32.5 مليار دولار قيمة الصفقات العقارية السعودية خلال 7 أشهر

متعاملون يقللون من جدوى تنويع مصادر التمويل في ظل تضخم الأسعار

انخفاض عمليات التداول جاء نتيجة لتضخم أسعار العقارات في السعودية (تصوير: خالد الخميس)
انخفاض عمليات التداول جاء نتيجة لتضخم أسعار العقارات في السعودية (تصوير: خالد الخميس)
TT

32.5 مليار دولار قيمة الصفقات العقارية السعودية خلال 7 أشهر

انخفاض عمليات التداول جاء نتيجة لتضخم أسعار العقارات في السعودية (تصوير: خالد الخميس)
انخفاض عمليات التداول جاء نتيجة لتضخم أسعار العقارات في السعودية (تصوير: خالد الخميس)

سجّل القطاع العقاري السعودي خلال الأشهر السبعة الماضية، وبالتحديد منذ بداية العام الحالي، انخفاضا في قيمة الصفقات بنسبة تجاوزت 27.5 في المائة، ليستقر إجمالي قيمة الصفقات العقارية عند 32.5 مليار دولار، مقارنة بنحو 45 مليار دولار للفترة ذاتها من العام الماضي، ويتضح من خلال المؤشرات العقارية انخفاض الأنشطة كافة مع الاختلاف في معدلات التراجع.
وألقت رسوم الأراضي البيضاء بظلالها على المشهد العقاري العام من ناحية القيمة والعرض والطلب، إضافة إلى المستويات المنخفضة في الطلب على القطاع التجاري الذي ظل حتى وقت متأخر محافظاً على مستويات جيدة مقارنة بقطاع السكني، كما كان لوزارة الإسكان دور كبير في الضغط على الأسعار لتنخفض عبر فرض تشريعات ودخولها مطوراً غير ربحي عبر برنامج «سكني».
وأكد صالح الغنام المدير العام لشركة الغنام للتطوير العقاري، أن قيمة الصفقات تتناقص بشكل سنوي منذ عام 2014 الذي يعتبر الأفضل خصوصاً في العقد الأخير، وذلك بانتظار انخفاض مناسب للأسعار بعد موجة التضخم التي ضربت السوق خلال السنوات الأخيرة.
وأضاف الغنام، أن السوق تشهد انخفاضاً ملحوظاً في الأسعار تماشيا مع الطلب لمستويات معقولة ومغرية، خصوصاً أن السوق بدأ فعلياً بدفع فواتير رسوم الأراضي البيضاء، وهو ما يتوقع أن يحدث زخماً كبيراً في السوق والأسعار، مستدلاً على ذلك بتسييل كميات كبيرة من الأراضي خلال الفترة الماضية.
وتطرق إلى تسجيل انخفاض ملحوظ في القيمة رغم أنه غير مكافئ للانخفاض في الطلب، ما يوحي بانخفاضات مقبلة في القيمة بعد أكبر سلسلة ارتفاع شهدها القطاع العقاري السعودي، لافتاً إلى أن ما يحدث الآن تصحيح للوضع العقاري الذي بدأت ملامح السيطرة عليه تتضح.
وانخفض إجمالي الصفقات العقارية خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي بنسبة 5.5 في المائة، ووصلت نسبة الانخفاض مقارنة بالفترة نفسها من عام 2014 (ذروة السوق العقارية) إلى 31.3 في المائة. وتبعاً لذلك انخفض عدد العقارات المبيعة خلال الفترة نفسها مقارنة بمثيلتها من العام الماضي بنسبة 7.0 في المائة.
بينما وصلت نسبة الانخفاض مقارنة بالفترة نفسها من عام 2014 إلى 32.5 في المائة. وانخفض إجمالي مساحة الصفقات العقارية خلال تلك الفترة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي بنسبة 55.5 في المائة، فيما وصلت نسبة الانخفاض مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2014 إلى 3.1 في المائة.
