سيد مدينة الحاكمية.. أوراق محمد قطب (1): محمد قطب.. اللاعب الخفي في تنظيم 1965

امتزج بأفكار أخيه سيد وحولها إلى منهج تربوي طويل يهدف إلى «تمكين الصحوة»

محمد قطب
محمد قطب
TT

سيد مدينة الحاكمية.. أوراق محمد قطب (1): محمد قطب.. اللاعب الخفي في تنظيم 1965

محمد قطب
محمد قطب

تحت فصل بعنوان «وكانت بيعة»، تروي الحاجة زينب الغزالي، في كتابها «أيام من حياتي» - الذي يوصف في الأدبيات الإخوانية بأنه «وثيقة قيمة، وسجل تاريخي، لحقبة مهمة من تاريخ الدعوة الإسلامية» - قصة إعادة بعث تنظيم الإخوان المسلمين من جديد، بعد قرار حله إثر أحداث المنشية الشهيرة عام 1954 التي تعرض فيها جمال عبد الناصر لمحاولة اغتيال على يد أعضاء من الجماعة.
زينب الغزالي، التي تعد واحدة من أبرز القيادات النسائية في صفوف الإخوان المسلمين، وحظيت بمباركة خاصة من المؤسس حسن البنا، بعد إنشائها لأول جمعية إسلامية نسائية باسم «جمعية السيدات المسلمات»، تقول في مذكراتها: «لما كانت جماعة الإخوان المسلمين معطلا نشاطها بسبب قرار الحل الجاهلي لسنة 1954، كان ضروريا أن يعود إحياء هذا النشاط، لكنه بالطبع سيكون سريا».
تكثفت تحركات مجموعة من الكوادر الإخوانية الذين لم تطلهم حملة الاعتقالات، من أجل إعادة تنظيم صفوف الجماعة من جديد، من أبرزهم عبد الفتاح إسماعيل، وعلي عشماوي، وأحمد عبد المجيد، ومحمد فتحي رفاعي، وعوض عبد العال وآخرون، ضمن ما عرف بتنظيم «سيد قطب»، أو «تنظيم 1965».
في حج عام 1957، كان أول لقاء بين زينب الغزالي وعبد الفتاح إسماعيل، الذي يوصف بأنه «دينامو تنظيم 1965 وثالث ثلاثة أعدموا عام 1966». تروي الغزالي فتقول: «بعد ركعتي الطواف، جلسنا خلف بئر زمزم بالقرب من مقام إبراهيم، وأخذنا نتحدث عن بطلان قرار حل جماعة الإخوان المسلمين ووجوب تنظيم صفوف الجماعة وإعادة نشاطها. واتفقنا على أن نتصل، بعد العودة من الأرض المقدسة، بالإمام حسن الهضيبي، المرشد العام لنستأذنه في العمل. فلما هممنا بالانصراف، التفت علي عبد الفتاح وقال: (يجب أن نرتبط هنا ببيعة مع الله على أن نجاهد في سبيله، لا نتقاعس حتى نجمع صفوف الإخوان، ونفاصل بيننا وبين الذين لا يرغبون في العمل أيا كان وضعهم ومقامهم)، وبايعنا الله على الجهاد والموت في سبيل دعوته».
بدأت التحركات للم شتات الإخوان من جديد، على مستوى محافظات مصر كلها، بتوجيهات وتعليمات تصل من داخل السجن، وفي قصاصات يكتبها سيد قطب تحت مسمى «خيوط خطة»، صدرت، في ما بعد، ضمن كتابه الشهير «معالم في الطريق»، وفقا لما أكده أيضا أحمد عبد المجيد، في مذكراته «الإخوان وعبد الناصر القصة الكاملة لتنظيم 1965».

