المقاتلون الأجانب سلاح «طالبان» لسد العجز بين صفوفها

دراسة: الأرض الأفغانية ضاقت بالحركة و«داعش» والصراع بينهما محتم

TT

المقاتلون الأجانب سلاح «طالبان» لسد العجز بين صفوفها

في الوقت الذي ناقش فيه مراقبون أن «طالبان» تجند الأفغان فقط، اتجهت الحركة للاعتماد على المقاتلين الأجانب لتنفيذ عملياتها وسد العجز المتزايد في عناصرها. وبينما حذرت دراسة مصرية من «ارتفاع عدد المقاتلين الأجانب بين صفوف الحركة»، قال باحثون في الحركات الإسلامية إن الأجانب في «طالبان» يسافرون من فرنسا وبلجيكا وبريطانيا ليتدربوا لتنفيذ هجمات.
وأضاف الباحثون أن «طالبان» لم تجند مقاتليها الأجانب من الطبقات الفقيرة أو الأقل تعليما؛ لكن هناك ما يشير إلى افتقار الاندماج الاقتصادي لهؤلاء الأشخاص في بلادهم مما أسفر عنه تفاقم تشددهم وتحولهم نحو التطرف العنيف، لافتين إلى أن ما قامت به «طالبان» مؤخرا من أعمال قتل في شمال أفغانستان يهدف لتبني سياسة جديدة تسعى من خلالها لتدشين عملية تعبئة معنوية لمقاتليها لمواصلة عملياتها الإرهابية.
وذكر مسؤول إقليمي كبير أمس أن حركة «طالبان» أفرجت عن 235 قرويا احتجزتهم بعد سيطرتها على قرية في إقليم ساريبول بشمال أفغانستان. واجتاح مسلحو الحركة القرية مطلع الأسبوع الحالي، ما أسفر عن مقتل 50 شخصا. ونقل مسؤولون أفغان عن قرويين قولهم إن نحو 600 مقاتل أجنبي بينهم عناصر فيما يبدو من «طالبان» و«داعش» اجتاحوا القرية، وإن كثيرا من المقاتلين بدا أنهم أجانب يتحدثون لغات التركمان والأوزبك والبنجاب.
ونفذ «داعش» هجمات إرهابية في مناطق مُتعددة في إقليم البنجاب؛ من أهمها منطقة كجرات وجلابورجتان. وقال مراقبون إن «عدد من انضم من الشباب لـ(داعش) من إقليم البنجاب الباكستاني يُقدر بنحو 200 شاب يقاتلون في صفوف التنظيم بسوريا والعراق».
وأضاف المراقبون أن «السلطات الرسمية في باكستان تصدت خلال الفترة الماضية لمحاولات إقامة فرع لـ(داعش) داخل الأراضي الباكستانية؛ خصوصا في (البنجاب)؛ لكن بعضا من المنتمين لـ(داعش) في باكستان يُسهلون سفر الذين يتم تجنيدهم من الباكستانيين للقتال في سوريا، ومن بينهم سيدات من إقليم (البنجاب)».
وانتقدت السلطات الأفغانية أمس العملية المشتركة بين عناصر «طالبان» و«داعش»؛ لكن الأولى نفت أي تعاون مع تنظيم داعش، واعتبرت «طالبان» أن «داعش» قوة معادية لها.
ويرى مراقبون أن «داعش» ينشط بشكل واضح وملحوظ في منطقة «كُرم إيجنسي» بباكستان، وهي منطقة قبلية تقع على حدود باكستان وأفغانستان، وتُعد أكبر منطقة قبلية بها وجود شيعي، وكانت مسرحا لمعارك الجيش الباكستاني ومسلحي طالبان قبل سنوات.
