رعاة هدنة الغوطة يهددون «فيلق الرحمن» بحل عسكري

قاعدة روسية بريف دمشق تجبر النظام على وقف هجماته

TT

رعاة هدنة الغوطة يهددون «فيلق الرحمن» بحل عسكري

يتجه إحجام «فيلق الرحمن» عن التوقيع على هدنة الغوطة الشرقية، التي وُقّع عليها في القاهرة بين المعارضة وروسيا برعاية مصرية، نحو مرحلة أخرى من التصعيد تنبئ باقتتال داخلي وتشريع لقصف روسي، بهدف تثبيت الاتفاق، في وقت أقامت فيه روسيا قاعدة عسكرية جديدة في ريف دمشق الشمالي، في مسعى لتعزيز وجودها العسكري في سوريا، بعد إبرامها 3 اتفاقات لإقامة مناطق «خفض التصعيد» نشرت فيها عناصر من الشرطة العسكرية الروسية. وتحمّل الأطراف المعنية بالهدنة «فليق الرحمن» مسؤولية خرقها، بالنظر إلى أن التنظيم لم يوقع الاتفاق.
وحذر عضو الأمانة العامة لـ«تيار الغد السوري» قاسم الخطيب من أنه إذا فشلت مساعي «جيش الإسلام» لإقناع «فيلق الرحمن» بالتوقيع على اتفاق خفض التصعيد، فإن «التنظيم الذي يسيطر على مناطق القطاع الأوسط في الغوطة الشرقية لدمشق سيكون أمام حل عسكري» على حد قوله. وقال الخطيب لـ«الشرق الأوسط»: «يظهر أن محادثات تجري في هذا الوقت بين الفصيلين بهدف إقناع (الفيلق) بالتوقيع على الاتفاق»، منبهاً من أنه «في حال الرفض، فإن الروس سيضربون (الفيلق)، أو أن (جيش الإسلام) سيضربهم ويخرجهم من المنطقة مع بقايا (جبهة النصرة) الموجودة في الغوطة»، مشدداً على أن «الخاسر الأكبر من ذلك هم الثوار المدنيون في تلك المناطق».
وبينما يقول «الفيلق» إنه لم يوقع على اتفاق الهدنة، ما يعني أنه خارج الاتفاق، أكد الخطيب أن «الفيلق» بالفعل «لم يوقع، وحين أرسل إليه نص الاتفاق، كانت الإجابة بالرفض أو التريث»، لافتاً إلى أن الفيلق «يريد جهات ضامنة غير الروس للاتفاق، بمعنى أنه يريد الأتراك أو القطريين جهات ضامنة، علما بأن ما يجري الاتفاق عليه هو هدنة وليست مصالحات».
وأضاف: «حين رعت قطر أو تركيا اتفاقات مع (النصرة) أو (حزب الله)، أخرجت الناس من مواقعها، وساهمت في تهجير وتطهير ديموغرافي، لكن ما يحصل في الغوطة الشرقية وريف حمص هو هدن ووقف إطلاق نار، ما يعني أنه لن تكون هناك (باصات) خضراء ولا نقل للمدنيين، سواء كانوا موالين أم معارضين، بل تبقى الناس في أماكنها من غير تجريدهم من أسلحتهم، بانتظار الحل السياسي في النهاية». وكان «الفيلق» نفى في بيان له علمه باتفاق القاهرة الأخير أو الاطلاع على تفاصيله، وقال: «لم نعلم باتفاق القاهرة الأخير، ولم نطَّلع على تفاصيله، وكذلك أهالي الغوطة وفعالياتها المعنية به، ومن المفترض أن يُعلن الاتفاق وتُوضَّح بنوده».
ميدانيا، نفذت الطائرات الحربية أمس 4 غارات جوية مستهدفة مناطق في أطراف بلدة عين ترما الواقعة في الأطراف الغربية لغوطة دمشق الشرقية، في حين قصفت قوات النظام بـ15 صاروخا يعتقد أنها من نوع «أرض - أرض»، أماكن في منطقتي جوبر وعين ترما وما بينهما.
في غضون ذلك، ثبتت روسيا قاعدة عسكرية جديدة لها في سوريا، تقع في ريف دمشق الشمالي. وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن «المئات من الجنود الروس وصلوا مع معداتهم وعرباتهم إلى مقر القوات الخاصة (السورية) في منطقة الدريج (بريف دمشق الشمالي) الشهر الماضي».
ووفق الشهود، فقد «أخلى الجنود السوريون المقر»، بينما تحدثت مصادر مطلعة عن قيام النظام «بتعبيد الطريق ما بين الدريج وجسر بغداد (على طريق دمشق - حمص) بناء على طلب روسي ليصبح بمثابة طريق عسكرية للوجود الروسي طويل الأمد» في سوريا. وجاءت إقامة القاعدة العسكرية الروسية في منطقة الدريج بعد اتفاق الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين في 7 يوليو (تموز) الماضي، على إنشاء «منطقة خفض تصعيد» في جنوب غربي سوريا، وإعلان موسكو في 22 من الشهر نفسه عن الاتفاق مع المعارضة على إقامة منطقة أخرى في غوطة دمشق الشرقية، كذلك الإعلان الخميس الماضي عن الاتفاق مع المعارضة على إقامة «منطقة خفض تصعيد» في ريف حمص الشمالي.
وحصلت روسيا عبر تلك الاتفاقات على شرعية من المعارضة السورية لنشر قوات برية بغض النظر عن تسميتها. كما أن اتفاقات «مناطق خفض التصعيد» تعطي الجانب الروسي، ضمنا، الحق في الرد العسكري على أي هجمات تشنها مجموعات مثل «جبهة النصرة» من مواقع لها في تلك المناطق. ويرى مراقبون أن هذه التغيرات الطفيفة تمهد لدور جديد ستقوم به القوات الروسية في سوريا خلال المرحلة المقبلة. وفي مؤشر على ضغط روسي على النظام للالتزام باتفاقات «خفض التوتر»، كشفت المصادر المطلعة عن إجبار الروس النظام على إيقاف عملية عسكرية شنها والميليشيات الإيرانية الموالية له ضد المعارضة في المنطقة الجنوبية الشرقية من البادية. وقالت المصادر: «لقد أجبروه على عدم شن غارات جوية وإعادة جيشه».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».