السودان يحتج لدى العراق على تعذيب أحد مواطنيه قرب الموصل

TT

السودان يحتج لدى العراق على تعذيب أحد مواطنيه قرب الموصل

أبدت كل من السفارة السودانية لدى العراق، والسفارة العراقية في الخرطوم، اهتماماً كبيراً بقضية سوداني تعرض للتعذيب من قبل قوات نظامية عراقية، عقب تداول وسائل التواصل الاجتماعي فيديو «تعذيب وحشي» تعرض له، وعلى أثر ذلك استدعت وزارة الخارجية السودانية القائم بالأعمال العراقي في الخرطوم، وأبلغته احتجاجها رسمياً على الحادث.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية السودانية «سونا» عن سفير السودان لدى العراق محمد عمر موسى، أمس، أن المواطن السوداني، ويدعى موسى البشير، في أمان وصحته جيدة بعد الاعتداء الوحشي الذي تعرض له، وأوضح أن جماعة «متفلتة» وغير منتمية لقوات الشرطة أو الجيش العراقي، دأبت على تنفيذ ممارسات خارج القانون هي التي نفذت عملية التعذيب التي تعرض لها المواطن السوداني.
وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي فيديو تعرض فيه مواطن سوداني لتعذيب وحشي بالقرب من مدينة الموصل العراقية، وتمثل بالضرب المبرح، وإحراق لحيته بقداحة سجائر، وإحراق بعض أجزاء جسمه بما في ذلك رأسه، فيما بدت إحدى رجليه مصابة، مما دفع بالخارجية السودانية لاستدعاء القائم بالأعمال العراقي في الخرطوم محمد سامر حسن، وأبلغته رسمياً احتجاج السودان على ما تعرض له المواطن السوداني في بلاده.
وقال بيان صحافي صادر عن الخارجية السودانية إن السفير السوداني في بغداد تواصل مع الرئيس عمر البشير عبر الهاتف من مدينة الموصل، وإن بعض أفراد الجالية ومندوب السفارة في الموصل زاروه، وإنه عاد إلى رئيسه في العمل العراقي الذي ظل يعمل معه لأكثر من 20 عاماً. فيما نقلت وكالة الأنباء الرسمية «سونا» أن السفير أشار إلى بعض الصعوبات في التحرك بالسرعة اللازمة بسبب تعقد الإجراءات الإدارية، بيد أن السفارة نسقت مع الجالية السودانية وأوفدت مندوباً عنها للاطمئنان عليه، وتابع: «السفارة حالياً على اتصال دائم معه، وإنه (المواطن البشير) أبدى للمندوب تخوفه من أن يؤثر تصعيد قضيته إعلامياً على السودانيين في العراق».
وطمأن السفير عمر السودانيين، وقال إن الجالية السودانية في العراق تجد التقدير والاحترام من الجهات الرسمية والشعبية والجنسيات الأخرى، وأضاف: «السودانيون منتشرون في كل المدن العراقية، خصوصا الموصل والأنبار والبصرة، وهي مدن شهدت توترات وأحداثا دامية، مما دفع بهم للنزوح إلى بغداد»، وأوضح أن السلطات العراقية تتعاون بشكل كامل مع سفارته فيما يخص العلاقات الثنائية، والجالية السودانية في العراق. وأوضح أن عدد الجالية السودانية في العراق يبلغ نحو 4 آلاف شخص، وأن معظمهم جاءوا للعراق منذ ثمانينات القرن الماضي، واستقروا هناك، وأن معظمهم متزوجون من مواطنات عراقيات.
وقال إن السودانيين المقيمين في العراق استجابوا بشكل ضعيف لبرنامج العودة الطوعية الذي دعت له إدارة القنصليات بوزارة الخارجية، وجهاز شؤون السودانيين العاملين بالخارج، وإن 9 أسر فقط عدد أفرادها يتراوح بين 69 و80 غير متزوجين، فقط سجلوا أسماءهم في السفارة للاستفادة من البرنامج.
وفي الخرطوم، قال القائم بأعمال سفارة العراق لدى السودان، وفقاً لبيان صادر عن وزارة الخارجية السودانية، إنه هاتف المواطن السوداني موسى بشير، وتأكد من أنه بخير، وأن حالته الصحية مستقرة، وإنه أبلغ السلطات العراقية باحتجاج السودان على الحادث الذي تعرض له. وأوضح الدبلوماسي العراقي أن الرجل الآن يقيم مع الأسرة العراقية التي كان يقيم معها بالموصل، وليس البصرة كما راج، وإن صحته مستقرة.
وأوضح أن السلطات العراقية تلقت الاحتجاج السوداني، وأكدت حرصها على «تطبيق القانون وحماية جميع المدنيين؛ عراقيين كانوا أم أشقاء، لا سيما السودانيين»، وتعهدت بالتعامل وفقاً للقانون إزاء أي تصرف يتجاوز حقوق المدنيين. ونقلت الوكالة الرسمية عن القائم بالأعمال العراقي قوله إن الرجل ورغم تعرضه للضرب من قبل بعض العناصر التابعة للقوات المسلحة العراقية، أعلن أنه يكن الحب للعراقيين طيلة فترة وجوده هناك، وأنه تلقى معاملة كريمة من الأسرة التي يعمل معها، وأن الحادث لن يغير مشاعره تجاه أهل العراق.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.