* مخطط إقامة الدولة الإسلامية

* تحكي الغزالي تفاصيل هذا المخطط الذي يبدأ من الإعداد والتكوين التربوي، وصولا إلى إقامة الدولة أو الخلافة الإسلامية، فتقول: «بتعليمات من الإمام سيد قطب، وبإذن الهضيبي، قررنا أن تستمر مدة التربية والتكوين والإعداد ثلاثة عشر عاما - عمر الدعوة في مكة - على أن قاعدة الأمة الإسلامية الآن هم (الإخوان) الملتزمون بشريعة الله وأحكامه. فنحن ملزمون بإقامة كل الأوامر والنواهي الواردة في الكتاب والسنة في داخل دائرتنا الإسلامية.. والطاعة واجبة علينا لإمامنا المبايع، على أن إقامة الحدود مؤجلة، مع اعتقادها والذود عنها، حتى تقوم الدولة.. وكنا على قناعة كذلك بأن الأرض اليوم خالية من القاعدة التي تتوافر فيها صفات الأمة الإسلامية الملتزمة التزاما كاملا، كما كان الأمر في عهد النبوة والخلافات الراشدة. ولذلك وجب الجهاد على الجماعة المسلمة (...)، حتى يعود جميع المسلمين للإسلام، فيقوم الدين القيم، لا شعارات ولكن حقيقة عملية واقعة».
وتضيف الغزالي: «درسنا كذلك وضع العالم الإسلامي كله، بحثا عن أمثلة لما كان قائما من قبل بخلافة الراشدين، والتي نريدها نحن في جماعة الله الآن، فقررنا بعد دراسة واسعة للواقع القائم المؤلم أنه ليست هناك دولة واحدة ينطبق عليها ذلك، واستثنينا السعودية مع تحفظات وملاحظات يجب أن تستدركها المملكة وتصححها، وكانت الدراسات كلها تؤكد أن أمة الإسلام ليست قائمة، وإن كانت الدولة ترفع الشعارات بأنها تقيم شريعة الله!.. وكان في ما قررناه بعد تلك الدراسة الواسعة، أنه بعد مضي ثلاثة عشر عاما من التربية الإسلامية للشباب والشيوخ والنساء والفتيات، نقوم بمسح شامل في الدولة، فإذا وجدنا أن الحصاد من أتباع الدعوة الإسلامية المعتقدين أن الإسلام دين ودولة، والمقتنعين بقيام الحكم الإسلامي قد بلغ 75 في المائة من أفراد الأمة رجالا ونساءً، أعلنا قيام الدولة الإسلامية، وقيام الحكم الإسلامي، أما إن وجدنا الحصاد 25 في المائة، جددنا التربية والإعداد لمدة ثلاثة عشر عاما أخرى، وهلم جرا، حتى نجد أن الأمة فد نضجت لتقبل الحكم بالإسلام».

* علاقة محمد قطب بتنظيم 65

* على خلاف شخصية أخيه الأكبر سيد، كان محمد قطب (توفي في الرابع من أبريل/ نيسان، 2014، بمكة المكرمة، وصلي عليه في الحرم المكي) منضويا تحت لواء أخيه. كان امتدادا وظلا وفيا له في العمل الحركي والإنتاج الفكري. أعاد إنتاج مفاهيم أخيه، وكررها وجسدها، وقربها كمنهج تربوي مفصل شكل تأثيرا كبيرا على فكر التيارات الإسلامية وبالأخص المتفرعة من إطار «الإخوان المسلمين»، حيث حظيت أفكاره بحضور بارز ومفصل في أفكار التيار الإسلامي الحركي في السعودية، تماما كما كان لأخيه سيد ذلك الحضور.
لكن ما علاقته بتنظيم 65، وما هي قصة «تنظيم محمد قطب»، الذي فتحت من أجله سلطات أمن الدولة المصرية تحقيقات موسعة مع عدد من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين؟
تروي زينب الغزالي مجددا تتمة نشاط أعضاء الجماعة الفاعلين خارج السجون فترة الستينات، حين كانت تصلهم التوجيهات مباشرة من سيد قطب، وتقول: «رأينا خلال فترة الإعداد التربوي أن يكون هناك مستشار يشرح ويوضح لنا توجيهات سيد قطب وتعليماته».. و«لذلك قررنا، ورأينا أن يكون الأستاذ محمد قطب هو مرجعنا، وبإذن من المرشد الهضيبي كان الأستاذ محمد يأتي بشكل دوري إلى بيتي في مصر الجديدة، ليوضح للشباب ما غمض عليهم فهمه. وكان الشباب يستوضحونه ويسألونه أسئلة كثيرة يجيب عنها».
وضمن منهج الإعداد التربوي للتنظيم السري، وضع سيد قطب مجموعة من الكتب والمراجع التي تشكل المنهج الدراسي والتربوي لكوادر التنظيم، وكان من أبرزها، بالإضافة لكتبه، كتب أخيه محمد قطب، حيث يروي أحمد عبد المجيد في مذكراته: «كنا نركز أساسا على العقيدة، ثم الحركة بهذه العقيدة في تنظيم حركي، ثم الدراية والمعرفة بالمخططات الصهيونية والصليبية وأعوانها لضرب الإسلام ووسائلهم في ذلك. فوضع لنا الأستاذ سيد قطب منهجًا دراسيًا وتربويًا للسير عليه مع إخواننا. ومن أهم الكتب والمراجع التي احتواها هذا المنهج: (منهج التربية الإسلامية)، (جاهلية القرن العشرين)، (هل نحن مسلمون؟)، (معركة التقليد) لمحمد قطب، إضافة إلى كتب من تأليفه، وأخرى لأبي الأعلى المودودي وآخرين».
ونتيجة لذلك، كان موضوع محمد قطب من أكثر المحاور الرئيسة التي تناولتها ملفات التحقيق مع زينب الغزالي، كما تروي في مذكراتها، حيث كان شمس بدران - وزير الحربية في عهد عبد الناصر - يسائلها كثيرا عن «التنظيم الخاص الذي أسسه محمد قطب، وخطط لاغتيال عبد الناصر». ونفت الغزالي ذلك بشدة. وعلى الرغم من أنها قررت في الكتاب عينه أن محمد قطب كان يزورها في بيتها بانتظام بأمر من المرشد، للإجابة عن إشكالات أفراد التنظيم، فإنها أجابت حين سألتها النيابة «لماذا كان يزورك محمد قطب في بيتك باستمرار، حيث يلتقي مع شباب الإخوان؟»، فقالت إن أمينة وحميدة شقيقتي محمد قطب اعتادتا زيارتها «وأحيانا كان يأتي محمد معهما فيلتقي بالشباب المسلم الفاضل صدفة!».

