فرص التفاوض بين «النصرة» و«حزب الله» تتجدد في عرسال

بعد سيطرة الحزب على 60 % من مواقعها في المنطقة

عناصر من «حزب الله» في جرود عرسال أمس (أ.ف.ب)
عناصر من «حزب الله» في جرود عرسال أمس (أ.ف.ب)
TT

فرص التفاوض بين «النصرة» و«حزب الله» تتجدد في عرسال

عناصر من «حزب الله» في جرود عرسال أمس (أ.ف.ب)
عناصر من «حزب الله» في جرود عرسال أمس (أ.ف.ب)

جددت معركة جرود عرسال فرص التفاوض بين «حزب الله» و«جبهة النصرة»، بعد تطورات ميدانية تمثلت في سيطرة الحزب على نحو 60 في المائة من مواقع وتمركزات «النصرة» في المنطقة، وإعلان مخيمات اللاجئين السوريين خارج بلدة عرسال «بقعة جغرافية محايدة»، في وقت استؤنفت فيه المفاوضات مع «سرايا أهل الشام» لإخراج المقاتلين إلى الداخل السوري.
وإثر تقدم الحزب في المرحلة الأولى من المعركة للسيطرة على مواقع وتمركزات «جبهة النصرة»، قالت مصادر لبنانية في شرق لبنان لـ«الشرق الأوسط»، إن التقدم الذي أحرزه الحزب «فتح باب التفاوض بعد ظهر أمس مرة أخرى، بعد أن توقف قبل ليلة من انطلاق المعركة مساء الخميس الماضي»، مشيرة إلى أن «لجنة وجهاء القلمون» تتولى التوسط بين الطرفين بعد فشل المحاولات الأولى التي قادها الشيخ مصطفى الحجيري لإخراج عناصر «النصرة» من المنطقة.
وأكدت المصادر أن المفاوضات التي توقفت عشية انطلاق عملية «حزب الله» «فشلت بسبب رفض زعيم النصرة أبو مالك التلي الخروج إلى الشمال السوري»، بالنظر إلى خلافات بينه وبين زعيم النصرة في الشمال أبو محمد الجولاني، لكنها نفت في الوقت نفسه علمها بالوجهة الحالية للتلي إذا تم الاتفاق على خروجه من جرود عرسال.
وجاءت تلك المعلومات بعد ساعات من تأكيد مصادر «النصرة» أن المفاوضات لا تشملها. ونقل موقع «عنب بلدي» عن مدير العلاقات الإعلامية في «هيئة تحرير الشام» عماد الدين مجاهد، نفيه أن تكون «الهيئة» طرفاً في اتفاق الخروج من المنطقة، قائلا: إن «المعارك مستمرة».
وقبل استئناف المفاوضات، كانت فرص التوصل إلى تسوية تقتصر على «سرايا أهل الشام» وهو أحد الفصائل التابعة «للجيش السوري الحر» في جرود عرسال. وأكدت مصادر ميدانية سورية في عرسال لـ«الشرق الأوسط» انقسام «سرايا أهل الشام» بين مؤيد للاستمرار بالقتال وباحث عن تسوية، مشيرة إلى أن قسماً منهم «انضم للقتال إلى جانب جبهة النصرة في الجرود ضد (حزب الله)، بينما اختار آخرون توقع اتفاق هدنة تمهيداً لمفاوضات تقضي برحيلهم إلى الشمال السوري أو إلى بلداتهم في القلمون الغربي في سوريا».
وكان «الإعلام الحربي» في «حزب الله»، أعلن مساء السبت أن 200 عنصر من «سرايا أهل الشام» انسحبوا من المعركة ورفعوا الرايات البيضاء، وأمن «حزب الله» لهم العبور إلى أحد المخيمات في عرسال بعد تسليم أسلحتهم.
وأكد المصدر السوري أن هؤلاء «دخلوا إلى المخيمات الواقعة خارج بلدة عرسال ويفاوضون للخروج من المنطقة»، لافتاً إلى معلومات بأن قسماً منهم «لا يعارض العودة إلى بلداته في القلمون الغربي في سوريا، إذا ما استجاب النظام السوري لشروطهم»، وأن آخرين «يصرون على المغادرة إلى الشمال السوري».
