وفد برلماني تونسي في سوريا للضغط لإعادة العلاقات

TT

وفد برلماني تونسي في سوريا للضغط لإعادة العلاقات

قام وفد برلماني تونسي، مكون من 8 نواب يمثلون عدة أحزاب أغلبها في المعارضة، بزيارة إلى سوريا أثارت جدلا كبيرا داخل الأوساط السياسية والحقوقية في تونس، خاصة أنها الزيارة الثانية من نوعها خلال خمسة أشهر فقط، وذلك في محاولة للضغط على السلطات التونسية لإعادة العلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري، وهي العلاقات التي كان الرئيس السابق المنصف المرزوقي قد قطعها من طرف واحد منذ سنة 2012، احتجاجا على «جرائم النظام السوري في حق شعبه»، حسب تعبيره.
وتستمر هذه الزيارة، التي بدأت أمس، أسبوعا كاملا، وهي تعد استكمالا للزيارة الأولى التي قام بها عدد من نواب البرلمان خلال شهر مارس (آذار) الماضي.
ويضم الوفد التونسي 3 ممثلين في البرلمان عن تحالف الجبهة الشعبية، و3 نواب من كتلة الحرة الممثلة لحركة مشروع تونس، إلى جانب نائب واحد عن حزب النداء، وممثل عن الكتلة البرلمانية (المستقلين) في البرلمان.
وحول أبعاد هذه الزيارة وأهدافها، قالت ليلى الشتاوي، من كتلة الحرة في البرلمان، إن هذه الخطوة تهدف إلى إعادة العلاقات الدبلوماسية مع الدولة السورية، والوقوف على أوضاع الجالية التونسية التي تمر بأسوأ الظروف بسبب غياب التمثيل الدبلوماسي، وإيجاد حلول لبعض المسائل العالقة بين البلدين، ومن بينها ملف الإرهابيين التونسيين الملتحقين بجبهات القتال. وأكدت في هذا السياق أنه من المنتظر أن يلتقي الوفد التونسي رئيس النظام السوري بشار الأسد، وعددا من كبار المسؤولين السوريين لبحث عدة ملفات أمنية وسياسية.
وبخصوص موقف البرلمان التونسي من هذه الزيارة الجديدة إلى سوريا، وإن كانت زيارة رسمية أم لا، أوضح المنجي الحرباوي، المكلف الإعلام والاتصال في البرلمان، أن «توجه النواب إلى سوريا تم بمبادرة شخصية، ولم يتم تكليفهم من قبل البرلمان»، مشددا على أنها «ليست بعثة رسمية باسم مجلس نواب الشعب، ومكتب البرلمان لم يمنح أي ترخيص بهذا الشأن».
ولم يصوت البرلمان في جلسته العامة التي انعقدت في 19 من يوليو (تموز) الماضي لفائدة مشروع اللائحة التي طالبت بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، ولم يحصل هذا المشروع سوى على 68 صوتا، في حين احتفظ 27 نائبا بأصواتهم، بينما صوت 6 نواب ضده، وهو ما أفشل تمرير هذه اللائحة التي تتطلب الحصول على أغلبية أصوات النواب الحاضرين لإجازتها.
وكانت 4 كتل برلمانية، هي الحرة لمشروع تونس، والجبهة الشعبية، والاتحاد الوطني الحر، وآفاق تونس، قد تقدمت منذ أبريل (نيسان) الماضي بلائحة للمطالبة بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا.
من جهتها، قامت الحكومة التونسية بالرد على هذه الزيارات المتتالية إلى سوريا، عبر إرسال هادي المجدوب، وزير الداخلية، إلى تركيا المجاورة أول من أمس، في زيارة رسمية، سيكون ملف الإرهاب ومسالك تسفير الشباب التونسي إلى سوريا عبر تركيا من بين أهم الملفات المطروحة للنقاش بين مسؤولي البلدين.
كما توجه خلال الأسبوع الماضي وفد يمثل الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، برئاسة بوعلي المباركي القيادي في الاتحاد، إلى سوريا والتقى الأسد، وذلك في إطار تعبير منظمة العمال عن دعمها للنظام السوري في مواجهة الإرهاب، ومعرفة مصير الآلاف من الشبان التونسيين الذين التحقوا بالتنظيمات الإرهابية هناك.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.