العاهل المغربي يصدر عفواً عن معتقلين من احتجاجات الحسيمة

انتقد الإدارة العمومية والنخبة السياسية لإعاقتهما تقدم البلاد

العاهل المغربي الملك محمد السادس يلقي خطابا بمناسبة الذكرى الـ16 لاعتلاء العرش (أ.ف.ب)
العاهل المغربي الملك محمد السادس يلقي خطابا بمناسبة الذكرى الـ16 لاعتلاء العرش (أ.ف.ب)
TT

العاهل المغربي يصدر عفواً عن معتقلين من احتجاجات الحسيمة

العاهل المغربي الملك محمد السادس يلقي خطابا بمناسبة الذكرى الـ16 لاعتلاء العرش (أ.ف.ب)
العاهل المغربي الملك محمد السادس يلقي خطابا بمناسبة الذكرى الـ16 لاعتلاء العرش (أ.ف.ب)

أصدر العاهل المغربي الملك محمد السادس عفواً عن معتقلين بينهم أشخاص اعتقلوا على خلفية ما بات يعرف باسم «حراك الريف» الذي تفجر في مدينة الحسيمة بشمال البلاد، عقب مقتل بائع سمك سحقاً داخل شاحنة للنفايات.
وفي خطاب مساء أمس (السبت)، في ذكرى مرور 18 عاماً على اعتلاء العرش، انتقد الملك الإدارة المغربية والنخبة السياسية وحملهما مسؤولية «إعاقة تقدم المغرب».
وقال بيان لوزارة العدل إن العاهل المغربي بمناسبة الذكرى الثامنة عشرة لعيد العرش أصدر عفواً «على مجموعة من الأشخاص منهم المعتقلون ومنهم الموجودون في حالة سراح المحكوم عليهم من طرف مختلف محاكم المملكة وعددهم 1178 شخصاً». وضمن هؤلاء 911 سجيناً.
وأضاف البيان أن عددا من هؤلاء «لم يرتكبوا جرائم أو أفعالاً جسيمة في الأحداث التي عرفتها منطقة الحسيمة وذلك اعتباراً لظروفهم العائلية والإنسانية».
ولم يتسنَّ التأكد من عدد معتقلي أحداث الحسيمة الذين أطلق سراحهم، لكن وسائل إعلام مغربية أشارت إلى أنهم 56 من أصل 300 معتقل. وشمل العفو المغنية الشابة سليمة (سيليا) الزياني.
وشمل العفو أيضاً عدداً من الشبان يعرفون باسم «شباب فيسبوك» الذين ينتمون إلى حزب العدالة والتنمية الإسلامي. وأدين هؤلاء بتهمة «الإشادة بالإرهاب» على خلفية تدوينات نشروها على «فيسبوك» إثر اغتيال السفير الروسي في أنقرة في ديسمبر (كانون الأول).
وفي كلمته للشعب المغربي انتقد العاهل المغربي الإدارة العمومية قائلاً: «من بين المشكلات التي تعيق تقدم المغرب، هو ضعف الإدارة العمومية، سواء من حيث الحكامة، أو مستوى النجاعة أو جودة الخدمات التي تقدمها للمواطنين».
وأضاف أن ذلك «ينعكس سلباً على المناطق التي تعاني من ضعف الاستثمار الخاص، وأحياناً من انعدامه ومن تدني مردودية القطاع العام مما يؤثر على ظروف عيش المواطنين».
وتابع قائلاً: «المناطق التي تفتقر لمعظم المرافق والخدمات الصحية والتعليمية والثقافية ولفرص الشغل تطرح صعوبات أكبر وتحتاج إلى المزيد من تضافر الجهود... لإلحاقها بركب التنمية».
وقال الملك: «في المقابل، فإن الجهات التي تعرف نشاطاً مكثفاً للقطاع الخاص كالدار البيضاء والرباط ومراكش وطنجة تعيش على وقع حركية اقتصادية قوية توفر الثروة وفرص الشغل».
وكانت احتجاجات اندلعت في الحسيمة بمنطقة الريف شمال المغرب في أكتوبر (تشرين الأول) بعد مقتل بائع السمك محسن فكري دهساً داخل حاوية للنفايات بعد أن حاول استرجاع بضاعته المصادرة. وتحولت الاحتجاجات إلى مطالب اجتماعية، مثل الوظائف وبناء مستشفيات وتحسين البنية التحتية وبناء جامعة وخدمات أخرى.
وسارعت الحكومة بعد هذه الاحتجاجات إلى إعادة إطلاق مشروع تنموي بالمنطقة كانت قد أعلنت عنه في 2015 تحت اسم «الحسيمة منارة المتوسط» لكنه لم ينجز بالوتيرة التي أعلن عنها.
وأعطى العاهل المغربي الأمر بالتحقيق في أسباب تأخر المشروع.
وانتقد بشدة في خطاب السبت النخبة والأحزاب السياسية في البلاد معتبراً أن «التطور السياسي والتنموي الذي يعرفه المغرب لم ينعكس بالإيجاب على تعامل الأحزاب والمسؤولين السياسيين والإداريين مع التطلعات والانشغالات الحقيقية للمغاربة».
وأضاف: «عندما تكون النتائج إيجابية تتسابق الأحزاب والطبقة السياسية والمسؤولون إلى الواجهة للاستفادة سياسيّاً وإعلاميّاً من المكاسب المحققة أما عندما لا تسير الأمور كما ينبغي يتم الاختباء وراء القصر الملكي وإرجاع كل الأمور إليه... وهو ما يجعل المواطنين يشتكون لملك البلاد من الإدارات والمسؤولين الذين يماطلون في الرد على مطالبهم ومعالجة ملفاتهم ويلتمسون منه التدخل لقضاء أغراضهم».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.