تونس تبحث عن موارد غير جبائية لتمويل ميزانية 2018

في تشخيصها للوضع الاقتصادي والمالي في تونس، اشترطت مجموعة من الخبراء في تجمع مالي عالمي رفع نسبة النمو الاقتصادي التونسي لتصل إلى 5 في المائة من الناتج المحلي الحقيقي، لتقليل الضغط على الميزانية العامة، دون اللجوء إلى زيادة الضرائب خلال السنوات المقبلة.
وأكد خبراء ومراقبون ماليون، خلال منتدى اقتصادي عقد في العاصمة التونسية أمس، أهمية توفير الموارد المالية من أجل تمويل ميزانية عام 2018، على أن تطور ميزانية الدولة التونسية خلال السنوات الخمس الأخيرة لم يراع التوازن بين العائدات والمصاريف، ليضع البلاد في دوامة اقتصادية أساسها اللجوء إلى الدين الخارجي، وكيفية تسديد فاتورتها الباهظة الكلفة.
ولم تتجاوز نسبة النمو الاقتصادي خلال السنة الماضية حدود 1 في المائة، مع توقع تحقيق نسبة 2.3 في المائة خلال السنة الحالية، وهي نسب لا يمكنها توفير فرص عمل كافية لنحو 630 ألف عاطل عن العمل، ولا تستطيع خلق ما يكفي من الموارد غير الجبائية التي تحتاجها الدولة لتمويل الميزانية.
وعلاوة على إشكالية النمو التي تعاني منها تونس، فإن مشكلة العجز المالي الحالي الذي يقارب 9 في المائة، مع غياب سياسات اقتصادية وجبائية (التأخير المسجل في الإصلاح الضريبي)، ولكن أيضاً الإصلاحات الأخرى المقررة، زادت في تعقيد الوضع الاقتصادي.
وأشار المشاركون في المنتدى إلى ضرورة تحسين العائدات المالية للدولة، وتسريع الإصلاحات المتعلقة بمنظومة الجباية، وتوسعة القاعدة الجبائية، ودفع الاستثمار العمومي والشراكة بين القطاعين العمومي والخاص، وزيادة المداخيل غير الجبائية عبر عمليات الخصخصة في عدد من مؤسسات الدولة، على غرار وكالة التبغ والوقيد، وبعض المؤسسات المالية.
وقال الخبراء، خلال جلسات المنتدى، إن التحكم في مصاريف التسيير، ممثلة في الأجور وصندوق الدعم، والحفاظ على الاستثمار العمومي مع التحكم في المصاريف الحالية، واعتماد تنسيق أفضل بين السياسة النقدية والسياسية الجبائية، مقترحات ترمي إلى ضمان التحكم في ميزانية السنة المقبلة.
وأشارت معظم المداخلات إلى الصعوبات التي عرفها الاقتصاد التونسي خلال الفترة بين 2010 و2016، التي تراجعت فيها نسبة الادخار المحلي من 18 في المائة إلى 12 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي، فيما تضاعفت حاجات الدولة للتمويلات الصافية 8 مرات.
والحاجة إلى تمويل الميزانية تضاعفت مرتين ونصف، ليتحول من 3060 مليون دينار تونسي (الدولار الأميركي يساوي نحو 2.4 دينار تونسي) إلى 7885 مليون دينار. وتضاعف حجم الدين العمومي بأكثر من مرتين، ليبلغ 56 مليار دينار تونسي إثر تفاقم عجز الميزانية.
ومع ضرورة زيادة نسب النمو، القادرة على إيجاد التوازن المالي، ودورها في زيادة مداخيل الدولة، واستعادة التوزانات العمومية، فإن مراجعة معدلات الضرائب قادرة على استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والتوصل إلى شكل أفضل في المحاسبة المالية.
وفي هذا الشأن، دعا الخبير الاقتصادي وليد بن صالح إلى تجميد الانتدابات، والزيادات في أجور القطاع العمومي، وإعادة النظر في البرنامج المتفق بشأنه مع صندوق النقد الدولي، فيما يخص التمديد في آجال إنجاز الإصلاحات و«استحداث وكالة تونسية للخزينة، تمكن من إرساء رؤية واضحة حول المالية العمومية».
من ناحية أخرى، أعلن الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (مجمع رجال الأعمال) رفضه لما سماه «إثقالاً لكاهل المؤسسات بقوانين جبائية تؤثر على قدرتها التنافسية، وعلى قدرتها على الاستثمار الذي تحتاجه البلاد في الوقت الراهن لخلق مواطن الشغل الجديدة».
ودعا الحكومة إلى البحث عن حلول بديلة لدعم الموارد الجبائية، وذلك من خلال توفير المناخ المناسب لخلق الثروات وتحقيق النمو، وكذلك عبر التصدي للاقتصاد الموازي وللتجارة الفوضوية. ونبه إلى مخاطر المضي في سياسة الضغط الجبائي على المؤسسات لمعالجة الاختلال المتزايد في ميزانية الدولة، ولتغطية العجز المتواصل في المؤسسات العمومية.
وأكد الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة على أن عدداً من القطاعات الاقتصادية الحيوية تعيش ظروفاً صعبة جراء المناخ الاقتصادي والاجتماعي العام بالبلاد، خصوصاً التدهور المتواصل لقيمة العملة المحلية.