وزير خارجية اليمن: مؤتمر الحوار يسعى للتوافق حول الخلافات الجوهرية.. و«فيدرالية» الإقليمين مرفوضة

أكد وزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي أهمية انعقاد القمة العربية - الأفريقية الثالثة في الوقت الراهن، ومعالجة الملفات المهمة حتى لا يحدث ما حدث في ملف المياه مع مصر. وتحدث في حوار مع «الشرق الأوسط» عن مشاركة الرئيس عبد ربه منصور هادي في القمة واعتزامه طرح مقترحات تمنى أن تحظى بقبول القمة. وتطرق إلى ما يحدث حاليا في اليمن والاضطرابات التي يشهدها الجنوب، مشيرا إلى اتخاذ الرئيس لحزمة من الإجراءات التي تعامل معها أهل الجنوب بارتياح, وتحدث عن الموضوعات الجوهرية المطروحة في الحوار الوطني اليمني، رافضا أي فكرة تتحدث عن فيدرالية إقليمين، مؤكدا أن الأغلبية مع فيدرالية من خمسة أقاليم. وأشار الوزير اليمني إلى أهمية معالجة طبيعة المرحلة في اليمن، انطلاقا من المبادرة الخليجية، كما تحدث عن نتائج زيارة الرئيس اليمني إلى الصين أخيراً. وإلى نص الحوار.
* ما هي النتائج التي أسفرت عنها زيارتكم للصين مع الرئيس عبد ربه منصور هادي.. وماذا ستقدم لليمن في المستقبل القريب؟
- الزيارة إلى الصين كانت مهمة جدا بالنسبة لليمن، وأتصور أنها أيضا مهمة للصين، لأن الزيارة جرت بناء على دعوة من الرئيس الصيني. وأهميتها تنبع من اعتبار الصين إحدى الدول العشر - من خلال سفرائها في اليمن - التي ترعى تنفيذ المبادرة الخليجية.. وموقفها الداعم لليمن في مجلس الأمن، وتأكيدها الدائم بأن المبادرة الخليجية هي الحل الأفضل للأزمة السياسية والحرص على استقرار ووحدة اليمن لأهميته الجغرافية. والجانب الآخر أن الصين أصبحت عملاقا اقتصاديا في العالم ولديها الإمكانات لمد يدها لشراكات مع دول العالم كما هو الحاصل في أفريقيا، واليمن يتطلع إلى هذا النوع من الشراكة في الاقتصاد بالذات، خاصة في ميناء عدن الاستراتيجي والمناطق الاستثنائية التي تنوى الحكومة اليمنية إنشائها الآن واستعداد اليمن للترحيب بالاستثمارات الصينية.
* وهل يمكن أن يأتي هذا التعاون سريعا كي يساهم في حل حالة الاحتقان التي تحدث في الجنوب وغيرها من المناطق في اليمن؟
- القضايا المتعلقة بالقضايا السياسية يمكن أن تجري بسرعة، لكن الجوانب الاقتصادية ربما تحتاج لمزيد من الوقت والجدوى الاقتصادية، أما الموضوعات التي أنجزت يمكن تنفيذها في المنظور القريب.
* وهل اتفقتم على مساعدات ومنح؟
- هناك منح قدمت خلال هذه الزيارة، لكن أعتقد أننا نهتم أكثر بالقروض الميسرة قليلة الفوائد، التي يمكن أن توظف لإنجاز المشاريع خاصة بالبنية التحتية التي ستكون أساس لجذب الاستثمارات لليمن.
* بعد زيارة الرئيس عبد ربه منصور هادي لكل من أميركا والصين. هل يخطط لزيارات أخرى مماثلة تساهم في دعم الوضع السياسي والاقتصادي في اليمن؟
- الرئيس منذ انتخابه في فبراير (شباط) عام 2012 زار الكثير من العواصم، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي، والآن الصين، بالإضافة إلى زيارته لدول مجلس التعاون الخليجي، وبالتالي الذي يحد من هذا النشاط هو التزامات الرئيس في الداخل وبالذات فيما يتعلق بالحوار الوطني ومتابعة أعماله.
