معارضة فرنسية ضد «السيدة الأولى»... فهل من دور حقيقي لهذا اللقب؟

بريجيت ماكرون زوجة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (باريس ماتش)
بريجيت ماكرون زوجة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (باريس ماتش)
TT

معارضة فرنسية ضد «السيدة الأولى»... فهل من دور حقيقي لهذا اللقب؟

بريجيت ماكرون زوجة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (باريس ماتش)
بريجيت ماكرون زوجة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (باريس ماتش)

بدأت منذ أسبوعين تقريباً حملة موسعة لمعارضة توجهات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في وضع إطار رسمي يحدد مهام ودور المنصب الذي حصلت عليه قرينته «السيدة الأولى» في فرنسا، والذي كان قد أعلن عن رغبته في وضعه قبل وصوله إلى الحكم.
وجمعت العريضة التي أطلقت على الإنترنت ضد استحداث لقب «السيدة الأولى» لبريجيت ماكرون نحو 200 ألف توقيع، ورفض الموقعون أن تخصص ميزانية لزوجة الرئيس من المال العام وضرائب الفرنسيين، خصوصاً في ظل سعي الحكومة لإرساء خطة «لتخليق الحياة السياسية»، تتضمن منع توظيف الوزراء والنواب لأقاربهم.
وانتقدت الحملة محاولة وضع إطار قانوني لـ«السيدة الأولى»، مع الأخذ في الاعتبار أن بريجيت ماكرون لديها في الوقت الحالي فريق عمل يضم 7 أفراد، مقسمين ما بين 3 مساعدين، وطاقم سكرتارية يضم فردين، إلى جانب حارسي أمن، الأمر الذي اعتبرته الوثيقة كافياً جداً، وليس بحاجة لمزيد من الإنفاق من الموازنة العامة على التوسع في دور «السيدة الأولى».
وبخلاف الولايات المتحدة الأميركية، لا تتمتع زوجة الرئيس الفرنسي رسمياً بلقب «السيدة الأولى»، على مدار الفترات السابقة في الحكم بقصر الإليزيه.
وقد أعرب الرئيس الفرنسي عن استيائه الشديد من هذا الأمر، وقال في حوار صحافي مع صحيفة «الإندبندنت»: «أعتقد أنه عندما يتم انتخاب رئيس الجمهورية، من الطبيعي للغاية أن تعيش زوجته معه في القصر نفسه، وتشاركه الحياة الشخصية والحياة العامة أمام الجماهير، وهذا يعطي الحق في أن يكون لها دور اجتماعي، ويجب على الجميع أن يعترف بذلك».
وتأتي تصريحات ماكرون في الوقت الذي يتزايد فيه أعداد الموقعين على قرار منع «بريجيت» من تولى أي منصب قيادي أو سياسي، أو حتى استخدام صلاحياتها كـ«السيدة الأولى» في فرنسا، وهو الأمر الذي أغضب الرئيس الفرنسي بشدة، إذ إنه قد وعد زوجته بتفعيل دور السيدة الأولى، عندما يتولى منصب رئيس الجمهورية في شهر مايو (أيار) الماضي.
يشار إلى أن الرئيس ماكرون كان قد تعهد خلال حملته الانتخابية بأنه في حال ربح الانتخابات، فسوف تلعب زوجته «دوراً عاماً» لا تدفع تكلفته «من أموال دافعي الضرائب». كما طرح قانوناً يمنح زوجته صلاحيات رسمية أكبر من الحالية، بما يتضمن تخصيص جزء من الأموال السيادية لمساعدتها على القيام بعملها، الأمر الذي عارضه اليسار بشدة.

