النظام السوري يحكم سيطرته على حدود السويداء مع الأردن

المعارضة تعلن استعدادها لهجوم معاكس

TT

النظام السوري يحكم سيطرته على حدود السويداء مع الأردن

أحكمت قوات النظام السوري و«حزب الله» اللبناني سيطرتها العسكرية على حدود محافظة السويداء مع الأردن، بعد معارك عنيفة مع فصائل المعارضة المنضوية ضمن تشكيل «جيش أسود الشرقية»، فيما اعتبر الجيش الحرّ أن «هذا التقدّم حصل بضوء أخضر أميركي، وضمن اتفاق الجنوب».
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية، عن مصدر ميداني في ريف السويداء، أن «الفرقة 15 التابعة لقوات النظام، وقوات من الحرس الثوري الإيراني ومقاتلين من (حزب الله) اللبناني، وصلوا إلى الحدود السورية الأردنية، وسيطروا على مناطق بئر الصابونة - تلة الأسدة، وصولا إلى معبر أبو شرشوح والمخافر الحدودية بشكل كامل، إضافة إلى محور بئر الرصيعي، وتل صدا، وتل الضبع، وصولا إلى جمعية الرماثين باتجاه وادي الصوت، إلى المخافر الحدودية من 130 إلى 136، وكذلك محور بئر الحرضية وبئر الصوت إلى وادي الموت جنوباً».
وأوضح المصدر الميداني، أن هذا التقدم «مكّن القوات المهاجمة من استعادة السيطرة على تلك المناطق من مسلحي (جيش أسود الشرقية) و(جيش العشائر) ضمن الحدود الإدارية بريف السويداء الشرقي، حيث تعتبر هذه آخر المناطق بريف محافظة السويداء الجنوبي الشرقي التي تم إبعاد فصائل المعارضة منها».
وقال عضو المجلس العسكري في الجيش السوري الحر، أبو أحمد العاصمي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذا التقدم لم يكن ليحصل لولا الضوء الأخضر الأميركي»، معتبرا أن هذا التطور «يندرج ضمن اتفاق الجنوب الذي تمكنت من خلاله الولايات المتحدة الأميركية من إبعاد إيران عن حدود إسرائيل، في حين غضت النظر عن وصولها إلى حدود الأردن، لترويض حلفائها، والقول لهم إن وجودها في المنطقة يبقى الضمانة الأهم في مواجهة التمدد الإيراني».
من جهته، قدّم المسؤول الإعلامي في «جيش أسود الشرقية» سعد الحاج، روايته لما حصل في ريف السويداء، وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المناطق التي سيطر عليها النظام كانت تحت سيطرة (جيش أحرار العشائر) بقيادة ركان الخضير، وهم من أبناء هذه المنطقة». وقال: «فوجئنا يوم الثلاثاء، بأن النظام شنّ هجوما واسعا على المنطقة، لم يتمكن (أحرار العشائر) من الصمود بضع ساعات أمامه، حتى انسحبوا باتجاه الحدود الأردنية»، لافتا إلى أن «قوات الشهيد أحمد العبدو وفصائل (أسود الشرقية) أرسلوا مؤازرة لوقف تقدم النظام، وشنّوا هجوما استطاعوا من خلاله استعادة بعض النقاط، لأن النظام لم يكن أثبت وجوده فيها بعد، وتمت السيطرة على نصف المساحة التي استعادها النظام وميليشياته».
وأشار سعد الحاج إلى أن قوات النظام «كثفت في الساعات الماضية قصفها الجوي على المنطقة، وشنّت بالتعاون مع الإيرانيين و(حزب الله) هجوما عسكريا كبيرا، فاضطر الثوار إلى الانسحاب إلى نقاطنا الدفاعية في محيط ريف السويداء»، مؤكدا أن النظام «أحكم سيطرته على أربع نقاط على الحدود مع الأردن وهي قريبة من بعضها البعض»، معتبرا أن «أهمية هذه المنطقة بالنسبة للنظام، هي تأمين الحدود مع دول الجوار، لإيصال رسالة بأنه موجود على الحدود، وليقول لهذه الدول، إن مصلحتكم هي في التعامل معي وليس مع المعارضين»، لكنه لفت إلى أن «المعارك مستمرة، والفصائل مصرّة على استعادة كل النقاط التي خسرتها».
بدوره، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن هذا التقدّم «أنهى وجود الفصائل المعارضة على الحدود السورية - الأردنية، داخل الحدود الإدارية في محافظة السويداء»، مؤكدا أنه «لم تتبق للفصائل منافذ خارجية، في شرق وجنوب شرقي سوريا، سوى شريط على حدود ريف دمشق الجنوبي الشرقي مع الأردن، بالإضافة إلى شريط حدودي مع العراق ممتد على محافظتي ريف دمشق وحمص، والتي تضم معبرا حدوديا هو معبر التنف، الواصل بين سوريا والعراق».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم