقع ثلاثة حفارات في الأسبوع المنتهي في 11 أغسطس (آب) ليصل العدد الإجمالي إلى 768 منصة، وهو الأعلى منذ أبريل (نيسان) 2015.
ويقابل هذا العدد 396 منصة حفر نفطية كانت عاملة في الأسبوع المقابل قبل عام. وزادت الشركات عدد الحفارات في 56 أسبوعاً من 63 أسبوعا منذ بداية يونيو (حزيران) 2016.
وعدد الحفارات مؤشر مبكر على الإنتاج المستقبلي. ومن المتوقع أن يرتفع إنتاج النفط الأميركي إلى 9.4 مليون برميل يوميا في 2017، وإلى 9.9 مليون برميل يوميا في 2018 من 8.9 مليون برميل يوميا في 2016، بحسب توقعات اتحادية. وضغطت تلك الزيادة في الإنتاج على أسعار الخام في الأشهر الماضية.

تفاؤل وكالة الطاقة
تفاؤل ملحوظ، بثه آخر تقرير لوكالة الطاقة الدولية، الذي أشار إلى أن الطلب العالمي على النفط سينمو بوتيرة أسرع من المتوقعة هذا العام، بما يساهم في تقليص تخمة المعروض رغم ارتفاع إنتاج الخام في أميركا الشمالية وضعف التزام «أوبك» بتخفيضات الإنتاج.
وعدلت الوكالة توقعاتها لنمو الطلب العام الحالي، إلى 1.5 مليون برميل يوميا مقارنة مع 1.4 مليون برميل يوميا في تقريرها الشهري السابق، وقالت إنها تتوقع نمو الطلب بمقدار 1.4 مليون برميل يوميا إضافية في العام المقبل.
وقالت وكالة الطاقة التي تتخذ من باريس مقرا لها: «لا بد أن يجد المنتجون ما يشجعهم في الطلب، الذي ينمو على أساس سنوي بوتيرة أقوى مما كان متوقعا في البداية».
وأضافت الوكالة التي تقدم المشورة للدول الصناعية بخصوص سياسة الطاقة «ستتعزز الثقة في أن استعادة التوازن ستستمر إذا لم يبد بعض المنتجين المشاركين في اتفاقيات الإنتاج مؤشرات على ضعف عزيمتهم في الوقت الذي يعززون فيه مراكزهم».
وتعكف منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) على خفض الإنتاج نحو 1.2 مليون برميل يوميا، بينما تعمل روسيا ومنتجون آخرون خارج المنظمة على خفض الإنتاج 600 ألف برميل يوميا حتى مارس (آذار) 2018 بهدف دعم أسعار النفط.
وقالت وكالة الطاقة، إن نسبة التزام «أوبك» بالتخفيضات تراجعت إلى 75 في المائة في يوليو (تموز)، وهو أدنى مستوى لها منذ بدء العمل بتخفيضات الإنتاج في يناير (كانون الثاني). مشيرة إلى ضعف التزام الجزائر والعراق والإمارات العربية المتحدة بتخفيضات الإنتاج.
وبالإضافة إلى ذلك، سجلت ليبيا الدولة العضو في «أوبك» المعفاة حاليا من التخفيضات زيادة حادة في الإنتاج. ونتيجة لذلك؛ ارتفع إجمالي إمدادات النفط العالمية 520 ألف برميل يوميا في يوليو ليزيد 500 ألف برميل يوميا عن المستويات المسجلة قبل عام.