اتفاق عرسال يُبعد «النصرة» ويقضي بإطلاق أسرى لـ«حزب الله»

تم برعاية الأمن العام اللبناني... وخيارات للترحيل أمام اللاجئين إلى سوريا

جنود فوق ملالة للجيش اللبناني في اللبوة على مدخل بلدة عرسال في البقاع الشرقي للبنان امس (رويترز)
جنود فوق ملالة للجيش اللبناني في اللبوة على مدخل بلدة عرسال في البقاع الشرقي للبنان امس (رويترز)
TT

اتفاق عرسال يُبعد «النصرة» ويقضي بإطلاق أسرى لـ«حزب الله»

جنود فوق ملالة للجيش اللبناني في اللبوة على مدخل بلدة عرسال في البقاع الشرقي للبنان امس (رويترز)
جنود فوق ملالة للجيش اللبناني في اللبوة على مدخل بلدة عرسال في البقاع الشرقي للبنان امس (رويترز)

توصل مدير عام الأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم إلى اتفاق يقضي بإخراج عناصر «جبهة النصرة» من جرود عرسال اللبنانية، مقابل تسليم 5 أسرى من مقاتلي حزب الله لدى الجبهة، ويبدأ تنفيذه خلال أيام قليلة، وذلك بعد أسبوع من معارك خاضها الحزب في جرود عرسال اللبنانية ضد التنظيم، توقفت صباح أمس إثر التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك دوراً قطرياً أسهم في التوصل إلى الاتفاق في عرسال، من غير الكشف عن تفاصيل هذا الدور.
ويبدو أن الاتفاق بأحد جوانبه، هو مقدمة لاستكمال ما بدأه حزب الله من اتفاقات جانبية لإعادة النازحين السوريين في جرود عرسال «طوعياً» إلى بلادهم، وذلك إثر تأكيد مصادر سورية في عرسال أن الاتفاق «فتح أمامنا باب العودة، لمن يرغب، إلى قريته في القلمون أو إلى الشمال السوري»، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أن تلك الخيارات وضعت أمام «المسلحين والمدنيين على حد سواء، وفي مخيمات بلدة عرسال أو خارجها».
وأكد رئيس بلدية عرسال باسل الحجيري، بدوره، هذه المعلومات، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»، إن النازحين في مخيمات عرسال داخل البلدة وخارجها، أمام ثلاثة خيارات طوعية، أولها «الانسحاب مع عناصر النصرة إلى الشمال السوري في إدلب، ويشمل المسلحين والمدنيين مع العائلات»، وثانيها «الانسحاب مع أبو طه العسالي إلى القلمون السوري»، في إشارة إلى المبادرة التي يقودها أبو طه لإعادة النازحين في جرود عرسال إلى قراهم التي يتحدرون منها في القلمون الغربي في سوريا»، وثالثها «البقاء في عرسال».
وأكد الحجيري أن تلك الخيارات «متاحة وطوعية ويختار النازحون ما يرونه مناسباً لهم». وتبدأ صباح اليوم الجمعة، الترتيبات الأمنية واللوجيستية لتسجيل قوائم النازحين الراغبين بالمغادرة إلى الوجهة التي يرونها مناسبة. وقالت مصادر لبنانية في شرق البلاد لـ«الشرق الأوسط»، إن سيارات الصليب الأحمر اللبناني ستدخل إلى عرسال اليوم للبدء بالترتيبات اللوجيستية وتسجيل القوائم، مشيرة إلى أن تنفيذ الاتفاق سيكون بإشراف الصليب الأحمر والأمن العام اللبناني.
وفيما يتولى اللواء عباس إبراهيم مهمة التوصل إلى الاتفاق ومتابعة تنفيذه، مؤكداً أنه أطلع رئيس البرلمان نبيه بري على الاتفاق ونتيجته، قال وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي لـ«الشرق الأوسط»، إن وزارته غير مطلعة على التفاصيل المرتبطة بعودة النازحين المدنيين بموجب الاتفاق. وقال: «أصلاً تلك هي الخيارات المتاحة للنازح السوري، وإذا اختار الرحيل مع المقاتلين، فإن قسماً من المقاتلين لهم عائلات في شرق لبنان بعد أن هجرها حزب الله من قراها في القلمون والقصير».
ولفت إلى أن هؤلاء النازحين «سلمونا مذكرة بأنهم يريدون العودة إلى مناطقهم التي نزحوا منها، وإذا فشل الأمر فإنهم يرغبون بالمغادرة باتجاه جرابلس في ريف حلب الشمالي، مشترطين المغادرة إلى مكان آمن». وأضاف: «المغادرة إلى جرابلس أو غيرها ليست عرضاً، بل هي الأمر المتوفر لهم، كون حزب الله لا يسمح لهم بالعودة إلى القصير وريفها التي هجرهم الحزب منها».