وتحدثت مواقع سورية معارضة عن أن المفاوضات «لا تزال دائرة للخروج إلى الشمال السوري، وتم تنفيذ أولى خطواتها بوقف لإطلاق النار». وجاءت المفاوضات بعد الحملة العسكرية الكبيرة في اليومين الماضيين على الجرود، إذ لم يبق في صالح الفصائل العسكرية سوى 800 متر مربع، بحسب ما ذكر «عنب بلدي».
وإثر دخول عناصر «سرايا أهل الشام» إلى المخيمات الواقعة إلى الشرق من بلدة عرسال في الجرود، تحولت المخيمات الواقعة في منطقتي وادي حميد ومدينة الملاهي إلى «بقعة جغرافية محايدة»، بحسب ما قالت المصادر اللبنانية، مشيرة إلى أنها «باتت تحت حماية سرايا أهل الشام»، لافتة إلى أن المخيمات «رفعت الأعلام اللبنانية بكثافة على الخيم، ولم تستجب لأي دعوات نافرة للقتال». وأكدت المصادر في الوقت نفسه إلى أن الحزب «لم يقترب إلى منطقة المخيمات».
وباستثناء هذه المناطق التي تشكل نحو 30 في المائة من مناطق نفوذ «سرايا أهل الشام» و«جبهة النصرة» في الجرود، سيطر «حزب الله» على معظم المناطق الواقعة تحت سيطرة «النصرة» بدءاً من جرود عرسال وصولاً إلى جرود بلدة فليطة السورية.
وذكرت مواقع لبنانية أن الحزب «سيطر على كامل جرود فليطة»، بينما قالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن الحزب سيطر على القسم الأكبر من وادي الخيل، أبرز معاقل «النصرة» في الجرود والذي يفصل بين بلدة عرسال وجرودها. وإضافة إلى ذلك، أعلن الإعلام الحربي التابع للحزب السيطرة على أبرز مرتفعين يشرفان على عدد من المعابر بين لبنان وسوريا.
وشن الطيران الحربي النظامي السوري غارات عنيفة ومكثفة، على مواقع «النصرة» في وادي الخيل في جرود عرسال. وبالموازاة، أفاد الإعلام الحربي التابع لـ«حزب الله» بانسحاب أحد مسؤولي فتح الشام المدعو «أبو طلحة الأنصاري» مع نحو 30 من مسلحيه باتجاه قلعة الحصن شرق جرد عرسال بعد تقدم «حزب الله».
إلى ذلك، نقلت سيارات الصليب الأحمر الدولية عددا من العائلات السورية من مخيمات وادي حميد والملاهي في جرود عرسال إلى عرسال البلدة تحت إشراف الجيش اللبناني. وكان الجيش قد سمح لهذه السيارات بالعبور من منطقة عين الشعب على طريق اللبوة عرسال.
وكان «حزب الله» أحكم سيطرته العسكرية والميدانية على وادي العويني بجرود عرسال وهو إحدى النقاط الاستراتيجية لجبهة النصرة وأحد خطوط الإمداد الرئيسية التي تربط الأراضي السورية بجرود عرسال. وتمت السيطرة أيضا على مرتفعات شعبة القلعة الجبلية التي تشرف على وادي الدب والريحان في جرود عرسال.
وتعتبر جرود عرسال آخر المناطق التي تخضع لسيطرة فصائل المعارضة و«جبهة النصرة» في القلمون الغربي، وفي حال إتمام الاتفاق ينتهي أي وجود لها في المنطقة، بينما يحافظ تنظيم داعش على نقاطه ومواقعه.
وتخضع منطقة الجرود، الواقعة بين شرق بلدة عرسال ورأس بعلبك اللبنانية من جهة والقلمون الغربي في ريف دمشق الشمالي من جهة أخرى، لتقاسم نفوذ ثلاث جهات رئيسية: تنظيم داعش، و«هيئة تحرير الشام» (النصرة)، و«سرايا أهل الشام». ومع تقليص نفوذ «النصرة» في الجرود، يستعد الحزب للمرحلة الثانية من المعركة التي ستطال مواقع سيطرة «داعش» في المنطقة.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.