* محمد قطب.. الحيرة والتحول

* في بلدة موشا ضمن محافظة أسيوط مصر، ولد محمد قطب في شهر أبريل عام 1919، ونشأ في عائلة كان لها أثر بالغ في تاريخ الحركة الإسلامية بمصر، بشقيه الفكري والحركي، بين الرجال والنساء على حد سواء. فأخوه الأكبر سيد كان الرجل الثاني في الجماعة بعد حسن البنا، تأثيرا وحضورا، وأعدم عام 1966. أما أختاه أمينة وحميدة فكانتا من أبرز «الأخوات المسلمات» الفاعلات في الجماعة، وجميعهن تعرضن للاعتقال. تزوجت أمينة من القيادي الإخواني كمال السنانيري الذي توفي داخل معتقله عام 1981. أما حميدة فكانت تلقب في الأدبيات الإخوانية، بـ«عذراء السجن الحربي»، ووجهت لها اتهامات بنقل معلومات من سيد قطب داخل السجن إلى زينب الغزالي. في هذا الوسط نشأ محمد قطب، وكانت دراسته في القاهرة بجميع مراحلها، حيث درس فيها المرحلة الابتدائية والثانوية، وتخرج في جامعة القاهرة التي أخذ منها الإجازة في اللغة الإنجليزية وآدابها عام 1940. بعد تخرجه في الجامعة، بدأ اهتمامه بالتعليم والتربية يظهر، فاتجه نحو معهد التربية العالي للمعلمين بالقاهرة، وحصل منه على شهادة دبلوم في التربية وعلم النفس عام 1941. وعمل بعد ذلك أربع سنوات في التدريس، ثم في دار الكتب المصرية، وبعدها أصبح مترجما في وزارة المعارف المصرية، ثم انتقل إلى الإدارة العامة للثقافة في وزارة التعليم العالي بمصر.
كانت شخصية أخيه الأكبر حاضرة بقوة في حياته، ومؤثرة عليه إلى حد الامتزاج الكامل، وذلك بات واضحا في كل أفكاره وإنتاجه، وطريقة كتابته الأدبية التي تحاكي أسلوب أخيه، بل حتى في كيفية تحوله من الأدب والشعر إلى الفكر والنضال الحركي. يقول محمد عن أخيه سيد: «لقد عايشت أفكار سيد بكل اتجاهاته منذ تفتح ذهني للوعي، ولما بلغت المرحلة الثانوية أصبح يشركني في مجالات تفكيره، ويتيح لي فرصة المناقشة لمختلف الموضوعات، فامتزجت أفكارنا وأرواحنا امتزاجا كبيرا، بالإضافة إلى علاقة الأخوة والنشأة في الأسرة الواحدة، وما يهيئه ذلك من تقارب وتجاوب»، وفقا لما نقله عنه محمد المجذوب في كتاب «علماء ومفكرون عرفتهم».
وكما كان سيد مهموما في بداية حياته بالأدب والتصوير الفني، و«النقد الأدبي أصوله ومناهجه»، ثم تحول حتى وصل إلى مرحلته الأخيرة التي جسدها بوضوح في كتابه «معالم في الطريق»، كان كذلك محمد قطب في مسرى حياته كما يقول. فقد كان تائها ضائعا في الأدب والشعر، ولم ينتبه لحقيقة «المكائد ضد الإسلام» من حوله، حتى جاءت «فتنة السجن الحربي» التي اعتقل فيها هو وأخوه سيد بعد أحداث 1954، حيث كان لذلك الحدث بالغ الأثر في نفسه، إذ إنها كما يقول «أول تجربة من نوعها، كانت من العنف والضراوة بحيث يمكن لي القول إنها غيرت نفسي تغييرا كاملا. كنت أعيش من قبلها في آفاق الأدب والشعر والمشاعر المهمومة، أعاني حيرة عميقة، وكانت تلك الحيرة تشكل أزمة حقيقية في نفسي استغرقت من حياتي عدة سنوات، غير أن الدقائق الأولى منذ دخولي ذلك السجن، والهول الذي يلقاه نزيله، بدلت ذلك كل التبديل. لقد أحسست إذ ذاك أنني موجود، وأن لي وجودا حقيقيا، وأن الذي في نفسي حقيقة وليس وهما، وهذه الحقيقة هي السير في طريق الله، والعمل من أجل دعوته، وعرفت حينها حقيقة المؤامرة الضارية ضد الإسلام، وانتهت الحيرة الضالة، ووجدت نفسي على الجادة».
أصبح محمد قطب يشك في «إسلام» كل المجتمعات الإسلامية، وصار يتساءل دائما: «هل نحن مسلمون؟».. أم أننا نعيش في «جاهلية القرن العشرين»، ونغرق في «ظلمات التيه»، وتنتشر بيننا «شبهات حول الإسلام؟!».. ولذلك يقرر محمد قطب أن الحل في «منهج التربية الإسلامية» الذي يجب أن يقوم عليه «واقعنا المعاصر»، حتى ننتصر في «معركة التقاليد»، ونكشف «المذاهب الفكرية المعاصرة» (عناوين كتب لمحمد قطب).