إلى ذلك، اعتبر مشعل الغامدي المستثمر العقاري أن فقدان السوق ما يزيد على 27 في المائة خلال 7 أشهر مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، يمثل نسبة كبيرة تحتاج إلى تدعيم أكبر من ناحية انخفاض ملائم للسعر.
وقال: «رغم سعي الدولة لاحتواء الأسعار وإعادتها إلى ما كانت عليه عبر سن التشريعات التي تدعو إلى ذلك، فإن الحلقة المفقودة تتمثل في ارتفاع أسعار العقار إلى مستويات كبيرة، ما يعكس الحال في السوق في ظل شح السيولة لدى المشترين، خصوصاً لقطاع الإسكان الذي يعيش أياماً عصيبة في ظل التباين بين العرض والطلب وانخفاض القدرة الشرائية نتيجة تضخم الأسعار، بانتظار ما تفضي إليه الرسوم عبر انخفاض حقيقي في الأسعار وبالتالي التمكن من الشراء». وأشار إلى أن المشكلة الحقيقية تكمن في الفجوة بين قدرة المشتري وسعر البائع، وهو ما تحاول الدولة إيجاد توافق فيه بطرق مختلفة.
ولفت إلى أن الحديث عن فتح خيارات تمويل سواء كانت حكومية أو غير حكومية، غير مجدٍ في هذا التوقيت بالذات في ظل ارتفاع أسعار العقار لأكثر من قيمتها الحقيقية، مؤكداً أنها رغم انخفاضها منذ نهاية العام الماضي فإنها ليست ملائمة لحال السوق والمعدلات الحقيقية للطلب المرتبط بالشراء.
وذكر أن الانخفاض جاء بعد تقلص الطلب إلى حد كبير بضغط من الواقع الذي يعجز المستثمرون فيه عن تحريك السوق وفتح جبهات استثمارية جديدة تمكّنهم من جني أرباح بشكل مضاعف.
وانخفض إجمالي قيمة الصفقات العقارية الأسبوعية بنسبة قياسية بلغت 34.9 في المائة، مقارنة بارتفاعه للأسبوع الأسبق بنسبة 7.3 في المائة، ليستقر إجمالي قيمة صفقات السوق العقارية بنهاية الأسبوع الثامن والعشرين من العام الجاري عند مستوى 1.04 مليار دولار، يعزى الانخفاض القياسي في إجمالي قيمة الصفقات خلال الأسبوع إلى انخفاض قيمة صفقات الأراضي بنسبة 38.1 في المائة، التي شكلت نحو 89.7 في المائة من إجمالي قيمة الصفقات العقارية.
وأشار وليد الرويشد الذي يدير شركة مستقبل الإعمار العقارية، إلى أن الضغوط ترمي إلى خفض الأسعار لتكون في متناول الجميع وهو ما يحصل الآن، متوقعاً المزيد من الانخفاض خلال الفترة المقبلة في ظل تبلور الأسباب المؤدية إلى ذلك، مبيناً أن الاستجداء بالتمويلات العقارية لن يكون مجدياً، خصوصاً أن جوهر المشكلة يكمن في قيمة العقار التي تعتبر مرتفعة وأكبر من قدرة شريحة كبيرة من الراغبين على التملك، موضحاً أن الانخفاض الملحوظ في إطلاق المشاريع التجارية التي باتت محدودة يعكس حال السوق.
وأضاف الرويشد أن المستثمرين العقاريين يعيدون النظر في أسعار ما يمتلكونه أو يعرضونه من عقارات حالياً بعد انخفاض الطلب لمستويات كبيرة مما ينتظر معه أن تشهد السوق العقارية عمليات تصحيح لتضخم الأسعار، في حين أن غالبية المواطنين يتريثون بالشراء لحين اتضاح ما ستفضي إليه الخطوات الحكومية المقبلة التي باتت تفاجئ المستثمرين وتسحب البساط من تحت أرجلهم.