- أي دور لسيدة فرنسا الأولى؟
من المؤكد أن الدستور الفرنسي لا يحتوي على أي بند متصل بوضع زوجات رؤساء الدولة الفرنسية، أو بوضع الأزواج في حال وصول نساء إلى قصر الإليزيه.
ولا يزال الرأي العام الفرنسي منقسماً على نفسه إزاء هذه المسألة، وهو ما يتجلى مثلاً من خلال العريضة التي أطلقت منذ بضعة أسابيع، ووقع عليها حتى يوم السابع من الشهر الحالي قرابة مائتي ألف شخص. وإذا كان الموقعون على العريضة يقولون إنهم يُكِنُّون لبريجيت ماكرون كل الاحترام، فإنهم يرون أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال استحداث لقب رسمي لسيدة فرنسا الأولى لأن الدستور الفرنسي لا ينص على ذلك، ولأنه لا يُعقل أن تُقتطع أموال إضافية من الخزينة العامة لتمويل أنشطتها.
ولكن، يذكر المؤيدون لاستحداث لقب «السيدة الأولى» رسمياً، وبينهم الرئيس الفرنسي، بما وعد به هذا الأخير خلال الحملة الانتخابية، من أن زوجته لن تُكافأ مالياً، إذا قبلت بأن يكون لديها دور في الحياة العامة، بالإضافة إلى أن هذا الدور فعلي من خلال الممارسة، حتى وإن كان الدستور لا ينص على ذلك. ويستشهد هؤلاء بالدور الذي لعبته على سبيل المثال زوجتا الرئيسين الأسبقين فرنسوا ميتران وجاك شيراك.
فما قامت به دانيال ميتران لفائدة القضية الكردية يتجاوز في قيمته السياسية ما أنجزته دول بأكملها تجاه القضية نفسها. وأما برناديت شيراك، فإنها استطاعت أن تساعد مستشفيات فرنسا على تفعيل شبكة مهمتها جمع القطع النقدية التي لا قيمة لها للعناية بالأطفال. كما تمكنت هذه السيدة من التأكيد على أن تضافر جهود كل الأسر للتبرع بهذه القطع من شأنه أن يتحول إلى ثروة يستفيد منها المجتمع بأسره.

- «السيدة الأولى» بين أميركا وأوروبا
يشرح أستاذ التاريخ المعاصر المتخصص بتاريخ وسائل الإعلام والعلاقات السياسية، المؤرخ في جامعة فرساي سان كوينتين في إيفلين، كريستيان دولابورت: «السيدة الأولى لا تتمتع بمكانة خاصة في فرنسا بالمعنى المؤسسي أو الدستوري، ليس لديها راتب أو مكتب في الإليزيه».
ويضيف: «منذ فترة طويلة، لسيدة فرنسا الأولى مكانة بروتوكولية كمضيفة في الإليزيه، ومرافقة للرئيس حين يسافر إلى الخارج، أو في الاحتفالات الدولية ومؤتمرات القمة. فلدورها ومكانتها علاقة بالتقاليد الملكية الفرنسية التي تتوافق الآن مع النظام الجمهوري، وهي أيضاً تقليد للنموذج الأميركي، بالنسبة لمصطلح (السيدة الأولى)، فهو استعارة من المفردات الأميركية». ويستطرد: «في فرنسا، يمكن القول إن دور السيدة الأولى أقل قوة من دورها في الولايات المتحدة. لذلك، لا يمكن للفرنسيين أن يفهموا وجودها على قائمة المستشارين المكلفين التفكير في إصلاح سياسي، كما هو الحال مع هيلاري كلينتون بخصوص إصلاح النظام الصحي، حين كان بيل كلينتون رئيساً للولايات المتحدة. بالمقابل، دور السيدة الأولى في فرنسا أقوى بكثير من أغلب الدول الأوروبية الأخرى، حيث لا يظهر من يتقاسم حياة المسؤولين، بالإضافة إلى الاستمرار بالعمل الوظيفي وكأن شيئاً لم يحدث. كمثال، يواكيم سوير زوج المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، معروف بعدم حب الظهور».
ويؤكد دولابورت أنه: «باختصار، بين الولايات المتحدة وألمانيا، فرنسا تقدم نموذجاً متوسطاً للسيدة الأولى».

