جدل في لبنان حول «تغطية» ترحيل السوريين

TT

جدل في لبنان حول «تغطية» ترحيل السوريين

يستعدّ مسلحون من تنظيم «سرايا أهل الشام» ومدنيون لإخلاء منطقة عرسال والمغادرة إلى قراهم في القلمون الغربي، في وقت برزت فيه معطيات جديدة تتمثل في إعلان وزير الخارجية جبران باسيل أن لبنان في بداية مرحلة «سنرفع فيها الصوت لإعادة النازحين»، متحدثاً أن «الاتصال مع دمشق ليس ملزماً لكنه ليس محظوراً».
وأوحى تصريح باسيل بأن هناك غطاءً سياسياً لتنظيم عودة اللاجئين السوريين في اتفاقات جانبية بمعزل عن الحكومة اللبنانية، كتلك التي هندسها «حزب الله» وأفضت إلى ترحيل 5 آلاف نازح باتجاه الشمال السوري، بعد مبادرة قادها أبو طه العسالي أفضت إلى رحيل 700 نازح إلى قراهم في القلمون، خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
لكن الواقع أن الغطاء السياسي لتلك المبادرات «غير موجود في الحكومة»، بحسب ما أكد وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي، مجدداً التأكيد لـ«الشرق الأوسط»: «لم نغلق حدودنا أمام عودتهم، ولا نعارض العودة الطوعية، ولا حق لنا بتشجيعهم في المقابل عليها، لأننا حريصون على حياتهم». لكنه أكد «أننا لا نقبل بأي شكل من الأشكال التنسيق مع القاتل في سوريا»، في إشارة إلى رئيس النظام السوري بشار الأسد، «الذي يعتبر حليف حليفه»، في إشارة إلى أن النظام حليف حزب الله.
وهاجم المرعبي باسيل، قائلاً إن تصريحه «يعتبر امتداداً لخطاب عنصري وطائفي، تخطى ملف السوريين ورجع إلى قضية إخواننا الفلسطينيين» الذين يوجَد منهم أكثر من 400 ألف نازح في لبنان، محذراً من أن «يتمدد هذا الخطاب ليطال إخواننا الأرمن الذين نزحوا إلى لبنان في الحرب العالمية الأولى».
وإذ شدد على أن الحكومة «لم تتخذ أي قرار يغطي عودة النازحين التي شاهدناها عبر مبادرات»، قال: «لا نعرف بكل ما يدور خِلسَة»، مشدداً على أن «ما نجحنا فيه هو تحييد الجيش اللبناني عن معركة أراد أن يقوم فيها نظام الإرهاب في سوريا، ومنعنا حزب الله من أن يكتسب شرعية في قتاله من خلال اشتراك الجيش بالمعركة»، مشيراً إلى أنه «إنجاز لا يمكن أن يتم من غير وجود سعد الحريري رئيساً للحكومة».
ووصل عصر أول من أمس (الخميس) نحو 5 آلاف سوري تم إجلاؤهم من لبنان إلى منطقة واقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة والمتشددة في وسط سوريا، وفق ما أفاد به «المرصد السوري لحقوق الإنسان». في المقابل، وصل أسرى «حزب الله» الخمسة المحررون إلى لبنان، ليل الخميس، حيث استقبلهم في بلدة القاع البقاعية آلاف الأشخاص، في احتفال رُفِعَت خلاله رايات حزب الله الصفراء والأعلام اللبنانية، وعَلَت فيه أناشيد خاصة بالحزب اللبناني.
وتواصلت استعدادات «سرايا أهل الشام»، وهو فصيل تابع لـ«الجيش السوري الحر» في جرود عرسال، لمغادرة البلدة اللبنانية باتجاه بلدة الرحيبة في القلمون الشرقي في ريف دمشق، بموجب الصفقة مع «حزب الله»، لكن لم يطرَأْ على تطور على الملف، ولم تحدد أي توقيت لموعد مغادرتهم. ومن المقرر رحيل 250 مقاتلاً و3 آلاف مدني إلى الرحيبة، بينما يستعد آخرون في مرحلة لاحقة للعودة إلى قرى نزحوا منها في القلمون الغربي.
إلى ذلك، واصل الجيش اللبناني قصف تحركات مسلحي «داعش» الذين يسيطرون على جيب آخر في شرق جرود عرسال وشرق بلدتي القاع ورأس بعلبك في شمال شرقي لبنان. وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية بأن مدفعية الجيش اللبناني استهدفت مواقع وآليات لمسلحي «داعش» الإرهابي في جرود رأس بعلبك.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».