في وسط مدينة العوامية، بدأ حي المسورة هادئا أمس، يسمع فيه هدير بعض معدات البناء، وسط حركة دوريات تابعة لقوات الطوارئ الخاصة، وذلك بعد كسر شوكة الإرهاب وتمشيط المكان أمنيا وكشف مخابئ الأسلحة والذخائر وأوكار الخلايا الإرهابية كافة.
وأنهت قوات الأمن السعودية خطر الإرهابيين في حي المسورة، بعد شهرين من الأعمال الأمنية التي جنبت المدنيين كثيرا من مخاطر تدرع الإرهابيين بهم عبر إخلاء أحياء بأكملها تحيط بالحي.
وفي جولة للصحافة المحلية والدولية داخل الحي، وقف الإعلاميون الذين رافقتهم قوات أمنية على الأعمال في حي المسورة، حيث كانت الجهود الأمنية في أوج استعداداتها، لعدم تمكين فلول الخلايا الإرهابية من العودة إلى المباني المهجورة وإعادة التمركز فيها.
نُقلت الوفود الإعلامية في سيارات عالية الأمان لحمايتها من أي مفاجآت أمنية قد تحدث، وشهد آخر الزيارة حالة إطلاق رصاص سُمع دويها من بعيد.
أكد رجال الأمن المرافقون للوفود الصحافية، أن كشف كثير من الحقائق الأمنية وما تم العثور عليه من ذخائر وأسلحة ومتفجرات بعد السيطرة التامة على الحي والأحياء المحيطة به سيكون من قبل المتحدث الأمني لوزارة الداخلية.
من دوار الريف وحتى قلب حي المسورة الذي شكّل تحديا أمنيا، وحوّله الإرهابيون إلى ساحة حرب لا تخفى آثارها في واجهات المحلات وجدران المباني المهجورة منذ نحو شهرين، تجولت الطواقم الصحافية في عربات مدرعة وسيارات مفصحة وباحتياطات أمنية عالية، وكان رجال الأمن المرافقين يحثون الصحافيين والمصورين لعدم الوجود خارج المركبات المدرعة والسيارات المصفحة لأكثر من نصف دقيقة.
وسمح للوفود الصحافية بالنزول في مكانين، الأول بعد الدخول إلى وسط المسورة، والثاني الذي كان الأطول في منطقة مسجد العباس، حيث سمع دوي رصاص مصدره الإرهابيون، بحسب تأكيد رجال الأمن، ما دفع قوات الأمن إلى حماية الصحافيين بجوار إحدى السيارات المصفحة للاحتماء بها.
بعد ذلك لوحظ تقاطر الدوريات المدرعة من شوارع عدة متجهة إلى الجهة التي سمع فيها إطلاق الرصاص. وذكر مصدر أمني أن النقاط الأمنية قبل تمشيط حي المسورة أول من أمس كانت تتعرض عادة لإطلاق الرصاص في الصباح الباكر أو قرب حلول الظلام، حتى يستفيد الإرهابيون من الظلام في اقتناص الأهداف والتخفي.
بلدة العوامية التي خاضت أقسى الحروب ضد الإرهاب، تستعد اليوم للتحول إلى مدينة نموذجية يتحول فيها وكر الإرهابيين «المسورة» إلى مركز حضاري وثقافي واجتماعي يجتذب الاستثمارات والسياح، ويغدو مركز تنمية لأهل البلدة الذي عانوا منذ عام 2012 من الجماعات الإرهابية التي سيطرت على البلدة، وهددت المواطن والمقيم واستهدفت رجال الأمن.
قبل الجولة، كشفت الأجهزة الأمنية للوفود الصحافية المحلية والدولية الممارسات التي نفذها الإرهابيون مثل اغتيال رجل أمن عند بوابة شرطة القطيف، وكذلك الاعتداء على سيارة نقل الأموال، وتقنية العبوات الناسفة التي تستهدف العربات المدرعة، وحجم الأسلحة والذخائر التي عثر عليها في أوكار الإرهابيين.
