موسكو: المقاتلون الروس في سوريا متطوعون ولا علاقة للكرملين بهم

صورة لمتعاقد خاص روسي وضعت على قبره في تولا بروسيا (رويترز)
صورة لمتعاقد خاص روسي وضعت على قبره في تولا بروسيا (رويترز)
TT

موسكو: المقاتلون الروس في سوريا متطوعون ولا علاقة للكرملين بهم

صورة لمتعاقد خاص روسي وضعت على قبره في تولا بروسيا (رويترز)
صورة لمتعاقد خاص روسي وضعت على قبره في تولا بروسيا (رويترز)

قال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين في مؤتمر صحافي عبر الهاتف اليوم (الأربعاء)، إن أي مواطنين روس يقاتلون مع قوات النظام السوري عبارة عن متطوعين ولا علاقة لوزارة الدفاع الروسية بهم.
واعتمادا على روايات عائلات وأصدقاء القتلى والمسؤولين المحليين تقدر وكالة «رويترز» للأنباء، أن يكون العدد الحقيقي للقتلى في سوريا بين الجنود والمتعاقدين الروس 40 على الأقل في 2017 وهو ما يزيد بكثير عن العدد الرسمي.
وقال بيسكوف: «إذا كان هناك مواطنون روس في سوريا فهم متطوعون والدولة لا علاقة لها بهم».
وتوضح بيانات وزارة الدفاع الروسية أن عشرة من رجال القوات المسلحة في روسيا سقطوا قتلى في القتال الدائر في سوريا حتى الآن خلال العام الحالي. غير أن «رويترز» تقدر أن عدد القتلى الفعلي للروس من الجنود والمشاركين في القتال بعقود خاصة لا يقل عن 40 قتيلا وذلك بناء على روايات أسر القتلى وأصدقائهم ومسؤولين محليين.
ويفوق هذا الرقم للقتلى في سبعة أشهر تقدير «رويترز» لعدد القتلى الروس من رجال القوات المسلحة والمتعاقدين في سوريا على مدار الأشهر الخمسة عشر السابقة وهو 36 قتيلا فيما يشير إلى زيادة كبيرة في معدل الخسائر البشرية في ميدان القتال مع تزايد الدور الروسي.
وأغلب الوفيات التي توصلت إليها «رويترز» أكدها أكثر من شخص واحد بما في ذلك أشخاص كانوا يعرفون القتيل أو مسؤولون محليون. وفي تسع حالات تأكدت «رويترز» من صحة تقارير عن قتلى في وسائل الإعلام المحلية أو وسائل التواصل الاجتماعي وذلك بالرجوع إلى مصدر آخر.
وقد تكون هذه البيانات متحفظة بعض الشيء، إذ إن القادة العسكريين يحثون أسر القتلى على التزام الصمت على حد قول أقارب وأصدقاء لعدد من المقاتلين القتلى سواء من رجال الجيش الروسي أو من أصحاب التعاقدات الخاصة.
والعدد الحقيقي للخسائر البشرية في الصراع السوري موضوع حساس في روسيا التي تقدم وسائل الإعلام فيها تغطية إيجابية لتطورات الصراع وذلك قبل الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل التي يتوقع أن يفوز فيها الرئيس فلاديمير بوتين.
ويعد حجم الخسائر البشرية العسكرية في أوقات السلم سرا من أسرار الدولة منذ وقع بوتين مرسوما قبل ثلاثة أشهر من بدء روسيا عملياتها في سوريا. ورغم أن روسيا تكشف عن بعض القتلى فهي لا تذكر الرقم الإجمالي للخسائر البشرية.
وقد يسهم في تفسير بعض التناقضات في المعلومات أن روسيا لا تعترف صراحة بأن متعاقدين يخوضون القتال إلى جانب الجيش، إذ إن وجودهم في سوريا يمثل فيما يبدو مخالفة لحظر قانوني على مشاركة المدنيين في أعمال قتالية في الخارج كمرتزقة.
وكانت الحكومة الروسية نفت في السابق أنها لا تعلن أرقام الخسائر بالكامل في سوريا التي دخلت موسكو الصراع الدائر فيها منذ ما يقرب من عامين دعماً لرئيس النظام السوري بشار الأسد أحد أوثق حلفائها في الشرق الأوسط.
وتمر شهور على مقتل جنود قبل أن تعلن روسيا دون ضجة عن حدوث بعض الخسائر بما في ذلك سقوط متعاقدين عسكريين. وتحصل أسر القتلى على أوسمة وفي بعض الأحيان تطلق السلطات المحلية أسماء الجنود القتلى على المدارس الذي درس فيها هؤلاء الجنود أثناء طفولتهم.
ومن بين القتلى الأربعين حصلت «رويترز» على أدلة أن 21 منهم من المتعاقدين و17 من جنود الجيش. ولم يتضح وضع القتيلين الآخرين.
ولا يعرف الكثير عن طبيعة العمليات التي يشارك فيها الروس في سوريا. فقد ركزت روسيا في البداية على توفير دعم جوي لقوات النظام السوري غير أن معدل الخسائر البشرية يشير إلى تزايد التدخل البري.