* منهج للصحوة السعودية

* اعتقل محمد قطب، هو وأخوه سيد، للمرة الأولى بعد حادثة المنشية عام 1954. خرج محمد بعد مدة قصيرة، في حين حكم على أخيه بالسجن 15 سنة. في تلك الفترة، أتم سيد كتابة عدد من كتبه، أهمها «في ظلال القرآن». لكن محمد عاد إلى السجن مرة أخرى في يوليو (تموز) 1965، وبقي ست سنوات، فلم يفرج عنه إلا في مطلع عهد السادات، في أكتوبر (تشرين الأول) عام 1971.
بعد خروجه من السجن، لجأ محمد قطب إلى السعودية مطلع السبعينات الميلادية باحثا عن الأمان. وفي مكة العاصمة المقدسة، أمضى بقية حياته (قرابة نصف قرن) ناقلا معه تجربته الحركية والفكرية إلى أبناء الصحوة السعودية، فأثر فيهم بشكل كبير، وبالأخص في أبناء التيار السروري، والتي تنزع في مرجعيتها إلى المدرسة القطبية أكثر من البنائية، حيث يحظى سيد بحضور طاغ مؤثر في كتابات وأفكار التيار. ولذلك كان لوجود محمد في السعودية دور مهم في تقريب أفكار المنهج القطبي وترسيخها، والدفاع عن أفكار أخيه سيد، وإزالة مواطن الإشكاليات واللبس التي اعترتها، كما يوضح في ختام مرافعاته عن أخيه في أحد الحوارات الصحافية، مدافعا عن «عقيدة» سيد، قائلا: «لا أقول هذا دفاعا عن أخي، فهو بين يدي مولاه، وإنما أقوله لأني عايشته السنين الطوال، وأعلم بما لا يدع مجالا للشك أنه لم يقع في عقيدته شيء من الزيغ أو الدخن».
عمل محمد على صياغة أفكار سيد في مشروع تربوي حركي مفصل قابل للتطبيق العملي في حياة الحركة، إضافة للمنحى الأهم الذي نحاه محمد قطب مختلفا عن أخيه، عبر تأكيده المتكرر في أغلب كتاباته على المنهج التربوي التدريجي، الذي يستلزم الانخراط في «المجتمع الجاهلي» من أجل التأثير فيه. فهو وإن كان يتفق مع سيد حول فكرة «الحاكمية» و«جاهلية المجتمعات»، فإنه يختلف معه في «المفاصلة والعزلة»، إذ يقرر أن الوصول إلى إقامة «المجتمع الإسلامي المنشود» يكون عبر عملية تربوية طويلة من خلال بناء «قاعدة صلبة» تتغلغل داخل المجتمع «الجاهلي» حتى يتغير وتجد الحركة لها ثقلا جماهيريا قويا بين الشرائح كافة، ولذلك نجد النشاط الصحوي في عز ذروته فاعلا وناشطا بقوة في المدارس والجامعات، ومجال التعليم والنشاط الطلابي، حيث اعتنى قطب كثيرا بمسألة التعليم في كتبه ومؤلفاته، معتبرا إياه حقلا من أهم «حقول المعركة والصراع مع أعداء الدين، لا بد أن تكتسبها الصحوة، وتنقيها من أدران الجاهلية».