* إلى أين وصل الحوار الوطني.. وهل يمكن أن يساهم في إعادة الأوضاع خاصة مع الجنوب؟
- مؤتمر الحوار الوطني الشامل يعتبر في مراحله الأخيرة، وكان من المفروض أن ينتهي في 18 سبتمبر (أيلول) الماضي، وتأخر من إنجاز أعماله لأسباب فنية، وبعضها أيضا خلافات في إطار مكونات الحوار، لأن هناك تسعة مكونات تشارك في الحوار منها أحزاب سياسية ومجتمع مدني والمرأة والشباب.
* وماذا عن المشاكل والعقبات التي تعرقل الاتفاق والتوصل لحلول من خلال مؤتمر الحوار؟
- الحوار الهدف منه وضع معالجات للمشاكل التي تواجهها اليمن السياسية في المقام الأول، والتي أسبابها قضية اقتصاد وتنمية وفقر وبطالة.. اليمن الآن ما يقرب من 60% من سكانه تحت سن الـ25. وبالتالي يمكن أن يتعرف البعض على حجم التحديات التي تواجهها بالنسبة للشباب الذين يتطلعون إلى مستقبل أفضل وهم أكثر من غيرهم يشعرون بأهمية الإصلاحات، وكل هذه الأمور تشكل تحديات أمام الحكومة اليمنية وهي التي قادت إلى الكثير الذي حدث في اليمن، واليوم نرى من الأهمية أن هذه المكونات التي تشارك في الحوار الوطني الشامل عليها أن تلتزم بالهدف من هذا الحوار وهو التوافق على المعالجات، وأولها قضية بناء الدولة اليمنية الحديثة وبناء الحكم وتغيير منظومته والدستور الجديد الذي يضع الأسس للدولة الجديدة بحيث نتجنب من خلال الأخطاء السابقة.
* رغم وجود هذا الحوار فإن هناك تصعيدا مستمرا في الجنوب والحديث عن نضال من أجل الاستقلال.. كيف تقرأ هذه النغمة؟
- هي نغمة متصاعدة، لكن للأسف الشديد الإعلام أيضا يضخم هذه النغمة، والحقيقة أن أبناء المحافظات الجنوبية يشاركون في مؤتمر الحوار الحالي بنسبة تصل إلى 50% على الرغم أنهم ربما لا يشكلون 20% من سكان اليمن، ومع ذلك أعطي لهم هذا الحجم كي يطمئنوا أننا نريد من خلال الحوار الوطني أن نصل لمعالجات ونضمن أن هناك توازنا في الحقوق بين المحافظات الشمالية والجنوبية. والحوار الوطني الذي يبلغ عدد أعضائه 282 مشاركا، ومجموعة المشاركين من الحراك نحو 85%، أي نحو الثلث والثلثين، يمثلون أحزابا سياسية ومنظمات مدنية وشبابا ونساء من الذين لا ينتمون إلى الحراك ولا يطالبون بفض الارتباط أو الانفصال كما يرتب البعض.
* ومتى ينتهي الحوار بشكل نهائي وتعتمد وثائقه؟
- الجميع يتمنى أن ينتهي الحوار اليوم قبل الغد، لكن القضية ليست في انتهاء الحوار قبل أن يكون هناك توافق على مخرجات الحوار من كل الأطراف، لأن التوافق يعد من أهم ضمانات لنجاح الحوار أثناء التنفيذ، وعندما يشعر الناس أن أغلب مطالبهم لقيت القبول والمعالجة، ولا بد أن يقدم الجميع تنازلات لبعضنا البعض إلى أن يصل الجميع إلى كلمة سواء.
