سيناريوهات متعددة لانتقال آمن للرئاسة الفلسطينية بعد عباس

«حماس» تطرح ملف خلافة أبو مازن... ومخاوف من فراغ سياسي

محمود عباس (إ.ف.ب)
محمود عباس (إ.ف.ب)
TT

سيناريوهات متعددة لانتقال آمن للرئاسة الفلسطينية بعد عباس

محمود عباس (إ.ف.ب)
محمود عباس (إ.ف.ب)

أشعلت حركة «حماس» المعركة على خلافة الرئيس الفلسطيني محمود عباس مبكراً، بإعلانها أن رئيس المجلس التشريعي سيقوم مقامه، إذا لم يستطع القيام بواجبه. وقال أحمد بحر، القيادي في الحركة الإسلامية التي تحكم قطاع غزة: «إن القانون الأساسي الفلسطيني ينص على أنه إذا تدهورت صحة الرئيس، أو مات، أو مرض، ولا يستطيع القيام بواجبه، فإن رئيس المجلس التشريعي هو الذي يقوم مقام الرئيس لمدة 60 يوماً، تمهيداً لإجراء انتخابات».
وذكّر بحر بوقوع حادثة مشابهة عام 2004، حينما توفي الرئيس السابق ياسر عرفات، وحل مكانه رئيس المجلس التشريعي آنذاك، روحي فتوح. وشدد بحر على أنه لا علاقة للمجلس الوطني بهذا الأمر. وجاء حديث بحر في ظل ارتفاع المخاوف من فراغ في النظام السياسي الفلسطيني بعد عباس. واشتعلت المخاوف مجدداً، بعد تراجع طفيف في صحة الرئيس، استدعى إجراءه فحوصات طبية في رام الله.
وفي حين تقول حماس إن رئيس المجلس التشريعي عزيز الدويك (حمساوي) هو الذي سيخلف عباس، ترتب حركة فتح لمسألة أخرى تماماً، وتناقش سيناريوهات مختلفة، لكنها ستبدأ أولاً بانتخاب لجنة تنفيذية جديدة لمنظمة التحرير الفلسطينية.
ويعقد المجلس الوطني اجتماعاً في أي وقت قبل نهاية العام لانتخاب لجنة تنفيذية جديدة لمنظمة التحرير. ويقول مسؤولون في حركة فتح إن انتخاب لجنة جديدة يأتي في إطار تجديد الشرعيات الفلسطينية. لكن مراقبين يرون أنها تمهد أيضاً لانتقال آمن سلس للسلطة.
ويعتقد أن تدفع حركة فتح بأحد أعضائها في اللجنة المركزية لعضوية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وسيكون هذا وفق مفهوم فتحاوي خالص، أقرب شخص مرشح لخلافة عباس.
ويحظى الآن بالمنصبين معاً الدكتور صائب عريقات، الذي تولى كذلك أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، لكن الوضع الصحي لعريقات سيبعده أغلب الظن عن المنافسة.
أما السيناريو الثاني، فهو اللجوء مباشرة إلى انتخاب نائب لرئيس السلطة. ولا يوجد حتى الآن نائب للرئيس عباس في رئاسة السلطة، باعتبار أن الدستور الأساسي للسلطة لا يتضمن منصباً لنائب الرئيس، ولكن يوجد له نائب لرئيس حركة فتح، هو محمود العالول محافظ مدينة نابلس السابق.
واختير العالول نائباً لعباس في رئاسة حركة فتح في المؤتمر السابع الذي عقد الصيف الماضي، ضمن إجراءات طويلة بدأها عباس لترتيب البيت الداخلي. وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الاقتراح نوقش مرات كثيرة دون البت به بشكل قاطع.
واستحداث المنصب يحتاج إلى تعديلات في القانون الأساسي، وهذا رهن بانعقاد المجلس التشريعي، لكن كونه معطلاً، فإن المجلس المركزي سيكون صاحب القرار.