«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
TT

«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء

في وقت تجري فيه الاستعدادات لعقد اجتماع بين الصندوق القومي للإسكان ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي وبنك السودان، لبحث سبل توفير تمويل لمشروعات الإسكان للمواطنين عبر قروض طويلة الأجل، ألغت الحكومة أول من أمس، وأوقفت، إجراءات تسليم المساكن للموطنين والتقديم لها، خوفاً من حدوث إصابات بـ«كورونا»، أثناء الاصطفاف للتقديم والتسلم.
وكان الصندوق القومي للإسكان قد طرح مباني سكنية جاهزة للمواطنين في معظم المناطق الطرفية بالعاصمة الخرطوم، وبقية الولايات، وذلك ضمن مشروع السودان لتوفير المأوى للمواطنين، الذي سيبدأ بـ100 ألف وحدة سكنية لذوي الدخل المحدود. وقد بدأ المشروع بفئة العمال في القطاعات الحكومية في جميع ولايات السودان العام الماضي، بواقع 5 آلاف منزل للمرحلة الأولى، تسدد بالتقسيط على مدى 7 سنوات. ويتضمن مشروع إسكان عمال السودان 40 مدينة سكنية في جميع مدن البلاد، لصالح محدودي الدخل، ويستفيد من المشروع في عامه الأول أكثر من مليونين.
وقد أقام المواطنون مواقع أمام مقر الصندوق القومي للإسكان، وباتوا يتجمعون يومياً بأعداد كبيرة، ما سبب إزعاجاً لدى إدارة الصندوق والشارع العام، وذلك بعد قرار سياسي من والي ولاية الخرطوم، لدعوة المواطنين للتقديم للحصول على سكن شعبي.
ووفقاً للدكتور عبد الرحمن الطيب أيوبيه الأمين العام المكلف للصندوق القومي للإسكان والتعمير في السودان لـ«الشرق الأوسط» حول دواعي إصدار قرار بوقف إجراءات التسليم والتقديم للإسكان الشعبي، وعما إذا كان «كورونا» هو السبب، أوضح أن تلك التجمعات تسببت في زحام شديد، حيث نصب المتقدمون للوحدات السكنية خياماً أمام مقر الصندوق في شارع الجمهورية، بعد قرار الوالي في وقت سابق من العام الماضي بدعوة المواطنين للتقديم. وظلت تلك التجمعات مصدر إزعاج وإرباك للسلطات، ولم تتعامل معهم إدارة الصندوق، إلى أن جاء قرار الوالي الأخير بمنع هذه التجمعات خوفاً من عدوى «كورونا» الذي ينشط في الزحام.
وبين أيوبيه أن الخطة الإسكانية لا تحتاج لتجمعات أمام مباني الجهات المختصة، حيث هناك ترتيبات وإجراءات للتقديم والتسلم تتم عبر منافذ صناديق الإسكان في البلاد، وعندما تكون هناك وحدات جاهزة للتسليم يتم الإعلان عنها عبر الصحف اليومية، موضحاً أن كل ولاية لديها مكاتب إدارية في كل ولايات السودان، وتتبع الإجراءات نفسها المعمول بها في العاصمة.
ولم يخفِ أيوبيه أزمة السكن في البلاد، والفجوة في المساكن والوحدات السكنية، والمقدرة بنحو مليوني وحدة سكنية في ولاية الخرطوم فقط، لكنه أشار إلى أن لديهم خطة مدروسة لإنشاء 40 ألف مدينة سكنية، تم الفراغ من نسبة عالية في العاصمة الخرطوم، بجانب 10 آلاف وحدة سكنية.
وقال إن هذه المشاريع الإسكانية ستغطي فجوة كبيرة في السكن الشعبي والاقتصادي في البلاد، موضحاً أن العقبة أمام تنفيذها هو التمويل، لكنها كمشاريع جاهزة للتنفيذ والتطبيق، مشيراً إلى أن لديهم جهوداً محلية ودولية لتوفير التمويل لهذه المشاريع.
وقال إن اجتماعاً سيتم بين الصندوق القومي للإسكان وبنك السودان المركزي ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، لتوفير الضمانات بالنسبة للتمويل الخارجي واعتماد مبالغ للإسكان من الاحتياطي القانوني للمصارف المحلية.
وأكد الدكتور عبد الرحمن على أهمية التنسيق والتعاون المشترك بين الجهات المعنية لإنفاذ المشروع القومي للمأوى، وتوفير السكن للشرائح المستهدفة، مجدداً أن أبواب السودان مشرعة للاستثمار في مجال الإسكان. وأشار إلى أن الصندوق القومي للإسكان سيشارك في معرض أكسبو في دبي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وذلك بجناح يعرض فيه الفرص الاستثمارية في السكن والوحدات السكنية في السودان، وسيتم عرض كل الفرص الجاهزة والمتاحة في العاصمة والولايات.
