الحكومة الجزائرية تبحث العودة إلى عقوبة الإعدام بحق خاطفي الأطفال

في إطار حزمة قوانين جديدة أهمها محاربة الفساد

TT

الحكومة الجزائرية تبحث العودة إلى عقوبة الإعدام بحق خاطفي الأطفال

تعتزم الحكومة الجزائرية استحداث مادة في قانون العقوبات، تنص على تنفيذ حكم الإعدام بحق أي شخص تثبت ضده تهمة خطف وقتل طفل.
ويعكس هذا المسعى خطورة ظاهرة خطف الأطفال في الجزائر، خاصة بعد أن تحدثت إحصائيات أجهزة متخصصة مستقلة عن الحكومة عن 52 حالة اختطاف وقعت عام 2016، قتل منهم سبعة.
وصرح وزير العدل الطيب لوح أول من أمس في العاصمة بأن الحكومة «بصدد التحضير لمراجعة حزمة من القوانين، من بينها نصوص متعلقة بمحاربة الفساد وغسل الأموال، من دون تقديم تفاصيل. فيما قال مصدر بوزارة العدل لـ«الشرق الأوسط» إن أهم مشروع يشتغل عليه خبراء في القانون ومختصون في علم الاجتماع والنفس هو تشديد العقوبة ضد خطف وقتل الأطفال. والاتجاه العام، في هذا الشأن، حسب المصدر ذاته، هو إضافة مادة لقانون العقوبات تنص على إعدام خاطفي الصغار.
وتم إشراك «الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الأطفال» في هذا المشروع، باعتبارها أهم تنظيم بالمجتمع المدني يعرف باهتمامه الشديد بأشكال العنف التي تمارس ضد الأطفال. وفي هذا السياق قال عبد الرحمن عرعار، رئيس «الشبكة» المعروفة اختصارا بـ«ندى» في اتصال هاتفي: «السنة الماضية وحدها أحصينا 220 بلاغا عن محاولة خطف أطفال، أكثر من 20 منهم تم خطفهم وقتلهم، والأسباب غالبا ما تكون مرتبطة بخلافات عائلية، يتخذ فيها الطفل رهينة». ودعا عرعار الحكومة إلى «مزيد من الصرامة ضد هذه الظاهرة الغريبة عن مجتمعنا، ولكنها مرتبطة بالعشرية السوداء»، التي تعرف بفترة الصراع بين الجماعات المتشددة والحكومة خلال تسعينيات القرن الماضي، والتي خلفت 200 ألف قتيل وخسائر بـ20 مليار دولار، بحسب تقديرات الحكومة. فيما يقول مختصون في علم النفس إن الحرب الأهلية التي دارت رحاها بالجزائر انعكست على تصرفات عدد كبير من الأشخاص الذين عاشوا أحداث عنف خلال هذه الفترة.
من جهتها، قالت صبرينة قهار، خبيرة علم النفس الإكلينيكي وعضو «المجلس الوطني لحقوق الإنسان» (حكومي): «رفعنا إلى رئاسة الجمهورية في شهر يونيو (حزيران) الماضي تقريرا مفصلا عن سوء معاملة الأطفال، مع التركيز على ظاهرة خطفهم. وقد دعونا فيه الفاعلين بالأجهزة المؤسساتية وغير المؤسساتية إلى مضاعفة الجهود من أجل الحد من هذه الظاهرة التي أضحت فعلا مصدر قلق للعائلات الجزائرية». وأشارت قهار إلى المادة 72 من الدستور التي تقول إن «الأسرة والمجتمع والدولة تحمي حقوق الطفل، وتكفل الدولة الأطفال المتخلى عنهم، أو مجهولي النسب ويقمع القانون العنف الأطفال». واللافت أنه مع كل حالة خطف طفل تتناولها وسائل الإعلام، تنتشر موجة رعب في أوساط الآباء والأمهات، ما أصبح يرغمهم على التنقل بأنفسهم مع أطفالهم إلى المدارس، وانتظارهم عند الخروج لاصطحابهم إلى بيوتهم خوفا من التعرض للخطف.
وذكر مصطفى خياطي، رئيس «الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث»، (منظمة غير حكومية) لصحافيين، مفسرا هذه الظاهرة التي كانت حتى وقت قريب غريبة عن المجتمع الجزائري بقوله «يصل عدد الأطفال المختطفين فجأة من بيوت آبائهم إلى 100 حالة سنويا، بحسب إحصاءات جهاز الشرطة. وقد سجلت هيئتنا التي تشتغل على هذا الملف، معدل قتل طفلين في السنة خلال الـ20 عاما الماضية. غير أن الظاهرة استفحلت في السنوات القليلة الماضية وأصبحت مقلقة بالفعل».
وارتفعت بالجزائر أصوات داعية إلى تفعيل حكم الإعدام، الذي جمدت الحكومة تنفيذه منذ 23 سنة، بسبب تعاظم ظاهرة خطف الأطفال، علما بأنه تم تنفيذ آخر حكم بالإعدام عام 1994 بحق أربعة متطرفين اتهمتهم السلطات بتفجير مطار العاصمة الجزائرية عام 1992 وخلف قتيلا. وكان الشيخ الراحل عبد الرحمن شيبان رئيس «جمعية العلماء المسلمين الجزائريين»، أول من عارض تجميد الإعدام من منطلق شرعي. لكن السلطات أوقفت تطبيقه بضغط من منظمات حكومية غربية.
وأطلقت الحكومة العام الماضي «مخطط إنذار»، ودعت المواطنين إلى الاستعانة به للتبليغ عن أي حالة اختطاف أو فقدان أطفال. وقالت إنه «من شأنه أن ينهي ظاهرة الاختطاف في ظرف وجيز. لكن لا تعرف نتائج تطبيق المخطط بعد مرور سنة على بدء العمل به، فيما تظل الصحافة تنشر أخبارا عن خطف أطفال بالمناطق الداخلية».
بدوره قال بوجمعة غشير، رئيس «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان»، إن «مخطط الإنذار الوطني حول الإبلاغ عن حالة اختطاف لن يقضي على الظاهرة كلية ولكن سيقلل منها». وذكر الناشط الحقوقي أنه يعارض حكم الإعدام من حيث المبدأ، «ولكني أطالب بتطبيقه بحق من يعتدي على الطفل البريء فيحرمه من حقه في الحياة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.