* القاعدة الصلبة.. قبل الحكم

* في كتابه «واقعنا المعاصر» (صدر في طبعته الأولى عام 1986 عن مؤسسة المدينة للنشر بجدة)، الذي يعد أحد أهم الكتب المؤثرة والمكونة للمنهج التربوي السروري والإخواني عموما، يقدم قطب الرؤية الحركية المعاصرة لأهم مفاصل التاريخ الحديث، والموقف من مخططات الاستعمار، ووسائل تغريب المرأة، والتعليم، والإعلام والفكر والأدب، ومعالم الغزو الفكري والصليبي على بلدان المسلمين.. «فالعالم الإسلامي اليوم يمر بأسوأ مراحله، يمكن أن نطلق عليها مرحلة (التيه).. انحرف المسلمون انحرافا شديدا عن حقيقة الإسلام، ويحاصرهم الغزو الفكري الذي يحيكه أعداء الأمة من كل مكان».. ولكن «اليوم يدور الزمان دورته، ويبزغ فجر جديد للإسلام مع تباشير الصحوة الإسلامية، يحمله الشباب المؤمن الذي يتطلع إلى اليوم الذي يجد فيه الإسلام مطبقا بالفعل، اليوم الذي يعود فيه المسلمون إلى الاستخلاف والتمكين في الأرض».
يشرح قطب في مقدمته أسباب تأليفه للكتاب قائلا: «هذه محاولة لدراسة الصحوة الإسلامية، وما تحمله من دلالة تاريخية.. ماذا أنجزت، وماذا ينبغي أن تنجز حتى تجتاز أزمتها الحالية، وتصل إلى التمكين الذي وعد الله به المؤمنين.. أردت بمحاولاتي تلك الرد على تساؤلات الشباب المتطلع إلى تحقيق الإسلام في عالم الواقع: لماذا طالت المسيرة؟ لماذا تأخر التمكين؟ ما منهج الدعوة؟ ما الطريق الصحيح؟».
بعد أن يستعرض محمد قطب في كتابه ظلامات «الجاهلية» التي يرزح تحتها العالم الإسلامي في كل المجالات، قدم في الربع الأخير منه الحل الأمثل لمواجهة الواقع المعاصر، والمنهج الأصلح لتحقيق التمكين والوصول إلى الحكم، عن طريق «بناء قاعدة إسلامية صلبة» تكون النواة الرئيسة الأولى للمواجهة مع السلطة «الجاهلية» القائمة، والسند الفعلي الداخلي لأبناء الحركة أمام مخططات أعداء الإسلام، وأعداء الحكم الإسلامي.
يؤكد قطب أن أي استعجال في التحرك من أجل التمكين، أو الصدام مع السلطة قبل «تكوين القاعدة المسلمة المجاهدة» هو «عملية انتحارية لا طائل من ورائها، إلا إعطاء الطغاة حجة لتقتيل المسلمين وتذبيحهم، والناس غافلون عن حقيقة المعركة وكون هؤلاء الطغاة إنما يعملون ما يعملون عداء للإسلام ذاته، وولاء للصليبية الصهيونية التي تحارب الإسلام في كل الأرض».
كيف يمكن إذن بناء «القاعدة الإسلامية»؟
يجيب قطب: «لا بد من ارتياد الطريق الطويل، المجهد الشاق المستنفد للطاقة، وهو طريق التربية.. التربية من أجل إنشاء (القاعدة الإسلامية) الواعية المجاهدة التي تسند الحكم الإسلامي حين يقوم، وتظل تسنده لكي يستمر في الوجود بعد أن يقوم.. فهل يمكن أن يقوم حكم الحركة الإسلامية قبل أن توجد القاعدة المؤمنة التي تواجه النتائج المترتبة على إعلان الحكم الإسلامي، وأولاها تحرش الصليبية الصهيونية كما حدث في أفغانستان والسودان؟!.. إن حكم الحركات والأحزاب العلمانية والشيوعية داخل بلاد المسلمين تجد سندها من القوى الغربية، وتدعمها أميركا وروسيا، ولذلك تصل بسهولة للحكم، أما الحكم الإسلامي فإنه لن يواجه من القوى الغربية إلا العداء، ولن يجد سنده الحقيقي إلا من الداخل، من القاعدة الإسلامية الصلبة المجاهدة!».
لا يضع قطب أي مدى زمني لعملية الإعداد والتربية، يورد في ثنايا حديثه تساؤلات أبناء الحركة المستعجلين، فيقول: «أما الذين يسألون إلى متى نظل أن نربي دون أن نعمل؟.. فنقول لا نستطيع أن نعطيهم موعدا محددا، فنقول لهم عشر سنوات من الآن أو عشرين سنة، فهذا رجم بالغيب، إنما نستطيع أن نقول لهم: نظل نربي حتى تتكون القاعدة المطلوبة بالحجم المعقول».
وبتأكيد قطب على جعل العمل التربوي أولوية طويلة المدى، افترقت (السرورية) عن غيرها من التيارات الحركية الأخرى، سواء السلفية الجهادية، أو السلفية العلمية (أهل الحديث)، حيث رأت الأولى أن استغراق هذا الجهد الطويل في التربية هو إضاعة للوقت وتعطيل عن تحقيق الهدف، فاختارت المواجهة المسلحة المباشرة مع السلطة «الجاهلية» أو «القوى الصليبية الصهيونية». أما الثانية فترى أن استغراق الجهود الحركية في التربية هو انصراف عن الغاية الأساسية، وهي التبحر في طلب العلم الشرعي، وفهم منهج السلف على الوجه الصحيح، بدلا من إضاعة الوقت في أنشطة تربوية واجتماعية «لا تبني طالب العلم»، وقد عبرت عن ذلك مقولة عالم الحديث السوري محمد ناصر الدين الألباني «التصفية والتربية».