وقال إن هناك آثاراً متوقعة من قرار رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية على البلاد، ومن المتوقع أن يسهم كثيرا في إنعاش سوق العقارات واستقطاب رؤوس أموال لصالح التوسع في مشروعات الإسكان. وأبان أن الصندوق استطاع خلال السنوات الماضية إحداث جسور للتعاون مع دول ومنظمات واتحادات ومؤسسات مختلفة، وحالت العقوبات دون استثمارها بالشكل المطلوب، مشيرا إلى أن جهودهم ستتواصل للاستفادة من الخبرات والموارد المالية المتاحة عبر القروض والمنح والاستثمارات.
وأكمل الصندوق القومي للإسكان في السودان تحديد المواقع والدراسات لمشروع المأوى القومي ومنازل العمال، حيث ستشيد المنازل بأنماط مختلفة من السكن الاقتصادي، الشعبي، الاستثماري، الريفي، والمنتج، بتمويل من البنوك العاملة في البلاد، وفق خطة الصندوق.
وقد طرحت إدارة الصندوق عطاءات منذ بداية العام الجاري لتنفيذ مدن سكنية، كما دعت المستثمرين إلى الدخول في شراكات للاستثمار العقاري بالولايات لتوفير المأوى للشرائح المستهدفة، إلا أن التمويل وقف عثرة أمام تلك المشاريع.
وطرح الصندوق القومي للإسكان في ولاية الخرطوم أن يطرح حالياً نحو 10 آلاف وحدة سكنية لمحدودي الدخل والفئويين والمهنيين في مدن العاصمة الثلاث، كما يطرح العديد من الفرص المتاحة في مجال الإسكان والتطوير العقاري، حيث تم الانتهاء من تجهيز 5 آلاف شقة و15 ألفا للسكن الاقتصادي في مدن الخرطوم الثلاث.
وتم تزويد تلك المساكن بخدمات الكهرباء والطرق والمدارس وبعض المرافق الأخرى، بهدف تسهيل وتوفير تكلفة البناء للأسرة، حيث تتصاعد أسعار مواد البناء في البلاد بشكل جنوني تماشياً مع الارتفاع الذي يشهده الدولار مقابل الجنيه السوداني والأوضاع الاقتصادية المتردية التي تمر بها البلاد حالياً.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان لديه خطة لتوسيع قاعدة السكن لمحدودي الدخل، عبر الإسكان الرأسي، الذي يتكون من مجمعات سكنية، كل مجمع يضم بناية من 7 أدوار، ويتكون الطابق من 10 شقق سكنية، بمساحات من 180 إلى 300 متر مربع.
ويتوقع الصندوق أن يجد مشروع الإسكان الرأسي والشقق، رواجاً وإقبالاً في أوساط السودانيين محدودي الدخل، خاصة أنه أقل تكلفة وأصبح كثير من السودانيين يفضلونه على السكن الأفقي، الأمر الذي دفع الصندوق لتنفيذ برامج إعلامية لرفع مستوى وعي وثقافة المواطنين للتعامل مع السكن الجماعي والتعاون فيما بينهم.
ووفقاً لمسؤول في الصندوق القومي للإسكان فإن برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي، يتضمن كيفية المحافظة على خدمات البناية، ورفع وعيهم بهذا النوع من البناء، حتى تتحول الخرطوم إلى عاصمة حضارية وجاذبة. وأضاف المصدر أن برنامج التوعية بالسكن في الشقق ودوره في تقليل تكلفة السكن، سيتولاه فريق من اتحاد مراكز الخدمات الصحافية، الذي يضم جميع وسائل الإعلام المحلية، مما سيوسع قاعدة انتشار الحملات الإعلامية للسكن الرأسي.
تغير ثقافة المواطن السوداني من السكن التقليدي (الحوش) إلى مساحات صغيرة مغلقة لا تطل على الشارع أو الجيران، ليس أمرا هينا. وبين أن خطوة الصندوق الحالية للاعتماد على السكن الرأسي مهمة لأنها تزيل كثيرا من المفاهيم المغلوطة عن السكن في الشقق السكنية.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان عام 2018 بدأ بالتعاون مع شركة هيتكو البريطانية للاستثمار، لتنفيذ مشروع الإسكان الفئوي الرأسي، الذي يستهدف بناء 50 ألف وحدة سكنية بالعاصمة الخرطوم، وكذلك مشروع لبناء أكبر مسجد في السودان، بمساحة 5 كيلومترات، وبناء 3 آلاف شقة ومحلات تجارية.