17 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في اليمن خلال تسعة أشهر

ثلاثة آلاف حالة مثبتة في طريقها إلى النائب العام

17 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في اليمن خلال تسعة أشهر
TT

17 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في اليمن خلال تسعة أشهر

17 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في اليمن خلال تسعة أشهر

أعلنت اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن عن تسجيل أكثر من 17 ألف حالة انتهاك موزعة على 20 نوعاً من الانتهاكات خلال تسعة أشهر خلال الفترة من سبتمبر (أيلول) 2016 وحتى يونيو (حزيران) 2017.
وكشفت اللجنة في تقرير حديث لها أنها تستعد حالياً لتسليم القضاء ممثلاً بالنائب العام ورئيس مجلس القضاء الأعلى ما يقارب من ثلاثة آلاف ملف لوقائع انتهاكات تم الانتهاء من التحقيق فيها من قبل اللجنة.
وأوضح التقرير في تفاصيله أن إجمالي عدد ادعاءات الانتهاكات المتعلقة باستهداف المدنيين التي تم رصدها من قبل اللجنة بلغ 17123 حالة ادعاء تم الانتهاء من التحقيق في 4101 حالة انتهاك، منها 2082 حالة قتل مدنيين سقط فيها 1643 رجلاً و210 امرأة و229 طفل، إلى جانب 2019 حالة إصابة لمدنيين جرح فيها 1484 رجلاً و226 امرأة و309 أطفال توزعت المسؤولية فيها بين أطراف النزاع المسلح.
وأضاف التقرير: «بلغ إجمالي الحالات التي تم رصدها وتوثيقها وحفظها في قاعدة البيانات التابعة للجنة 17123 حالة موزعة على أكثر من 20 نوعاً من الانتهاكات، أكملت اللجنة التحقيق في 10594 حالة من الحالات التي تم رصدها، واستمعت خلال ذلك إلى 16191 مبلغا وضحية وشاهدا، وقد تطلب ذلك من اللجنة الاطلاع على آلاف الوثائق والصور والفيديوهات والقيام بالكثير من المعاينات الميدانية في مختلف المناطق بما فيها مناطق النزاع المسلح».
وتطرق التقرير إلى الوضع السياسي الراهن في اليمن مشيراً إلى أن مساعي السلام التي يقودها مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ أحمد بين الأطراف المتنازعة بهدف إيجاد حل سياسي في اليمن راوحت مكانها ولم تحقق أي تقدم يذكر، وكانت آخر جولة مفاوضات تم عقدها بين الأطراف هي المفاوضات التي أجريت في الكويت والتي استمرت لما يقرب من ثلاثة أشهر.
وأدى استمرار الحرب إلى استمرار نزوح ولجوء أكثر من مليوني يمني إلى المدارس والمخيمات التي تفتقر إلى أبسط الخدمات حيث يعيش النازحين واللاجئين في أوضاع مأساوية.
أما على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي فإن استمرار النزاع المسلح وضعف وجود مؤسسات الدولة وغيابها الكامل في أغلب المناطق، كانت له انعكاسات سلبية مباشرة على الحياة العامة للمواطنين لا سيما في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والصحية، حيث أدت لانهيار كبير للعملة اليمنية أمام العملات الأجنبية، وانعدام السيولة الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعار جميع السلع الأساسية، وارتفاع نسبة سوء التغذية في محافظات عدة، إلى جانب عدم دفع المرتبات لجميع موظفي الدولة في المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات الحوثية وقوات صالح، بالإضافة إلى تراكم النفايات وتفشي الأوبئة ومنها الكوليرا وحمى الضنك بين المواطنين وارتفاع نسبة الوفيات في نفس هذه المناطق.
ويؤكد التقرير أن النزاع المسلح لا يزال مشتعلاً في عدد من المحافظات منها تعز والبيضاء والجوف ومأرب وشبوة، والضالع، وحجة، وصنعاء، الأمر الذي انعكس على وضع حقوق الإنسان في تلك المحافظات لا سيما بسبب الحصار التي تطبقه ميليشيات الحوثي وقوات صالح والذي يعرقل وصول المساعدات الإنسانية.
وبحسب اللجنة، شهدت الفترة الماضية سيطرة قوات الجيش الوطني اليمني وتحريرها للكثير من المديريات في محافظة تعز من بينها المخا، ذوباب، باب المندب، وتأمين جزء كبير من الساحل الغربي الأمر الذي أسهم في عودة بعض النازحين إلى مناطقهم، إلى جانب تحرير معظم مديريات مدينة تعز وتحسن الوضع الأمني في المحافظات التي تسيطر عليها الدولة ومنها عدن، مأرب، حضرموت، وتفعيل المحاكم والمكاتب الحكومية الأخرى.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.