شكري: حل الأزمة يتوقف على مواقف قطر

قال وزير الخارجية المصري سامح شكري إن حل الأزمة مع قطر يتوقف على المواقف القطرية «لأن كل شيء مرصود، وهناك سياسات وممارسات واضحة، والتحول عن هذه السياسات أو الأفعال لا بد من أن يتم الإعلان عنه، ولا بد من أن تتخذ الإجراءات الواضحة والملموسة التي يمكن التحقق منها حتى يتم نزع فتيل الأزمة».
وأوضح شكري، في تصريحات لعدد محدود من الصحافيين بينهم مراسل «الشرق الأوسط»، أن مصر أكدت «ضرورة الوضوح» في الرؤى والتعامل بشكل مجمل مع قضية الإرهاب، ومع الدول التي ترعى الإرهاب والتي توفّر ملاذات آمنة له، وتوفر منصات إعلامية للترويج له. واستطرد: «ما تقوم به الدول الأربع حالياً مع قطر هو لخدمة مصلحة الحرب العالمية على الإرهاب، ولإعطاء إشارة واضحة إلى كل من يوظف المنظمات (الإرهابية) لخدمة مصالح سياسية، بأن ذلك لا يمكن قبوله، وبأن لدينا العزم الكامل على التعامل مع هذه المخاطر وفي شكل شفاف».
وجاء كلام شكري عقب محادثات أجراها مع منسّقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني على هامش أعمال مجلس الشراكة الأوروبي - المصري في بروكسل أمس الثلاثاء. ووصفت موغيريني الاجتماع بأنه كان مهماً للغاية، بينما قال شكري رداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط» إن الاجتماع شكّل فرصة لإجراء «حوار شفاف» تناول قضايا مختلفة. وأضاف أن هناك «مجالاً واسعاً من التفاهم والتوافق فيما بيننا إزاء كثير من القضايا الإقليمية والدولية».
واحتل ملف الأزمة مع قطر محور الاهتمام من جانب الصحافيين في المؤتمر الصحافي المشترك عقب نهاية الاجتماع. وقالت موغيريني إنها أطلعت شكري على نتائج محادثاتها في الكويت يوم الأحد الماضي. ويقول مراقبون في بروكسل إنه لا توجد حالة من التطابق التام في وجهات النظر بين الجانبين إزاء طريقة التعاطي مع الأزمة، خصوصا في شأن طريقة محاربة الإرهاب وتجفيف منابعه المالية وإيواء المتشددين والمتطرفين. ولاحظ هؤلاء أن هذا الأمر ظهر إلى العلن من خلال تصريحات كل من موغيريني وشكري خلال مؤتمرهما الصحافي. فبالنسبة إلى موغيريني؛ الأزمة مع قطر ليست أزمة خليجية، بل تتجاوز جغرافيا المنطقة، باعتبار أن مصر هي إحدى الدول المقاطعة للدوحة إلى جانب كل من السعودية والبحرين والإمارات، أما حلها فيتمثل بجلوس كل الأطراف إلى طاولة الحوار برعاية الكويت. وأشارت موغيريني، في هذا الإطار، إلى أنها وضعت ضيفها المصري بصورة نتائج محادثاتها مع المسؤولين الكويتيين الأحد، متعهدة - باسم الاتحاد - بوضع كل الإمكانات والخبرات المتوافرة لدى أوروبا في تصرف الدول المعنية لإقرار إجراءات محددة للتعامل مع مشكلة تمويل الإرهاب والمنظمات المنخرطة به والتعاطي مع الشخصيات التي تتبنى فكره. وذكرت أن الاتحاد الأوروبي كان على وشك إطلاق مبادرة مع مجلس التعاون الخليجي حول محاربة الإرهاب. وقالت: «نريد مواصلة هذا الجهد المشترك»، على حد وصفها. كما شددت على ضرورة العمل حتى لا تتسع رقعة الخلاف أكثر. ورأت أن «من المهم بالنسبة لنا الحفاظ على علاقات جيدة مع الجميع».
وبدا الموقف الأوروبي المعلن بعيداً عن تطلعات الوزير المصري الذي عبّر عن موقف مغاير تماماً؛ فبالنسبة إلى بلاده، من المهم والعاجل العمل على «اجتثاث الإرهاب بكل أشكاله عبر رؤية ومقاربة شاملتين». وعدّ شكري أن الطريق الذي سلكته دولة قطر «لا يمكن الاستمرار فيه»، خصوصا لجهة «استقبالها أشخاصاً يحملون أفكاراً وآيديولوجيات متطرفة». وخاطب الأوروبيين قائلاً: «على الجميع الاعتراف بالحقيقة دون تواطؤ ومحاولة للبحث عن حل وسط، فلا مفاوضات بهذا الشأن». وحول ما يلزم لحل الأزمة، رأى الوزير المصري أن الأمر يتم عبر قيام دولة قطر بـ«الابتعاد عن سياسة الماضي واتخاذ إجراءات ضد كل المنخرطين بأعمال أو المنتسبين إلى منظمات إرهابية».
وتعد مسألة محاربة الإرهاب وترحيل بعض الشخصيات المتهمة بالانخراط فيه والمقيمة على الأراضي القطرية، وتجفيف مصادر التمويل، من الشروط الأساسية التي تضعها الدول المقاطعة؛ ومنها مصر، من أجل إعادة العلاقات مع قطر وحل الأزمة.
أما مجلس الشراكة الأوروبي - المصري الذي انعقد في بروكسل أمس، فقد تبنى المشاركون فيه إعلاناً مشتركاً حول أولويات التعاون المكثف بين بروكسل والقاهرة، الذي يقوم على أساس المساعدة في إنجاز الإصلاحات والتنمية البشرية والاقتصادية، وكذلك التصدي لمخاطر الهجرة غير النظامية، ومحاربة الإرهاب، وتعزيز الأمن، وتكثيف الحوار السياسي بشأن القضايا الإقليمية.