* غدا:
* محمد قطب يواصل مشوار أخيه سيد في تكفير المجتمعات الإسلامية



السلطة الفلسطينية... تكون أو لا تكون

حاجز قلنديا خارج مدينة رام الله بالضفة الغربية (رويترز)
حاجز قلنديا خارج مدينة رام الله بالضفة الغربية (رويترز)
TT

السلطة الفلسطينية... تكون أو لا تكون

حاجز قلنديا خارج مدينة رام الله بالضفة الغربية (رويترز)
حاجز قلنديا خارج مدينة رام الله بالضفة الغربية (رويترز)

حين أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أنه سيتوّجه إلى غزة في خضّم الحرب المسعورة التي تشنها إسرائيل، كان يعرف أكثر من غيره أنها خطوة شبه مستحيلة، لكنه أراد إطلاق رسائله الخاصة، وأهمها على الإطلاق أن السلطة الفلسطينية «موجودة»، وهي «صاحبة الولاية» على الأراضي الفلسطينية،

سواء في غزة التي تئن تحت وطأة حرب مدمّرة، وتضع لها إسرائيل خططاً شتى لما تسميه «اليوم التالي»، من غير أن تأخذ السلطة بالحسبان، أو الضفة الغربية التي ترزح تحت وطأة حرب أخرى، تستهدف من بين ما تستهدف تفكيك السلطة.

وبعد عام على الحرب الأكثر مفصلية في تاريخ القضية الفلسطينية، تخوض السلطة أصعب معركة عرفتها يوماً، وهي معركة «البقاء».

ولم تقتصر رسائل عباس على إسرائيل وحدها، بل شملت أولاً الولايات المتحدة التي انخرطت في نقاشات واسعة مع إسرائيل حول احتمالات انهيار السلطة، وراحت تتحدث عن سلطة متجددة، وثانياً، دولاً إقليمية وعربية تناقش مستقبل السلطة وشكل الهيئة التي يفترض أن تحكم قطاع غزة بعد الحرب، وأخيراً الفصائل الفلسطينية التي تهاجم و«تزايد» على السلطة، وترى أنها غير جديرة بحكم غزة، وتدفع باتجاه حلها.

الأيام الأصعب منذ 30 عاماً

تعيش السلطة الفلسطينية، اليوم، واحدة من أسوأ مراحلها على الإطلاق منذ تأسست قبل 30 عاماً.

فبعدما تقلصت المساحات التي تسيطر عليها في الأراضي الفلسطينية، وفيما هي تكابد بلا انتخابات رئاسية، وبلا مجلس تشريعي، أو أفق سياسي واقتصادي، وبالتزامن مع أزمة مالية خانقة، وأخرى أمنية، ومشاكل داخلية لا تحصى، وجدت هذه السلطة نفسها في مواجهة «طوفان» جديد؛ طوفان تغذيه أكثر حكومة يمينية تشن هجوماً منظماً وممنهجاً ضدها، وضد شعبها، وفيه كثير من المس بهيبتها وبرنامجها السياسي ووظيفتها، إلى الحد الذي يرتفع فيه السؤال حول إمكانية نجاتها أصلاً في الضفة، قبل أن تعود لتحكم غزة ثانية.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال كلمته في الأمم المتحدة بنيويورك (إ.ب.أ)

وبين الفينة والأخرى يتردد سؤال معقد بعض الشيء، ويبدو منطقياً أحياناً، وغير بريء أحياناً أخرى، وهو: لماذا لا تحل السلطة نفسها؟

هذا سؤال يبرز اليوم مجدداً، مع توسيع إسرائيل حربها ضد الفلسطينيين في الضفة وغزة، وإن كان في صيغة مختلفة كالقول: لماذا لا تسلم السلطة المفاتيح لإسرائيل، وتزيد عليها الضغوط؟

الأكيد أن السلطة لا تُخطط لحل نفسها، وهذا ينطلق من «قناعة وطنية» بأنها وجدت لنقل الفلسطينيين من المرحلة الانتقالية إلى إقامة الدولة، وأنها لا تعمل وكيلاً لدى لاحتلال.