وإذ أشار إلى أن وزارته «غير مطلعة على تفاصيل التفاوض»، قال إننا «موجودون بالصورة العامة، والحكومة اللبنانية لا يمكن أن تقبل بإرسال شخص إلى مكان غير آمن في سوريا كوننا ملتزمين بالقرارات الدولية». وأضاف: «الاتفاق الأخير هو مقدمة لإعادة النازحين من غير أن تتم مناقشته في الحكومة، لكننا لا نستطيع أن نمنع نازحاً من العودة الطوعية إلى بلاده، ولا نشجع أحداً على البقاء ولا نجبر أحداً على الرحيل، فحدودنا باتجاه العودة مفتوحة، والدليل هو تناقص أعداد النازحين 200 ألف نازح خلال أقل من عامين»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنه «لا سياسة موحدة في الحكومة حول الملف بسبب الانقسام العمودي».
ومع ذلك، اعتبر المرعبي أن ما يجري «إعادة قسرية من حزب الله للنازحين، وهو يتحمل مع النظام السوري مسؤولية أمنهم وحياتهم».
وبدأ، صباح أمس، سريان وقف لإطلاق النار بين حزب الله و«جبهة النصرة» في جرود بلدة عرسال الحدودية مع سوريا، بموجب اتفاق يتضمن إجلاء المسلحين من الأراضي اللبنانية، وفق ما أكد مسؤول أمني بارز يقوم بالوساطة بين الطرفين.
وقال المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم في تصريحات للصحافيين: «ما أستطيع قوله إن هناك فعلاً وقفاً لإطلاق النار ساري المفعول»، في جرود عرسال. وأوضح: «المسلحون ومن يرغب من المدنيين سيتوجهون إلى إدلب (شمال غربي سوريا) بشكل منظم وبإشراف الدولة اللبنانية» على أن يتولى الصليب الأحمر اللبناني الأمور اللوجيستية، لافتاً إلى أنه «خلال أيام سيكون الاتفاق قد أُنجِز».
ولم يتضح مضمون كامل بنود الاتفاق التي وصفها إبراهيم بأنها «سرية»، لكن وسائل إعلام محلية ذكرت أنها تنص أيضاً على إطلاق أسرى لـ«حزب الله» لدى المجموعات المسلحة. وقال مصدر مُطلع على سير المفاوضات لـ«رويترز» إن مقاتلي جبهة النصرة الباقين مستعدون لقبول المرور الأمن إلى محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة في سوريا، والمحادثات مستمرة للاتفاق على مسارات المرور.
وبينما يتوقع أن يتم تنفيذ الاتفاق قبل انتهاء مدة الهدنة المحددة بثلاثة أيام، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الاتفاق يشمل إطلاق 5 أسرى لحزب الله في إدلب (وفي تقارير أخرى، إطلاق 3 أسرى وجثتين لعناصر من الحزب)، وأن عملية إطلاق سراح أسرى الحزب ستتم خلال 48 ساعة كما أبلغ «حزب الله» عائلات الأسرى، صباح أمس، وستتم قبل بدء عملية نقل المسلحين في الجرود إلى إدلب، ويصلون إلى مطار بيروت الدولي بعد انتقالهم إلى تركيا. كما ينص الاتفاق على نقل مسلحي النصرة بالباصات، من لبنان إلى داخل الأراضي السورية.
في المقابل، نقل مصدر سوري عن «جبهة النصرة» في عرسال بنود الاتفاق، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن الاتفاق يتضمن «التهدئة العسكرية الشاملة بين الطرفين بدءاً من صبيحة يوم الخميس الموافق 27 يوليو (تموز) لعام 2017»، و«الحفاظ على سلامة اللاجئين السوريين الراغبين في البقاء في عرسال من قبل الجيش اللبناني»، و«تأمين خروج مقاتلي هيئة تحرير الشام و(النصرة أبرز مكوناتها) عوائلهم إلى مدينة إدلب، إضافة للمدنين الراغبين بالخروج من اللاجئين السوريين. ويرافق الاتفاق تبادل للأسرى والجرحى والجثث بين الطرفين».
وسادت حالة من الهدوء التام منطقة عرسال وجرودها وعلى التلال والمرتفعات الفاصلة بين مخيمات النزوح السوري في وادي حميد والملاهي مع بدء سريان وقف إطلاق النار على كل جبهات الجرود الساعة السادسة صباح أمس الخميس.



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.