وفي مرات سابقة، وفي قضايا مفصلية، قرر المجلس المركزي لمنظمة التحرير تمديد ولاية أبو مازن نفسه، إضافة إلى ولاية التشريعي، باعتبار المنظمة مرجعية السلطة برمتها. وبحسب المصادر، فإن كثيراً من التفاصيل ستكون حاسمة بشأن مسألة استحداث منصب نائب للرئيس، من بينها صحة الرئيس نفسه، والعلاقة مع حركة حماس، ومصير المجلس التشريعي الفلسطيني.
أما السيناريو الثالث، فهو الذهاب إلى مصالحة مع حماس، وإجراء انتخابات عامة جديدة.
وفي الوقت الذي تقول فيه حماس إن رئيس المجلس التشريعي، وهو عزيز الدويك، سيحل محل عباس لأي طارئ، تقول فتح إنه لا يوجد رئاسة للمجلس التشريعي الحالي لأنه يحتاج إلى عقد جلسة جديدة بدعوة من عباس، وانتخاب رئاسة جديدة.
ومع هذا الخلاف القانوني، وفي ظل غياب منصب نائب للرئيس، تتزايد المخاوف من فراغ في النظام السياسي الفلسطيني، وهي ليست مخاوف فلسطينية وحسب، وإنما عربية أيضاً، وكذلك إسرائيلية، إذ وضعت أجهزة الأمن الإسرائيلية سيناريوهات عدة لمرحلة ما بعد عباس.
ومن ضمن الترتيبات الكثيرة التي تجريها حركة فتح، التقى عباس بوفد من حركة حماس في الضفة الغربية، ترأسه ناصر الشاعر، في محاولة للوصول إلى اتفاق مع حركة حماس في قطاع غزة.
ويريد عباس إنهاء الانقسام من جهة، وقطع الطريق على القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان الذي عقد اتفاقات مع حماس في غزة مهدت له عودة شرعية إلى الساحة السياسية الفلسطينية من جهة أخرى.
ويظهر اسم دحلان كواحد من المرشحين لخلافة عباس، على الرغم من أنه مفصول من حركة فتح، ومطارد من السلطة الفلسطينية.
ويحظى دحلان بدعم من دول عربية، وقد زاد من قوته اتفاقه الأخير مع حركة حماس. لكن أيضاً ثمة مرشحين آخرين كثيرين أقرب منه إلى المنصب.
وقال الشاعر، الذي ترأس وفد حماس، إن الرئيس عباس وافق على تطبيق شروط المصالحة رزمة واحدة، بما يشمل اتفاق على حل اللجنة الإدارية في غزة، وإنهاء الإجراءات العقابية ضد القطاع، وتشكيل حكومة وحدة، وإجراء انتخابات.
ويفترض، بحسب الشاعر، عقد مزيد من اللقاءات من أجل الخروج بمبادرة شاملة، تشارك فيها فصائل وجهات فلسطينية مختلفة.
وكان عباس قد استقبل وفد حماس على نحو مفاجئ في مقره، في رام الله. ولم تعقب حركة فتح أو حماس على لقاءات عباس والشاعر.
ومن بين الأفكار التي جرى تداولها كذلك، في رام الله، حل المجلس التشريعي الفلسطيني. ويستهدف ذلك الانتهاء من جدل حول أنه يمكن لرئيس المجلس التشريعي خلافة عباس، لكن القيادي في حماس أحمد بحر هاجم عباس، قائلاً إنه «لا يملك من أمره شيئاً في حل المجلس لأن ولايته كرئيس انتهت في يناير (كانون الثاني) عام 2009»، وأضاف: «الرد على خطوة رئيس السلطة بحل المجلس التشريعي - إن تمت - جاهز وموجود».
وبحسب مسؤولين في رام الله، فإن كل السيناريوهات ممكنة ومطروحة في مرحلة حساسة ودقيقة، تحاول قوى محلية وعربية وكبرى ترك بصمتها فيها.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.