وآخر مرة سقط فيها أحد الطيارين الروس في سوريا كانت في أغسطس (آب) 2016 كما أن روسيا منيت بأولى خسائر جسيمة على الأرض هذا العام في يناير (كانون الثاني) عندما سقط ستة متعاقدين عسكريين قتلى في يوم واحد.
وسبق أن نشرت «رويترز» تقارير عن وجود فروق بين تقديراتها للخسائر البشرية والأرقام الرسمية غير أن الفارق اتسع بشكل ملحوظ هذا العام.
وكشفت السلطات الروسية أن 23 من رجال الجيش قتلوا في سوريا على مدار 15 شهرا في 2015 - 2016 في حين توصلت «رويترز» إلى أن عدد القتلى بلغ 36 قتيلا بمن فيهم المتعاقدون.
ومن المتعاقدين الخاصين الذين لم تعترف السلطات رسميا بمقتلهم في سوريا ألكسندر بروموجايبو (40 عاما) من مدينة بيلورشينسك في جنوب روسيا. فقد قال صديق طفولته ارتور ماروبيان إنه لقي مصرعه في سوريا في 25 أبريل (نيسان).
ويقول ماروبيان الذي زامله أثناء الدراسة إن بروموجايبو سبق أن شارك في القتال في حرب الشيشان مع وحدة خاصة من قوات المظلات الروسية.
وقال إن صديقه القتيل كان يواجه الصعوبات في تدبير نفقاته أثناء العمل حارسا في بلدته وكان يحتاج للمال لبناء بيت يعيش فيه مع زوجته وابنته الصغيرة.
وفي العام الماضي قرر الانضمام إلى صفوف المتعاقدين العسكريين الذين يعملون مع وزارة الدفاع الروسية في سوريا وحصل على وعد بالحصول على مرتب شهري يبلغ 360 ألف روبل (6 آلاف دولار) أي تسعة أمثال المرتب العادي في روسيا.
وتقول مصادر متعددة إن المتعاقدين العسكريين يُرسلون سرا إلى سوريا تحت قيادة رجل اسمه الحركي واجنر.
ومن الناحية الرسمية لا توجد في روسيا شركات عسكرية خاصة. وقال ماروبيان متذكرا آخر حوار دار بينه وبين بروموجايبو: «قلت له إن في ذلك خطورة وإنه لن يحصل على المال دون مقابل لكني لم أستطع إقناعه».
ويقول ماروبيان إنه حصل على عرض العمل في منشأة عسكرية تتبع وكالة المخابرات العسكرية الروسية بالقرب من قرية مولكينو. وتتبع الوكالة وزارة الدفاع وليس لها متحدث باسمها.
ولم يرد الكرملين على طلبات للتعليق على ذلك. وقد توجه روموجايبو إلى المنشأة لإجراء اختبارات اللياقة البدنية وفشل مرتين في اجتيازها. ولم يُقبل إلا في المرة الثالثة بعد أن فقد 55 كيلوغراما من وزنه عقب تدريبات استمرت سبعة أشهر.
وقال ماروبيان «غادر (روسيا) في فبراير (شباط)» مضيفاً أنه لم يعلم بمقتل صديقه في سوريا إلا عندما أعيدت جثته إلى بلدته في أوائل مايو (أيار).
وقال شخص آخر كان يعرف بروموجايبو إنه مات في سوريا.
وفي أواخر مايو قال إيجور ستريلكوف الزعيم السابق للمتمردين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا، الذي ظل على اتصال بالمتطوعين الروس الذين انتقلوا إلى ساحات القتال في سوريا، إن متعاقدين عسكريين من روسيا قاتلوا مؤخرا بالقرب من مدينة حمص السورية إلى جانب مقاتلي ميليشيا «حزب الله» الارهابية المدعومة من إيران.
وتم نقل جينادي برفيلييف اللفتنانت كولونيل بالجيش الروسي والبالغ من العمر 51 عاما إلى سوريا للعمل كمستشار عسكري. وقد قتل في قصف خلال رحلة استطلاعية في الثامن من أبريل حسبما قاله زملاء سابقون له في مدرسة شيليابينسك العسكرية العليا لقيادة الدبابات.
وقال أحد الزملاء ويدعى بافل بيكوف «أصابت عدة غرامات من المعادن قلبه». وأكد زميل سابق لـ«رويترز» أن برفيلييف قتل في سوريا في رحلة استطلاعية.
ولم يظهر اسمه في الإخطارات الرسمية لوزارة الدفاع عن القتلى العسكريين في سوريا.
ودُفن في مقبرة عسكرية جديدة تخضع لحراسة مشددة خارج موسكو يتعين على زوارها إبراز جوازات سفرهم ويُسألون عند المدخل عن القبر الذي يريدون زيارته.
وعلى شاهد قبر برفيلييف كانت صورته تغطي اسمه وتاريخ وفاته.
وكانت الصور تغطي أيضاً الأسماء وتواريخ الوفاة على قبور عدد آخر من قتلى القوات المسلحة الروسية في سوريا دُفنوا على مسافة قريبة.
وكانت الأسماء واضحة على قبور أخرى ليس أصحابها من بين الضحايا الذين سقطوا في سوريا.
وسئل أندري سوسنوفسكي المسؤول بالمقبرة عما إذا كان ذلك تدبيراً خاصاً من تدابير السرية فقال إن الأسماء مغطاة مؤقتاً لحين التمكن من إقامة شواهد مناسبة.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.