المخابرات الإسرائيلية تتوقع انهيار قطاع غزة في أي لحظة

أعدت تقريراً {سوداويا}ً يشمل البنى التحتية واحتياجات المواطنين في المجالات كافة

TT

المخابرات الإسرائيلية تتوقع انهيار قطاع غزة في أي لحظة

كشف النقاب في تل أبيب أمس عن تقديرات سوداوية خطيرة تسود المخابرات الإسرائيلية، مفادها أن قطاع غزة يشهد حالة انهيار شامل في البنى التحتية واحتياجات المواطنين على كافة الصعد وشتى المجالات.
وقالت هذه المصادر إنه خلال النقاشات التي جرت السنة الماضية بمكتب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، تم طرح توقعات سوداوية من قبل خبراء في الأجهزة الاستخبارية ومنسق شؤون الحكومة في المناطق، وقالوا إن قطاع غزة سينهار بشكل كامل عام 2020، لكن في الصيف الحالي قام خبراء إسرائيليون بتعديل هذه التوقعات، وأبلغوا الحكومة بأن «سنة 2020 باتت موجودة الآن. وغزة تشهد عملية انهيار سريعة، وأكثر خطورة من توقعاتنا».
وتمت هذه الأبحاث بالأساس لفحص مدى أخطار نشوب حرب جديدة مع قطاع غزة، ومن خلالها استنتجت المخابرات الإسرائيلية أن تدهور الأوضاع في القطاع قد يدفع حركة حماس إلى المغامرة بمواجهة حربية أخرى مع إسرائيل. لكن هذه الأخيرة تتردد رغم ذلك في تقديم تسهيلات لتخفيف صعوبة الوضع، وذلك بسبب تعنت موقف نتنياهو ووزير دفاعه أفيغدور ليبرمان، اللذين يمنعان زميلهما وزير المواصلات من دفع مشروعه لإقامة الجزيرة الاصطناعية وإقامة الميناء لقطاع غزة، رغم موقف الجيش الإيجابي منها. وبدلا من ذلك يحرصان على دفع الجيش إلى الاستعداد للحرب، وإتمام الجدار الجديد الذي يبنى تحت الأرض لمواجهة أنفاق «حماس».
وتحدثت المخابرات الإسرائيلية في توقعاتها السابقة لعام 2020 عن انهيار كامل لشبكة المياه العادمة، وصعوبة كبيرة في توفير مياه الشرب، وعمل جزئي لشبكة الكهرباء، مع تسجيل لاستمرار البطالة ونسبة الفقر المرتفعة.
وفي هذا الصيف قام مختصون إسرائيليون بتعديل هذه التوقعات، وقالوا إن ما توقعوه لسنة 2020 أصبح معيشا وموجودا الآن، حسبما قال مساعدو منسق شؤون الحكومة في المناطق والاستخبارات العسكرية (أمان)، الذين أكدوا أنه قبل عملية الجرف الصامد (صيف 2014)، وفي ظل ظروف اقتصادية أقل صعوبة، امتنعت حكومة نتنياهو عن تقديم تسهيلات لتخفيف الوضع في القطاع. ومنذ ذلك الحين تم تقييد حركة البضائع في معبر كرم أبو سالم بخمسة أضعاف. وما زالت إسرائيل تتردد حتى الآن في تقديم تسهيلات للقطاع.
ويرى جهاز الأمن الإسرائيلي أنه حتى هذا الوقت تظهر «حماس» لامبالاة تجاه الإجراءات الإسرائيلية وتجاه الأوضاع الخطيرة في القطاع، وهو ما يحير الإسرائيليين. كما أن قادة «حماس» يقللون من التصريحات التهديدية لإسرائيل، ويستمرون في العمل على منع إطلاق الصواريخ من قبل تنظيمات يعمل بعضها بوحي من «داعش».
وتفسير هذا الهدوء، حسب بعض المحللين، هو أن «حماس» تحاول تحسين علاقتها مع مصر، بل إنها أبدت استعدادها لإجراء مفاوضات من أجل إعطاء صلاحيات لرجال دحلان في معبر رفح، إذا كانت هذه التنازلات ستخفف قليلا الخناق على غزة.
لكن الإسرائيليين يعرفون أن سياسة ضبط النفس لحركة حماس يمكن أن تكون مؤقتة. وعندما تتعرض الأنفاق لخطر حقيقي بسبب بناء العائق، فقد تعيد حماس النظر في خطواتها. لذلك، يبدي الجيش الإسرائيلي الاستعداد لإمكانية العمل في ظل احتمال حدوث عمليات من قبل القناصة أو العبوات الناسفة، ويصر على الاستمرار في بناء الجدار في جميع الحالات لأنه حيوي، ولأنه يقام فوق الأراضي الإسرائيلية، في وقت يستمر فيه جنود الاحتياط الإسرائيليون في إجراء تدريبات على إمكانية اندلاع حرب مع غزة.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.