مقتل 39 انقلابياً بمختلف جبهات اليمن خلال يومين

الجيش صد هجوماً حوثياً عنيفاً في محيط القصر الجمهوري بتعز

TT

مقتل 39 انقلابياً بمختلف جبهات اليمن خلال يومين

قتل أكثر من 39 انقلابيا، خلال اليومين الماضيين بمختلف جبهات القتال في اليمن، وفقا للأرقام الرسمية المنشورة والبيانات الصادرة عن المراكز الإعلامية للجيش والحكومة اليمنية الشرعية، من بينهم قيادي ميداني بتعز، في الوقت الذي صد فيه الجيش هجوما بمحيط القصر الجمهوري في المحافظة ذاتها.
وقال بيان للواء «22 ميكا»، إن وحدات من الجيش صدت هجوما كبيرا في محيط القصر الجمهوري والأطراف الشرقية لمعسكر التشريفات شرق المدينة، ونجم عن الاشتباكات مقتل خمسة وإصابة العشرات.
وكثفت مقاتلات تحالف إعادة الشرعية في اليمن من غاراتها الكثيفة على مواقع وأهداف عسكرية ثابتة ومتحركة، ومعسكرات لميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية في عدد من المحافظات اليمنية، إذ استهدفت معسكر النهدين المطل على دار الرئاسة بصنعاء، وبوابة مبنى الأمن القومي بمنطقة صرف، ومعسكر السواد في حزيز، مع شن غارات مماثلة على منطقة بير الهذيل ومعسكر ريمة حميد في مديرية سنحان جنوب صنعاء، وذلك بعد ثلاثة أيام من استهدافها معسكر تدريب سريا في المديرية ذاتها.
كما استأنفت مقاتلات التحالف قصف مواقع عسكرية للانقلاب بمديرية الظاهر في صعدة، ومواقع وتجمعات الانقلابيين غرب تعز.
وقتل القيادي الحوثي «أبو صادق»، قائد الانقلابيين في الرحبة بالكدحة، إثر مواجهات عنيفة شهدتها المنطقة، واشتدت في نقيل الزبد، جراء محاولات الميليشيات التسلل إلى مواقع الجيش في نقيل الزبد وتبة مصنعة في الرحبة، في الوقت الذي استكملت فيه قوات الجيش تطهيرها مدرات.
كما قتل في قرية الروض وحذران، غرب المدينة، ثلاثة انقلابيين وجرح آخرون جراء قصف مدفعي عنيف من قبل مدفعية الجيش الوطني، الأمر الذي جعل الانقلابيين يردون وبقوة على مصادر إطلاق النيران من مواقع تمركزها في الربيعي وشارع الستين.
وقال مصدر عسكري في محور تعز لـ«الشرق الأوسط»، إن «قوات الجيش تمكنت من تطهير المواقع والأوكار التي كانت تتحصن فيها الميليشيات وقناصتها قرب تبة مدرات، بعد تطهيرها بشكل كامل».
وأضاف المصدر أن «الفرق الهندسية التابعة للجيش الوطني تواصل تطهير المناطق المحررة في مدرات، وأعلنت عن تفجيرها حقول ألغام زرعتها الميليشيات الانقلابية في محيط تبة مدرات باتجاه مصنع السمن والصابون غرب المدينة».
وفي معركة تحرير مدرات، قتل خمسة انقلابيين وأصيب آخرون، حيث أصبحت مدرات تحت السيطرة النارية لقوات الجيش، ولم يعد فيها أي تمركز للعناصر الانقلابية.
وحسب مصدر عسكري آخر، نقلت عنه وكالة الأنباء اليمنية «سبأ»، فقد دارت «المواجهات التي دارت باتجاه مصنع السمن والصابون ومفرق شرعب، بعد السيطرة على منطقة مدارات وتفكيك كثير من حقول الألغام، وسط تقدم الجيش وتراجع الانقلابيين، وخلفت أكثر من 12 قتيلا من صفوف الانقلابيين وأصيب العشرات منهم».
وتحاول الميليشيات تعويض خسائرها من خلال قصفها العنيف على المدينة والريف، إضافة إلى الخطف والقنص والقتل للمواطنين المدنيين. وفي جبهة شبوة، جنوب البلاد، أكدت مصادر مطلعة مقتل 13 انقلابيا جراء غارات مقاتلات التحالف، ومواجهات قادها الجيش والمقاومة الشعبية بمديرية عسيلان. وقالت إن المواجهات احتدمت في قرن الصفراء وجبل المنقاش شرق بيحان، مشيرة إلى أن أهم نتائج الغارات الجوية والمعارك الميدانية، تمثلت في منع تقدم ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية على مواقع الجيش الوطني الذي ما زال يحافظ على جميع مواقعه.
وبالانتقال إلى محافظة الجوف، تتواصل المواجهات في جبهات المصلوب وخب والشعب، جراء هجوم متكرر من قوات الجيش الوطني على مواقع ميليشيات الحوثي وصالح في جبهة صبرين.
وأفادت مصادر عسكرية بأن قوات الجيش الوطني باغتت مواقع الميليشيات الانقلابية، وتمكنت من قتل وجرح عدد منهم، إضافة إلى استهدافها طقم إمداد الميليشيات، وتم إعطاب الطقم مباشرة بجبهة غرب صبرين بالجوف.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.