- تاريخ المصطلح
يختلف المؤرخون حول أصل لقب «السيدة الأولى»، إلا أن غالبيتهم يقولون إنه ظهر للمرة الأولى في الولايات المتحدة في منتصف القرن التاسع عشر تقريباً، حيث استخدم للإشارة إلى مارثا واشنطن، زوجة الرئيس المؤسس للولايات المتحدة جورج واشنطن، التي كانت قد توفيت قبل استخدام الاسم رسمياً في عدد من دول العالم بقرابة نصف قرن.
وتقول مصادر أخرى إن الرئيس زاكاري تايلور استخدمه في حفل تأبين رسمي لدوللي ماديسون، زوجة الرئيس الرابع للولايات المتحدة جيمس ماديسون، التي كانت قد توفيت في عام 1817، إلا أن آخرين يعودون بالاسم لأقدم من ذلك بكثير.
في حين يرى عدد من المؤرخين أن مصطلح السيدة الأولى ظهر لأغراض سياسية للمرة الأولى في الإمبراطورية الرومانية، عندما قرر جايوس أوكتافيوس ألا يطلق على نفسه ألقاباً، مثل ديكتاتور أو ملك، في حين قرر أن يختار لنفسه اسماً متواضعاً هو «المواطن الأول». وبذلك، أصبحت زوجته السيدة الأولى للامبراطورية الرومانية. أما الثابت في كل الأحوال، فهو أن الاسم لم ينتشر في الولايات المتحدة الأميركية إلا في الربع الأخير من القرن التاسع عشر، ليصبح رائجاً بعدها في بلدان عدة حول العالم.



موسكو تندد بتصريحات «معادية» على خلفية تسميم نافالني

المعارض الروسي ألكسي نافالني خلال مظاهرة في موسكو (أرشيفية - أ.ف.ب)
المعارض الروسي ألكسي نافالني خلال مظاهرة في موسكو (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

موسكو تندد بتصريحات «معادية» على خلفية تسميم نافالني

المعارض الروسي ألكسي نافالني خلال مظاهرة في موسكو (أرشيفية - أ.ف.ب)
المعارض الروسي ألكسي نافالني خلال مظاهرة في موسكو (أرشيفية - أ.ف.ب)