وقال الباحث عمرو عبد الرحمن، المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية، إن «من بين قيادات (طالبان) الذين أعلنوا الولاء لـ(داعش) أمراء كل من: مُقاطعة أوركزاي سعيد خان، ومُقاطعة كرم دولت خان، ومُقاطعة خيبر فاتح جل زمان، ومُقاطعة هنجو خالد منصور، ومدينة بيشاور المفتي حسن. وكانت حركة «طالبان» أصدرت بيانا أكدت فيه ولاءها لـ(داعش)، غير أنها عادت وتراجعت عن موقفها، معلنة أن بيانها أسيء فهمه، قائلة إن «الحركة تدعم جميع الفصائل (الجهادية) في سوريا... وليس حركة أو تنظيما معينا».
وعن انضمام العناصر الأجنبية إلى «طالبان»، قال عبد الرحمن إن «الحركة تتسم بتجنيد مقاتلين محترفين وتحاول تنمية البعد العقدي لديهم، لحد (الهوس)، وربط هذا البعد العقدي بممارسات دموية واضحة»، مضيفا أن «الأجانب في صفوف (طالبان) آتون من فرنسا وبلجيكا وبريطانيا ليتدربوا ويستعدوا لتنفيذ هجمات قوية تزيد من سيطرة الحركة، وتنشر الرعب في الدول المجاورة والدول الغربية»، لافتا إلى أن «طالبان» لم تجند مقاتليها الأجانب من الطبقات الفقيرة أو الأقل تعليما، لكن على العكس هناك ما يشير إلى افتقار الاندماج الاقتصادي لهؤلاء الأشخاص في بلادهم، مما أسفر عنه تفاقم تشددهم وتحولهم نحو التطرف العنيف.
بينما قالت دراسة مصرية إن نفي الحركة تعاونها مع تنظيم داعش يؤكد العداء المستشري بين التنظيمات الإرهابية المختلفة، الذي تطور إلى اقتتال شديد فيما بينها. وتنبأت الدراسة باحتدام الصراع بين «طالبان» و«داعش» في أفغانستان، حيث باتت الأرض تضيق بالتنظيمين الإرهابيين، وأصبح الصراع لإثبات القوة والسيطرة لزاما للبقاء والاستمرار، فمزاحمة «داعش» لـ«طالبان» لم تعد تطاق في أفغانستان، وأضافت الدراسة أن من الأمثلة الواضحة على هذا الصراع المحتدم، قيام مسلحي «داعش» بقتل عناصر من حركة «طالبان» إثر اشتباكات في حي كوش تيبا في إقليم جوزجان شمال غربي البلاد، وقتلهم محمد داود القيادي في حركة «طالبان»؛ لأنه حارب ضدهم في ولاية نانجارهار الواقعة شرق أفغانستان على الحدود مع باكستان، فضلا عن الاشتباكات المستمرة بين التنظيمين في مناطق متفرقة من البلاد.
من جهته، قال الدكتور حسام شاكر، عضو المركز الإعلامي بجامعة الأزهر، إن ما قامت به «طالبان» مؤخرا من أعمال قتل لعدد 50 شخصا تهدف لتبني سياسة جديدة تسعى من خلالها إلى تدشين عملية تعبئة معنوية لمقاتليها الأجانب أو الأفغان حتى لا يهربوا من الحركة.
في السياق ذاته، شددت الدراسة المصرية التي أعدتها دار الإفتاء على أن التحالف بين «داعش» و«طالبان» أمر مستبعد؛ لأن تنظيم داعش عمد إلى تفتيت التنظيمات المتطرفة المنافسة له، ومن ضمنها «طالبان»، حيث أعلن عن قيام ولاية خراسان، التي تشكلت من عناصر منشقة عن «طالبان»؛ مما أثار حفيظة حركة «طالبان» فأعلنت الحرب على «داعش» والجماعات المنضوية تحت لوائه. ولفتت إلى أن جميع التنظيمات الإرهابية يحكمها مزيج من الانتهازية والتآمر والتجارة بالدين، في سعي دؤوب للهيمنة والسيطرة، وزعزعة الاستقرار في الدول الموجودة على أراضيها، وتقويض أركان المجتمعات التي تقوم على التسامح وحرية الدين والمعتقد.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.