«دياز» يجمع الموسيقى والطعام في طبق واحد

في مطبخه تجد «كلارينيت» و«رولينغ ستونز» و«هوا بيروت»

طبق ورق العنب بالزيت يقدمه مطعم «دياز» بأسلوب جديد - الجلسة المريحة والطعام الشهي من عناصر مطعم «دياز» الأساسية
طبق ورق العنب بالزيت يقدمه مطعم «دياز» بأسلوب جديد - الجلسة المريحة والطعام الشهي من عناصر مطعم «دياز» الأساسية
TT

«دياز» يجمع الموسيقى والطعام في طبق واحد

طبق ورق العنب بالزيت يقدمه مطعم «دياز» بأسلوب جديد - الجلسة المريحة والطعام الشهي من عناصر مطعم «دياز» الأساسية
طبق ورق العنب بالزيت يقدمه مطعم «دياز» بأسلوب جديد - الجلسة المريحة والطعام الشهي من عناصر مطعم «دياز» الأساسية

أن تقصد مطعما ما وتستمتع بالموسيقى التي ترافق تناولك أطباقه، لهو أمر بديهي نصادفه مرارا في هذا النوع من الأماكن في بيروت. ولكن أن تتذوّق طعم نوتة موسيقية في طبق «دياز ستيك» وتلتهم آلة عزف «كلارينيت» مع سكّر زيادة، وتثلج قلبك مع كوب بوظة «رولينغ ستونز»، لهو أمر خارج عن المألوف.
ففكرة مطعم «دياز»، «Dieze»، الذي تمّ افتتاحه أخيرا في منطقة غزير (بلدة كفرحباب) ركّز فيها صاحبها الموسيقي المعروف ميشال فاضل على أن تكون منكّهة بتوابل وبهارات وصلصات لا تشبه غيرها؛ لا بطعمها ولا بأسمائها، مستوحيا إياها من عالم الموسيقى الذي يعشقه. وهذا الأمر لم يقتصر فقط على فحوى مطبخ هذا المطعم؛ بل أيضا على أثاثه الذي اتّخذ من مفاتيح آلة البيانو «سوداء وبيضاء» عنوانا له، خصوصا أن ميشال فاضل يعشق هذه الآلة، فعزف عليها أشهر حفلاته الموسيقية في لبنان وخارجه.
آثر فاضل أن يكون هذا المكان ملاذ كلّ شخص يشعر بجوع من نوع آخر، فيقدّم له في الطابق العلوي فسحة فنيّة بامتياز؛ حيث يستطيع الزبون أن يسجّل أغنية بصوته في استوديو خاص تمّ استحداثه ضمن مطعم «دياز» ليأخذها معه على أسطوانة مدمّجة.
ومن شرفة مطلّة على بحر جونية من ناحية وعلى جبال منطقة كسروان من ناحية ثانية، ستروق لك جلسة الغداء أو العشاء، وكذلك عصرونية شبابية مع الأصدقاء، فتمتّع نظرك بمشهدية جميلة وأنت تدخّن النرجيلة في الهواء الطلق.
يتّجه مطبخ «دياز» بشكل أساسي نحو تقديم الأطباق الغربية من إيطالية وفرنسية، والهندية، إضافة إلى تلك المؤلّفة من ثمار البحر والمازة اللبنانية الشهيرة والسوشي.
في لائحة المقبّلات ستختار الطبق الذي ينسجم مع موسيقى مكوّناته مثل «ترومبيت ماشروم» المؤلّف من الخرشوف المغطّس بصلصة الكريما البيضاء مع الفطر. وكذلك طبق الـ«كيش فلوت»، (الناي)، مع الصعتر والجبنة البلغارية. ويجب ألا تفوتك فرصة تذوّق «الأجنحة المتكسّرة» من الدجاج مع «صلصة الحرّ».
وفي الأطباق الرئيسية ستلفتك أسماء مأكولات تحاكي النور «light» فتعلمك بأنها خفيفة على المعدة كونها تتألّف من الدجاج المشوي والخضراوات المطهوة على البخار. أما «رقصة الروك» فستحيط بك وأنت تتناول طبق «روك يور ستيك» من شريحة لحم البقر الطري مع قطع البطاطا الحلوة المتبّلة بالأعشاب.
ولمحبي الساندويتشات، فقد خصّص لهم الشيف لائحة طويلة منها، مثل «شوارع فيلادلفيا» و«بنغالي» و«كرينبوريز» و«يلو ساب مارين» و«بانيني ديسك»... وغيرها من الساندويتشات التي تعتمد غالبيتها على مذاق الحلو والمالح معا.
وفي عالم البيتزا تطالعك أصناف كثيرة؛ بينها «say cheese» (مع البندورة وجبن الموزاريلا)، و«الموسيقى الإيطالية» (مع البيبيروني)، و«ماماز بيتزا» الكلاسيكية المعروفة. هذه اللائحة المنوعّة تشمل أيضا أطباق الهامبرغر والباستا تحت عناوين جذّابة: «هاوس برغر»، و«كاليفورنيا لافرز»، و«إيطاليانو فيرو»، و«ليمون تري».
وعلى لائحة المازة اللبنانية، ستعزف أطباق الحمص بالطحينة والمتبّل وورق العنب بالزيت والفتوش والتبولة... وغيرها، على وتر عصافير بطنك، لتعود وتسايرها بأطباق أخرى تابعة للفئة نفسها تحت عنوان «مازة ساخنة» كالبطاطا الحرّة، و«فتّة الباذنجان» و«السجق» و«النقانق» و«قصبة الدجاج» و«راس عصفور».
كما خصّص لك مطعم «دياز» أصناف طعام حملت اسمه بحيث لا تجدها في مطعم آخر، مثل «فتّة المعكرونة» و«باذنجان الجبل» و«أم التبولة» (خليط ما بينها وبين طبق الفتوش)، و«جبلية غراتان» (بندورة جبلية مع الثوم المقرمش والجبن)، و«جوانح دجاج» مع جبن البرميزان، و«سجق» مع جبن التشيدر... وغيرها.
أما عالم الحلويات في هذا المطعم فيحمل مذاقات منوّعة وجديدة في آن لم يسبق أن تناولتها في مكان آخر، مثل «هوا بيروت» (الكنافة بالجبن مع صلصة الشوكولاته) ممدودة على قطعة «فول أو فان»، وكذلك «pain perdu عيش السرايا» و«كلارينيت الحلاوة» ومثلجات «رولينغ ستونز»... وغيرها.
ولهواة تناول أطباق الـ«سوشي»، تندرج على لائحة خاصة بها أطباق الـ«ساشيمي»، وأخرى مؤلّفة من سمك السلمون والتونة مع الأفوكادو والمانغو.
لن تشبه زيارتك إلى مطعم «دياز» أي جلسة أخرى تمضيها في أحضان لبنان. هنا الموسيقى والأطباق والمذاقات اللذيذة، إضافة إلى المناظر الطبيعية الخلابة، ستؤلّف لوحة سياحية تفوّقت بعناصرها، فاتّسمت بالخروج عن المألوف.



«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.