ويعرف المسؤولون الفلسطينيون أنه لطالما أرادت إسرائيل أن تجعل السلطة وكيلاً أمنياً لها، لكنهم يقولون في العلن والسر، إنهم ليسوا قوات «لحد» اللبنانية، وإنما هم في مواجهة مفتوحة لإنهاء الاحتلال، وهذا سبب الحرب التي تشنّها تل أبيب على السلطة سياسياً وأمنياً ومالياً.

وفي حديث مع «الشرق الأوسط»، قال توفيق الطيراوي، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ومسؤول جهاز المخابرات السابق: «إن السلطة لا تنهار لأنها نتاج طبيعي لنضال طويل للثورة الفلسطينية، وستبقى حتى إقامة الدولة».

هل هو قرار فلسطيني وحسب؟

ربما يرتبط ذلك أكثر بما ستؤول إليه الحرب الحالية الآخذة في الاتساع، وهي حرب يتضح أنها غيّرت في عقلية الإسرائيليين قبل الفلسطينيين، وفي نهج وسلوك وتطلعات الطرفين، وماضية نحو تغيير وجه الشرق الأوسط.

وعلى الرغم من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يمتنع حتى الآن عن وضع خطة واضحة لما بعد الحرب، لا في الضفة ولا في غزة، يجاهر أركان حكومته وحلفاؤه بما سيأتي، وهي خطة على الأقل واضحة جداً في الضفة الغربية، وتقوم على تغيير الواقع والتخلُّص من السلطة وإجهاض فكرة إقامة الدولة.

وقد بدأ الانقلاب على السلطة بوضوح بعد شهرين فقط من بدء الحرب على القطاع، نهاية العام الماضي، عندما خرج نتنياهو ليقول إن جيشه يستعد لقتال محتمل مع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وهي تصريحات فهمتها الرئاسة الفلسطينية فوراً، قائلة إنها تعبر عن نياته المبيتة لاستكمال الحرب على الفلسطينيين من خلال السلطة بعد «حماس»، وفي الضفة بعد غزة.

تصريحات نتنياهو التي جاءت في جلسة للجنة الخارجية والأمن في الكنيست، أعقبها توضيح بالغ الأهمية من نتنياهو ومفاده أن «الفارق بين السلطة و(حماس) هو أن الأخيرة تريد إبادتنا حالاً، أما السلطة فتخطط لتنفيذ ذلك على مراحل».

فلسطينيون في وقفة احتجاجية في مدينة رام الله بالضفة الغربية الثلاثاء طالبوا بالإفراج عن جثامين أسراهم في سجون إسرائيل (أ.ف.ب)

ويفسر هذا الفهم لماذا عَدّ نتنياهو أن اتفاق «أوسلو» كان خطأ إسرائيل الكبير، موضحاً أن «السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية و(حماس) في غزة يريدان تدمير إسرائيل... طرف يقول ذلك صراحة، والآخر يفعل ذلك من خلال التعليم والمحكمة الجنائية الدولية».

وهجوم نتنياهو على السلطة ليس جديداً، لكنه الأوضح الذي يكشف جزءاً من خطته القائمة على تقويض السلطة. ومنذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تتعامل إسرائيل مع السلطة كأنها غير موجودة.

الضفة مثل غزة ولبنان

وصعّدت إسرائيل في الضفة الغربية منذ بدء الحرب في قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي، وقتلت أكثر من 720 فلسطينياً، في هجمات متفرقة، تميّزت بإعادة استخدام الطائرات في عمليات اغتيال، وتنفيذ عمليات واسعة.

وكان لافتاً أن التصعيد في الضفة كان مبادرة إسرائيلية، إذ هاجم الجيش مدناً ومخيمات وبلدات، وراح يقتل الفلسطينيين قصفاً بالطائرات ويعتقلهم، كما يدمر البنى التحتية، مستثيراً الجبهة الضفَّاوية، بحجة ردع جبهة ثالثة محتملة.

اليوم لا تكتفي إسرائيل بالمبادرة، بل تريد أن تجعل الضفة أحد أهداف الحرب، مثل غزة ولبنان. ولم يتردد وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، بالقول إن الحرب التي تخوضها إسرائيل «ليست فقط ضد غزة وضد (حزب الله) اللبناني، بل هي أيضاً في الضفة»، مؤكداً أنه طلب من رئيس الوزراء أن يدرج ضمن أهداف الحرب تحقيق النصر في الضفة أيضاً.

