اتصالات دولية ـ إقليمية لدعم مؤتمر موسع للمعارضة السورية

بمشاركة مجموعتي القاهرة وموسكو وفصائل مسلحة لتشكيل وفد موحد للمفاوضات

اتصالات دولية ـ إقليمية لدعم مؤتمر موسع للمعارضة السورية
TT

اتصالات دولية ـ إقليمية لدعم مؤتمر موسع للمعارضة السورية

اتصالات دولية ـ إقليمية لدعم مؤتمر موسع للمعارضة السورية

انطلقت عجلة اتصالات دولية وإقليمية لدعم جهود «الهيئة التفاوضية العليا» السورية المعارضة لعقد مؤتمر موسع للمعارضة بما في ذلك منصتا موسكو والقاهرة وممثلي فصائل مسلحة ومجالس محلية في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، للوصول إلى «وفد موحد» للدخول في مفاوضات جدية مع وفد الحكومة لتنفيذ القرار الدولي 2254.
في المدى المنظور، هناك مساران سوريان: الأول، عسكري ضمن عملية آستانة، لبحث تنفيذ اتفاق «خفض التصعيد» وتجميد القتال بين القوات الحكومية والمعارضة وعزل التنظيمات الإرهابية، ويتضمن عقد اجتماع فني روسي - تركي - إيراني في طهران في الثامن من الشهر الحالي ثم اجتماع رفيع في آستانة قبل نهاية الشهر. الثاني، سياسي ضمن مفاوضات جنيف، عبر دعوة المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا وفدي الحكومة و«الهيئة» ومنصتي القاهرة وموسكو إلى جولة جديدة من المفاوضات في بداية الشهر المقبل.
رهان فريق دي ميستورا أن تؤدي الجولة المقبلة من مفاوضات جنيف إلى اتفاق «الهيئة» ومنصتي القاهرة وموسكو على مباركة سياسية لثلاث أوراق: وثيقة المبادئ الأساسية للحل السياسي ذات الـ12 بنداً، وثيقة مبادئ العملية الانتقالية، وثيقة البرنامج الزمني لإعداد الدستور السوري. أي يبدي وفد «الهيئة» مرونة إزاء ربط الموافقة على إقرار المنصتين «الانتقال السياسي»، بحيث تكون هذه الوثائق مرجعية المعارضة للتفاوض مع وفد الحكومة على تنفيذ القرار 2254. أي إزالة ذريعة دمشق وموسكو بعدم التفاوض الجدي بسبب عدم وجود وفد موحد للمعارضة.
وأطلق اجتماع «الهيئة التفاوضية» الأخير في الرياض واتصالات دولية وإقليمية دينامية جديدة، طالما سعى إليها معارضون وفريق المبعوث الدولي عبر عقد مؤتمر موسع للمعارضة السورية يبني على مؤتمر الرياض الذي عقد في نهاية 2015. وبدأت اتصالات رفيعة المستوى بين دول إقليمية فاعلة كان دي ميستورا حاضراً في بعضها للتحضير للمؤتمر بموجب تفويض القرار 2254.
الهدف الأولي لهذا المؤتمر، وصول المعارضة السورية إلى «رؤية واستراتيجية وهيكلية جديدة»، وتوحيد أطرافها التي تشمل منصتي موسكو والقاهرة و«تيار الغد» برئاسة أحمد الجربا، وربما شخصيات وقوى كردية، إضافة إلى ممثلي فصائل مسلحة ومجالس محلية تبلورت بعد اتفاقات «خفض التصعيد»، مع تشجيع المشاركين على التعاطي مع الأمر الواقع الذي ظهرت تجلياته في الفترة الأخيرة، وتشمل اتفاقات «خفض التصعيد» في جنوب غربي سوريا برعاية أميركية - روسية - أردنية، وفي غوطة دمشق وريف حمص بـ«ضمانة» روسية و«رعاية» مصرية.
