رغم الظروف الصعبة التي تمر بها بلاده، فإن نظرة رجل الأعمال الليبي الشهير، حسني بي، للمستقبل، ما زالت تفيض بالأمل. ويكشف في حديث مع «الشرق الأوسط» خفايا المعضلة الاقتصادية، خاصة فيما يتعلق بأزمة الدولار، والنفط، والكهرباء، ورواتب الموظفين، قائلا إن السياسات المتبعة حاليا، جعلت إيرادات الدولة لا تكفي لمواجهة بند المرتبات.
وشدد الرجل الذي يوصف بالملياردير الليبي، على خطورة الوضع الاقتصادي، وأضاف أنه حتى لو وصل معدل تصدير النفط لما كان عليه قبل عام 2011. وهو 1.6 مليون برميل يوميا، بسعر 50 دولارا للبرميل، فإن هذه الصادرات لن تكفي لتغطية ميزانية الدولة. مؤكدا أن تعدد الحكومات في ليبيا، التي تضربها الفوضى، منذ رحيل نظام معمر القذافي في 2011، له آثار سلبية بالغة.
وتتقاسم البلاد حكومة الوفاق، المدعومة دوليا، وهي برئاسة فايز السراج، وحكومة الإنقاذ برئاسة خليفة الغويل، والحكومة المؤقتة برئاسة عبد الله الثني. ومن أبرز مظاهر الأزمة الاقتصادية، الفرق الشاسع بين سعر الدولار في المصرف المركزي (1.4 دينار) وسعره في السوق الموازية، حيث تخطى الـ8 دنانير، وسط موجة من الغلاء ونقص السيولة.
وقال بي، إن الحكومة الوحيدة التي يحق لها صرف الأموال، حاليا، هي حكومة الوفاق، من خلال المصرف المركزي. وأضاف، فيما يتعلق بأفكار مطروحة لإعادة إعمار ما خربته الحرب، أن القطاع الخاص ينبغي أن يقوم بالعملية، بمشاركة المستثمر الأجنبي، على أن تكتفي الدولة بالتخطيط والتوثيق وإقامة البنية التحتية في أضيق حدود.
وفي سؤال عن سبب ارتفاع قيمة الدولار أمام العملية المحلية في السوق الموازية، خلال الفترة الأخيرة، قال إن «الرد بسيط جدا، لكن من لا يريدون فهمه كثيرون جدا أيضا». وأضاف أن «العلاقة بين الدينار والدولار علاقة مباشرة. بمعنى أن قوة الدينار منبثقة، أصلا، من بيع النفط، ومن دولارات النفط»، مشيرا إلى أن «الارتباط ما بين الدولار والدينار ارتباط شبه كلي، وبنسبة 97 في المائة. أي أن كل دينار للدولة، أو كل دينار تصدره الدولة، أو كل دينار يدور في خزائن الدولة، إحصائيا واقتصاديا، قيمته مربوطة، بنسبة 97 في المائة، بالدولار».
ولوحظ في الفترة الأخيرة ارتفاع كمية صادرات النفط، ومع ذلك لم ينعكس ذلك على الأحوال المعيشية الصعبة لليبيين، خاصة أولئك الذين لديهم مستحقات في المصارف. وعن هذه المشكلة قال حسني بي: «حتى لو صدرنا كمية كبيرة من النفط، بحصيلة مالية ضخمة، ووضعناها في الخزائن، ولم نطرحها في السوق، فلن يكون لها أي أثر». وزاد موضحا أن «العبرة ليست بكم تخزن من عملة ودولارات، ولكن العبرة بكم تطرح من عملة ودولارات في السوق لكي يتأثر بها هذا السوق».
وأضاف قائلا: «حتى لو صدرنا بمعدل 1.6 مليون برميل يوميا، حيث إن سعر النفط أقل من 50 دولارا، فإن هذا الكم من الصادرات لا يكفي لتغطية ميزانية الدولة، لأن المرتبات المعلنة فقط قيمتها 21 مليار دينار في السنة». وقال: «إذن لديك مرتبات شهريا بما قيمته 1.7 مليار دينار، ولديك إيرادات 800 مليون دينار فقط».
وعن رؤيته لمدى تأثير وجود ثلاث حكومات، على الوضع الاقتصادي، أكد أن أي انقسامات، وأي تعدد للحكومات، له أثر سلبي، مهما كان، و«لكن بالتأكيد اليوم الحكومة الوحيدة التي تصرف (الأموال) هي حكومة الوفاق، والمصرف الوحيد الذي يصرف من خلاله هو مصرف ليبيا المركزي... والوزارة الوحيدة التي تعتمد كشوف دفع المرتبات، هي وزارة الخزانة التابعة لحكومة الوفاق».
وعن مشكلة انقطاع الكهرباء بشكل متكرر في عموم البلاد، قال إن كمية الطاقة الموجودة في ليبيا تقدر بـ10 آلاف ميغاواط، بينما الطاقة العاملة بالفعل تتراوح بين 5 آلاف إلى 7 آلاف ميغاواط. وأضاف أن «النقص الحالي هو نتيجة للاستهلاك في فترات الذروة، بما يتعدى الـ7 آلاف ميغاواط. لهذا السبب يوجد انقطاع في الكهرباء».
وأضاف أن الحل يكمن في الانتهاء من محطات توليد كهرباء الموجودة تحت الإنشاء بالفعل، وبمراحل متقدمة، وقال إن هذا «يمكن أن يصل بالطاقة الإنتاجية إلى 12 ألف ميغاواط». وتابع أن «التفكير في إنشاء محطات جديدة يعتبر إسراف، لأن المطلوب حاليا هو تشغيل المحطات القائمة بفاعلية وإنتاجية أكثر».
رجل الأعمال الليبي حسني بي: إيرادات الدولة لا تكفي لدفع المرتبات
تحدث لـ «الشرق الأوسط» عن مشاكل الدولار والنفط والكهرباء
رجل الأعمال الليبي حسني بي: إيرادات الدولة لا تكفي لدفع المرتبات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة