الباحثة السورية لمى قنوت: عسكرة الثورة همشت صوت المرأة

الدول المانحة للمجالس المحلية «تجاهلت تغييب النساء»

نساء من حي الشيخ مقصود في حلب يستمعن إلى محاضرة وفي الخلفية صورة الزعيم الروحي لحزب «الاتحاد الديمقراطي» الكردي (رويترز)
نساء من حي الشيخ مقصود في حلب يستمعن إلى محاضرة وفي الخلفية صورة الزعيم الروحي لحزب «الاتحاد الديمقراطي» الكردي (رويترز)
TT

الباحثة السورية لمى قنوت: عسكرة الثورة همشت صوت المرأة

نساء من حي الشيخ مقصود في حلب يستمعن إلى محاضرة وفي الخلفية صورة الزعيم الروحي لحزب «الاتحاد الديمقراطي» الكردي (رويترز)
نساء من حي الشيخ مقصود في حلب يستمعن إلى محاضرة وفي الخلفية صورة الزعيم الروحي لحزب «الاتحاد الديمقراطي» الكردي (رويترز)

يكاد المشهد السوري يخلو من الدراسات الميدانية والنظرية التي ركزت على مساهمة المرأة السورية في تنظيمات الثورة التي انطلقت في مارس (آذار) 2011 أو في منظمات المعارضة التي تشكلت خلال ست سنوات، غير أن الباحثة النسوية لمى قنوت، أخذت على عاتقها إنجاز بحث ميداني قام على استجواب عدد من السوريين من مختلف القطاعات، لسبر وجهة نظرهم في هذه المشاركة، وقد صدر البحث، أخيرا، تحت عنوان (المشاركة السياسية للمرأة السورية بين المتن والهامش) على أن تصدر نسخته الإنجليزية قريبا.
ترى لمى قنوت أن أخطاء محددة ارتكبتها بعض قوى المعارضة السورية في النهج والخطاب والممارسة، تسببت في إعاقة مشاركة المرأة في المشهد السياسي، مشددة في حديث لـ«الشرق الأوسط»، على دور عسكرة الثورة في تهميش الصوت المدني خصوصا النساء.
أما السبب الذي دفع الباحثة لإنجاز هذا البحث، فهو اهتمامها بالمشاركة السياسية للمرأة وندرة الأبحاث في السياق السوري بعد الثورة وضمن القوى السياسية لمعارضة، وأهمية تقديم مادة تحليلية نسوية مرجعيتها حقوق الإنسان مبنية على شهادات وحوارات مع نساء ورجال سوريين من داخل المعارضة.
أفرزت الثورة هياكلها الثورية مثل (لجان التنسيق المحلية)، التي كانت تجربة شديدة الأهمية، للنساء ذوات الكفاءة، في متن التأسيس، وضم المكتب التنفيذي السياسي عام 2012 أربع نساء من أصل ثمانية أعضاء. غير أن اللجان تراجعت أهميتها نتيجة ازدياد العسكرة، ثم شكل خطف مؤسسة اللجان رزان زيتونة ورفاقها وائل حمادة وناظم حمادي وسميرة الخليل، في التاسع من ديسمبر (كانون الأول) عام 2013 من مدينة دوما بريف دمشق، حيث يسيطر فصيل جيش الإسلام، ضربة قاسية لعمل اللجان في الداخل.
شدد البحث على أن اختطاف رزان وفريق العمل معها، «شكل إجهاضا لأصوات مناضلة علمانية، كانت معارضتها متجذّرة لـ(سوريا الأسد)، منتقدا عدم حشد القوى السياسية كل إمكانياتها للتركيز على جريمة الخطف هذه والمطالبة بتحرير المخطوفين».
تقول قنوت معلقة على ما سبق، إنه بعد أن أحكم «جيش الإسلام» قبضته ومارس سلطته على سكانها، محيت الشعارات التي أطلقتها النساء في دوما بداية الثورة، مثل «يا رجال دوما هبّوا... ويوم الجمعة لا تتخبوا» إلى شعارات أخرى استفزازية موجهة للنساء كُتبت على جدران البلدة، تقول: «تبرجك وتعطرك أخّر النصر»!