الرهان أنه في حال حصل مؤتمر المعارضة على دعم أميركي - روسي باعتبار أن سوريا هي ساحة التعاون الوحيدة بين البلدين، وتذخير من الاقتراح الفرنسي بتشكيل «مجموعة اتصال» دولية - إقليمية، أن يضع دمشق أمام خيار واحد: التفاوض مع «وفد واحد» من المعارضة لتنفيذ القرار 2254 للوصول إلى «انتقال سياسي سلس ومضبوط».
لا يزال البحث، بحسب مصادر، يتناول المبادئ المتعلقة بالمؤتمر، إضافة إلى الموقف الذي سيتخذه المشاركون من الرئيس بشار الأسد. بالنسبة إلى «الهيئة» فهي متمسكة بوثائقها القائمة على رفض أي دور للأسد في المرحلة الانتقالية وتتمسك بمحاكمته. بالنسبة إلى موسكو، تريد أن يبقى خلال المرحلة الانتقالية ويشارك في الانتخابات الرئاسية المقبلة ضمن برنامج القرار 2254 مع قولها إن «ذهابه يعني انهيار النظام». في حين تقول واشنطن إنه «لا مستقبل للأسد وعائلته في مستقبل سوريا»، وباتت تفصل بين «النظام - الدولة - الجيش» و«السلطة - العائلة - الأسد»، بحسب مسؤول غربي. وأحد الاحتمالات الوسط التي اقترحها مسؤولون على صلة بالملف السوري، أن يركز مؤتمر المعارضة المنشود على «الدولة السورية المنشودة والانتقال السلمي السلس المنظم بإشراف دولي» وربما من مجلس الأمن.
«الهيئة التفاوضية»، التي فوجئ بعض أطرافها بالدفع لعقد مؤتمر موسع للمعارضة، بدأت اتصالات تمهيدية مع منصتي موسكو والقاهرة ودعتهما إلى اجتماع في منتصف الشهر الحالي. رد مسؤولي المنصتين كان منقسماً بين قبول الدعوة والاختلاف على مكان اللقاء من جهة و«اشتراط تغيير ذهنية الهيئة» من جهة ثانية. وأبلغت «الهيئة» المنصتين خطياً «أهمية الحوار حول إمكانية تشكيل وفد موحد بعد الاتفاق على أسس الانتقال السياسي»، مع تمييز ضمني بين قبول موقف منصة القاهرة الراضية بـ«الانتقال» والتشكيك بموقف منصة موسكو بسبب موقفها من «الانتقال السياسي»، بحسب مسؤول في «الهيئة».
ودخلت أنقرة على الخط، حيث وجهت دعوة لـ«الائتلاف الوطني السوري» المعارض، أحد مكونات «الهيئة» لعقد اجتماع في تركيا في 18 الشهر الحالي لبحث المستجدات، في وقت شكلت فيه «الهيئة» وفداً موسعاً للذهاب إلى بروكسل في 28 من الشهر لعقد لقاءات مع مسؤولين أوروبيين وتدريب الفريق المفاوض على كيفية بحث «السلال الأربع» في مفاوضات جنيف، وتشمل الحكم وصوغ الدستور والانتخابات ومحاربة الإرهاب.
في موازاة ذلك، أطلقت «الهيئة» جهداً لـ«إنقاذ إدلب من مصير أسود بعد تهديدات أميركية برفع الغطاء عنها والتعامل معها عسكرياً باعتبارها أكبر معقل لتنظيم القاعدة في العالم». وأقرت «الهيئة» تشكيل «لجنة للتواصل مع القيادات العسكرية والفعاليات السياسية والوطنية والدينية في إدلب للوقوف على أوضاعها وكيفية تجنب وقوع كارثة فيها بسبب وجود هيئة تحرير الشام» التي تضم «جبهة النصرة» وكانت طردت «أحرار الشام» من مناطق عديدة وهيمنت على معظم إدلب، بما في ذلك حدود تركيا.



