مجلس القضاء اللبناني يتمسك بالاعتكاف

TT

مجلس القضاء اللبناني يتمسك بالاعتكاف

يواصل قضاة لبنان اعتكافهم عن مزاولة عملهم، وامتناعهم عقد جلسات للتحقيق والمحاكمات، باستثناء القضايا التي فيها موقوفون وتستوجب البتَّ سريعاً، وذلك احتجاجاً على حرمانهم من امتيازات معنوية ومادية في قانون سلسلة الرتب والرواتب، وهو ما زاد من إرباك السلطة السياسية، العاجزة عن معالجة هذا الأمر حتى الآن.
وزار وزير العدل سليم جريصاتي رئيس مجلس النواب نبيه بري، أمس، وبحث معه قضية اعتكاف القضاة، التي تزيد الأعباء القضائية وتؤخر البت بآلاف الملفات العالقة، ودعا القضاة إلى العودة عن هذا الاعتكاف، لكن سرعان ما جاء الردُّ من مجلس القضاء الأعلى، الذي حثّ القضاة إلى الاستمرار بمقاطعة النظر في الدعاوى، باستثناء بعض التدابير الملحّة.
وأعلن وزير العدل بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري، أن الأخير «تمنى على السلطة الدستورية المستقلة، أي السلطة القضائية، وقف الاعتكاف خصوصاً بعد أن سمع صوتها». وقال: «سنتقدم باقتراح قانون معجل مكرر يخرج قانون صندوق التعاضد من السلسلة وتخصيص القضاة بعطلتهم».
لكن مجلس القضاء الأعلى الذي كان مجتمعاً مع الرؤساء الأول لمحاكم الاستئناف، أكد مجدداً أنه «يسهر على كرامة القضاء واستقلاله وحسن سير العمل فيه». وقال إن القضاء العدلي «مضطر لمواصلة الاعتكاف عن العمل القضائي، باستثناء النظر في قضايا الموقوفين، لحين إجراء المعالجة التشريعية المتعلّقة بالمقوّمات اللازمة التي تحفظ استقلال السلطة القضائية، وتسمح للقضاء بالنهوض بدوره».
وأضاف مجلس القضاء الأعلى في بيان له أن المجلس «إذْ يأخذ بعين الاعتبار أن ثمّة قضايا معروضة، وأخرى سوف تُعرض على القضاء لا تحتمل طبيعتها التأخير في البت، ما يحتّم الفصل فيها درءاً لضياع الحقوق». ودعا القضاة العدليين إلى «النظر في التدابير الاحتياطية والقضايا الملحّة التي لا تحتمل التأجيل، مثل النفقة، المشاهدة، حماية الأحداث، إثبات الحالة، منع السفر والعنف الأسري، فضلاً عن قضايا الموقوفين»، مشدداً على «الاستمرار في الاعتكاف عن النظر في باقي المسائل الداخلة في عمل القضاء العدلي حتى إجراء المعالجة التشريعية المطلوبة».
وتطرق وير العدل إلى مسألة نقل رئيس مجلس شورى الدولة القاضي شكري صادر من منصبه، وتعيين آخر مكانه، فقال: «تم التنسيق مع القاضي صادر قبل الإعلان عن موضوع نقله، وعادة وزارة العدل لا تعلن عن إجراءاتها، ولكنه جرى إعلام القاضي صادر وفقا للأصول قبل نقله، وهو تمنى إنهاء خدماته وعدم نقله للقضاء العدلي واتخذ قرارا في مجلس الوزراء لتنفيذ طلباته»، معتبراً أن «هناك استغلالاً من قبل البعض لهذا الموضوع إعلاميّاً، ولكن وزارة العدل لن تعلق على الإعلام في هذا الموضوع»، مشيراً إلى أنه «نقل القاضي شكري صادر إلى القضاء العدلي ليس لأسباب مسلكية ولا أخلاقية، بل لأسباب أخرى وُضع هو في جوّها والموضوع محسوم».



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.