لكن لماذا تخشى إسرائيل الضفة إلى هذه الدرجة؟ يقول مسؤول فلسطيني -فضّل عدم الكشف عن اسمه- لـ«الشرق الأوسط»: «إنهم يستهدفون الضفة لضرب المشروع الوطني الفلسطيني، ويسعون إلى تقويض السلطة».

وأضاف: «يصعّدون هنا حتى يثبتوا للفلسطينيين أن السلطة ضعيفة وواهنة ولا تحميهم، ويجب أن ترحل، لأنها غير جديرة بهم».

قوات إسرائيلية خلال عملية اقتحام لمخيم فلسطيني قرب رام الله بالضفة مارس الماضي (أ.ف.ب)

وخلال الأسابيع القليلة الماضية فقط، حذّرت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من أن الوضع الأمني في الضفة قد يتطور إلى انتفاضة؛ ولذلك دفع الجيش بـ3 كتائب احتياط إلى الضفة، لأهداف «تشغيلية ودفاعية» على ما قال، وللقيام بمهام «عملياتية».

وجاء القرار الذي تحدّث عن تعزيز الدفاع، وسط تصاعد الصراع في المنطقة وقبيل ذكرى السابع من أكتوبر، لكن إذا كانت هذه خطة الحكومة الإسرائيلية، فيبقى من السابق لأوانه معرفة إن كانت نجحت في مهمتها أم لا.

يكفي لجولة صغيرة على مواقع التواصل الاجتماعي أن تشير إلى أن السلطة في وضع لا تحسد عليه. فهي عاجزة عن خلق أفق سياسي وأفق اقتصادي وتوفير الأمن، وأساسيات أخرى من بينها رواتب الموظفين للعام الثاني على التوالي.

واليوم، الجميع على المحك في مواجهة حرب ممنهجة، تسعى إلى تغيير الواقع مرة وإلى الأبد.

خطة قديمة جديدة

كان الوزير الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموترتيش، واضحاً عندما قال إنه لا يفعل شيئاً سرياً، وهو يعمل ضد السلطة في الضفة، ويسعى لمنع إقامة دولة.

وتعهد سموتريتش نهاية الشهر الماضي، بأن تكون «مهمة حياته» إحباط قيام دولة فلسطينية، وكتب في منشور على منصة «إكس»: «أخذت على عاتقي، إضافة إلى منصب وزير المالية، مسؤولية القضايا المدنية في يهودا والسامرة (الضفة)».

وأضاف: «سأواصل العمل بكل قوتي حتى يتمتع نصف مليون مستوطن موجودين في الضفة بحقوق كل مواطن في إسرائيل وإثبات الحقائق على الأرض، التي تمنع قيام دولة إرهابية فلسطينية يمكن أن تكون قاعدة إيرانية أمامية للمجزرة المقبلة».

فلسطينيون يحتفلون فوق صاروخ إيراني صقط في رام الله (أ.ف.ب)

وكان تسجيل مسرب لسموتريتش قبل شهرين فضح خطة حكومية رسمية لفرض السيطرة الإسرائيلية المدنية على الضفة الغربية، قال خلاله الوزير المسؤول عن الإدارة المدنية الإسرائيلية، إن الحكومة منخرطة في جهود سرية لتغيير الطريقة التي تحكم فيها إسرائيل الضفة الغربية.

وخطة سموترتيش الماضية، ستعني حتماً تفكيك السلطة، لكن المحلل السياسي محمد هواش يرى أن العالم لن يسمح بذلك.

وقال هواش لـ«الشرق الأوسط»: «إن السلطة مرتبطة بالمشروع القائم على إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية، وهذا جزء من تسوية دولية. مشروع دولي بالأساس، وهناك حتى الآن رعاية دولية له، ومن الصعب التراجع عنه».

وأضاف هواش: «التراجع يعني إعادة الاحتلال، وهذا غير مقبول فلسطينياً ودولياً، وإسرائيل لن تقبل، لأنها ستذهب إلى دولة واحدة ونظام (أبرتهايد)».

وتابع هواش: «لا توجد مصلحة لإسرائيل بإنهاء السلطة بالكامل، بل في إضعافها حتى تتوقف مطالبها بإنهاء الاحتلال، وتغير العلاقة مع إسرائيل». وحذر من أن «إسرائيل ستتحمل العبء الأكبر من غياب عنوان سياسي للشعب الفلسطيني».

الثابت الوحيد اليوم أنه لا أحد يملك وصفة سحرية، سواء أذهبت السلطة أم بقيت، قويت «حماس» أم ضعفت، امتدت الحرب أم انتهت، تطرفت إسرائيل أكثر أم تعقّلت، سيظل يوم السابع من أكتوبر شاهداً على أن الطريق الأقصر للأمن والاستقرار هو بصنع السلام، وليس بطائرات حربية ومدافع ورشاشات.