شحنة الأسلحة الإيرانية المضبوطة تكشف مزاعم التصنيع الحوثية

صواريخ «قادر - نور» يعيد الحوثيون تسميتها بـ«المندب 1» (القوات الحكومية)
صواريخ «قادر - نور» يعيد الحوثيون تسميتها بـ«المندب 1» (القوات الحكومية)
TT

شحنة الأسلحة الإيرانية المضبوطة تكشف مزاعم التصنيع الحوثية

صواريخ «قادر - نور» يعيد الحوثيون تسميتها بـ«المندب 1» (القوات الحكومية)
صواريخ «قادر - نور» يعيد الحوثيون تسميتها بـ«المندب 1» (القوات الحكومية)

مثّل ضبط شحنة الأسلحة الإيرانية المتوجهة إلى الحوثيين قبل أيام تفنيداً لمزاعم الجماعة بشأن قدرتها على تسليح نفسها محلياً، والاكتفاء الذاتي من الصواريخ الباليستية، والأسلحة الفرط صوتية، وحتى البنادق الآلية، وكشفت محتويات الشحنة التي ضبطتها المقاومة الوطنية، الأربعاء الماضي، أن دور الحوثيين يقتصر على إعادة تسمية المنتجات العسكرية الإيرانية.

ومنذ عام 2017، كانت الدول الكبرى تقطع بأن الجماعة الحوثية تحصل على شحنات مهربة من الأسلحة الجوية الإيرانية، ورغم تأكيدات تقارير لجنة خبراء الأمم المتحدة سنوياً، والحكومة اليمنية، باستمرار إيران في إرسال الأسلحة، فإن طهران واصلت الإنكار، في حين تمسكت الجماعة بادعائها امتلاك تقنية صناعة الصواريخ والقوارب والطائرات المسيّرة.

وكانت الأدلة التي قدمتها الحكومة اليمنية ودول التحالف الداعم لها، والتي شملت بقايا القذائف والصواريخ التي أطلقها الحوثيون، تؤكد أن مصدر التسليح الحوثي إيراني الصنع، إلى جانب اعترافات عدد من البحارة الذين أُلقي القبض عليهم متورطين في تهريبها، والتي عززت من تلك التأكيدات، إلا أن الجانبين، الإيراني والحوثي، واصلا الإنكار والنفي.

وقدمت محتويات السفينة التي ضبطتها قوات المقاومة الوطنية التابعة للحكومة اليمنية، أدلة قطعية جديدة على أن كل ما كان يقوله الحوثيون وينكره داعموهم غير صحيح، وما هو إلا محاولة للترويج لقدرات عسكرية غير حقيقية يملكها الحوثيون، وإبعاد أصابع الاتهام عن الحكومة الإيرانية.

جانب من شحنة الأسلحة التي ضُبطت في البحر الأحمر مؤخراً (إعلام حكومي)

ويؤكد العميد وضاح الدبيش، المتحدث الرسمي باسم القوات الحكومية في الساحل الغربي، أن الشحنة المضبوطة هي أكبر وأخطر شحنة مهربة كانت في طريقها إلى الحوثيين عبر البحر الأحمر، وأن محتواها يفضح مجدداً «كذبة» الاكتفاء والتصنيع العسكري التي تتغنى بها الجماعة الحوثية.

وذكر المسؤول اليمني أن ما تم ضبطه لم يكن سوى «ترسانة إيرانية كاملة من الأسلحة المتطورة»، وأن الحديث عن القدرة التصنيعية للحوثيين ليس سوى واجهة دعائية لتغطية عمليات التهريب المنظمة بإشراف «الحرس الثوري» الإيراني، عبر شبكات تهريب بحرية معقدة تمر عبر المياه الإقليمية والدولية.

دعم إيراني سخي

لم يتوقف الدعم الإيراني للحوثيين خلال سنوات الحرب، وتكشف عمليات متعددة لضبط الأسلحة اعتماد الجماعة على شبكات تهريب معقدة تنشط عبر البحر الأحمر، وخليج عدن، وبحر العرب، وتستفيد من ثغرات أمنية على طول هذه المسارات.

صاروخ «قائم 118» الإيراني يعيد الحوثيون تسميته بـ«صقر 4» (إعلام حكومي)

يؤيد عدنان الجبرني، الباحث المتخصص بشؤون الجماعة الحوثية، ما ذهب إليه القائد العسكري اليمني الدبيش، ويجزم بأن هذه هي أهم وأخطر عملية ضبط لشحنة تهريب أسلحة إيرانية للحوثيين، سواء من حيث الكمية أو النوع؛ إذ إن أكبر شحنة ضبطتها القوات اليمنية كانت على متن سفينة «جيهان» في عام 2013، وكانت حمولتها 48 طناً فقط، كما أنها شحنة أسلحة عادية باستثناء صواريخ «سام».