قالت وزارة الخارجية الروسية، اليوم السبت، إنها لاحظت صدور عدة تصريحات «معادية لروسيا» فيما يتعلق بموضوع صحة المعارض الروسي ألكسي نافالني، وذلك بعد أن قالت ألمانيا إنه تعرض للتسميم بغاز نوفيتشوك للأعصاب.
وكتبت وزارة الخارجية في بيان «فيما يتعلق بهذه التصريحات المتجرئة أن... (غاز نوفيتشوك) جرى تطويره هنا، أصبح لزاما علينا أن نقول ما يلي: لعدة سنوات، لجأ مختصون في العديد من الدول الغربية والهيئات المتخصصة التابعة لحلف شمال الأطلسي إلى استخدام هذه المجموعة واسعة النطاق من المركبات الكيميائية».
واندلعت أزمة جديدة بين روسيا والغرب، بعدما أكدت ألمانيا هذا الأسبوع وجود «أدلة قاطعة» على أن أبرز خصوم سيد الكرملين فلاديمير بوتين تعرض للتسميم بغاز الأعصاب نوفيتشوك الذي طُور خلال الحقبة السوفياتية.
وأبدى قادة غربيون وكثير من الروس قلقهم البالغ حيال ما قال حلفاء نافالني إنه أول استخدام يتم الكشف عنه لأسلحة كيميائية ضد قيادي في المعارضة الروسية على أراضي البلاد.
ومَرِض المحامي البالغ 44 عاما عندما كان على متن رحلة جوية الشهر الماضي، وخضع للعلاج في مستشفى في سيبيريا قبل إجلائه إلى برلين. وما زال في غيبوبة اصطناعية منذ أسبوعين.
ونفى الكرملين أن تكون روسيا وراء ما حصل له، وقال المتحدث باسم بوتين الجمعة إن موسكو ثابتة على موقفها. وصرح ديمتري بيسكوف لصحافيين «تم التفكير في كثير من النظريات، بما فيها التسميم، منذ الأيام الأولى. بحسب أطبائنا، لم يتم إثبات هذه النظرية».
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف «لا شيء لدينا لنخفيه». واتهم أمام صحافيين، الغرب بطرح مطالب «متعالية»، لافتاً إلى أن وزارة العدل الألمانية لم تتشارك حتى الآن أي معلومات مع المدعين الروس. وأضاف «حين نتلقى جواباً سنرد».
وطرحت شخصيات مؤيدة للكرملين العديد من النظريات المفاجئة في الأيام الأخيرة، بما فيها احتمال أن يكون نافالني تعرض للتسميم بأيدي الألمان أو أنه سمم نفسه.
والجمعة، قال خبير في علم السموم لصحافيين روس إن صحة السياسي المعارض قد تكون تدهورت بسبب نظامه الغذائي أو الضغط النفسي أو الإجهاد، مشددا على أنه لم يُعثر على آثار سم في العينات التي أخذت منه في مدينة أومسك بسيبيريا حيث خضع للعلاج ليومين قبل نقله إلى ألمانيا.
وقال ألكسندر ساباييف إن «المريض لجأ إلى الحمية لخسارة الوزن»، مشيرا إلى أن «التدهور المفاجئ (في صحته) قد يكون نجم عن أي عامل خارجي حتى مجرد عدم تناول وجبة الفطور».
ونفت روسيا في الماضي مسؤوليتها عن هجوم بنوفيتشوك استهدف العميل المزدوج الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته في إنجلترا عام 2018 إلى جانب عدد آخر من الحوادث المشابهة.
في بروكسل، دعا حلف شمال الأطلسي إلى تحقيق دولي بشأن تسميم نافالني وطالب موسكو بكشف تفاصيل برنامجها لغاز نوفيتشوك لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
وأكد الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ بعد اجتماع طارئ عقده «مجلس شمال الأطلسي» أن جميع الدول متفقة على إدانة الهجوم «المروع» الذي تعرض له نافالني.
وقدمت ألمانيا، حيث يخضع نافالني للعلاج، إيجازا لباقي الدول الـ29 الأعضاء بشأن القضية بينما أشار ستولتنبرغ إلى وجود «إثبات لا شك فيه» أنه تم استخدام نوفيتشوك ضد المعارض.
وقال ستولتنبرغ إن «على الحكومة الروسية التعاون بالكامل مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بشأن تحقيق دولي محايد».
وطالبت فرنسا وألمانيا مجدداً روسيا الجمعة بتفسيرات بشأن تسميم نافالني. كما طالبتا بـ«تحديد» هوية المسؤولين عن الهجوم و«إحالتهم على العدالة».
وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب من جهته الجمعة أنه لم يرَ أي أدلة حتى الآن على تسميم نافالني، مضيفاً في الوقت نفسه أنه ليس لديه سبب للتشكيك فيما قالته برلين التي تؤكد أن لديها «أدلة قاطعة» في هذه القضية.
وصرح ترمب «لا أعرف ما حدث تحديداً. أعتقد أنه أمر مأساوي، إنه فظيع، وينبغي ألا يحدث». وقال في مؤتمر صحافي «لم نرَ حتى الآن أي دليل» على تسميم نافالني، متعهدا في الوقت نفسه بأن الولايات المتحدة ستدرس هذا الملف بجدية بالغة.
ودعا مسؤول الشؤون الخارجية لدى الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل موسكو في وقت سابق للتعاون مع تحقيق دولي بشأن عملية التسميم مشيرا إلى أن التكتل الذي يضم 27 دولة لا يستبعد فرض عقوبات عليها.
واعتبر الاتحاد الأوروبي أن استخدام سلاح كيميائي يعد أمرا «غير مقبول على الإطلاق في أي ظرف كان ويشكل خرقا جديا للقانون الدولي ومعايير حقوق الإنسان الدولية».