المعارضة والإدارات المحلية
ولا يتوقف انتقاد الباحثة للمجموعات المتأسلمة أو المتعسكرة، فالأمور برأيها لا تسير لتعزيز المشاركة السياسية للمرأة عند قوى المعارضة السياسية التي تصدرت المشهد منذ 2011. وتقدم أمثلة كثيرة على ذلك، فالمكتب التنفيذي لهيئة التنسيق الوطنية (جسم علماني معارض يضم أطيافاً من الشعب السوري)، ضم 29 عضوا في المكتب، بعد اجتماع المجلس المركزي بدورته السابعة في أبريل (نيسان) الماضي. وقد خلا من قياديات نسائيات، باستثناء تعيين رئيسة لمكتب المرأة من خارج المكتب.
ولم يكن الوضع في «الائتلاف الوطني السوري» المعارض، بأحسن منه، فقد غابت النساء بعد انتخاباته الأخيرة في يونيو (حزيران) الماضي، ومن أصل 19 عضوا في هيئته السياسية، لم تحضر ولا امرأة فيها، واختيرت امرأة نائبة للرئيس ضمن كوتة منصوص عليها في أوراق التأسيس (يكون لرئيس الائتلاف ثلاثة نواب، مقعد للمرأة، ومقعد للمجلس الوطني الكردي، وثالث حسب الترشيحات). وتأسف قنوت أن يأتي هذا الوضع بعد إقرار توسعة نسائية طالبت بها عضواته منذ 2014 وأقرت بعد سنة وتسعة أشهر، بنسبة أقل من النسبة التي طالبن بها وهي 30 في المائة وحالياً تشكل عضوات الائتلاف 10 من أصل 102 عضو.
كذلك، وفي سياق مماثل، وعلى الرغم من الضغوط التي مارستها جهات نسوية لزيادة تمثيل النساء في الكتل السياسية على طاولة المفاوضات، فإن مؤتمر المعارضة في الرياض الذي انبثقت عنه (الهيئة العليا للمفاوضات) وتألف من اثنين وثلاثين شخصا، بينهم امرأتان فقط. «وهذه الهيئة شكلت وفد المعارضة المفاوض وضم 3 نساء من أصل خمسة عشر عضواً، أي بزيادة مقعد واحد لهن عن مفاوضات جنيف 2 السياسية».
وعلى صعيد المفاوضات نفسها، تلحظ قنوت، أنه بدأ تصاعد دور العسكر والفصائل في جنيف فبراير (شباط) 2016، وترأس الوفد عميد منشق، وكان كبير المفاوضين فيه قيادي في فصيل جيش الإسلام، ضم الوفد ثلاث نساء من أصل خمسة عشر عضواً. وفي جنيف4 وجنيف5 وجنيف6، تضيف: «إنه جرى تعويم المعارضة المسلحة على حساب السياسية منها، عبر المناصفة في التمثيل، بينما جرى تمثيل النساء بسيدتين فقط.
في سياق آخر، وعلى المستوى الإداري في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وبينما يزداد الحديث عن الدور المرتقب للمجالس المحلية، ترصد الباحثة قنوت غيابا شبه تام للمرأة عن تلك المجالس، وتقول إن نسبتهن كانت 2 في المائة في النصف الأول من عام 2016. وتلفت الانتباه إلى أن ليس المعارضة التي تصدرت المشهد، هي فقط من لم تكترث للأمر، فقد تجاهلت الدول المانحة التي تدعم المجالس المحلية تغييب النساء عنها، ما ساهم بترسيخ المعوقات والحواجز المتعددة لتمثيلهن، «وبالتالي غاب إحداث التغيير الحقيقي من (القاعدة)، وغابت السياسات الحساسة للنوع الاجتماعي»، تقول قنوت، لافتة إلى أن «نفس الدول المانحة تركز على مشاركة المرأة في المفاوضات وفي بعض الكتل السياسية مثل الائتلاف الوطني لقوى الثورة».
مفارقة التمثيل الكردي
ولم يفت الباحثة أن تتناول وضع المرأة في الحزب الكردي الأكبر (الاتحاد الديمقراطي) والتنظيمات العسكرية والأمنية التابعة له، حيث المرأة حاضرة بقوة وتشكل 40 في المائة من الحزب. غير أن المستجيبين لأسئلة البحث تركوا تعليقات على «مفارقة تجنيد القاصرات ووقوفهن على الحواجز» وإن كان ذلك يعد مساواة في التمثيل! وأشار تعليق آخر، إلى أن المكاسب للحزب الكردي المقصود وليس للنساء الكرديات. ورأى أحد المشاركين أن «القياس على نسبة المقاتلات في الحزب يمكن مقارنته بـ(كتيبة الخنساء) في (داعش)، أو تنظيم (لبوات الأسد) التابع للنظام». ورأت مشاركة أنه «عمليا، بقى أوجلان هو الرمز، ولم يسمع السوريون باسم غيره هو وصالح مسلم».
وعرجت الباحثة على النظام في سوريا، فقالت، «إن الأسد يستخدم النساء في حكومته لتجميل وجهه عبر تعيينهن في مواقع سياسية قد تبدو هامة مثل نائبة لرئيس الجمهورية (23 مارس 2006) ورئيسة للسلطة التشريعية (6 يونيو 2016)، أو كوزيرات، في حين أنه تم تعيينهن بسبب ولائهن لسلطة الاستبداد، لا يُعبرن إلا عن الخطاب الرسمي ولا يجرؤن على انتقاد السلطة، بل ويستأسدن في الدفاع عن قرارات تناهض حقوقهن».
يذكر أن بحث (المشاركة السياسية للمرأة السورية بين المتن والهامش) للمى قنوت، صدر بدعم من المبادرة النسوية الأورومتوسطية الممول من السويد وبدعم من اللوبي النسائي السوري.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.