وفي يناير (كانون الثاني) من عام 2013، تم القبض على سفينة إيرانية تسمى «جيهان»، وهي محملة بالأسلحة في طريقها إلى ميناء ميدي، شمال غربي البلاد، الذي يسيطر عليه الحوثيون.

ومن بين الأسلحة التي كانت تحملها السفينة «جيهان»، صواريخ «سام 2» و«سام 3» المضادة للطائرات، وتقدمت الحكومة اليمنية حينها بطلب لمجلس أمن الأمم المتحدة للتحقيق في القضية، في حين نفت الحكومة الإيرانية علاقتها بالأمر.

ويشير الجبرني إلى أحد محتويات الشحنة الجديدة، وهو صاروخ «قائم 118» الإيراني للدفاع الجوي، ويقول إن الجيش الإيراني كشف عنه في فبراير (شباط) من هذا العام، منبهاً إلى تزويد الحوثيين بهذا النوع من الصواريخ منذ العام الماضي؛ أي قبل الإعلان الرسمي عنه، ويسمى لدى الحوثيين «صقر 4» (تقريباً)، وفاعليته جيدة ضد المسيّرات.

الاكتفاء بإعادة التسمية

ينوه الجبرني بأن الشحنة شملت مكونات لمعظم ما يظهر في العروض العسكرية للجماعة الحوثية وعلى قنواتها الفضائية؛ إذ تشمل الشحنة صواريخ «كروز بحرية» يعيد الحوثيون تسميتها بـ«المندب 1 - سجيل»، ونحو خمس منظومات دفاع جوي شبه متكاملة، وعدداً كبيراً من الرؤوس الحربية لصواريخ باليستية حديثة، وحساسات.

جنديان يحملان بعضاً من شحنة أسلحة إيرانية صودرت في خليج عمان (البحرية البريطانية)

كما تحتوي الشحنة على أجهزة توجيه وتتبع للصواريخ التي يسمونها «فرط صوتية»، من نوعية الصواريخ التي أعلنوا عنها في عام 2020، وأجهزة استشعار حرارية، ومناظير متقدمة، وأجزاء حساسة لمنصات إطلاق الصواريخ الباليستية، وقطع خاصة بمنصات الإطلاق، ومحركات للطائرات من دون طيار.

ورأى في ذلك تعبيراً عن «اهتمام إيراني واضح» ببناء قدرات الجماعة، في إشارة إلى أجزاء منظومات دفاع جوي حديثة كانت من بين محتويات الشحنة.

وقال إن المفارقة تكمن في أن إيران نفسها فشلت في استخدام هذه المنظومات أثناء الضربات الإسرائيلية عليها، خصوصاً في الأيام الأولى. وعدّ ذلك انعكاساً لحرص الإيرانيين على أن يشمل دعمهم للحوثيين كل شيء، حتى أدوات حفر الأنفاق والملاجئ في الجبال.

جزء من مكونات شحنة أسلحة للحوثيين أوقفتها قوات يمنية حكومية (إعلام حكومي)

وينشر الباحث الجبرني صورة لصواريخ «كروز بحرية» من عائلة «قادر - نور» الإيرانية، ويقول إنها عندما تصل إلى الحوثيين يقومون بإعادة تسميتها بـ«المندب 1» وكتابة «صنع محلي يمني» عليها.

ويبين أن هذا النوع من الصواريخ أعلنت عنه إيران في عام 2014، وبدأ تهريبه إلى الحوثيين في عام 2017 ضمن شحنات صغيرة، مثل التي أعلنت المقاومة الوطنية ضبطها.

ووفقاً للجبرني، فإن ميزة هذا الصاروخ تكمن في إمكانية إطلاقه من فوق متن سيارة دفع رباعي معدّلة، عبر تثبيت قاعدته الصغيرة نسبياً.