* وما هي القضايا التي لم تحسم خلال الحوار بعد؟
- هناك قضايا جوهرية أخرى مفتعلة، والقضية الجوهرية مثلا ما هو شكل الدولة؟ والأغلبية مع النظام البرلماني وقضية التحول إلى نظام فيدرالي في اليمن، وبالتالي النقاش يدور حول الفيدرالية ومتفق عليها، لكن الخلاف حول عدد الإقاليم، لأن الحراك والحزب الاشتراكي طالبوا بإقليمين شمال وجنوب، كما كان الوضع قبل الوحدة، وهم ينظرون إلى هذا وكأنه محاولة للانفصال في المستقبل، ولهذا نصر على خمسة أقاليم في حالة إقرار النظام الفيدرالي وليس بين إقليمين.. وبالتالي لم تحسم حتى الآن.. والموضوع الثاني هو طلب الحراك بأن يكون هناك مرحلة يجري بعدها الاستفتاء على الانفصال وهذه قضية مرفوضة من أغلبية المكونات السياسية، لأن الوحدة من الثوابت الوطنية، أما القضايا الشكلية والهامشية فهي التي خلقت ردود فعل سلبية وخارجة عن إطار المبادرة الخليجية.
* مثل ماذا؟
- هناك من يدعي أن نقل السلطة لم يجر حتى الآن، ونحن نقول لهم كيف هذا وقد أجريت انتخابات رئاسية، والرئيس السابق سلم الحكم، والحكومة الجديدة تشكلت من قبل الأحزاب والرئيس عبد ربه منصور هادي، والوزراء الذين ينتمون إلى المؤتمر الشعبي العام الذين اختارهم هو رئيس الجمهورية الحالي وليس السابق كما يصورون – هذه إحدى النقاط – والأمر الثاني أنهم يتحدثون عن إلغاء قضية الحصانة التي تعتبر ركنا أساسيا في المبادرة الخليجية.
* وتقصد الحصانة لمن؟
- هي للرئيس السابق ومن عمل معه على مدى 33 عاما، وبالتالي تنطبق على كثيرين من المعارضة، والنقطة الأخيرة أن تجرى الانتخابات بعد انتهاء الحوار ووضع الدستور والاستفتاء عليه، وهم بذلك يرغبون في العودة إلى مرحلة تأسيسية أخرى وهذه تتناقض مع المبادرة الخليجية، وستقود إلى المزيد من الصعوبات الاقتصادية، لأنه لن تكون هناك حكومة فاعلة وقادرة على مواجهة مسؤولياتها.
* وما هو دور جمال بن عمر حاليا والأمم المتحدة، خاصة الداعم للمبادرة الخليجية والحوار الوطني؟
- جمال بن عمر ما زال موجودا معنا، يقوم بدوره في الحوار. وكذلك مجلس التعاون الخليجي الذي يعمل على تقريب وجهات النظر عندما تتعقد الحلول بين الأطراف اليمنية، وأعتقد أن الجميع مدرك أن الحل يجب أن يكون يمنيا – يمنيا لضمان نجاحه وتنفيذه.
* كيف ترون دعوات بعض قيادات الحزب الاشتراكي التي تطالب بالانفصال والعصيان المدني والتصعيد بين وقت وآخر؟
- الحزب الاشتراكي وقع على المبادرة الخليجية، ويجب أن يكون ملتزما بما وقع عليه، لأنه إذا أي طرف حاول أن يتنصل من مسؤولياته ستكون هناك مشكلة في التعامل معه مستقبلا، وبالتالي هو في وضع صعب، لأنه يحاول أن ينافس الحراك الجنوبي من أجل الشعبية في الشارع الجنوبي، وعليه أن ينظر إلى وحدة اليمن واستقراره أو يدخل في تنافس على شارع لا يدري إلى أين سيقوده؟
* وهل لديكم مخاوف من دعوات للعصيان المدني في الجنوب؟
- لا أعتقد أنه سيمثل مشكلة، لأنه منذ أن بدأ الحوار وكذلك التعامل مع الكثير من القضايا ومعالجتها من قبل الرئيس عبد ربه منصور هادي، واللجان التي شكلت لمعالجة أوضاع المتقاعدين ومشكلة الأراضي، والحكومة واللجنة التي شكلت لمعالجة النقاط العشرين والإحدى عشرة لتهيئة مناخ الحوار، وكل هذا غيرت من المزاج في الجنوب بالإيجاب والارتياح.
* وماذا عن مكافحة «القاعدة» في اليمن.. وهل من إجراءات جديدة للتخلص من سلبياتها؟
- ظاهرة «القاعدة» تعد مشكلة إقليمية ودولية بدليل ما يحدث في اليمن والعراق وسوريا وليبيا وتونس وحتى مصر وأيضا في دول المغرب العربي، ومعالجتها يجب أن تكون على مستوى دولي وإقليمي وليست مشكلة يمنية فقط.
