أنقرة تؤكد جاهزيتها للرد على أي تحرك في عفرين

استمرار تعزيز القوات بالمعدات الثقيلة وسط اشتباكات متقطعة

TT

أنقرة تؤكد جاهزيتها للرد على أي تحرك في عفرين

أكدت أنقرة أنها سترد فورا على أي تحرك أو هجوم ضدها انطلاقا من مدينة عفرين الواقعة تحت سيطرة الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري وذراعه العسكري وحدات حماية الشعب الكردية، أو أي منطقة أخرى في الجانب السوري. وقال نائب رئيس الوزراء التركي بكير بوزداغ في لقاء مع ممثلي وسائل الإعلام في أنقرة، أمس، إن بلاده لم ولن تتوانى عن اتخاذ أي خطوات تحفظ أمنها القومي «عندما يحين وقتها».
وأضاف بوزداغ أن تركيا معنية بشكل مباشر بالتطورات والاضطرابات خلف حدودها الجنوبية، وأنه لا ينبغي لأحد أن يتوقع تجاهلها ما يجري في محيطها في ظل امتلاكها حدودا بطول 910 كلم مع سوريا.
وجاءت تصريحات بوزداغ بعد يومين فقط من تصريحات للرئيس التركي رجب طيب إردوغان فتح فيها الباب مجددا أمام احتمالات تكرار تركيا لعمليات مشابهة لعملية درع الفرات في شمال سوريا لمنع قيام ما سماه «دولة إرهابية» في مناطق سيطرة الميليشيات الكردية.
وكانت تقارير تحدثت مرارا عن عملية باسم «سيف الفرات» تعد تركيا لتنفيذها مع فصائل موالية لها بالجيش السوري الحر لتطويق عفرين وطرد الميليشيات الكردية إلى شرق الفرات.
في الوقت نفسه، جدد بوزداغ رفض بلاده للدعم المقدم من واشنطن إلى وحدات حماية الشعب الكردية وتزويدها بالسلاح في إطار الاعتماد عليها في عملية الرقة والحرب على «داعش»، معتبرا أن لجوء الولايات المتحدة إلى التعاون مع الميليشيات الكردية في مواجهة «داعش» الإرهابي، خطأ فادح.
ولفت إلى أنه بغض النظر عن الدوافع التكتيكية، فإن محاربة تنظيم إرهابي بـ«تنظيم إرهابي» آخر، هو خطأ كبير، على حد قوله.
وتواصل الولايات المتحدة تزويد تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بالسلاح لاعتمادها عليه كحليف في الحرب عل «داعش» وفي تحرير الرقة، وتؤكد أن غالبية السلاح يرسل إلى القوات العربية المشاركة في التحالف وأن التسليح لا يتضمن أسلحة ثقيلة أو دبابات، كما أنها تضمن لتركيا ألا تنتقل هذه الأسلحة إلى حزب العمال الكردستاني المحظور.
وقال بوزداغ إن تركيا ترد بالفعل على التحرشات التي تصدر ضدها من مناطق سيطرة الميليشيات الكردية بين الفينة والأخرى.
ويواصل الجيش التركي منذ الجمعة الماضي تعزيز قواته المنتشرة بمواجهة عفرين والمناطق التي تخضع لسيطرة الميليشيات الكردية بالمدافع والدبابات وراجمات الصواريخ وبحسب مصادر محلية تقع بين الحين والآخر مناوشات واشتباكات بين الجانبين، لا سيما في عفرين المواجهة لمدينة كيليس التركية في جنوب البلاد.
وقصفت القوات التركية خلال الأسبوع الماضي مواقع تابعة لوحدات حماية الشعب الكردية في مطار منغ وكفر أنطون شمال غربي سوريا.
وفي 10 يوليو (تموز) الماضي قصفت المدفعية التركية قرى تل رفعت والشيخ عيسى وحربل وسد الشهباء بريف حلب الشمالي، ما أسفر عن إصابة 5 أشخاص بحسب وسائل إعلام كردية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.