السلطة الفلسطينية تتهم نتنياهو بمعاقبتها على موقفها في أحداث الأقصى

مسؤولوها يقللون من خروجهم وتنقلاتهم كي لا يخرقوا قراراتها

TT

السلطة الفلسطينية تتهم نتنياهو بمعاقبتها على موقفها في أحداث الأقصى

قال مسؤولون فلسطينيون إن إسرائيل تقوم بتدابير عقابية ضد السلطة الفلسطينية، على خلفية أحداث الأقصى الأخيرة والقرار بوقف التنسيق الأمني مع أجهزتها. وأشاروا بذلك إلى ممارسات عدة على الأرض، تتسم برفع مستوى العنف ضد الفلسطينيين عموماً، وضد مكاتب السلطة الفلسطينية ورجال الأمن الفلسطينيين بوجه خاص، التي تجلت أمس، باعتقال شرطي فلسطيني عند مدخل مخيم العروب للاجئين، واقتحام مكاتب السلطة في الخليل.
ويتضح من تقارير السلطة الفلسطينية، التي تسندها تقارير إسرائيلية أيضاً، أن الاحتلال الإسرائيلي يصعد من عمليات الاعتقال، وبشكل خاص في القدس الشرقية المحتلة. وعلى سبيل المثال، جرى اعتقال 23 فلسطينياً، فقط، خلال الليلة الماضية وفجر أمس، ثلثهم من مدينة القدس. وبين المعتقلين، رجل شرطة فلسطيني كان يؤدي عمله في مطاردة أحد الجناة. فالجاني صدم سيارة وأصاب أحد المواطنين وهرب، فاندفع الشرطي وراءه لاعتقاله، فاحتمى هذا بقوة إسرائيلية تقيم حاجزاً على مدخل مخيم العروب. وعندما وصل الشرطي اعتقلوه.
والليلة الماضية، اقتحم جنود الجيش الإسرائيلي مكاتب للسلطة الفلسطينية في البلدة القديمة في الخليل. وحسب إفادة شاهد عيان، يجري الحديث عن مكتب تم فتحه قبل فترة قصيرة، ويعمل فيه 30 مراقباً، بعضهم من رجال الأمن بلباس مدني. وحسب الشهود، فقد عمل هؤلاء المراقبون في قضايا مدنية تتعلق بالجمهور الفلسطيني، وكذلك في قضايا مثل مكافحة العنف والجريمة. فقام الجنود باحتجاز المراقبين لساعات، وصادروا وثائق وأغلقوا المكاتب.
وكان الجيش الإسرائيلي قد أغلق في نهاية الأسبوع الماضي، حاجز بيت آيل، المعروف بأنه حاجز «دي سي أو» الذي يخدم كبار المسؤولين في السلطة في خروجهم ودخولهم من رام الله وإليها. وقال مسؤول في السلطة، إنه لم يكن هناك أي سبب موضوعي لإغلاق الحاجز.
ويضيف ممثلو السلطة الفلسطينية إلى سلسلة الإجراءات هذه، النشاطات الاستيطانية الواسعة في الضفة الغربية، ويشيرون إلى قيام رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بافتتاح حي استيطاني جديد بنفسه، في مستعمرة في منطقة بيت لحم، وما يحصل في الحرم القدسي، إذ إن الشرطة سمحت لأكبر عدد من الزوار اليهود بدخول باحة الأقصى يوم الثلاثاء الماضي (1263 زائراً).
وقال مسؤول في السلطة: «سمعنا بشكل واضح بأن المقصود خطوة عقابية، وكما يبدو، فإننا سنواجه خطوات كهذه خلال الفترة القريبة، بادعاء غياب التنسيق الأمني». وأضاف أن كبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية، وعلى رأسهم الرئيس محمود عباس، يحرصون، حالياً، على البقاء في مناطق السلطة والتقليل من المغادرة، كي لا يطلبوا التنسيق مع الجيش الإسرائيلي في مسألة خروجهم ودخولهم عبر الحواجز العسكرية أو المعابر الحدودية. وحتى في تحركاتهم الداخلية، يسافرون على الشوارع الفرعية لكي لا يضطروا إلى اجتياز الفحص الإسرائيلي. وهناك في رام الله من يفسر هذا السلوك على أنه لا يتعلق فقط بمسألة التنسيق مع إسرائيل، وإنما يهدف، أيضاً، إلى تمرير رسالة للجمهور الفلسطيني، خصوصاً بعد المواجهات الأخيرة في القدس.
وقال مسؤول في الجهاز الأمني الفلسطيني، أمس، إن «الجمهور الفلسطيني سمع القيادة تتحدث عن قطع العلاقات ووقف التنسيق الأمني، ولذلك فإن كل خطوة تنطوي على نوع من التنسيق الأمني سيتم التعامل معها كتراجع عن هذا الموقف». وقالوا في السلطة، إن استئناف التنسيق الأمني لن يتجدد من دون إجراء تقييم جديد للأوضاع. وحسب مسؤول رفيع في السلطة، فإن «القيادة الفلسطينية تريد في الأساس، العودة إلى الوضع الذي ساد قبل السور الواقي». وأضاف أن الجانب الفلسطيني يطالب بإعادة الشرطة الفلسطينية إلى معبر اللنبي، وتقليص الاقتحامات والاعتقالات في المناطق (أ)، وتوسيع الصلاحيات للفلسطينيين في مناطق (ج)، والتسهيل على المعابر. وقال: «في غياب أفق سياسي في الجانب الفلسطيني، لا يمكن مواصلة السلوك وكأنه لم يحدث أي شيء. إذا كانت إسرائيل معنية بالهدوء وبالتنسيق، فإن ذلك يستوجب اتخاذ سلسلة من الخطوات».



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.