المغرب: لجنة وطنية لتنسيق السياسات العمومية

رئيس الحكومة قال إن غياب التنسيق يضعف نمو اقتصاد البلاد

TT

المغرب: لجنة وطنية لتنسيق السياسات العمومية

أعلن سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، عن إحداث لجنة وطنية لتنسيق وتقييم السياسات الحكومية.
وقال العثماني، الذي كان يتحدث مساء أول من أمس في البرلمان بمناسبة اللقاء الشهري حول السياسات الحكومية، إن هذه اللجنة ستكون تحت رئاسته، وإنها «ستسهر على تنسيق السياسات العمومية لتحقيق التناسق والتكامل فيما بينها، وتطوير الآليات الضرورية لتقييم نجاعتها وفعاليتها ووقعها على المواطنين»، مبرزا أن «المغرب تبنى مقاربة جديدة للتنمية تتمثل في اعتماد التخطيط الاستراتيجي، من خلال إعداد وتنفيذ مجموعة من الاستراتيجيات والبرامج القطاعية. وتتوخى هذه الاستراتيجيات بالأساس إنعاش الاستثمار الوطني والأجنبي من أجل خلق الثروة، وإحداث مناصب جديدة للشغل في مختلف القطاعات الإنتاجية الواعدة، وكذا تحسين ظروف عيش السكان، خصوصا الفئات المعوزة، وتحسين ولوجهم للخدمات الاجتماعية».
غير أن هذه الاستراتيجيات تعاني من انفصال بعضها عن بعض في كثير من الأحيان، وانعدام التنسيق والالتقائية بينها. وفي هذا الصدد يقول العثماني: «لا يخفى أن التقائية السياسات العمومية ما زالت تعاني من اختلالات، نذكر من آثارها وتجلياتها ضعف مردودية الاستثمارات العمومية ووقعها الاقتصادي والاجتماعي، رغم حجمها الكبير مقارنة مع كثير من الدول، وعدم الاستجابة لطلبات المواطنين بشكل ناجع بسبب عدم التقائية بعض تدخلات الدولة في المجالات الحيوية مثل التعليم والصحة، وفك العزلة عن المناطق النائية، وضياع بعض الفرص التنموية، حيث قدرتها بعض الدراسات بعدة نقط نمو سنويا».
وأوضح العثماني، أن «كثرة الاستراتيجيات والمخططات القطاعية واللجان بين-الوزارية، مع النقص أحيانا في مستوى الانسجام والتكامل فيما بينها، يؤثر سلبا على الأداء العمومي».
وأوضح العثماني أن إحداث هذه اللجنة يهدف إلى «تمكين الحكومة من آلية موحدة وناجعة للسهر على حسن تدبير السياسات العمومية من أجل تحسين تناسق السياسات العمومية، والرفع من نجاعتها وفعاليتها ووقعها على المواطنين، وتطوير التقييم الذاتي، وإدماج وظيفة التقييم في مسلسل التخطيط الاستراتيجي، إضافة إلى تطوير وتوحيد آليات ومناهج تقييم السياسات العمومية».
ولتدعيم أداء هذه اللجنة، قال العثماني إن وزارة الشؤون العامة والحكامة تعمل من جانبها على وضع نظام معلوماتي موحد ومندمج، يمكن من تتبع وتقييم الاستراتيجيات والبرامج القطاعية، وفق منهجية مندمجة تأخذ بعين الاعتبار الانسجام والتكامل بين مختلف السياسات العمومية، الشيء الذي سيمكن الحكومة من التوفر على أداة متطورة لقيادة وتتبع السياسات العمومية، بما في ذلك قياس مستوى الإنجاز مقارنة مع الأهداف المسطرة حسب القطاعات أو المجالات الوظيفية، وقياس مساهمة كل قطاع في تحقيق الأهداف المسطرة في مجال ما، ومعرفة مدى انسجام وتكامل الاستراتيجيات والبرامج في مجال ما.
وبالموازاة مع هذه الآلية البين وزارية على الصعيد المركزي، أشار العثماني إلى أن الحكومة تعتزم اعتماد اللاتمركز الإداري، وفق منظور الجهوية المتقدمة، مضيفا أنه «يتم العمل حاليا على إتمام إعداد وإصدار ميثاق اللاتمركز...».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.