في حين أكد فلاح الخالدي، محافظ القطيف بالإنابة، أن توجيهات صدرت للمحافظة من إمارة المنطقة بتوفير السكن لكل من غادر العوامية نتيجة الأعمال الأمنية التي وقعت هناك، وقال إن إجراءات اعتماد سكن لكل عائلة غادرت العوامية لا تستغرق ثلاثة أيام، واعدا كل من استأجر سكنا بتعويضه بعد اعتماد توفير سكن له ولعائلته.
إلى ذلك، كشف المهندس عصام بن عبد اللطيف الملا، أمين المنطقة الشرقية بالإنابة، خلال مؤتمر صحافي أمس، أن حجم التعويضات لمنازل حي المسورة بلغ أكثر من 800 مليون ريال (214 مليون دولار)، وأُصدرت شيكات التثمين لجميع ملاك المنازل قبل البدء في أعمال الإزالة، مشيرا إلى أن أكثر من 80 منزلا في حي المسورة أزيلت.
وقال الملا إن أعمال إزالة المباني في حي المسورة مستمرة، وسيتم البدء في تنفيذ مشروع تطوير حي المسورة بعد الانتهاء من إزالة جميع المباني التي يبلغ عددها 488 منزلاً، لافتا إلى أن أعمال الهدم والإزالة ستتسارع بعد السيطرة بشكل كامل على حي المسورة.
وتطرق إلى أن مدة تطوير مشروع حي المسورة ستستغرق سنتين، مؤكدا الانتهاء من جميع أعمال التثمين الخاصة بالمنازل في حي المسورة قبل البدء بأعمال الإزالة.
وذكر أن حي المسورة يقطن فيه ما يقارب 8 آلاف أسرة، وتم إخلاؤهم جميعا قبل بدء تنفيذ أعمال الإزالة والهدم، مشددا على أن الأهالي أعطوا مهلة كافية للإخلاء بعد إتمام عملية التثمين.
ولفت الملا إلى أن معدات الهدم التابعة للأمانة تعرضت في بداية الأعمال في حي المسورة لإطلاق النار ما أدى إلى تباطؤ العملية، مشيرا إلى أن حجم الأضرار في معدات الهدم والإزالة بلغ 4.8 مليون دولار (18 مليون ريال)، واستؤنفت عملية الإزالة والهدم بمرافقة الفرق الأمنية.
ونوّه بأن الأمانة تسعى لتطوير جميع الأحياء في المنطقة، من خلال تنفيذ مشاريع تنموية وتطويرية تعود بالنفع العام على الجميع وتشرف عليها بلدية محافظة القطيف.
وقال إن أعمال الهدم تتضمن إزالة عدد من المنازل العشوائية القديمة المتداخلة ضمن أزقة ضيقة لا يتجاوز عرضها مترا ونصف المتر، ما تتسبب في تشكيل خطورة على ساكني الحي، إضافة إلى وجود عدد من المنازل المهجورة والمهدمة، وكذلك قدم شبكات الخدمات الموجودة بالحي وافتقارها إلى وسائل السلامة.
وشدد الملا على أن المشروع لقي ترحيبا كبيرا من أهالي العوامية بشكل خاص ومحافظة القطيف بشكل عام.
وأكد أن أمانة المنطقة الشرقية ماضية في أعمال الإزالة حتى يتم الانتهاء منها بشكل كامل، تمهيدا للبدء في أعمال التطوير وتنفيذ المشروع الذي يعتبر أحد أهم المشاريع التنموية، وتحويل البلدة إلى مدينة عصرية حديثة تواكب جميع مدن المنطقة الشرقية من حيث النهضة التنموية الحديثة مع المحافظة على الهوية التراثية والعمرانية للمنطقة.
العوامية تكسر شوكة الإرهاب... ومشروع تنموي ضخم في «المسورة»
تعويضات تطوير الحي بلغت 214 مليون دولار
العوامية تكسر شوكة الإرهاب... ومشروع تنموي ضخم في «المسورة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة