وقع النظام السياسي الباكستاني مرة أخرى ضحية عدم اليقين، وسط مخاوف من أن يدخل الحزب الحاكم، حزب «الرابطة الإسلامية»، في صدام مع مؤسسات الدولة الرئيسية مثل الجيش والمحكمة العليا.
فبعد أسبوع من تنحيته عن منصبه بقرار من المحكمة العليا، من المقرر أن ينظم رئيس الوزراء المقال نواز شريف مسيرة باتجاه مسقط رأسه في مدينة لاهور، انطلاقاً من العاصمة إسلام آباد، حيث يلقي خطابات في عشرات من البلدات الصغيرة على طول الطريق.
وقال شريف في اجتماع عقده مع تجار في إسلام آباد: «أنا لا أؤمن بالمواجهات، لكنني سأخبر الناس بكل شيء حول المؤامرة للسيطرة على النظام السياسي في البلاد». وكانت المحكمة العليا قد أعلنت قبل أيام عن إقصاء نواز شريف عن شغل المناصب العامة وإحالة قضايا الفساد المالي المثارة بحقه (وحق أفراد من أسرته) إلى المحاكم، للمساءلة.
ورداً على أمر المحكمة العليا، قال متحدث باسم «الرابطة الإسلامية»، إن الحزب سيستخدم كافة الوسائل القانونية والدستورية للطعن في القرار.
وكانت المحكمة العليا، في قرارها الموجز، قد أصدرت توجيهات إلى «اللجنة الانتخابية في باكستان بإصدار إخطار بعدم أهلية ميان محمد نواز شريف لعضوية البرلمان بأثر فوري، وبعد ذلك يتوقف عن ممارسة مهام منصبه رئيساً لوزراء باكستان». وحكم قضاة المحكمة العليا بأن نواز لا يحظى بالنزاهة الكافية نتيجة عدم كشفه عن وظيفته في شركة مقرها دبي ضمن أوراق ترشيحه في انتخابات عام 2013، وبالتالي، فلا يمكن اعتباره مؤهلاً للاستمرار في منصبه.
وفي الغرفة الأولى من مبنى المحكمة العليا الباكستانية في إسلام آباد، والتي كانت مكتظة بالصحافيين، أعلن القاضي إعجاز أفضل خان، الذي ترأس الجلسة، أن هيئة المحكمة أجمعت على اعتبار نواز شريف غير مؤهل لشغل منصبه الحكومي. وفور صدور حكم المحكمة سرت إشاعات في إسلام آباد بأن الحزب الحاكم سينقسم إلى مجموعات، فلقد كان لحزب «الرابطة الإسلامية» تاريخ معروف من تغيير الولاءات بين عشية وضحاها مع تغيير القائمين على الحزب. وفي أكتوبر (تشرين الأول) من عام 1999، عندما قام الجنرال برويز مشرف بالانقلاب على الحكم، غيّرت الرابطة بأسرها - بما في ذلك نوابها - الولاء فوراً وأعلنت تأييدها الحاكم الجديد للبلاد.
بيد أن الإشاعات الجديدة التي أعقبت تنحية نواز أثبتت خطأها، إذ حظي رئيس الوزراء المقال بحفاوة كبيرة من قبل المجموعة البرلمانية للحزب الحاكم في إسلام آباد. وقال متحدث باسم نواز شريف، في بيان، إن رئيس الوزراء السابق لديه تحفظات قوية حيال الحكم الصادر عن المحكمة العليا؛ لكنه رغم ذلك سيتنحى عن منصبه من أجل التنفيذ القانوني السليم لحكم القضاء.
وظلت قيادة الحزب الحاكم متماسكة إلى حد كبير في أعقاب حكم المحكمة العليا، وبدأت مباشرة الاستعداد للانتخابات العامة المقبلة. وفي هذا الإطار، اختار الحزب الحاكم، بناء على توصية نواز شريف، شهيد خاقان عباسي في منصب رئيس الوزراء. وحصل عباسي في الجمعية الوطنية، في الأول من أغسطس (آب) الجاري، على 221 صوتاً، فيما حصل سيد نافيد قمر من «حزب الشعب» الباكستاني على 47 صوتاً فقط، وحصل رئيس «رابطة عوام المسلمين» الشيخ رشيد على 33 صوتاً، وذهبت 4 أصوات فقط إلى طارق الله صاحب زاده، أحد أعضاء «الجمعية الوطنية الباكستانية».
باكستان: مخاوف من صدام بين الحزب الحاكم والمؤسسة العسكرية
باكستان: مخاوف من صدام بين الحزب الحاكم والمؤسسة العسكرية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة