قلق إسرائيلي من «تراجع خطير» في العلاقة مع مصر

TT

قلق إسرائيلي من «تراجع خطير» في العلاقة مع مصر

أعربت جهات إسرائيلية رفيعة عن قلقها من «التراجع الخطير» في العلاقات مع مصر في القنوات الدبلوماسية، واقتصارها على قناة الاتصال المباشر بين الحكومتين، وإغلاق السفارة الإسرائيلية في القاهرة للشهر الثامن على التوالي.
وحسب مصادر برلمانية عليمة، قالت شخصيات من وزارة الخارجية والجيش ووزارة الاقتصاد، خلال نقاش خاص أجرته اللجنة البرلمانية الفرعية في لجنة الخارجية والأمن أخيراً، إن حجم العلاقات مع مصر تقلص بشكل حاد منذ مغادرة السلك الدبلوماسي للسفارة. لكن مسؤولين في مجلس الأمن القومي، في ديوان رئيس الحكومة، حاولوا التخفيف من هذا الوضع، وقالوا إن استمرار العلاقات الأمنية مع مصر أهم بالنسبة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو من إعادة تفعيل السفارة الإسرائيلية في القاهرة، المهجورة منذ ديسمبر (كانون أول) 2016.
المعروف أن السفير الإسرائيلي وطاقمه لا يوجدون في مصر منذ 8 أشهر، وهذه هي أطول فترة تبقى فيها السفارة الإسرائيلية غير مأهولة منذ توقيع اتفاق السلام مع مصر قبل نحو 40 سنة. وقد أعيد السفير وطاقمه إلى إسرائيل في العام الماضي لأسباب أمنية، كما يبدو، على خلفية تحذير من عملية هجومية. ومنذ ذلك الوقت، لم يرجع الطاقم الدبلوماسي. وتتهم إسرائيل مصر بالمماطلة بشأن الترتيبات الأمنية المطلوبة.
كانت النائبة كسانيا سباتلوفا، من كتلة «المعسكر الصهيوني» المعارضة، وهي في الأصل باحثة متخصصة في شؤون الشرق الأوسط، قد طلبت إجراء نقاش حول هذا الموضوع، وكتبت في رسالة وجهتها إلى رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست آفي ديختر، ورئيس اللجنة الفرعية للشؤون الخارجية روبرت اليطوف، أنها قلقة إزاء تقليص العلاقات بين إسرائيل ومصر، كونها تعتمد فقط على اتصالات بين عدد قليل من الضباط في الجانبين، وعلى المحادثات التي يجريها مبعوث رئيس الحكومة يتسحاق مولخو مع بعض الجهات القيادية في مصر، وأكدت أن «عدم وجود سفير إسرائيلي يتم تفسيره من قبل كثيرين كتنازل كامل عن السفارة في القاهرة لأن عدم قدرته على دفع علاقات تجارية ودبلوماسية من هناك تترك الحلبة خاوية. هل سنتمكن في غياب السفير، وإقصاء وزارة الخارجية عما يحدث في مصر، من إعادة العجلة إلى الوراء؟»
وقالت مصادر اطلعت على مجريات الجلسة التي انعقدت قبل أسبوعين إن ممثلي وزارة الخارجية أوضحوا أن حقيقة عدم وجود سفارة لإسرائيل في القاهرة منذ 8 أشهر يصعب جداً من العلاقات بين البلدين، وقالوا إن الاتصالات بين وزارة الخارجية والحكومة المصرية تنحصر في المحادثات مع السفير المصري لدى إسرائيل وطاقمه. وأشار رجال الخارجية إلى شعورهم بحدوث تراجع كبير في حجم العلاقات مع مصر، أيضاً خارج المجال الأمني، وأكدوا أنه يحظر جعل العلاقات مع مصر تتوقف على الموضوع الأمني فقط.
وقالت المصادر إن مندوبي وزارة الاقتصاد وممثلي الجيش الذين شاركوا في الجلسة اتفقوا مع رجال وزارة الخارجية، وأعربوا عن قلقهم إزاء حالة العلاقات مع مصر، ووافقوا على ضرورة العمل على إعادة فتح السفارة، والعودة للتعاون السياسي والمدني والاقتصادي، وليس الأمني فقط.
وأكد مندوب وزارة الاقتصاد أنه بالنسبة لمصر، يعتبر غياب السفارة الإسرائيلية مسألة تخفف عنها الكثير، خصوصاً في الرأي العام، وأضاف: «بالنسبة لهم، يمكننا ألا نعود إلى القاهرة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.