*هل التزمت واشنطن بدعم اليمن في هذا الجانب والذي بدأ منذ فترة حكم الرئيس علي عبد الله صالح؟
- اليمن يلقى الدعم في هذا الجانب من أميركا وبريطانيا ودول أخرى ومن السعودية، ولكن للأسف المواجهة مع «القاعدة» تركز حتى الآن على الجانب الأمني وأغفل المعالجات الأخرى، مثل الجوانب الاقتصادية والتعليمية والدينية وغيرها من القضايا التي من المفروض أن تشمل جانب التوعية والفهم الصحيح للدين الإسلامي والمعالجة – لماذا هؤلاء يتحولون إلى التطرف، وإذا كان الخلاف سياسيا، فالوسيلة هي الانضمام إلى أحزاب سياسية ويمارسون الحكم من خلال الديمقراطية للتغيير، إذا ما كانت هناك أخطاء، وبذلك تكون كل المعالجات من خلال الفهم الصحيح للاقتصاد والسياسة والدين.
* وهل اليمن متعاطف مع النظام المصري السابق المتمثل في الإخوان.. ولماذا لم يحدث أي اتصال أو حتى تعبير عن موقف منذ ثورة 30 يونيو؟
- كل الشعب اليمني سواء كانوا الإسلاميين أو الأغلبية الأخرى جميعهم مع مصر لعدة اعتبارات، التاريخ الذي يربط اليمن بمصر.. حجم مصر وتأثيرها الإقليمي والدولي مهم، وبالتالي لا نريد لها أن تتعرض للعنف وعدم الاستقرار، لأن هذا يؤثر على الجميع ولا أحد في الوطن العربي إلا وسيتأثر، وبالتالي هناك تواصل بيننا وبين مصر ولم تنقطع أبدا العلاقة والاهتمام بما يجري في مصر.
* وكيف تقيم أعمال القمة العربية الأفريقية؟
- هذا التجمع لا بد أن نقدر دور الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى، لأنه كان حريصا دائما على إيجاد هذه الروابط بين العالم العربي ودول الجوار، وهذا المؤتمر سيكون له تداعيات إيجابية، لأن العالم الخارجي لا يريد لأن تجرى هذه المؤتمرات، ونحن اليوم ندرك أن العرب يجب أن يربطوا مستقبلهم بأفريقيا، حتى لا يتكرر النموذج الذي نراه اليوم مع مصر حول مياه النيل، وبالتالي لا بد أن تتشابك المصالح التي تخدم الجميع.
* هل سيشارك الرئيس اليمني في القمة؟
- الرئيس عبد ربه منصور سيشارك في القمة وسيلقي كلمة ولديه بعض المقترحات، ونتمنى أن تحظى بالقبول، ومعروف أن اليمن متأثر بما يحدث في أفريقيا، لأن اليمن لديه ما يزيد عن مليون لاجئ من القرن الأفريقي وهو موضوع يتجاهله الغرب، علما بأن الهجرة عندما ترتبط بأزمات تمس أوروبا نجد كل الاهتمام، لكن لأنها بعيدة، وفي اليمن فهذا أمر لا يهتمون به.
* موضوع الهجرة حدث حوله نقاش كبير داخل القمة العربية الأفريقية من حيث معالجتها وتعريفها. كيف تنظرون إليها؟
- عقدنا في اليمن قبل يومين مؤتمرا حول الهجرة واللجوء من القرن الأفريقي وحضره دول مجلس التعاون الخليجي، وكان مفيدا جدا من حيث معالجة هذه المشكلة ووضعنا ثلاثة مكونات للمعالجة، حل المشاكل السياسية التي تؤدي إلى الهجرة، ومعالجة المشاكل الاقتصادية في دولها تنظم هذه الهجرات غير الشرعية بفتح الأبواب للعمالة بشكل شرعي ووفق اتفاقات للعمالة بين الدول، ويمكن الاستعانة بصناديق مخصصة لذلك والتي تقوم بمعالجة قضايا الفقر والبطالة.